حكم من قضى دينا عن غيره، مقابل دين له عليه
السؤال: اشتريت من جارتي سلعة تساوي 200 دينار، وكان عمي يبيع سلعة، فاشترت جارتي منه سلعة تساوي 200 دينار، لكنها لم تلتزم بموعد السداد المحدد.
صورة للتوضيح فقط - تصوير: shutterstock_Atstock Productions
فقمت أنا بسداد الدين عوضا عن جارتي باعتبارها مدينة لي بنفس المبلغ.
المشكلة أنه بعد أكثر من عشرين يوما جاءت تطلب مني الدين، وتريد -أيضا- إعادة السلعة لعمي؛ لأنها وجدت سعرها أقل في محل آخر.
فما حكم ذلك شرعا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته يعتبر أداء للحق عنها إلى عمك، وعلى القول بمشروعية ذلك، وثبوت الحق به إن كان المرء غير متبرع، فإنها تكون مدينة لك بما أديت عنها، ولها في ذمتك مثل ذلك، فتحصل المقاصة بين الدينين، وتبرأ ذمتك من حقها.
قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: والصحيح من المذهب أن من أدى حقا واجبا عن غيره ناويا للرجوع، كان له الرجوع، سواء أذن له المدفوع عنه، أم لا ؟ وعليه أكثر الأصحاب، ونص عليه، وقدمه المصنف. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: مذهب مالك، وأحمد بن حنبل المشهور عنه، وغيرهما أن: كل من أدى عن غيره واجبًا، فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعًا بذلك، وإن أداه بغير إذنه، مثل من قضى دين غيره بغير إذنه، سواء كان قد ضمنه بغير إذنه، وأداه بغير إذنه، أو أداه عنه بلا ضمان. انتهى.
والمقاصة بين الدينين ما داما من جنس واحد تحصل، ولا تتوقف على رضا الطرفين، فيما ذهب إليه بعض أهل العلم.
قال الزركشي -رحمه الله-: إذَا ثَبَتَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ، وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ. إمَّا مِنْ جِهَةٍ كَسَلَمٍ، وَقَرْضٍ. أَوْ مِنْ جِهَتَيْنِ، كَقَرْضٍ، وَثَمَنٍ، وَكَانَ الدَّيْنَانِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَالصِّفَةِ، وَالْحُلُولِ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِمَا كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، أَوْ اخْتَلَفَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالْقَرْضِ. فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَصَحُّهُا: عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ: أَنَّ التَّقَاصَّ يَحْصُلُ بِنَفْسِ ثُبُوتِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الرِّضَا. انتهى من المنثور في القواعد الفقهية.
وعلى هذا، فقد برئت ذمتك من دينها مقابل ما أديت عنها، وإذا قبل عمك الإقالة لها، أي رضي بفسخ البيع، وقبول السلعة، فيؤدي إليها المائتين اللتين دفعت إليه عنها.
وإذا لم ترض جارتك، أو عمك بما ذكرنا، فلترفع القضية للمحكمة؛ لأنها هي التي تقطع النزاع، وترفع الخلاف.
والله أعلم.
من هنا وهناك
-
ترك الصلاة في المسجد لعذر لا يسوغ تأخيرها عن وقتها
-
حكم التصوير الفوتوغرافي والرقمي والاحتفاظ بالصور المطبوعة والرقمية
-
تأويل طلوع الشمس من مغربها بتعظيم الحضارة الغربية واتباعها
-
الصلاة في بنطال شفاف فوقه ثوب
-
حكم الطلاق المعلق حال الغضب الشديد
-
اشترى لبناته ذهبا لتجهيزهن.. فهل فيه زكاة؟
-
حكم قراءة القرآن جماعة قبل خطبة الجمعة
-
بيع المصوغات الذهبية بالآجل بين منع الجمهور، وإباحة بعض الحنابلة
-
هل الأولى بناء مسجد أم بناء بيت للأولاد ؟
-
حكم تصرف المخطوبة في شبكتها
أرسل خبرا