‘ الجلوس في المقاهي ... إلى متى؟ ‘ - بقلم: بلال سعيد حسونة
إذا تجولت في احدى المدن أو البلدات العربية في البلاد، فإنك حتما سوف ترى الى يمينك ويسارك عشرات المقاهي، يجلس فيها الرجال في الداخل وفي الخارج، وأقصد هنا على الرصيف أيضا.
بلال سعيد حسونة - صورة شخصية
هم لا يفعلون شيئا سوى اللهو بهواتفهم الخلوية، النظر إلى حركة السير في المدينة أو تبادل أطراف الحديث مع بعضهم البعض حول آخر الاخبار، وأخر المستجدات السياسية والاجتماعية والرياضية وغير ذلك. وإذا صادف ومررت بنفس الشارع بعد بضع ساعات أو في ساعات المساء المتأخر أيضا، فإنك من المحتمل أن ترى نفس الأشخاص يجلسون بنفس المكان وبنفس الطريقة. فعدد كبير منهم يرتادون المقهى صباحا ومساء.
هذه حقيقة ثابتة، لا يمكن لأحد أن ينكرها، ولكن يبرز هنا سؤال: ألا يوجد لهذا الرجل دور آخر في المجتمع غير الجلوس في المقهى؟ أليس هو أب وزوج وأخ .... يوجد له الكثير من المسؤوليات يقوم بها؟ ألا يجب عليه أن يقوم جيدا بالمسؤولية التي اخذها على عاتقه يوم تزوج؟ الزواج معناه بيت وزوجة وأولاد، هؤلاء يحتاجون اليك كل يوم وكل ساعة لكي تكون لهم عنوانا وقائداً في هذه الدنيا القاسية، وليس من المعقول أن تجلس في المقهى صباحاً ومساء وتتركهم دون رعاية، فإذا أنت لم ترعاهم وتتابع شؤونهم، فمن غيرك سيفعل ذلك؟ َعلاوة على هذا، تعلمون أن الجلوس في المقاهي ليس مجاني، فهو مكلف ويحتاج الى مصاريف، فإذا أخذنا مثالاً على أنك ستجلس في مقهى ساعتين فقط، فإنك سوف تطلب مشروب مرتين أو ثلاثة، وإذا دعوت صديقك أو دفعت حساب أحد معارفك، فإنك سوف تدفع في ذلك اليوم أربعين أو خمسين شيقلا، أما إذا جلست صباحاً ومساء، فان مصروفك سيكون بلا شك أكثر من ذلك. أليس بيتك وزوجتك وأولادك أحق بهذا المال؟
ومع ذلك، أنا لا أوجه كلامي الى الجميع، فهناك في المقاهي يجلس أناس محترمون، أزواج جادّون في الحياة ويتحلون بالمسؤولية، يرتادون المقاهي لإنجاز جلسة عمل أو لقاء صديق معين لأمر ما، ربما هم لا يريدون أن يقوموا بهذه الاجتماعات في بيوتهم، وانا اؤيدهم في ذلك لأن البيت هو مكان مقدس ومن المفضل المحافظة على حرمته، وإبعاده عن أجواء العمل وصفقات البيع والشراء، لذلك لا مانع أن يجلس المرء في المقهى نصف ساعة أو ساعة لإنجاز هذه الأمور.
ربما يقول أحد رواد المقاهي: " أعيش حياة صعبة أو أعاني من الملل، والجلوس في المقهى ومقابلة بعض الأصدقاء يخفف عني أعباء الحياة، وقد يقول آخر: "عندي مشاكل كثيرة في البيت، لذلك أهرب الى المقهى لأتجنب تفاقم الوضع مع الزوجة خوفا أن يحدث كذا وكذا." سواء هذا ام ذلك، فالمقهى ليس المكان الذي يحل فيه الناس مشاكلهم. هذا عذر أقبح من ذنب، إذهب الى عقلاء القوم ورجال الإصلاح وحاول ان تحل مشاكلك بمساعدتهم، وهؤلاء طبعا لا يجلسون في المقاهي.
ريادة المقاهي في أغلب الأحيان عادة سيئة لها انعكاساتها السلبية على الأسرة والمجتمع. يقول الله تعالى: " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم". صدق الله العظيم. الله عز وجل، أعطى الرجال المقام العالي لإدارة شؤون البيت، فكيف لهم أن يتنازلوا عنه ويضربون به عرض الحائط؟ ربّ العزة والجلالة يريد للرجال أن يكونوا قدوةً حسنةً لنسائهم وأولادهم، قدوة حسنة معناها أنهم يجب أن يقوموا بواجبهم الإلهي على أكمل وجه، وأن يبتعدوا عن كل العادات السيئة، فيا حبذا أن يجلس المرء مع نفسه قليلاً ليقرر إذا كان بحاجة الى تصحيح حياته، والعودة الى أحضان عائلته الدافئة، وقضاء الوقت معهم ومن أجلهم. هم بحاجة اليكم، فلا تتركوهم وحدهم، ولا تجعلوهم يشعرون بالوحدة.
من هنا وهناك
-
يوسف أبو جعفر يكتب : حتى نلتقي - الوهم
-
هل يوجد ما بعد قرارات المحكمة الجنائيّة الدوليّة ؟
-
د. جمال زحالقة يكتب : إسرائيل توقف الحرب على لبنان مضطرة
-
كيف يرتبط الفقر وغاز الأوزون بمرض السكري؟
-
قراءة في كتاب سعيد نفاع ‘عرب الـ 48 الهوية الممزقة بين الشعار والممارسة‘ - بقلم : زياد شليوط – شفاعمرو
-
‘ لجان الأحياء، أهميتها ودورها ‘ - بقلم : د. غزال أبو ريا
-
مقال: ‘حل مُعضلة التناوب بيدِ الرفيق الأكبر ‘ - بقلم: الإعلامي محمد السيد
-
المحامي زكي كمال يكتب : حكومات لا تريد شعوبًا مفكِّرة بل جاهلة ومقهورة
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - على ناصية الطريق
-
مقال: مع وصول ترامب.. اوروبا، بين الاستقلالية والافول ! بقلم : د. سهيل دياب- الناصرة
أرسل خبرا