بلدان
فئات

23.11.2024

°
12:03
اصابة رجل اثر سقوطه عن علو في الناصرة
11:56
كوريا الشمالية تندد بالتدريبات العسكرية بين واشنطن وسول وطوكيو
10:44
النائب أيمن عودة : سأطالب باقامة لجنة لفحص موضوع وصول الصواريخ بهذه النسبة العالية إلى قرانا ومدننا العربية
10:14
اصابة شاب بحادث طرق بين دراجة نارية وسيارة في تل أبيب
10:07
اصابة رجل بحادث عنف في عرب الشبلي
09:11
المحامي احمد رسلان: على اسرائيل التعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالنت على محمل الجد
08:47
بوتين: روسيا ستواصل اختبار الصاروخ أوريشنيك
08:04
قاض أمريكي يسمح لترامب بتقديم طلب لوقف نظر قضية شراء الصمت
06:53
حالة الطقس : ارتفاع طفيف على درجات الحرارة اليوم - غدا : أمطار وأجواء باردة
23:00
ام الغنم تفجع بوفاة الشاب الدكتور ريان جميل سعايدة اثر نوبة مفاجئة
22:52
لجنة الإصلاح في الطيبة: لقاء أخوي بين ال ابو راس وبين ابناء ابو احمد الكردي
22:17
بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس: ‘ندعو لاحياء اقتراب میلاد المسیح وولادته بتعبیرات تعكس رجاءنا المسیحي‘
21:45
الجيش الاسرائيلي : انفجار مُسيرة في منطقة الجليل الغربي - دون وقوع اصابات
21:37
الصفارات تدّوي مجددا في نهاريا والمنطقة
21:22
الجيش الاسرائيلي عن الصفارات في منطقة الجليل : سلاح الجو يتابع أهدافاً جوية مشبوهة
21:21
صفارات انذار في منطقة الكرايوت
21:16
الجيش الاسرائيلي: ‘اختراق مسيرة معادية للمجال الجوي في منطقة الجليل الغربي‘
21:10
صفارات انذار في نهاريا ومنطقة الجليل الغربي
20:57
وسائل اعلام لبنانية: استشهاد مدير مستشفى دار الأمل و 5 اخرين بقصف إسرائيلي
20:53
نواب الموحدة لنجمة داود الحمراء: ‘يجب طرد وليس فقط تعليق عمل صاحبة المنشور العنصري والسيء بحق ضحية سقوط الصاروخ في شفاعمرو‘
أسعار العملات
دينار اردني 5.26
جنيه مصري 0.08
ج. استرليني 4.66
فرنك سويسري 4.19
كيتر سويدي 0.33
يورو 3.85
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.33
كيتر دنماركي 0.52
دولار كندي 2.66
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.41
دولار امريكي 3.73
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2024-11-23
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.76
دينار أردني / شيكل 5.32
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.97
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.25
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.89
اخر تحديث 2024-11-21
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

مقال | ما بين الاتفاقيّات النوويّة والمعارك الانتخابيّة

بقلم : المحامي زكي كمال
08-08-2022 07:56:52 اخر تحديث: 08-08-2022 10:56:52

لم تكن الأيام الأخيرة، والتي تناقضت فيها الأنباء، وتضاربت التصريحات حول الشأن النوويّ الإيرانيّ، ومفاوضات فيينا وتبعاتها. وتراوحت بين توقيع قريب على اتفاق

