قصة قصيرة بعنوان ‘سفر بلا هدف‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس
هذا ما كنت أنوي فعله، أن أسافر دون أن أحدد مكان أو هدف أو وجهة. لكن بتلك الفترة التي كنت أرتب فيها نفسي لخوض تلك التجربة التي لا علم لي كيف ستكون ملامحها. تفاجأت بوصول رسالة على تلفوني
الكاتبة اسماء الياس - صورة شخصية
المحمول يخبروني عليَّ المجيء بالسرعة الممكنة حتى أجري بعض الفحوصات المخبرية.
فقد تبين بآخر فحص دم قد أجريته بوجود انخفاض في كريات الدم الحمراء. وهذا دليل واضح ومؤكد بوجود خلايا سرطانية في الدم.
جاء هذا الخبر على سماهر مثل الصاعقة. أول شيء فعلته. تأملت الرسالة مرة ومرتين وحتى ثلاث مرات وحتى تتأكد بأن الذي تقرأه صحيح، تأكد لها بأن هذه الرسالة بكل محتواها المؤلم لها.
لم تكن ردة فعلها مثل كل من يتفاجأ بخبر صاعق فيصرخ ويولول ويضرب كل شيء يراه أمامه، بل كانت هادئة صابرة حتى أنها استغربت من ردة فعلها.
سالت نفسها لماذا أنا بالذات التي تصاب بمثل هذا المرض الخبيث. ما زلت فتاة في ريعان شبابي، ولديَّ الكثير من الأحلام أود تحقيقها. أولاً التمتع بشبابي، يحق لي ذلك بكل تأكيد. غير ذلك كنت قد عزمت على السفر والتجوال بأنحاء العالم. هذا حلم حياتي. وشيءٌ آخر أريد أن أكون أمًا أذوق طعم الأمومة أجربها. هذا حلم كل فتاة الزواج. الفستان الأبيض. الزفة الزغاريد الفرحة بعيون الأهل والأحبة والأصدقاء. أريد أن أعيش كل تلك الأشياء.
لهذا صبرًا عليَّ أيها الموت، أريد أن اتمتع بحياتي. لماذا تريد مني أن أموت بعز شبابي؟
بينما كان الحزن يرسم خريطته على محياي. جاءًت أمي سألتني:
ما بك يا بنيتي سماهر؟
لا شيء يا والدتي.
كيف تقولين لا شيء وأنا أرى الحزن قد غلف محياكِ.
بتلك اللحظة لم أستطع أن أمسك نفسي. بكيت ودموعي تساقطت مدرارًا. تفاجأت أمي من بكائي الغير متوقع، وهي تعلم بأني إنسانة مرحة لا تغيب عن شفاهها الابتسامة.
سألت بخوف يقطع أوصالها ما بك؟ لماذا تبكين وترتجفين بآنٍ واحد؟
أجبتها بصوت متهدج لقد جاءت فحوصات الدم مع الأسف الفحص لا يبشر بالخير.
ماذا يوجد بهذا الفحص حتى جعلك بهذه الحالة الميؤوس منها؟
يظنون بأن لدي مرضًا خبيثًا
يا ساتر. لا تخافي يا بنيتي ربما يكون التشخيص خاطئًا ، متى قالوا لك بأن تأتين للمراجعة؟
بأسرع وقت. غدًا سوف أذهب للمراجعة والطبيب سوف يعيد اجراء الفحص مرة أخرى حتى يتأكدوا من النتيجة.
لا تخافي كل مرض وله علاج، والطب اليوم أصبح متطورًا ويعالج كل أنواع السرطانات.
لا بأس يا والدتي لا تخافي لن أنهار سأبقى متماسكة وقوية هكذا علمني والدي بأن أشد من أزر نفسي، ولا أدع أي شيء يوقعني في التهلكة، فأنا ابنة أبيها.
التفاؤل الذي أراه بنبرة صوتك هو أول الخطوات نحو الشفاء.
وأنا بغمرة حديثي وحزني وخوفي من الموت الذي يتربصنِ دون دعوة مني له. جاءت صديقة عمري من دون موعد مسبق. هالة صديقة عمري والتي تربينا سويًا منذ مرحلة الحضانة حتى الثانوية، ونحن اليوم بصدد دخولنا للجامعة حتى نكمل دراستنا.
