قصة قصيرة بعنوان ‘الحب الحب يأتي على مهل‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس
الحب يأتي على مهل.
اسماء الياس - صورة شخصية
فاتحتها والدتها بأمر ما.
-لقد طلبك ابن الجيران ووالدك وافق.
-دون أن يستشيرني، هل تريدون التخلص مني بأي شكل من الأشكال؟ كأني عبئ ثقيل على أكتافكم؟ إذا كنتم تعتقدون بأني سوف أوافق على هيك "شروة" فأنتم غلطانين وجدًا.
-لكنه شاب مرتاح ماديًا.
-آه آه آه إذًا أنتم تريدون ان تبيعوني لمن يدفع أكثر.
-لا هذا ليس من مبادئ والدك، وأنت تعرفينه جيدَا. والدك لا ينظر للمال لكنه ينظر للشخص إذا كان يمتاز بالصفات الحميدة والأخلاق الجيدة.
- وفادي هو الشخص المناسب من وجهة نظر والدي.
- نعم. لأنه يعرف مصلحتك أكثر منك.
- كيف ذلك؟
- والدك لديه خبرة "وأكبر منك بشهر أوعى منك بدهر".
- لكن هذا الشيء كان زمان، عندما كانت المرأة مكبلة بالعادات والتقاليد البالية التي كانت تمنع من المرأة أن تكون حرة أن تختار شريك حياتها، أن تخرج وتتعلم وتكون مساوية للرجل بكل الشيء. لأن المرأة ليست ناقصة والرجل ليس هو من يكملها. لكن أكثر ما يستفزني قولهم الزواج "ستر وغطا" لو كان الزواج ستر للمرأة فهو ايضًا ستر للرجل. وأنا يا والدتي لست بحاجة لرجل حتى يستر عليَّ. لن أعيش تحت جلباب مجتمع يصنف المرأة التي كبرت في بيت والديها " بالعانس".
لكن المرأة اليوم انطلقت أصبح لها جناحين انطلقت تعلمت واصبحت تمتهن أكبر المناصب بالدولة. منها وزيرة وقاضية ومعلمة والخ.
المرأة لم تعد بحاجة لرجل حتى تستند عليه، لأنها هي السند لنفسها.
-أنهيت محاضرتك يا أمل؟
- لا لم تنتهي لأن إلى اليوم ما زالت بعض العقول فيها من ترسبات الماضي، وتريد أن تفرضه على واقع لا يلائمها بالمرة.
- لكن يا أمل قبل أن يكون قرارك نهائي بالرفض، أريد منك أن تتحدثي معه ربما وجدت فيه الشخص الذي يحمل نفس المواصفات لشريك حياتك.
- لا لن أتحدث معه لأني لم أعد أثق به.
- لماذا؟
- لأنه لو كان رجل حر ولا يحمل عقلية جده وجد جده كان جاء وتحدث معي قبل أن يفاجئني بهذا الطلب الغريب دون علمي. لذلك رفضي له نهائي لن أقبل به زوجًا لو ألبسني الألماس.
- ماذا نقول لوالدك؟
- سوف أتحدث مع والدي فور عودته من العمل وأخبره بأني رافضة لهذا الزواج.
- لكن هل تتوقعين من والدك أن يتفهمك؟
يتفهم لا يتفهم يصرخ عليَّ حتى لو أدى ذلك للضرب لن أتزحزح عن قراري، لأنه قرار نابع عن قناعة تامة.
-هذا قرارك النهائي.
- نعم يا والدتي هذا قراري النهائي.
بعد أن عاد السيد هاني والد أمل من العمل. وبعد أن ارتاح توجهت أمل إليه وكلها تصميم بأن تفاتحه بأمر هذا الزواج الغريب، الذي سقط عليها من حيث لا تدري.
-بادرته بالسؤال عن حاله. وكيف كان يومه، وهل كل شيء على ما يرام؟
تأكد للسيد هاني بأن وراء هذه المقدمة شيءٌ خطير.
لكن أمل استمرت بالحديث. وحتى لا تهرب منها شجاعتها بادرت بالكلام. سمعت بأن جارنا فادي طلب يدي منك وأنت وافقت دون حتى أن تسألني أو حتى تستشيرني رغم أني متعلمة وأحمل أكثر من لقب جامعي. لو كنت جاهلة "لا أعرف الألف من كوز الذرة" لقلت بأن معكم حق أن تختاروا لي زوج المستقبل.
لكني امرأة واعية ومثقفة. أعتقد يا والدي يحق بأن يكون لي رأي، وهذه بالنهاية حياتي. وأنا من سيعيش مع هذا المخلوق.