 
المحامي زكي كمال

نوويّ جديد يستبدل ذاك الذي وأده دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق بتشجيع ودعم وإقناع، يبدو أنه لم يكن صعبا، بل على العكس من ذلك، من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق -الذي تجاوز الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد توقيع الاتفاق النوويّ عام 2015، وألقى خطبته المشهورة أمام مجلسي الشيوخ والنواب - وبين فشل للمفاوضات الأمريكيّة- الأوروبيّة –الأمميّة- الإيرانيّة التي شهدتها جنيف لمدّة ثمانية أشهر نحو صدام جديد ومتصاعد بين أمريكا وإيران، إلا التعبير الأفضل عن حالة المدّ والجزر التي شهدها هذا الملف بدءًا من المفاوضات التي سبقت الاتفاق عام 2015، مرورًا  بمفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيرانيّ، وانتهاءً بالاتفاق المرتقب وإمكانيّة توقيعه أو عدم توقيعه، وموقف دول المنطقة وخاصّة إسرائيل والدول الخليجيّة منه، والتي تراوحت بين رفض مطلق من قبل السعوديّة وإسرائيل في توافق يؤكّد أن وراء الأكمة ما وراءها، وترحيب قطريّ وإماراتيّ، وهو مدّ وجزر عكسته تصريحات المسؤولين في  العواصم ذات العلاقة بالاتفاق وتحديدًا واشنطن وطهران، والتي امتازت بكونها دبلوماسيّة إلى أبعد الحدود، تسمح بالكثير من التفسيرات والتحليلات والافتراضات، وخاصّة تصريح الناطق بلسان الخارجيّة الإيرانيّة ناصر كنعاني أن إيران بدأت في تقييم وجهات نظر الجانب الأمريكيّ بعناية، وتصريح  وزير الخارجيّة الإيرانيّ حسين أمير عبد اللهيان، إن طهران جادّة في حلّ القضايا العالقة بخصوص اتفاقيات الضمانات الشاملة مع الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة، لكنها ليست مستعدة على إبقاء بعض الاتهامات الواهية من جانب الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة .  وتصريح منسق السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن واشنطن بعثت ردًّا على المقترح الإيرانيّ، يمكن وصفه بالمعقول. وهذا ينقل الكرة من جديد إلى طهران، وتصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون بيير، إن الولايات المتحدة وحلفاءها مستعدون لجميع السيناريوهات سواء تحققت العودة المتبادلة للاتفاق أم لا، وأن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيوافق على الاتفاق إذا قرر أنه يصبّ في مصلحة الأمن القوميّ الأمريكيّ، وتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة نيد برايس إن مساعي إحياء الاتفاق النوويّ لم تتمكّن من سدّ بعض الفجوات، وأن الاتفاق النوويّ بات اليوم أقرب من أي وقت مضى لكنّه يتعلّق بشيء واحد، وهو التأكد بشكل دائم وقابل للتحقّق من أن إيران لن تحصل على أي سلاح نوويّ.
وإذا كان هذا التراوح والتناقض والصياغة الدبلوماسيّة، أمرًا يمكن فهمه، أو تفهمه باعتباره يشكل جزءًا من المسيرة التفاوضيّة بين الأطراف ذات الصلة، والتي يتعمّد كلّ طرف فيها إبداء المرونة بيمناه مع الإشارة إلى الحزم والعقوبات بيسراه، على وزن تصريح ياسر عرفات الشهير في الأمم المتحدة حول غصن الزيتون في يده وسلاح الثائر في يده الأخرى، مع الفارق الكبير، وربما المأساويّ في التنفيذ والتطبيق على المدى القريب والبعيد وتحديدًا النتائج، جاءت التصريحات الإسرائيليّة أيضًا وبشكل غريب، وربما مستهجن، بين اعتبار الاتفاق المرتقب من قبل رئيس الموساد دافيد برنياع الاتفاقيّة التي على وشك التوقيع ستكون أسوأ من تلك التي كانت في عام 2015، سيمثّل "كارثة استراتيجية"، وأن الأمر الوحيد الذي يتغيّر في اللحظة الراهنة هو تكتيكات الاتفاق الإيرانيّ، والتي تجرى تحت رعاية الدول العظمى، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأمريكيّة حيث إيران ستعود إلى الاتفاقيّة، لأن لها وللولايات المتحدة مصلحة استراتيجيّة في القيام بذلك. جاءت تصريحات رئيس الوزراء يائير لبيد بأن إسرائيل ستعمل بكلّ الطرق لمنع إيران من أن تصبح دولة نوويّة، وأنها سوف تواصل العمل مع الإدارة الأمريكيّة لضمان تحسين شروط الاتفاق النوويّ وخاصّة تلك المتعلّقة بنظم الرقابة، أو المتعلّقة بما يسمى مجموعة الأسلحة، وهي التسمية التي أطلقت على النشاطات والخطوات التي تنتهي إلى امتلاك القدرة على بناء رؤوس نوويّة متفجّرة، وتحويلها إلى رأس صاروخ حربيّ يمكن إطلاقه من طائرات، أو منصات بحريّة، أو في اليابسة. وهو المرحلة الأهم إضافة إلى الإشارة إلى أن قضية الصواريخ البالستية بعيدة المدى وغيرها، وتصريحات وزير الأمن  الإسرائيلي بيني غانتس الذي زار واشنطن، والتقى الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة الأمريكيّة الوسطى في مقرّ القيادة بتامبا في ولاية فلوريدا، حيث ناقش الجانبان قضايا أمنيّة ذات اهتمام  مشترك،  وقول غانتس أنه بحث في مقر القيادة الأمريكيّة الوسطى التعاون الأمنيّ بين إسرائيل والولايات المتحدة، ودول المنطقة في مواجهة إيران، وهو ما سيواصله رئيس الموساد في واشنطن الأسبوع المقبل خلال مشاركته في جلسات خاّصة بالنوويّ الإيرانيّ في الكونغرس، علمًا أن مستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ أيال حولاتا كان قد سبق غانتس وبرنياع بزيارة للولايات المتحدة في نفس الصدد، وتصريحات غير متبعة وفق البروتوكولات الرسميّة، أطلقها  رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو بعد مشاوراته مع رئيس الوزراء الحالي لبيد، حول كون الحكومة الحاليّة "غطّت في سبات عميق" ولم تعمل على منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لتثبت عدة أمور وتقود إلى عدّة استنتاجات هامّة أهمّها، قد تكون خافية على البعض في ظلّ غبار المعركة التفاوضيّة بين طهران وواشنطن، والمعركة الانتخابيّة لانتخابات منتصف المدّة في أمريكا والانتخابات القريبة في إسرائيل، والحرب في أوكرانيا.