لكن هل يا ترى سوف تتوقف حياتي هنا؟ أو هل أنا عند مفترق طرق لا أعلم إلى أين سوف يأخذني؟
أسئلة ليس لديَّ إجابة عليها.
لكن الذي يعزيني ويخفف عليَّ مصابي بأن الكثيرين من الذين أصيبوا بمثل هذا المرض تعافوا وعادت لهم صحتهم بعد عملية زراعة النخاع الشوكي.
عندما جاءت هالة وشاهدت علامات الحزن والتعب بادية على وجهي. خافت وقالت لي:
هل أنتِ بخير؟
أنا بخير لا تقلقي.
لكن لماذا أراكِ تعبة منهارة معنويًا وجسديًا؟
هل تريدين سماع الحقيقة؟
نعم من دون شك. ما بك؟
انظري. وناولتها الهاتف النقال حتى تقرأ الرسالة التي وصلتني.
هل ما اقرأه حقيقي، أو انها مزحة؟ لا أصدق ذلك.
اسمحي لي سوف أقوم حالاً وسريعًا بالاتصال بوالدي هو طبيب ومتخصص بالأورام السرطانية، لعل وعسى يبشرنا بعدم صحة هذا الخبر.
أخرجت هالة هاتفها من محفظتها وقامت بالاتصال بوالدها الدكتور سهيل فرح وهو يعمل بأكبر المستشفيات في البلاد.
ودار بينهم هذا الحديث:
أريد منك خدمة يا والدي.
ماذا تريدين يا ابنتي الغالية؟
سماهر صديقة عمري أنت تعرفها.
نعم اكيد أعرفها. ماذا بها؟
لقد قامت بعمل فحوصات دم وتبين لديها نقص بالكريات الحمراء، وهذا دليل قاطع على اصابتها بسرطان الدم.
هل لديها نتيجة الفحص؟
النتيجة عند الطبيب لكنهم أرسلوا لها رسالة اليكترونية مفادها بأن نتيجة فحص الدم مشكوك بها بما يظهر نقص في الكريات الحمراء.
أخبريها بأن تأتي للعيادة عندي غدًا الساعة العاشرة صباحًا.
حاضر يا والدي.
وهكذا بدأت سماهر برحلة العلاج بعد أن قام الدكتور سهيل فرح بعمل كل الفحوصات اللازمة لها. وتبين بأن المرض ما زال في بدايته، ومن السهل الشفاء منه، وخاصةً بأن العلاج أصبح متطورًا من هذه الناحية.
بدأوا أول شيء بإرسال رسائل اليكترونية على الهواتف النقالة بطلب التبرع بالنخاع الشوكي للفتاة ذات الثمانية عشرة عامًا. وكان اقبالٌ مثير للدهشة فقد وصلت الكثير من الرسائل يطلبون من خلالها نيتهم بالتبرع.
وبعد مرور ثلاث أشهر قامت بخلالهم سماهر بالخضوع للعملية الجراحية. وبعد فترة وجيزة تم لها الشفاء.
الطب له الدور الأكبر في القضاء على الكثير من الأمراض المستعصية والتي اليوم أصبح بالإمكان النجاة منها.
شكرًا للطب والأطباء.
عادت سماهر تخطط لمستقبل بعيد بعد أن عاد الأمل لحياتها.
من هنا وهناك
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : مقتطفات من قصيدة في حيِّنا
-
قراءة في رواية حمروش وزمن الخرافات- بقلم : محمود شقير
-
‘على سبيلِ أبوَّتي ‘ - بقلم : د. ميساء الصح
-
الأمثال والحضارة - بقلم : د . غزال ابو ريا
-
الفنانة التشكيلية جمانة بشارة فرهود (مروشي) - خارج الضوء - بقلم : رانية مرجية
-
الشتاء وما ادراك ما أهواله - بقلم : وسام عمري
-
مُوَشّحات ‘ بدنا السّلام يداوي ‘ – بقلم : أسماء طنوس
-
‘أبو إسلام وشرع الله‘ - قصة قصيرة بقلم : محمد سليم أنقر من الطيبة
-
‘عندما تسكت طبول الحرب‘ - بقلم : الكاتبة اسماء الياس من البعنة
-
‘ ساهر وباهر والطيف الطائر ‘ - قصة بقلم : ناجي ظاهر
أرسل خبرا