بلدان
فئات

25.11.2024

°
08:55
اصابة رجل برأسه اثر الرشقة الصاروخية على نهاريا
08:42
صفارات انذار في نهاريا والجليل الغربي
08:25
الحرب تدخل يومها الـ 416 | وسائل اعلام فلسطينية: ‘مصابون جراء قصف مدفعي على شمال مخيم النصيرات‘
08:25
هدوء حذر على الجبهة الشمالية - وسائل اعلام عبرية : اسرائيل ‘تعطي الضوء الاخضر‘ للتوقيع على مقترح التسوية مع لبنان
08:16
الثلوج الأولى تتساقط على جبل الشيخ
07:10
مصابان بحالة متوسطة خلال شجار في رهط
06:38
شاب بحالة خطيرة اثر تعرضه لحادث عنف في يافة الناصرة
06:29
حالة الطقس : إنخفاض ملموس على درجات الحرارة وفرصة مهيأة لسقوط زخات من الأمطار
23:42
وسائل اعلام عبرية : اسرائيل ‘تعطي الضوء الاخضر‘ للتوقيع على مقترح التسوية مع لبنان
22:40
نتنياهو يدين ‘العنف ضد قائد المنطقة الوسطى آفي بلوت‘
22:39
الفنانة هنادي أبو صلاح من بيت جن تنظم ورشات لتعزيز الروابط العائلية في الظروف الراهنة: ‘لا شيء مستحيل‘
20:59
مصادر إسرائيلية: من الممكن التوصل إلى اتفاق في لبنان هذا الأسبوع
20:45
مقتل الشاب فارس حسني عماش رميا بالنار في جسر الزرقاء
20:22
المتحدث بلسان وزارة التعليم ينفي الرسالة المتداولة حول تعليق الدراسة غدا بسبب التصعيد الذي تشهده البلاد
19:59
اعتقال 3 مشتبهين بالضلوع بقتل مبعوث حباد في الإمارات
19:54
اعتقال 3 مشتبهين بالضلوع بقتل مبعوث حباد في الإمارات
19:48
مستشار الزعيم الأعلى الإيراني: طهران تجهز للرد على إسرائيل
19:21
18:55 | حزب الله حول الرشقات الصاروخية الكثيفة : ‘بيروت يقابلها تل ابيب‘
19:21
18:51 | أنباء أولية : اصابة شخص اثر سقوط شظايا في منطقة الشارون
19:20
18:49 | دوي الانفجارات يهز الطيبة وقلنسوة مجددا بعد وقت قصير من دوي صفارات الانذار في منطقة الشارون
أسعار العملات
دينار اردني 5.26
جنيه مصري 0.08
ج. استرليني 4.66
فرنك سويسري 4.19
كيتر سويدي 0.33
يورو 3.85
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.33
كيتر دنماركي 0.52
دولار كندي 2.66
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.41
دولار امريكي 3.73
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2024-11-25
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.73
دينار أردني / شيكل 5.26
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.9
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.17
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.9
اخر تحديث 2024-11-25
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

الوطنيّ يفكّر بالأجيال القادمة - أمّا السياسيّ فيفكّر فقط في الانتخابات القادمة

المحامي زكي كمال يكتب:
02-06-2023 07:55:43 اخر تحديث: 02-06-2023 11:47:00

في ثلاثة مواقع مختلفة، لكنّها قريبة جغرافيًّا وإقليميًّا عادت في الأسابيع الأخيرة قضيّة المواطنة، بمفهومها الواسع لاحتلال العناوين، وإشغال صفحات الصحف، وأقلام الكتاب وميكروفونات وكاميرات الراديو والتلفزيون.