" الغالي والنفيس"
الاستنتاج الأول إقليميًّا يؤكّد أمرين أولهما أن الحرب الشعواء التي شنتها إسرائيل والدول العربيّة الخليجيّة ودول أخرى، بدعم أمريكيّ، ضد التسلح النووي الإيرانيّ منيت بالفشل الذريع لأسباب يجدر بالجميع دراستها بتعمّق خاصّة حين يدور الحديث عن دولة مثل إيران، الجمهورية الإسلاميّة، يحكمها نظام دكتاتوريّ دينيّ يقدَّس تعاليم الإمام الفقيه، ويعتبر نشر الثورة الإسلاميّة هدفًا رئيسيًّا للدولة ويبذل في ذلك الغالي والنفيس، حتى لو كان ذاك" الغالي والنفيس" عقوبات دوليّة تفرض عليها من دول العالم، أو تخصيص معظم ميزانيّات ومقدرات الدولة وثرواتها  لخدمة أهداف القيادة وطموحاتها التي تدمج بين الدين والسياسة والعسكر والتي لا تعير الحدود الجغرافيّة للدولة ذاتها، أو سيادة الدول الأُخرى أي اعتبار وبالتالي تواصل مدّ أذرعها الى دول أخرى (حزب الله في لبنان والحوثيّ في اليمن وحاليًّا في العراق) ، مكرّسة لذلك ليس فقط رفاهيّة مواطنيها وصحّتهم وتعليمهم، بل مقدرات الشعوب الأخرى. وهو الحال هذه المرة فالعقوبات الاقتصاديّة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018، والتي كان نتنياهو وترامب وبنوع من النشوة غير المفهومة، أو العمى السياسيّ وجهل مجريات الأمور في الدول غير الديمقراطيّة، وقوامها أن القيادات المتزمتة هي التي تسيِّر الأُمور وتحدّد السياسات، وفق رؤيتها دون التفات إلى رغبات ومصالح شعوبها ورفاهيّتهم، فولاية الفقيه تسبق كلّ اعتبار وامتلاك السلاح النوويّ كوسيلة تضمن توسّع نطاق الثورة الإسلاميّة جغرافيًّا وتأثيرًا تفوق من حيث الأهميّة رفاهيّة المواطنين وحريّتهم وحياتهم وتطوّرهم وتقدّمهم، فالمعادلة هنا معكوسة ملخّصها أن المواطنين ولدوا وربّما سيموتون خدمة لقيادات الدولة وحكامها، وعتادًا وزادًا لتنفيذ أجنداتهم مهما كانت غير واقعيّة وغير منطقيّة. وليس الدولة هي التي جاءت لضمان حقوق مواطنيها. ومن هنا فإن قرارات القيادات لا تحتكم هنا إلى المنطق، ولا تمتثل لنهج الدول الديمقراطيّة فالعقوبات الاقتصاديّة على دولة دكتاتوريّة، أو دولة الحاكم الواحد( المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة)، لا تؤدّي إلى تراجع هذه القيادات عن " غيِّها ورغباتها"، بل تزيدها تمسّكًا بها كما تمسّكت إيران بالنوويّ حتى على حساب حظر النفط والصادرات، ووقف التعامل المصرفيّ الدوليّ، ووقف صفقات بيع أسلحة وطائرات مدنيّة وانخفاض قيمة العملة الإيرانيّة وارتفاع الأسعار وتقنين النفط وازدياد التضخم الماليّ، وهي العبرة التي يبدو أن دول العالم والولايات المتحدة في مقدمتها لم تتعلمها، بل كررت نفس التصرف مع روسيا التي شنت الحرب على أوكرانيا، وتوقعت نتيجة مختلفة عن إيران، أي أن تشهد روسيا انتفاضة وهبة شعبيّة ضد قيادة فلاديمير بوتين، وأن تؤدي العقوبات الاقتصاديّة إلى تراجع روسيا عن طموحات قيادتها التوسعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة.

