مقال :‘ العالم يحتاج الى زيادة في الأجور للعمال ‘
أصدر الاتحاد الدولي لنقابات العمال في الثالث عشر من الشهر الحالي شباط، دراسة هامة له ، يسلط من خلالها الضوء ، على "استراتيجيات النقابات الناجحة لتحقيق الحد الأدنى للأجور والمعيشة”.
صورة للتوضيح فقط - تصوير: iStock-fizkes
تقع الدراسة في 54 صفحة وتشمل عدداً من عينات اتفاقيات وتشريعات تتعلق باجر الحد الأدنى ورفعه وتأثير ذلك على المستوى المعيشي للعمال اولا وعلى الوضع الاقتصادي في تلك البلدان وانتعاشه بسبب ذلك ثانياً. وبالرغم من الارتفاع الحاد في الناتج الاجمالي في العالم بمعدل اربعة اضعاف خلال الثلاثة عقود الماضية، الا ان اجور العمال عامةً ومن يتلقون اجر الحد الأدنى خاصةً لم ترتفع بهذا المعدل. ويتضح من الدراسة: "ان ملايين العمال في جميع انحاء العالم لا يكسبون بما يكفي للعيش في كرامة، وانظمة الحماية الاجتماعية غير الكافية، وتفاقم مستويات عالية من عدم المساواة والفقر”.
مما يعني فقدان سبل العيش الكريم والعمل اللائق، خاصة وان 83% من المواطنين في 13 دولة من مجموعة العشرين، التي تعتبر ذات اقتصادات قوية، يؤكدون ان الحد الأدنى للأجور في بلادهم لا يكفي للعيش ولا يكفي للحد الأدنى من العيش بكرامة.
" الحد الأدنى للاجور لا يكفي للعيش فيه "
ويتقدم الدراسة العديد من الامثلة لوضع العاملين الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجور واذا كان هذا الاجر يوفر تكاليف العيش او ادناه يتضح: ”ان الحد الأدنى للاجور لا يكفي للعيش فيه. في اوروبا الشرقية، على سبيل المثال، فان الحد الأدنى للأجور في رومانيا وبلغاريا قبل الضرائب يمثل اقل من ربع تكلفة سلة المعيشة لعائلة متوسطة. علاوة على ذلك فان ظاهرة عدم امتثال اصحاب العمل لدفع الحد الأدنى للأجور متفشية في بعض البلدان. في امريكا اللاتينية، على سبيل المثال، تشير تقديرات منظمة العمل الدولية الى ان اكثر من خُمس اصحاب الاجور يتم دفع لهم اقل من الحد الأدنى للأجور وذلك في بنما وكوستاريكا، واكثر من 60٪ من اصحاب الاجور في هندوراس وغواتيمالا يُدفع لهم أجر دون الحد الادنى القانوني. في الوقت نفسه، فان امكانية تنظيم العمال في تنظيم نقابي وإجراء مساومة جماعية للأجور العادلة تتعرض للخطر في جميع انحاء العالم، حيث ان الحقوق النقابية تتعرض الى الهجمات " اي يتعرض كل من يبادر للتنظيم النقابي الى الملاحقة وفي كثير من دول امريكا اللاتينية قد يتعرض للاغتيال والقتل.
وتقدم الدراسة العديد من الارقام والحقائق الدامغة لحقيقة الاستغلال الذي يتعرض له مئات الملايين من العمال في الدول الرأسمالية، في قضية عدم الحصول على الاجر اللائق، وحتى اجر الحد الأدنى، فهناك اكثر من 300 مليون عامل يحصل الواحد منهم على اجر يومي اقل من 1,9 دولار امريكي، وان 430 مليون عامل آخر في البلدان الناشئة والبلدان النامية ما يتلقىاه الواحد منهم هو اجر يومي ما بين 1,9 دولار امريكي و 3,1 دولار امريكي.
كما تؤكد الدراسة على ان 83٪ من الناس يعتقدون ان الحد الأدنى والبلدان النامية ما يتلقى الواحد منهم على اجر ما بين 1,9 دولار امريكي و 3,1 دولار امريكي. كما أن الحد الأدنى للاجور لا يكفي للعيش في مختلف الدول خاصة في ظل ارتفاع الاسعار الجنوني حاليا وبالتاكيد قبل ذلك، كما تُقدم الدراسة عدداً من الامثلة من دول قامت بملائمة اجر الحد الأدنى مع التكلفة الاساسية للمعيشة، الامر الذي كان له مردود ايجابي على عائلات العمال اولا، وعلى الوضع الاقتصادي عامة ثانياً ، حيث انتعش الاقتصاد وارتفع عدد فرص العمل وارتفع دخل المصالح التجارية، مما حسن الوضع للمواطنين عامة.
" مقولة فارغة المضمون "
ما تقدمه الدراسة من امثلة عن ملائمة اجر الحد الأدنى مع تكلفة المعيشة وان يكون اعلى من تلك التكلفة، وبخصوص رفع الاجور عامة، يؤكد ما قلناه دائما واثبتنا ذلك من خلال النضال لرفع اجر الحد الأدنى ، ورفعه، ان ذلك يؤدي الى انتعاش وضع أسر العمال اولا والى تحريك العجلة الاقتصادية بشكل إيجابي ثانياً ، إن ادعاء اصحاب العمل والحكومة بان رفع اجر الحد الأدنى خاصة والاجور عامة سيؤدي الى انهيار الوضع الاقتصادي، والذي دحضناه، ما هو الا مقولة فارغة المضمون وهدفها مواصلة استغلال العمال وجني الارباح ومواصلة تكديس الثروات في جيوب هؤلاء الرأسماليين على حساب العمال فقط لا غير.
خلاصة الدراسة انها تعود وتؤكد ان استمرار الحكومات في سياساتها بعدم رفع اجر الحد الأدنى والاجور عامة في ظل موجة الغلاء وارتفاع تكلفة المعيشة والتضخم المالي، تؤدي الى ارتفاع عدد الملايين من العمل ممن يتدهور وضعهم الى السقوط في دائرة الفقر المدقع، وتعميق الازمة الاقتصادية والاجتماعية في عالمنا الذي تتخبط فيه القوى الرأسمالية ما بين فشل سياساتها العولمية والليبراليه الجديده وبين العودة الى العالم القديم من التقوقع في اطار حدود الدولة الوطنية فقط. قد نعود الى تناول فصول من الدراسة ونشرها لاطلاع القراء على حقائق كنا أكدنا صحتها، ورفضها اصحاب الفكر العولمي النيوليبرالي.
من هنا وهناك
-
مقال: هل أمريكا العظمى في طريق الانهيار مثل الاتحاد السوفيتيّ ؟ بقلم : المحامي زكي كمال
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - ممالك وجمهوريات
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
أرسل خبرا