المحامي زكي كمال - تصوير: موقع بانيت

أوّلها دولة تتراوح بين الديمقراطيّة الصامتة، أو الشكليّة وحكم الرجل الواحد، تنتمي جغرافيًّا بشكل جزئيّ إلى القارة العجوز أوروبا لكنّها تريد وفق زعيمها إلى الشرق المتحفّظ، بل المتديّن بشرع الحركات الإسلاميّة، وهي تركيا التي خاضت معركتين انتخابيتين، انتهت إلى ما كان متوقّعًا، وهو فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة رغم الانهيار الاقتصاديّ والعزلة الدوليّة، ورفض أوروبا قبول تركيا دولة كاملة الحقوق في مؤسّساتها بعد عقود من أيّام كمال أتاتورك باني تركيا الحديثة الذي أراد لبلاده أن تقطع صلاتها بالشرق وتديّنه ومحافظته، والثانية جارة لها هي سوريا عادت إلى حضن الجامعة العربيّة، لأسباب غير واضحة، وربما نكاية بدولة كبرى، بعد قطيعة طويلة، وبعد أن هدمتها نار الحرب وقطّعت أوصالها، وحوَّلت الملايين من مواطنيها إلى لاجئين في وطنهم، أو في دول أوروبية، أو لدى جيرانهم، ومنهم من الجيران العرب وغيرهم، من ضاق ذرعًا بهم، بل حوَّل قضية طردهم إلى راية سياسيّة أولى أراد عبرها هزيمة أردوغان وتغيير السلطان، والثالثة جارة للثانية، تشهد للشهر الخامس على التوالي مظاهرات احتجاجيّة حول الحقوق والواجبات ومدى الديمقراطيّة وسلطة القضاء، ومصير الأجيال القادمة، وهي إسرائيل، وكلّها مواقع تثير حالتها اليوم أسئلة واضحة وصريحة حول قضيّة المواطنة بمعناها الواسع، وليس فقط معناها الضيّق الذي ينحصر، كما في معظم دول الشرق، بعلاقة المواطن الفرد ببلاده وموطنه ووطنه، وهي علاقة باتت في كثير من الأحيان، وفي شرقنا تكاد تكون مرادفة لمفهوم الوطنيّة، أي إخلاص المواطن لدولته مهما كان ومهما قست عليه، ورغم أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، لكنني أتحدث هنا عن "المواطنة الشاملة" التي تؤكّد أن للمواطن حقوقًا دستورية وواجبات ( الحقوق أوّلًا) واضحة ينصّ عليها القانون، أو الدستور أو الأنظمة، تؤكّد أوّلًا ضرورة، بل واجب اهتمام الدولة بمواطنيها بغضّ النظر عن انتماءاتهم ومواقفهم، وضمان حقوقهم في العيش برفاهية وسلام وأمن وحريّة شخصيّة كحقوق أساسيّة، وليست منّة من أحد، دون أن يتوقّف الأمر عند معرفة المواطن لسلسلة حقوقه وواجباته، بل إصراره على ممارستها بشكل حرّ ومستقل ولصالحه، وليس لصالح حكامه ووزرائه، أو فئة دون أخرى، ما يعني امتلاك مواطنيها ما يكفي من القيم والمبادئ التي تضمن تكوين شخصيّة مستقلّة واضحة المعالم، وصقل شخصيّة الفرد وسلوكه تجاه مؤسّسات الدولة وأجهزتها، والتزام الدولة بضمان حاضر مواطنيها وأمنهم وسلامتهم، وليس ذلك فقط بل ضمان مستقبلهم عبر اهتمام بالأجيال القادمة، وتعزيز دورها وخلق كوادر بإمكانها قيادة مجتمعها مستقبلًا، أكاديميًّا وفكريًّا وسياسيًّا وإنسانيًّا واقتصاديًّا ، وذلك عبر تعزيز أدوار ومساهمات وحريّات وإمكانيّات الشباب في صياغة السياسات، وصنع القرار في السياسة الداخليّة والإقليميّة ومنها إلى العالميّة، ومكافحة عدم المساواة .