" تسييس العلاقات الدوليّة"
الاستنتاج الثاني يتعلّق بالتبعات المترتبة على تسييس العلاقات الدوليّة وقضايا  الأمن الدوليّ، وهذا ما يؤكّده الشعور العامّ في إسرائيل،  ومن منطلق الثقة من أن الاتفاق قريب، وأن أمريكا تريد توقيعه مهما كان الثمن فجو بايدن يريد مكسبًا سياسيًّا يتمثّل باتفاق نووي مع إيران، يثبت للعالم أن أمريكا ما زالت قادرة على قول كلمتها وفرض مواقفها، وأن محاولات روسيا والصين وبعض الدول الأوروبيّة والأمريكيّة الجنوبيّة  " تشجيع إيران على التمرد والعصيان" باءت بالفشل اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا، وتحطمت على صخرة الإصرار الأمريكيّ على وقف نشاطات إيران النوويّة وفرض الرقابة عليها، وجعلها تتصرف وفق توافقات وتفاهمات، ربما تقلص من جهة احتمالات العمل العسكريّ ضد طهران، لكنها تضعها في موقف يجعلها تمارس الشفافيّة والوضوح وتمتثل للقانون الدوليّ وتنفذ الاتفاقيّات، وفي هذا بشير خير تراه أمريكا بايدن معتقدةً أنه سينعكس على جبهات أخرى لها علاقة بإيران، ومنها لبنان وحزب الله والحوثي في اليمن وفي العراق وغيره، دون أن يشمل الاتفاق أي ضمان يكفل أن تكف طهران عن نشاطاتها وأعمالها التي تنشر عدم الاستقرار في المنطقة والعالم وفق المنظور الأمريكيّ والإسرائيليّ والخليجيّ، وأن تتوقف عن السيطرة على مقدرات دول قريبة كاليمن  وبعيدة كلبنان الذي يسيطر عليه عمليًّا "حزب الله" سياسيًّا وعسكريًّا،  ويصيبه بالشلل الاقتصاديّ والسياسيّ، بل ويجرّه مرة تلو  الأُخرى إلى مواجهات عسكريّة مع إسرائيل ، دون طائل ناهيك عن أنه يحاول عرقلة المفاوضات الجارية حول حقول الغاز المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان، رغم أن حل هذا الخلاف سيعود على لبنان بالخير الوفير وسينقذه من أزمته الاقتصاديّة وأزمة الطاقة التي يعانيها، والتي تجعل مواطنيه يكتفون مرغمين بعدة ساعات من التيار الكهربائيّ كلّ يوم، علمًا أن إيران ربما تعمل على دعم "حزب الله" كوسيلة لإشغال إسرائيل وردعها عن إمكانيّة مهاجمة المنشآت النووية الإيرانيّة.
والشيْ بالشيء يذكر، فتسييس القضايا الأمنيّة واستخدامها، أو حتى استغلالها لأهداف سياسيّة محليّة وضيقة، وهذا ما يجب قوله وبكل شجاعة وصراحة، هو ما كان في خلفية القرار المشترك لنتنياهو وترامب ، وهناك من يقول أنه قرار لنتنياهو نفذه ترامب دون تردّد ودون تفكير، فايران النوويّة كانت الشماعة التي علّق عليها نتنياهو " شعبيته" معتبرًا نفسه الوحيد القادر على حماية إسرائيل من "خطر المارد الإيرانيّ"، وأنه الوحيد الذي يتساوق معه الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب ليس فقط في إيران، بل بدءا بإيران مرورًا بالشأن الفلسطينّي وضم الضفة الغربيّة وغور الأُردن،  وانتهاءً بقرار نقل السفارة  الأمريكيّة إلى القدس خدمة لسياسة نتنياهو ومساعدةً له في الانتخابات، وهي مساعدةٌ لم تثمر عن فوزه، وهي الفزاعة التي استخدمها لردع أي تصويت لمنافسيه سواء من داخل حزبه، أو من أحزاب أخرى، وهي الاعتبارات نفسها التي حكمت وحسمت خطوات ترامب، فنتنياهو وإسرائيل كانا الطريق إلى قلب المزيد من أعضاء ومؤيدي الإنجيليين واليمين الأمريكيّ المسيحيّ المحافظ في أمريكا وإلى ضمان دعم أكبر وأكثر للجمهوريين،  وربما محاولة لإقناع أعدادٍ أكبر من اليهود الأمريكيين الذين يصوتون عادةً للديمقراطيين، بالتصويت للجمهوريّين ومرشّحهم باعتباره الداعم