لأن اختيار شريك الحياة يجب أن يكون بموافقتي، لا أقبل أن يفرض عليَّ شخص لا أعرف عنه شيئًا سوى أنه غني وابن ناس محترمين. بالنهاية القرار الأخير باختيار الشريك هو قراري أنا.
تفحص السيد هاني ابنته أمل من رأسها حتى أخمص قدميها. نظراتها التي كانت مثل لبؤة أخذوا منها ولدها. وجهها كل شيء فيها متحفز حتى يبدأ معركة لا أحد يعلم عواقبها.
بعد أن هدأت ثائرتها. بدأ والدها يتكلم معها بالعقل وبهدوء، وحتى لا تفقد اتزانها اقترب منها وقال:
-هل تعتقدين بأني والد قاس لدرجة أعطيك لرجل، أنا لستُ متأكدًا منه مئة بالمئة، بأن يصونك ويحترمك ويلبي كل طلباتك؟
- يا والدي أنا لم أفكر ولا مرة بأنك تمتلك قلبًا قاسيًا، كل ما في الأمر لن أتزوج إلا الرجل الذي ينبض له قلبي بشدة، وترتاح له العين، عندما أشاهده أتمنى أن أحضنه. وعندما يتكلم يكون لكلامه الوقع الأفضل على قلبي. أنا لا أريد رجلاً غنيًا يتباهى أمامي وأمام الناس بثروته التي جمعها. وعندما يكون جالسًا بأي مجتمع يتضح لي بأن كل كلامه عن آخر ماركات الساعات، والبورصة تشغل كل ساعات يومه. إذا ارتفعت الأسهم غنى ورقص، أما إذا انخفضت يكون هذا اليوم فيه من السواد الأعظم.
أحب الرجل الذي لا يهتم بأحد سوى أن نكون من اسعد الأزواج على الاطلاق. نقضي حياتنا بتفاهم وتناغم. يفهم عليَّ قبل أن أتكلم. ومن نظراتي يعلم ماذا يضايقني، يهتم فيَّ لدرجة لا أعود أخاف من مستقبل غامض.
- يا ابنتي الغالية تأكدي بأني لا أتمنى لك سوى أن تجدي الإنسان الذي يوافق مشاعرك وأحاسيسك. أنا وأمك لن ندوم لك طوال العمر، سيأتي اليوم الذي فيه سنرحل عن هذا العالم، وحتى نموت ونحن مطمئنين عليك، لذلك أريد أن أراكِ متزوجة وتعيشين مع شخص يخاف عليكِ ويهتم بكِ ويكون لك السند والعون.
- يطول أعماركم يا أبي أنت وأمي، وتبقوا فوق رؤوسنا.
- هذه سنة الكون يا أمل بالنهاية كل إنسان ينتهي عمره ويموت، لكن يترك بعد موته أثرًا هم أولاده وأعماله ستبقى خالدة مدى الحياة.
- أبي أريد منك طلب واحد.
- ما هو هذا الطلب؟
- أن تتركني أختار شريك حياتي بنفسي، لا أريد لأحد أن يضغط عليَّ.
- حاضر يا ابنتي أنا لا أريد سوى ان تكوني سعيدة.
وهكذا انتهت المحادثة بين أمل ووالدها.
بعد مرور سنة التقت امل بشاب مثقف متخرج من الجامعة موضوع طب النفسي. تعرفا على بعض وجدت أمل فيه الزوج الذي يجمع كل الصفات التي تفضلها برفيق عمرها.
اتفقا على الزواج بعد أن بارك الأهل هذا الحب..
من هنا وهناك
-
‘شهيدة التخلف ‘ - بقلم : رانية فؤاد مرجية
-
‘أبو إسلام يحترف صنعة الدهان‘ - قصة قصيرة بقلم : محمد سليم انقر من الطيبة
-
الجيّد.. السيّء.. الأسوأ.. - بقلم : زياد شليوط من شفاعمرو
-
قراءة في ديوان ‘على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت‘: الجرأة والجمال - بقلم : د. أحمد رفيق عوض
-
زجل للزَّيتون - بقلم : أسماء طنوس من المكر
-
قراءة في الديوان الرابع عشر للشاعر سامر خير بعنوان ‘لا بُدّ للصّخر أن ينهَزِم‘
-
قصيدة ‘كُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَاب‘ - بقلم : الدكتور حاتم جوعية من المغار
-
‘وذرفت العاصفة دمعة‘ - بقلم: رانية فؤاد مرجية
-
‘ الاستيقاظ مبكراً صحة ‘ - بقلم : د. غزال ابوريا
-
قصة كفاح - بقلم : رانية فؤاد مرجية
أرسل خبرا