قضية المواطنة وفتح المجال أمام المواطنين للمشاركة في جميع النواحي السياسيّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، والاقتصاديّة، وواجب الدولة في ضمان المستقبل، وليس الحاضر فقط ابتداءً من ضمان حقوق أطفال اليوم، شباب المستقبل، في التربية والتعليم والتمكين الاقتصاديّ، وضمان فرص العمل والتعليم والتطور والإبداع بعيدًا عن الكبت السياسيّ، أو العرقيّ، أو الدينيّ والتسلّط الحزبيّ، أو القضائيّ والحريّة الفكريّة والحصول على الخدمات العامّة، والحقّ المطلق في الانخراط بحرّيّة في الأحزاب السّياسيّة، وتولّي المناصب العليا، والمشاركة في صنع القرار عامّة، وضمان حياة الأجيال القادمة خاصّة، كانت وما زالت أسئلة مطروحة في هذه المواقع الثلاثة، حيث دارت في تركيا حول دور الشباب عامّة، وأولئك منهم الذين يصوّتون لأوّل مرّة خاصّة، في تحديد مصير بلادهم، ولعب دور في تغيير الحال واستبدال نظام الحكم خاّصةً، وأن معظمهم كما أشارت الاستطلاعات أرادوا في قرارة أنفسهم انتهاء عهد اردوغان بمآسيه الاقتصاديّة والماليّة والسياسيّة، وكبت حقوق الإنسان وسريان المحسوبيّات وتعيين المقرّبين وهدم استقلاليّة القضاء، فعددهم نحو 5 ملايين ناخب، يمثّلون الجيل الجديد الذي لم يعِرف كيف كانت تركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة لأوّل مرة بعد فوزه بالانتخابات العامة عام 2002، لكنّهم يعرفون أن استمرار الحال من المحال، وأن تركيا التي شهدت في سنوات أردوغان الأولى ازدهارًا اقتصاديًّا وسياسيًّا، لم ترافقه زيادة في الحريّة والديمقراطيّة والعصرنة وتقارب مع العالم الغربيّ، بل بالعكس حيث رافقته عودة إلى النهج المتديّن المحافظ، وتأليه للقائد ومنحه صلاحيات لا حدود لها، جعلته يفكر باستعادة أمجاد الإمبراطوريّة العثمانيّة من قبل تركيا الحديثة، أو الحاليّة التي تدخل هذا العام مرحلة مفصليّة ملخّصها انتهاء مفعول اتفاقيّات كانت الإمبراطوريّة العثمانيّة وقّعتها مع انتهاء الحرب العالميّة الأولى فرضت عليها قيودًا عديدة ، ومنعتها عمليًّا- أو ظاهريًّا ربما وهو الأصحّ- من دخول السوق الأوروبيّة المشتركة وحلف شمال الأطلسيّ بعضويّة كاملة، بل أبقتها معلّقة بين بين، يحكمها قائد رهن مستقبل واقتصاد شعبه ودولته لتحقيق أهداف وطموحات شخصيّة، وضمان تسجيل اسمه كقائد إسلاميّ، عبر التدخّل في دول الجوار وخاصّة سوريا والعراق ، وتوتير الأجواء مع الولايات المتحدة والتعرّض لعقوبات اقتصاديّة، كانت نتيجتها تدهور، بل تحطّم سعر الليرة التركيّة، ورفع التضخّم الماليّ وزيادة الفقر، وهو ما حاول أردوغان تعويضه بتوزيع أموال طائلة خلال الانتخابات الأخيرة، ومضاعفة البطالة التي كانت قرابة 9% عام 2013 وبلغت 13.8% عام 2020، وملايين العاطلين عن العمل( أكثر من 3 ملايين)، وتوقّف نسبة المشاركة في العمل عند 53%، علمًا أن هذه المعطيات حول المشاركة في العمل قد لا تعكس الحقيقة مع وجود اللاجئين السوريّين، وعدم قدرة الجيل الشابّ على ضمان التعليم الأكاديميّ وفرص العمل، وهو ما أكّدته المعطيات الرسميّة التي أثبتت أن الحكومات التركيّة الأخيرة لم تخطّط لضمان مستقبل الأجيال القادمة، بعكس شريكاتها الأوروبيّات في الاتّحاد الأوروبيّ، ومنها ألمانيا التي