الأكبر لإسرائيل( ترامب برر قراره الانسحاب من الاتفاق بأن إيران استغلّت الاتفاق في دعم الإرهابيين، وبناء صواريخ قادرة على حمل رؤوس نوويّة وشكّلت فوضى في المنطقة، مضيفًا أنّه منذ انسحاب بلاده قامت أمريكا بتوقيع عقوبات على إيران تتعلّق بالأسلحة النوويّة)، وهو الحال اليوم فالردود الإسرائيليّة الرسميّة على اقتراب موعد توقيع الاتفاق الجديد، فنتنياهو يريد اعتبار توقيعه فشلًا للحكومة الحاليّة ورئيسها يئير لبيد ورئيسها السابق نفتالي بينيت، وتنصيب نفسه في موقع" الوحيد القادر على إلغاء او عرقلة الاتفاق "، ومن الجهة الأخرى اعتباره الوحيد القادر على مواجهة التهديد النوويّ الإيرانيّ، وضمان أمن إسرائيل وخلق تحالف خليجيّ – سنيّ إسرائيليّ، لمواجهة ايران، بينما يريد لبيد من خلال ردوده التأكيد على أن انسحاب أمريكا من الاتفاق بمبادرة نتنياهو سمحت لإيران بالتقدّم بخطوات سريعة ودون رقابة نحو السلاح النوويّ، والأسلحة الأخرى كالصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيَّرة التي تبيعها إيران لروسيا وغيرها،  مشيرًا إلى أن نتنياهو يتحمّل مسؤوليّة ما حدث باعتباره المسؤول عن انسحاب أمريكا من الاتفاق النوويّ، مؤكدًا أن إسرائيل تريد مواجهة النوويّ الإيرانيّ بالتعاون مع الولايات المتحدة، وليس "عبر تجاوزها بعكس ما فعله نتنياهو مقابل إدارة باراك أوباما )، ساعيًا إلى تنصيب نفسه كرئيس متعقّل وعقلانيّ للحكومة يتّخذ القرارات بتروٍ تام، وهو الحال مع وزير الأمن بيني غانتس الذي يريد عبر ردوده وضع نفسه في مقدّمة أولئك الذين يجوبون العالم طولًا وعرضًا من أمريكا حتى اليابان والهند، لمنع الاتفاق النوويّ، ليصبح بذلك ليس فقط وزيرًا للأمن وقائدًا عسكريًّا، بل زعيمًا سياسيًّا له حضوره الدوليّ، استعدادًا لمرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانيّة وسعيه لترأُس الحكومة بعدها، وهو الحال خلال المعركة الانتخابيّة الحاليّة التي تحولت إلى تراشق بالتهم يرافقه ضحالة في الطروحات الحزبيّة والسياسيّة، واختصار الانتخابات في شخص المرشحين لرئاسة الحكومة، أو شخصنة الانتخابات، وتحولها إلى تبادل للشتائم والاتهامات دون الخوض في القضايا التي ستحدّد مصير وحال إسرائيل في العقود القادمة، ومنها المستوطنات واحتمال، أو خطر تحوُّل إسرائيل إلى دولة ثنائيّة القوميّة، أو قضية العلاقات الداخليّة في إسرائيل بين العرب واليهود، أو بين اليهود أنفسهم على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، فالمعارك الانتخابيّة  الخمس الأخيرة التي شهدتها إسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة تجاهلت القضيتين الأساس وهما إيران والفلسطينيين، متناسين أن حل القضية الفلسطينيّة عبر حل الدولتين الذي يرفعه اليسار الإسرائيليّ، وحتى بنيامين نتنياهو الذي قبله في خطاب بار ايلان، سيجعل إمكانية مواجهة إيران أسهل وسيمكّن دولًا عربيّة أُخرى من الانضمام إليها في ذلك. واكتفت بترديد شعارات منها" حكومة قوميّة" أو " حكومة واسعة" أو حكومة توافق وطنيّة" أو " حكومة تغيير" أو " فقط ليس نتنياهو" أو " فقط نتنياهو" ، وها هي تكرر ذات الدور اليوم عبر شعارات منها" حكومة تعمل من أجل المواطنين" وكأن هذا ليس دور الحكومة الأول، أو شعار" محاربو الغلاء وارتفاع الأسعار"، دون أي خطة عمل واضحة، بل فقط عبر اتهام "الطرف الآخر" بأنه فشل وأن طرفنا سيفعل أكثر وسيحقق الإنجازات.

