‘ترامب ووقف الحرب في غزة: حسابات المصالح لا الرحمة‘ - بقلم: مرعي حيادري
في ظلّ الأوضاع الصعبة وبعد توقّف الحرب في غزّة، تتّضح ملامح مشهدٍ سياسيّ جديد تحكمه مصالح ترامب الاستراتيجية أكثر ممّا تحكمه القيم الإنسانية أو التزامات القانون الدولي..
مرعي حيادري - صورة شخصية
فحيثما تتواجد مصالحه، يُعيد رسم الخطوط الحمراء ويُلغي كلّ تجاوزٍ إنْ خالف أجندته، حتى وإنْ كان صادرًا عن حلفائه الأقربين..
ويبدو واضحًا أنّ أمر وقف الحرب لم يكن قرارًا إسرائيليًّا خالصًا، بل جاء بضغطٍ مباشر من ترامب الذي رأى في استمرارها تهديدًا لتحالفاته الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
فحين قال لنتنياهو: ("أنا من يدير غزة، لا أنت")، كان في الواقع يُعيد توزيع الأدوار داخل المعادلة الشرق أوسطية، مؤكّدًا أنّ من يملك قرار الحرب والسلام هو من يملك خيوط المصالح الدولية لا من يرفع الشعارات القومية..
ترامب، بطريقته الصاخبة والمباشرة، يضع مصالحه فوق كلّ اعتبار. ومن خلال تعهّداته للدول العربية الحليفة، يسعى لتثبيت شبكة مصالح اقتصادية واستثمارية تُنعش الاقتصاد الأمريكي وتفتح له أبواب التمويل والاستقرار السياسي في الداخل..
فالمعادلة بالنسبة له بسيطة: (من يدفع أكثر يضمن الولاء أكثر).ومن هنا، جاءت سياسة التهدئة المفروضة على إسرائيل كخيارٍ تكتيكي، يتيح لترامب الظهور بمظهر "المنقذ" أمام الرأي العام الدولي، وفي الوقت ذاته يُطمئن العواصم العربية الكبرى بأنّ مصالحها لن تُهدَّد بحربٍ مفتوحة تُربك الأسواق وتُعطّل الاستثمارات..
غير أنّ السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يمكن أن تكون قطر – الدولة الصغيرة جغرافيًا والكبيرة سياسيًا – البديل العربي عن إسرائيل في إدارة توازنات الشرق الأوسط؟..
الحقيقة أنّ الدور القطري يتعاظم بوضوح منذ أعوام، لا سيّما في ملف غزة، إذ باتت الدوحة مركزًا دبلوماسيًا واقتصاديًا ووسيطًا معتمدًا لدى واشنطن وتل أبيب وحماس في آنٍ واحد. وهي تُدير علاقاتها بسياسة “المرونة الذكية”، فتمدّ يدها إلى واشنطن عبر القواعد العسكرية، وإلى طهران عبر الشراكة الغازية، وإلى المقاومة عبر الدعم الإنساني والإغاثي.
لكن رغم هذا الحضور اللافت، فإنّ قطر لن تكون بديلًا عن إسرائيل في موازين القوى الإقليمية، لأنّ مكانتها تستند إلى الوساطة والتوازن لا إلى القوة الصلبة. فدورها أقرب إلى “القوة الناعمة” التي تملأ الفراغ حين تفشل القوى الكبرى في الاتفاق، لا إلى الزعامة التي تُقرّر مصير الصراعات.
ومع ذلك، فإنّ قطر تمضي بثباتٍ لتصبح قوة عربية وسيطة محورية، تجمع بين التأثير السياسي والاقتصادي والإعلامي، وتستثمر ثروتها الغازية لتصنع لنفسها مكانًا متقدّمًا في لعبة النفوذ..
فإنْ حافظت على هذا التوازن الدقيق بين الحلفاء والخصوم، فقد تغدو الركيزة العربية الجديدة في معادلة الشرق الأوسط، ليس بديلاً عن أحد، بل ميزانًا بين الجميع..
ان الوعود التي يتلفظ بها ترامب تكون علىىقدر حجم امريكا بما يتوافق وعظمته الكبرى ، ليثبت للجميع حتى اقرب الحلفاء يمكنه ان يردعهم عن تخطيط مسبق غير راض عنه، كما وعد ان الضفة الغربية لن تكون تحت سيطرة اسرائيل..وبهذه التصريحات وبتنفيذها قلب موازين اللعبة السياسية والاستراتيجية. واصبح الآمر الناهي..
اللهم اني كتبت وقرأت وحللت واستنتجت وأن كنت على خطأ فصححوني..
من هنا وهناك
-
‘ الوحدة العربية والسياسة: بين الواقع والمأمول‘ - بقلم : مرعي حيادري
-
‘ حين يغيب الفعل ويعلو الصوت ‘ - بقلم : الاستاذ رائد برهوم
-
‘ الهوية الممزقة ‘ - بقلم: سليم السعدي
-
‘ أبعد من الإعلان الدستوري: هندسة للنظام السياسي الفلسطيني ‘ - بقلم : عمر رحال
-
أنماط الأهل في المدارس… هل تعرف نمطك أنت؟ - بقلم: الدكتور محمود علي جبارين
-
‘ لقاء الإخوة هو لقاء رحمة ‘ - مقال بقلم : الشيخ صفوت فريج رئيس الحركة الإسلامية
-
‘إيمان خطيب ياسين… امرأة صنعت حضورها بالصدق لا بالمنصب‘ | مقال بقلم: رانية مرجية
-
لماذا تحتاج لجنة المتابعة إلى مصادر مالية مستقلة؟ - بقلم : د. رفيق حاج – مخطط استراتيجي
-
‘ قانون الإعدام... تشريع الفاشية في إسرائيل ‘ - بقلم : فراس صالح
-
بروفيسور يوسف مشهراوي يكتب في بانيت: المشتركة: نعم أم لا؟ رأيي الشخصي - بصراحة ومسؤولية





أرسل خبرا