أسّست عام 2001، هيئة خاصّة تعنى بالتخطيط والتشريع، ووضع الخطط المستقبليّة لمصلحة الأجيال القادمة، خاصّة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المستدامة والمساواة والبحث العلميّ والتربية والتعليم الأكاديميّ، ومثلها حتى هنغاريا التي أقامت فيها عام 2007 سلطة الاهتمام بالأجيال القادمة، وهدفها أو مهمّتها الرئيسيّة صياغة استراتيجيّات وخطط مستقبليّة لتطوير الدولة في مجالات عديدة منها جودة البيئة والتعليم الأكاديميّ والتربية وتأهيل الأجيال القادمة لقيادة الدولة، وكذلك فنلندا واسكتلندا التي فاقت زميلاتها بتأسيس هيئة للشباب، وحتى للأطفال لضمان المستقبل القريب والبعيد، بعكس تركيا وشبابها، حيث كشفت الدراسات الأخيرة المتعلّقة بهذا الشأن إلى % 73 من الشباب في تركيا في الفئة العمريّة بين 18 - 25 عامًا يرغبون في الهجرة، وقال 39.4% من الراغبين في الهجرة أن أحد أسباب رغبتهم في مغادرة تركيا هو الحاجة لتحسين وضعهم الاقتصاديّ، بينما قال 35.1% أن سبب رغبتهم في الهجرة هو حاجتهم للتعليم الجيّد، علمًا أن 30.6% يريدون الهجرة إلى الدول الأوروبيّة و% 15 يريدون الهجرة إلى الولايات المتّحدة، وبالتالي يؤكّد الخبراء أن مستقبل الاقتصاد التركيّ غير مضمون، كذلك استعادة عافيّته وصحّته بشكل يضمن حياة كريمة للأجيال القادمة والشابّة، كما أن سكّانها سيتحوّلون إلى مجموعة من كبار السن، تمامًا كما هو الحال في أوروبا التي تعاني من انخفاض معدّلات الإنجاب وارتفاع في معدّلات الشيخوخة ، وما لذلك من آثار سيّئة وسلبيّة على النمو الاقتصاديّ، ويحول دون نجاح بعض الدول بتحقيق التوازن بين هجرة اللاجئين إلى دولها وبين معدل النمو السكانيّ الداخليّ فيها ويمنعها مستقبليًّا من الحفاظ على هويّتها الثقافيّة والدينيّة.

"قوة خارقة"
عودة سوريا إلى العالم العربيّ، وإلى أحضان الجامعة العربيّة، دون قيود تقريبًا هو النموذج الأنصع لحالة تتغاضى فيها مجموعة إقليميّة عن ضياع مستقبل أجيال من الشباب ليس بقدرة قادر، أو بفعل قوة خارقة، بل عن قصد وإصرار وعبر حرب أهليّة لم يكن لبدايتها أيّ سبب، ولاستمرارها أيّ مبرّر وأيّ طائل، فجيل الشباب الذي كان على بلاده وبحكم الميثاق الاجتماعيّ والسياسيّ المسمّى المواطنة، أن تضمن مستقبله، وأن تعدّ الخطط طويلة المدى. لذلك، كان أوّل المتضرّرين وأكبرهم، فالإحصائيّات للعام الحالي 2023، تشير إلى أن عدد سكان سوريا بلغ نحو 26 مليون نسمة، منهم 17 مليونًا داخل البلاد، و9 ملايين سوري خارجها كلاجئين في الأردن وتركيا وأوروبا ، وأن نحو ثلث السكان دون سن الـ 15، ما يعني أن هذا الثلث هو مجموعة ممّن خسروا الحاضر والماضي والمستقبل، وأنّهم مجموعة سكانيّة تفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة، وأبسط حقوق المواطنة كالتعليم والمأكل والشراب وأماكن العمل وإمكانيّات التعليم والتقدّم والتطوّر، ناهيك عن أن بلادهم بحاكمها ومعارضتها والقوى الخارجيّة التي تدخّلت فيها، حكمت عليهم بحياة قوامها الجهل والفقر وانعدام المساواة والتمييز الجندريّ والعقائديّ والطائفيّ، أو اللجوء والهرب، ما يعني أن استعادة هذه الدولة عافيتها الديمغرافيّة والإنسانيّة باتت مستحيلة، وأن استعادتها مصادر رزقها وثرواتها