"إنجازات اللحظة الأخيرة"
ملخص القول أن إيران تريد الاتفاق فهو لمصلحتها سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، لكنها تريد قبل توقيعه تحقيق إنجازات" اللحظة الأخيرة". ولذلك، كانت إحدى النقاط الأساسية التي طالبت بها طهران هي إغلاق الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة قضية التحقيقات في ملابسات العثور على آثار لموادّ نوويّة في مواقع لم تصرّح إيران أنها شهدت أنشطة نووية، وهو ما كشف عنه مسؤول أمريكيّ مطلع قال إن طهران أرادت تعهّدًا بإغلاق تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذريّة في ثلاثة مواقع من أجل العودة للاتفاق النوويّ، إلا أن واشنطن وحلفاءها رفضوا ذلك. وأمريكا تريد الاتفاق لأنها تريد ربما النفط الإيرانيّ بديلًا عن النفط الروسيّ بعد أن رفضت السعوديّة توسلات بايدن رفع سقف إنتاجها النفطيّ لتغطية النقص الذي خلَّفَه الحظر على النفط الروسيّ، وبايدن يريد الاتفاق كإنجاز قبيل انتخابات المنتصف ، ولإسرائيل بحكومتها الحاليّة تدرك أنها ليست قادرة على عرقلة الاتفاق، وأن توقيعه سيحدّ من قدرتها على المناورة، وربما تمنعها من استخدام الخيار العسكريّ، أو حتى التلويح به، ولذلك، تريد تحقيق إنجازات أهمّها تشديد الرقابة على الاتفاق، وأن يشمل قضايا إضافيّة منها الأسلحة بعيدة المدى والطائرات المسيَّرة، ونقل الأسلحة إلى وكلاء ايران في لبنان واليمن وغيرها، وإسرائيل بمعارضتها تريد أيضًا الاتفاق لاستخدامه ورقة انتخابيّة رابحة لمصلحة نتنياهو، والدول الخليجيّة تريد الاتفاق باستثناء السعوديّة، لشرعنة التبادل الاقتصاديّ مع إيران، وفي مقدّمتها الإمارات العربيّة المتحدة وقطر، وكذلك الدول الأوروبية والصين، والسعوديّة تريد الاتفاق لتعلن للجميع أن موقفها من عدم التعاون مع إدارة بايدن في قضية النفط جاءت من منطلق إدراكها بأن ادارته ضعيفة، وأنها تريد النفط دون أن تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنيّة السعوديّة والخطر النوويّ الإيرانيّ عليها، وغيره وغيره..
إذن تعدّدت التفضيلات والتفسيرات والاستخدامات، والاتفاق واحد، وهي الإشارة كما سبق وأشرت إلى أن العالم الحديث لا يعترف بالمواقف الواضحة والصريحة، ولا المبدئيّة، بل إن مصالح الدول والقيادات الشخصيّة والخاصّة هي الحاسمة، وأن القيادات في كافّة الدول في المنطقة، الديمقراطيّة وغير الديمقراطيّة ذات الشأن بما يتعلق بإيران النوويّة، تنظر إلى الاتفاق النوويّ المرتقب تمامًا كما تنظر إلى القضايا الأُخرى، أي من منظار المصلحة، وبالتالي يجيرها كلّ طرف لصالحه، فهذه هي السياسة، التي قال عنها وينستون تشرتشل:" في السياسة ليس هناك عدو دائم، أو صديق دائم هناك مصالح دائمة"، وهنا تكمن المشكلة، فالمصلحة هنا غالبًا ما تكون مصلحة القادة، وتنفيذ أجنداتها ليبقى المواطن في قاع سلّم الاهتمامات، بل  لا صوت له.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان:
 [email protected].

[email protected]استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك