الصورة للتوضيح فقط - Ondrej Prosicky - shutterstock

في حديقة يلوستون الوطنية في الولايات المتحدة. في أعقاب انقراض الذئاب في الحديقة، ازدادت أعداد الغزلان بكميات هائلة، وأدت زيادة رعي الغزلان إلى إتلاف مجموعة متنوعة من أنواع النباتات والأشجار في المنطقة. عدم التوازن هذا انتهى عندما أعاد علماء البيئة "الذئب الرمادي" إلى يلوستون في عام 1995. توضح هذه الحالة أهمية الحيوانات المفترسة العلوية (الموجودة بأعلى السلسلة الغذائية) في الحفاظ على نظام بيئي صحي. ولدينا مثال على ذلك في البلاد أيضاً، كما أظهرت دراسة جديدة بحثت تأثير الذئاب على الثدييات الكبيرة الأخرى في مرتفعات الجولان، والتي سيتم عرض نتائجها هذا العام في المؤتمر السنوي الثاني والخمسين للعلوم والبيئة. والذي سيعقد يومي 25-26 سبتمبر في جامعة بن غوريون في النقب.
تعتبر إسرائيل نقطة التقاء بين نوعين فرعيين من الذئاب التي تتزاوج في البلاد - أحدهما هو الذئب الهندي الذي ينتشر من إسرائيل شرقًا إلى الهند، والآخر هو الذئب العربي الذي ينتشر في المناطق الصحراوية مثل شبه الجزيرة العربية ويمتد إلى شمال إسرائيل. وفي إسرائيل تنتشر الذئاب بشكل واسع، لكن معظمها يتواجد في هضبة الجولان والعربة، يمكننا أيضًا رؤيتها في النقب وصحراء يهودا والجليل وفي الكرمل أيضًا في السنوات الأخيرة.

خارطة الخوف
يقول شلومو برايس بلوم، طالب الدكتوراه في مختبر البروفيسور تمار ديان، من كلية علم الحيوان بجامعة تل أبيب "تعتبر أعداد الذئاب في إسرائيل قليلة، ولكنها مستقرة وتتكاثر بسهولة نسبيًا". ووفقا له، فإن الذئاب قابلة للتكيف وأقل حساسية للاضطرابات، على عكس الحيوانات آكلة اللحوم العلوية التي عاشت في الجولان قبل 50 عاما وانقرضت، مثل النمور والدببة. "نظامها الغذائي متنوع، وفي الجولان تتغذى على الثدييات الكبيرة مثل الخنازير البرية الصغيرة والغزلان، وتأكل الأطعمة النباتية مثل التمر والبطيخ وحتى الكرز.
وفي رسالة الدكتوراه، تحت إشراف بروفيسور ديان والدكتور درور بن عامي، وهو عالِم في مجال الحيوانات وخبير بالحفاظ على البيئة، قام شلومو بدراسة كيفية تأثير وجود الذئاب على ثلاثة أنواع كبيرة من الثدييات في مرتفعات الجولان - ابن آوى والخنازير البرية (وهي من الأنواع المنتشرة، أي الأنواع التي تتزايد بسبب الأنشطة الإنسانية)، والغزلان البرية - وهي معرضة لخطر الانقراض العالمي.
لفحص نشاط الأنواع المختلفة، قام برايسبلوم بوضع 60 كاميرا مزودة بجهاز استشعار للحركة في جميع أنحاء الجولان، التقطت مئات الصور. يقول شلومو "في كل نقطة تصوير قمت بالتحقق مما إذا كان نشاط الذئب مرتفعًا أم منخفضًا، وبناء عليه فحصت مستوى نشاط الأنواع الأخرى من الحيوانات، وقمت بإحصاء عدد الصور التي تم التقاطها لكل نوع من أجل تحديد مستويات النشاط المختلفة. ويشرح "بهذه الطريقة أمكنني التحقق مما إذا كنا نرى في منطقة ذات نشاط مرتفع للذئاب، على سبيل المثال، نشاطًا مرتفعًا لحيوانات ابن آوى أو ربما نشاطًا منخفضًا للغزلان التي تخشى أن يتم أكلها. وكانت بعض النتائج مفاجئة.
يوضح برايسبلوم أن الذئاب تخلق "مشهد من الخوف" للخنازير وابن آوى. ويقول "على الرغم من التشويشات البشرية في الجولان وحقيقة أنه يتم الإنقاص في أعداد ابن آوى والخنازير هناك (بسبب الصيد المنظم)، إلا أننا لا نزال نرى أن وجود الذئاب يؤثر على هذه الأنواع"، بحسب ادّعائه فإن المناطق التي توجد بها ذئاب لكونها لا ترغب في تقاسم الأراضي مع حيوان مفترس قد يعرض صغارها للخطر. بعيدًا عن المناطق التي تتجول فيها الحيوانات المفترسة العلوية."
أمّا الاكتشاف الأكثر إثارة للاهتمام هو رد فعل الغزلان على وجود الذئاب. يقول برايسبلوم "قلما رأينا الغزلان في الأماكن التي يكثر فيها تواجد ابن آوى، ولكن من المدهش أننا رأينا أن الغزلان تفضل البقاء في المناطق التي تتجول فيها الذئاب". "نقدر أن السبب في ذلك هو أنه في المنطقة التي توجد بها الذئاب، هناك كثافة منخفضة من الحيوانات المفترسة الأخرى، لأن الذئاب تزاحم ابن آوى الذي يشكل خطرا على صغار الغزلان".

الذئب كعامل موازِن
من المثير للاهتمام أن نرى أنه على الرغم من أن الذئاب تفترس الغزلان، إلا أن قمع ابن آوى بالتحديد هو الذي يساعد الغزلان المحليّة. ويضيف أنه "في دراسة أجرتها هيئة الطبيعة والمتنزهات في الجولان، تبين أن التقليل من أعداد ابن آوى لم يقلل من نشاطه، لذا لا يبدو أن تقليل أعداد ابن آوى هي وسيلة فعالة لحماية الغزلان". وبحسب قوله فإن قطيعًا عاديًا من الذئاب في الجولان يسيطر على مساحة تتراوح بين 50-100 كيلومتر مربع. إذا نظرنا إلى الكثافة الإجمالية للحيوانات المفترسة للغزلان، فمن "الأكثر أمانًا" للغزلان أن تكون في منطقة بها قطيع ذئاب واحد يُبقِي ابن آوى بعيدًا، وذلك مقارنة بمنطقة مماثلة لا يوجد بها قطيع ذئاب حيث من المرجح أن تكون كثافة ابن آوى أعلى بكثير. لذلك "فمن الأفضل الاحتفاظ بمجموعات كاملة من الذئاب مما يقلل بشكل طبيعي من كثافة ابن آوى لأنه من الأنواع المتزايدة بشكل كبير فالذئاب تحد من انتشارها."
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي افتراس الذئاب للخنازير إلى إبطاء انتشار الخنازير البرية. يقول برايسبلوم "حتى عشرة خنازير صغيرة يمكن أن تولد في بقعة واحدة وتتكاثر بسرعة كبيرة" وهكذا فالافتراس "يمكن أن يعني أنه بدلاً من عشرة خنازير صغيرة، سيصل أربعة فقط إلى مرحلة النضج، على سبيل المثال، مما يعني وجود توازن وسيطرة". وعلى سبيل المثال، إذا كان هناك عدد من الغزلان في فترة معينة أكثر من عدد الخنازير، فإن الذئاب ستفضل التهام الخنازير الصغيرة لأن هذا يعتبر اعتبارًا حيويًا بالنسبة لهم – حيث أنهم يبذلون جهدًا أقل للحصول على الطعام.
وتشهد أعداد ابن آوى والخنازير البرية في الجولان انتشارا كبيرا بسبب توافر مصادر المياه، وتوافر الغذاء بكثرة من المزارع والحقول وجثث حيوانات المزرعة، وكذلك بسبب فقدانها للخوف من البشر والطريقة التي تكيفت بها للعيش بجانبنا. يقول برايسبلوم: "إنها بالفعل أنواع محمية، ولكن نظرًا لأنها ضارة بالمزروعات، فإن هيئة الطبيعة والمتنزهات لديها برامج لتقليل أعدادها من أجل مساعدة للمزارعين". وبحسب برايسبلوم "حتى في أوروبا أصبحت هذه الأنواع متزايدة بسبب النشاطات البشرية، وخاصة ابن آوى الذي بدأ ينتشر في القارة الأوروبية في السنوات الأخيرة. ويقول: "في أوروبا وكذلك في إسرائيل، تم اصطياد الذئاب حتى كادت تنقرض في الماضي، لكن انتعاش الذئاب هنا يتقدم على أوروبا الوسطى والغربية بنحو 30 عاما". "ما يحدث هنا هو دراسة حالة للقارة الأوروبية، ويمكن أن يكون البحث مصدر إلهام للأوروبيين حول كيفية وقف موجة غزو ابن آوى."
هذا البحث يمكن أن يساعد في الجهود المبذولة للحفاظ على الغزال الإسرائيلي، "فهناك الكثير من الضغوط على الغزلان. "إنهم يتكيفون بشكل أقل وهم أكثر حساسية للاضطرابات، ويتعرضون للافتراس من قبل ابن آوى والكلاب الضالة والذئاب، ويعانون من تخريب لأماكن معيشتهم ويكونون عرضة للأمراض"، يوضح برايسبلوم أنه نتيجة لهذه المجموعة من الضغوط، انخفضت أعدادهم في إسرائيل بشكل كبير وهذا أمر مقلق للغاية. "إن ابن آوى والذئاب والخنازير البرية منتشرة على نطاق واسع في أوروبا وآسيا، ولكن الغزلان الإسرائيلية لا يمكن العثور عليها إلا هنا وفي تركيا، حيث لا يوجد سوى عدد قليل منها. وبما أن الغزلان معرضة لخطر الانقراض العالمي، فمن الضروري الحفاظ عليها هنا.
في الختام، هذه النتائج هي مهمة في سياق الحفاظ على الطبيعة - سواء من حيث الحفاظ على الغزلان الإسرائيلية أو كحالة بحثية يمكن أن تكون مفيدة في حالات مماثلة في أوروبا. يقول برايس بلوم "إن التأثير الذئاب كحيوانات مفترسة علوية يُظهر دورها المهم في الحفاظ على نظام بيئي متوازن".
تعالوا واكتشفوا المزيد من الأبحاث الرائدة في المؤتمر السنوي الثاني والخمسين حول العلوم والبيئة، الذي سيعقد في جامعة بن غوريون في النقب في 25-26 سبتمبر .

* المقال من إعداد زافيت – وكالة أخبار الجمعية الإسرائيلية لعلوم الطبيعة والبيئة

[email protected]استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