ومصدر صادراتها هو ضرب من الخيال، وهو ما تؤكّده التقارير التي تشير إلى أن سوريا التي كانت مصدّرة للنفط ومخزنًا للغذاء والحمضيّات والمحاصيل الزراعيّة في الشرق الأوسط، باتت دولة يعتبر مخدر الكبتاغون الصادرات الأساسيّة فيها، والتي تدرّ مدخولات بمليارات الدولارات سنويًّا يصبّ معظمها في مصلحة وحسابات مصرفيّة للقيادات الحاكمة، رغم ما يعنيه ذلك من هدم لحياة ومستقبل المزيد من الشباب السوريّ من جهة والشباب في العالم العربيّ من جهة أخرى، وهو ما دفع الدول الخليجيّة المشاركة في القمّة العربيّة الأخيرة إلى مطالبة بشار الأسد بوقف تصدير الكبتاغون إلى دولها وخاصّة السعوديّة وما دفع ، وفق معلومات من مصادر أجنبيّة، مؤخّرًا العاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني والذي يحتضن نحو أربعة ملايين لاجئ سوريّ إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة تشكّل خروجًا عن المألوف الأردنيّ الهاشميّ في العلاقة مع دولة عربيّة شقيقة، وهو إرسال طائرات لقصف مصانع ومختبرات تصنيع هذا المخدر في جنوب سوريا ومهاجمة منزل " باولو اسكوبار سوريا" وهو مرعي الرمثان ومقتله، علمًا أنه من أقرب المقرّبين إلى النظام السوريّ، وهو عمل أراد منه الأردن حماية شبابه ومستقبلهم تمامًا، كما فعلت الإمارات العربية المتحدة والتي اشترطت عودة سوريا إلى الجامعة العربية بوقفها، فعلًا وعملًا، وليس تصريحًا وقولًا تصدير المخدرات إلى الدول العربيّة، وهو ما يطرح أسئلة كثيرة حول ما إذا كانت الدول العربيّة، أو دول الشرق الأوسط قادرة على التوصل إلى صيغة وحدويّة واتّحاديّة تضمن مصالحها جميعًا اقتصاديًّا وعسكريًّا وأمنيًّا وثقافيًّا، كما هو حال الاتّحاد الأوروبيّ الذي بدأ بستّ دول، ويضم اليوم نحو 28 تربطها اتفاقيّات تعاون في كافّة المجالات السياسيّة والعسكريّة (حلف شمال الأطلسيّ) والاقتصاديّة( السوق الأوروبيّة المشتركة وعملة اليورو)، وبضمنها اتفاقيّات وسياسات خاصّة تهدف إلى ضمان مستقبل الأجيال القادمة عبر برامج مشتركة لحقوق الإنسان والأقليّات والمساواة ومكافحة الجريمة والتلوّث البيئيّ والتعليم الأكاديميّ ومنع أشكال التمييز ضد النساء، والحريّة الفكريّة وغيرها، بمعنى تشكيل منظومة دول تشكّل إطارًا مدنيًا بعيدًا عن العرقيّة والدين والانتماء القوميّ والسياسيّ، وتهتم بالأجيال القادمة انطلاقًا من إيمانها- بعكس ما في معظم شرقنا- أن وجود الدولة هو الأهمّ وهو الحالة الدائمة، وليس وجود الزعيم في السلطة وتمسّكه بها، ومن بعده الطوفان، كما يحدث في السودان اليوم، وكما شهدت سوريا منذ العام 2011 وغيرها، وهذا كان السبب لإقامة الاتّحاد الأوروبيّ الذي وضع نصب عينيه إعادة بناء أوروبا ومنع وقوع الحروب عامّة وحرب شاملة كالحربين العالميّتين الأولى والثانية خاصّةً، وتحسين الوضع الاقتصاديّ وتوفير فرص النمو والنجاح والتقدّم والإبداع للشباب وحتى للقادمين إلى أوروبا من خارجها (انظر الجاليات الآسيويّة في بريطانيا وهويّة رئيس الوزراء البريطانيّ اليوم) حيث تبنّت خطة عمل الشباب في العمل الخارجيّ للاتّحاد الأوروبي للفترة 2022 إلى 2027، علمًا أنه لم تكن هناك شروط للانضمام للاتحاد الأوروبيّ الذي بدأ خطواته في خمسينيّات القرن الماضي كمؤسّسة اقتصاديّة لضمان توفّر الفحم والفولاذ، وتحوّل إلى مؤسّسة سياسيّة، لكنّ الفوارق الاقتصاديّة بين دول أوروبا على ضوء نتائج الحرب العالميّة الثانية، وتفاوت الحريّات فيها، خاصّة بين دول أوروبا الشرقيّة وتلك الغربيّة دفعت إلى وضع شروط تعرّف منذ العام 1993 بشروط كوبنهاغن (عاصمة الدانمارك) منها وجود مؤسّسات مستقلّة تضمن الديمقراطيّة وحقوق الإنسان والحريّات، ووجود نظام اقتصاديّ فعَّال يعتمد اقتصاد السوق (ليس الاشتراكيّة ولا الشيوعيّة) والمنافسة، وبالتالي من الواضح أن قيام إطار كهذا ليس واردًا بالحسبان في الشرق الأوسط حيث القوميّة والفئويّة فوق كلّ شيء، والقواسم المشتركة الحقيقيّة تكاد تكون معدومة، رغم الحديث عن أمّة عربيّة واحدة ذات رسالة خالدة، وهو ما أكّدته تجارب الوحدة في الماضي بين سوريا ومصر، أو سوريا ومصر وليبيا وغيرها، والوحدة بين اليمن الشماليّ والجنوبيّ، ولعل أقصرها كان الاتحاد بين ليبيا وتونس في12 كانون الثاني عام 1974 والذي " استمر عمره" ساعات معدودة فقط حيث أعلن الرئيس التونسيّ الحبيب بورقيبة تراجعه عن الاتّفاق بعد الإعلان عنه بساعات قليلة، وذلك بسبب شكوكه بنوايا الرئيس الليبيّ معمر القذافي.

وإسرائيل الحاليّة لا تختلف في هذا الشأن، فهي تنازلت منذ العام 2006 عن الاهتمام بشكل مهنيّ وموضعيّ بقضايا الشباب رغم أنها كانت قد شكّلت عام 2001 وبمبادرة عضو البرلمان طومي لبيد ( وزير القضاء لاحقًا ووالد زعيم المعارضة اليوم ورئيس الحكومة السابق يائير لبيد) مفوضيّة خاصّة للأجيال الشابة، أنيطت بها مهمّة مراقبة التشريعات، وضمان اهتمامها بقضايا الشباب ومنحهم الوسائل التعليميّة والتربويّة لنجاحات مستقبليّة ومشاركة واعية ومسؤولة في النشاط السياسيّ، وليس كما ه الحال اليوم حيث لا مشاركة لهم، وإن وجدت فهي مشاركة السير مع التيار والعنصريّة، وتبني سياسات الإقصاء. ويقينًا أنه لو استمرت هذه المفوضيّة في عملها لما كانت الحكومة أقدمت على سنّ قانون القوميّة العنصريّ، ولا قانون "كمينيتس" الذي يحرم العرب من حقّ البناء، ولا غيره من القوانين التي شرعنت المستوطنات، وأبعدت آفاق الحلّ السياسيّ السلميّ، وكرَّست الاحتلال، أي أن الحكومات المتعاقبة ومنذ العام 2006 والحكومة الأخيرة خاصّة، وكما أشارت الاتفاقيّات الائتلافيّة وتفاصيل ميزانية العام الحاليّ والعام القادم، تؤكّد دون شكّ، أن إسرائيل تنازلت تمامًا عن الاهتمام بقضايا ومصالح الأجيال القادمة، عبر تكريس حالة تعاني فيها المؤسّسات التعليميّة من شحّ في الميزانيات وتتمّ مساواة ميزانيّات طلاب المدارس الثانويّة الرسميّة والخاصّة من العرب واليهود على حدّ سواء، والذين يدرسون ضمن تعليمهم اللغات والرياضيّات وعلم الحاسوب والتقنيّات الحديثة التي تؤهّلهم لخوض غمار المستقبل وتحقيق الإنجازات والاختراعات، ومواصلة ريادة عالم التقنيات والهايتك والطب والأكاديميا وغيرها، مع ميزانيات نظرائهم من التيّارات الدينيّة المتزمّتة الذين يدرسون في معاهد دينيّة. يدرسون فيها التوراة فقط دون دراسة اللغات والرياضيّات والتقنيّات، ما يعني مستقبلًا تقليل فرص انخراطهم في سوق العمل ومساهمتهم في الناتج القوميّ، وزيادة اعتمادهم على الأموال والميزانيات الحكوميّة والمساعدات من جمعيّات خاصّة، بمعنى تكريس الفقر والجهل والبطالة ، ناهيك عن أنهم بخلاف الشباب اليهود في المدارس الرسميّة لا يؤدّون الخدمة العسكريّة ، وإذا ما أضفنا إلى ذلك تدنّي المدخولات وارتفاع البطالة والمستقبل الغامض والمخيف الذي يلقي بظلاله بسبب الانقلاب القضائيّ الذي يريد تحويل إسرائيل إلى دولة ديمقراطيّة شكليّة، تفرض القيود على الحريّات، ولا تضمن المساواة، بل تكرّس تحويل إسرائيل إلى دولة شريعة تعاني ضعف الجهاز القضائيّ، وتجيير السلطات كلّها لخدمة الرجل الواحد، واقتصاد يعاني الفقر وشركات تقنيّات عالميّة ترفض الاستثمار في إسرائيل، بل تهرب منها، فإن نتائج الاستطلاعات الأخيرة التي أشارت إلى أن الأكاديميّين الشباب هم الفئة الأكثر تفكيرًا بالهجرة، وأنّ 73% منهم لا تستبعد، بل تفكّر جدّيًّا، في مغادرة إسرائيل مستقبًلا، بسبب التغييرات الأخيرة وخاصّة الانقلاب القضائي وسياسات حكومة نتنياهو السادسة، فهم يتوقّعون أضرارًا مستقبليّة كبيرة بأنشطتهم البحثيّة تؤدّي إلى خفض قدرتهم على تقديم مقترحات بحثيّة إلى الصناديق الدوليّة، وتضرّ بالتعاون البحثيّ الدوليّ والميزانيّات البحثيّة المقدّمة لهم من صناديق التمويل الأوروبيّة والعالميّة، بسبب التغييرات القضائيّة وفرض قيود على الجامعات بكلّ ما يتعلّق بحريّة التعبير عن الرأي (تشريعات معاقبة من يرفع العلم الفلسطينيّ ومن لا يعترف بإسرائيل كدولة صهيونيّة ويهودية، قبل أن تكون ديمقراطيّة، ومن يتبنّى مواقف سياسيّة مناوئة، أو معارضة للمستوطنين والمستوطنات والاحتلال)، إضافة إلى تخوّفهم من الإكراه الدينيّ، وشرعنة عدم مشاركة اليهود المتزمّتين – الحريديم- في الحياة الاقتصاديّة والخدمة العسكريّة والصناعة والعمل والإنتاج تعكس الواقع البشع الذي يعيشه الشباب في إسرائيل، وبضمنهم الشباب في المجتمع العربيّ الذين تؤكّد الإحصائيّات الرسميّة أن نحو 50% منهم فوق سنّ الـ 18 يفتقرون إلى أُطر التعليم الأكاديمّي والعمل والإنتاج المهنيّ، ما يمنع انخراطهم في أعمال مهنيّة معتمدة ويجعلهم أيادي عاملة مؤقّتة ورخيصة، دون آفاق مفتوحة وإيجابيّة، ويزيد من شعورهم بالتمييز والإقصاء والغربة في دولتهم، وتدفعهم في نهاية المطاف، وكما يشير الواقع إلى أحضان منظمات الإجرام والعصابات التي تنخر عظام المجتمع العربيّ بأعمال عنف أسفرت خلال نصف العام الأخير عن مقتل أكثر من 80 مواطنًا ومواطنة منهم، بسبب نشاطات جنائيّة وابتزاز الخاوة وتجارة السلاح وغيرها من الجرائم، وكلّها معطيات تؤكّد أن إسرائيل الحالية تبيع مستقبلها لضمان حاضرها وتكريس ماضيه، وأن القادم أسوأ ... فقر وبطالة وانعدام المساواة وقيود على حريّة التعبير وإكراه دينيّ وقضاء ضعيف لا يشكّل درعًا يقي الضعفاء والأقليّات، بل يضرب بسوط السلطان، يميِّز ضدّ الأقليّات والعرب في مقدّمتهم ويقصيهم لأسباب قوميّة عنصريّة، ويحرم سلطاتهم المحليّة ومؤسّساتهم الأكاديميّة والتعليميّة من الميزانيّات بحجج واهية منها عدم الخدمة العسكريّة وعدم الولاء للدولة الصهيونيّة، لتدمّر بذلك آفاق مستقبل الأجيال القادمة، وتنشر بينهم الفقر والجهل والعنف والشعور بالمرارة والإقصاء والتمييز، وتحكم عليهم بحياة تفتقر إلى أي استقلال وعطاء أكاديميّ واقتصاديّ وفكريّ وإنسانيّ.

" لا مستقبل دون أجيال المستقبل"
وختامًا نقطة ضوء: ساعات قليلة قبل أن يرى هذا المقال النور، احتفلت الكليّة الأكاديميّة العربيّة للتربية في مدينة حيفا، ولي شرف رئاستها العامّة، بتخريج الفوج الـ 72 من خرّيجاتها وخرّيجيها من كافّة أنحاء المجتمع العربيّ في إسرائيل على اختلاف مناطقه الجغرافيّة من النقب حتى الجولان، واختلاف انتماءات أفراده العقائديّة والدينيّة، لينضم مئات الخرّيجين الجدد إلى قوافل تعدّ بعشرات الآلاف من حملة الشهادات الأكاديميّة للّقبين الأوّل والثاني الذين يرفعون راية العلم والبحث والأكاديميا والتقنيّات المتقدّمة، ويشغلون مناصب رفيعة في كافّة مجالات العلوم والطبّ والقضاء والمجتمع والسياسة والاقتصاد، يساهمون مجتمعيًّا وعلميًّا وإنسانيًّا، على الصعيد المحلي ّوالإقليميّ والعالميّ، يؤكّدون أن التعليم الأكاديميّ هو حقّ أساسيّ ومبدئيّ مفروغ منه وأنه عماد المجتمعات الراغبة في الحياة وسبب استقلالها الفكريّ والاقتصاديّ، وأن الحريّة والتعدديّة هما ثروة وثراء، وأن حريّة التعبير عن الرأي مقدّسة، وأن اختلاف المواقف لا يفسد للودّ قضيّة، بل إنه دليل صحّة مجتمعيّة وعافية اجتماعيّة، وأن اهتمامنا بالأجيال القادمة من الطفولة المبكرة حتى الشباب، كان وما زال رايتنا ورسالتنا ، فلا مستقبل دون أجيال المستقبل ، ولا تطوّر دون علم، ولا إبداع دون حريّة، ولا حياة لشعب ولا لأُمة ولا لدولة، أو أيّ مجموعة كانت، دون توفير ما يلزم من التعليم وأماكن العمل وإمكانيّات التطوّر ، وهذا ما نفعله وسنواصل، فنحن أبناء أصلانيّون لهذا الوطن ، نريد له الحياة والتطوّر ولأجياله القادمة العلم والازدهار والتطوّر والتقدّم، بل تحقيق قصب السبق في كافّة مجالات العلم والبحث والاقتصاد، ورفع راية الحريّة والتعدّدية وقبول المختلف، وانطلاقًا من كوننا نحبّ وطننا فإنّنا نفكّر أوّلًا بالأجيال القادمة، عملًا بقول الشيخ شكيب أرسلان، الكاتب والأديب والمفكّر العربيّ اللبنانيّ الذي لُقِّب بأمير البيان :" الوطنيّ يفكّر بالأجيال القادمة، أمّا السياسيّ فيفكر فقط في الانتخابات القادمة"..

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]

[email protected]استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك