قناة هلا استضافت عضو الكنيست السابق د. يوسف جبارين وتحدثت معه حول الخطوط العريضة لهذه الخطة تبعاتها وأبعادها .

- بصفتك نائب سابق وخبير بالشؤون القضائية ، هل تشرح لنا ماذا تحمل خطة ليفين التي يسميها الإصلاح في الجهاز القضائي ويسميها معارضو الحكومة انها خطة لهدم الديمقراطية الإسرائيلية.
" ياريف ليفين هو محام وبالتالي يتابع قضايا في صلب تخصصه، وطوال السنوات الأخيرة أي عندما كان وزيرا طرح في الكنيست أفكاره، وهي أفكار محافظة يمينية متطرفة، حيث انه لا يريد أي تدخل للجهاز القضائي في عمل الحكومة وبالتالي في عمل الكنيست. الاخصائيون القضائيون في البلاد قالوا ان هذا تحول في نظام الحكم في إسرائيل بحيث ان الكلمة الاخيرة في قضايا حقوق الانسان والقضايا الدستورية منذ عام 92 كانت للمحكمة العليا وليست للكنيست او الحكومة. وقد الغت المحكمة العليا خلال هذه الفترة أي 30 عاماً حوالي 22 قانوناً وهذا ليس بكثير، وما يريده ليفين الان هو الغاء هذه الصلاحية للمحكمة العليا كاملة ، أي ان تكون الكلمة الأخيرة للحكومة في قضايا حقوق الانسان وقضايا حول طابع الدولة الديموقراطي او العلاقة بين السلطات المختلفة والقضايا الأخرى . رغم خيبة الامل الكبيرة التي لدينا كعرب فلسطينيين وكحقوقيين من أداء الجهاز القضائي في إسرائيل الذي كان في غالبية الأحيان يوافق ويصادق على سياسات الحكومة، الا اننا نرى أهمية بان تبقى لدى المحكمة العليا هذه الصلاحية. ان لم تكن هناك مراقبة قضائية من قبل المحكمة العليا على قرارات الحكومة وعلى تشريعات الكنيست - من الذي سيراقب؟ حتى الحد الأدنى الذي يتوفر من الديموقراطية يريد ليفين التخلص منه. واذا اردت ان الخصه من وجهة نظرنا، فإن إسرائيل بعلاقتها مع المواطن العربي فهي دولة يهودية لهم ودولة ديموقراطية لليهود. الان ما يريده ليفين وحلفائه هو ان تكون الدولة إسرائيلية اكثر مع العرب وان لا تكون ديموقراطية لا مع العرب ولا مع اليهود. وهذا ما سمعناه في الايام الأخيرة، حيث انهم يريدون اعتقال قيادة المعارضة غانتس ولبيد مما يدل على تدهور الخطاب السياسي حتى في داخل الأحزاب اليهودية".

- هل الدافع من هذا التغيير هو فقط الملفات ضد نتنياهو وشخصيات أخرى في الائتلاف الحكومي – ام انه بالفعل إسرائيل بحاجة الى اصلاح في الجهاز القضائي فيها – وهل هي فعلا تمس بالفصل بين السلطات ؟
"بداية كلمة إصلاحات هي لليفين ولكن على ارض الواقع الترجمة الحقيقية لذلك هي عملية تدمير لما تبقى من استقلالية الجهاز القضائي في البلاد ، وبرأيي هناك التقاء لمصالح اليمين واليمين المتطرف وهذا الفكر على المستوى المبدئي وقضايا نتنياهو الشخصية. دون علاقة لنتنياهو ، اليمين لا يريد هذا الدور للمحكمة العليا ويريد عملياً ان يبسط نفوذه على كل السلطات في البلاد، لذلك هناك السيطرة الواضحة التي نراها الان حيث ان هناك 64 عضواً في الكنيست لديهم سيطرة على السلطة التشريعية وايضاً السلطة القضائية، وذلك من خلال اجراء تغيير على كيفية اختيار القضاة، ولهذا الطريقة الوحيدة الموجودة امام نتنياهو للتخلص من لوائح الاتهام ضده وما ينتظره من عقاب هي تغيير صلاحيات الجهاز القضائي وتغيير صلاحيات النيابة العامة والمدعي العام، وقد بدأنا نرى محاولات تطبيق ذلك على ارض الواقع. ليفين يقترح تغيير طريقة اختيار رئيس المحكمة العليا المسؤول عن تعيين القضاة الذين يجلسون في القضايا المختلفة، ولذلك سيكون بإمكان رئيس الحكومة اختيار القاضي في المحكمة العليا والذي سينظر في الاستئنافات على قضاياه الشخصية، وبالتالي نحن نتحدث عن التقاء مصالح بين فكر يميني متطرف يساعد نتنياهو المتهم بقضايا جنائية، فالمدعي العام الذي سيتم تعيينه سيلغي قضايا نتنياهو، وهذا ايضاً جزء من الفكر اليميني المحافظ".

 - لكننا سمعنا تصريحات – من الأرشيف – للابيد ولجدعون ساعر يتحدثان فيها عن اصلاح في جهاز المحاكم – فلماذا يعارضان اليوم ؟
"ينتمي ساعر لحزب الليكود وهو ايضاً يميني، لذلك حاول سابقاً تقييد المحكمة العليا ولكنه لم ينجح بسبب طبيعة الاتئلاف الحاكم في السنوات الأخيرة. الأفكار التي طرحها ساعر تحفظ منها العديد من الحقوقيين، اما ليفين الان فهو يطرح قضايا بعيدة جداً عن القضايا التي طرحها ساعر، وهناك فروقات واضحة تتعلق بمدى التطرف الموجود في طروحات ليفين مقارنة بطروحات ساعر. هدف اليمين من ذلك هو انهم لا يريدون للمحكمة العليا ان تكون لها الكلمة الأخيرة في قضايا الاحتلال وبقضايا شعبنا".

- ما هي ابعاد مثل هذه التغييرات على الجمهور العربي ؟
"لدينا خيبة امل من دور المحكمة العليا، وذلك بسبب عدم تدخلها في قانون القومية الذي يضمن الفوقية اليهودية وفي قانون منع لم الشمل. على الرغم من ذلك، هناك أهمية بأن نحافظ على المحكمة وإمكانية الوصول اليها لممارسة الضغوطات اللازمة على الحكومة، لهذا نريد ان يبقى نوع من الاستقلالية للمحكمة العليا، واذا ما كان للحكومة القرار الأخيرة في كل ما يتعلق بقضايانا فان هذا سيدل على تدهور النظام الديموقراطي في إسرائيل حيث انه لن يبقى ديموقراطياً لا لليهود ولا للعرب بعد هذه التغييرات التي ستطرأ عليه".

- الى أي مدى يجب ان يكون المواطن الإسرائيلي قلق من المشهد الحالي، خاصة وأن رئيس الدولة هرتسوغ يحاول التقريب بين وجهات النظر – هل ينجح بذلك برأيك ؟
"لا نرى فعلا ان هناك أي حوار، فليفين خلال أيام قليلة من تسلمه منصب وزير القضاء جاء وطرح هذه التغييرات دون ان يشاور احداً، وما رأيناه هو فقط نقاش في لجنة الدستور. لو كان توجه هرتسوغ كرئيس للدولة حقيقي للحكومة كان من المفروض ان يكون هناك حوار ومن ثم مخطط وليس العكس".

- اريد أن أسمع رأيك بخصوص تصريحات النواب من حزب " عوتسماه يهوديت " الداعية الى اعتقال غانتس ولابيد ويعالون بتهمة الخيانة – الى هذا الحد تصل الأمور بين الفرقاء في إسرائيل ؟
"هذا يدل فعلا على خطورة هذه الحكومة، برأيي عندما نرى وزيراً للأمن القومي تمت ادانته في محكمة كداعم لمنظمة إرهابية والان هو وزير في الحكومة يدل الامر على تغيير كبير في معايير الديموقراطية حيث ان بن غفير لا يجب ان يكون في هذا المنصب. يجب ان ننظر الى ماهية هؤلاء الموجودين في سلم اتخاذ القرار في البلاد، فمثل هذه التصريحات المتطرفة تدل على خطورة المرحلة وما يهيئون له من مخططات مستقبلية لا يحمد عقباها. من جانب آخر، قد تكون هذه التصريحات المتطرفة عاملاً رئيسياً في استفاقة المركز اليساري في إسرائيل ليروا المخاطر المحدقة بهم وما حذرنا منه طوال الوقت. من يسكت عن خروقات حقوق الانسان ضد العرب سيرى كيف هذا سيؤدي بالتنكيل ايضاً باليهود. نرى بوضوح الان تأثير الفكر اليميي على المجتمع اليهودي وليس على المجتمع العربي فحسب".

- وما رأيك ببن غفير الذي يتحدث اليوم عن ما اسماه مساواة في فرض القانون المتعلق بالمظاهرات ؟ هل ترى ان تصريحات بن غفير الهدف منها هو ردع المتظاهرين وانا اقصد هنا المتظاهرين ضد الحكومة ؟
"بن غفير عندما يتحدث عن عدم مساواة لا يوجد أي أساس لهذا الحديث، اليمين تظاهر كل الوقت، والخروقات الحقيقية ضد التظاهر حصلت ضد شعبنا فحسب، وانا لا أتحدث هنا عن المظاهرات في المجا السياسي القومي بل ايضاً عن المظاهرات التي خرجنا بها احتجاجاً على العنف والجريمة في الناصرة. وهو يتحدث عن ان الشرطة كانت تقمع المتظاهرين من اليمين ونحن نعرف انه على ارض الواقع نحن كنا ضحايا هذا الامر. حرية التعبير هي جزء أساسي من حقوقنا وانا الان اسمع القيادات في الحكومة يكررون ما قلناه نحن في مظاهراتنا، لذلك الحقوق لا تتجزأ ومن يتحدث عن الديموقراطية عليه ان يتحدث عن ديموقراطية كاملة للجميع".

- إزاء هذا المشهد اين نجد المواطن العربي – ما هو دوره وسط كل هذه الدوامة السياسية في إسرائيل ؟ وهل له مكان في المظاهرات والخطوات الاحتجاجية التي يبدو انها ستستمر بالتصاعد في الفترة المقبلة ؟
"بلا شك ان المواطن العربي قلق مما يحدث من حولنا من هذه التصريحات ومقترحات القوانين. يتحدثون الان عن سحب مواطنة ومنع رفع العلم الفلسطيني، وبالتالي بلا شك نحن نرى أننا ضحايا لمثل هذه السياسات اليمينة المتطرفة ولنا دور في مواجهتها وذلك من خلال التظاهر ورفض هذه الخطوات، وأقول بوضوح نحن نريد التعاون مع كل من يريد ان يتظاهر ويحتج على سياسات الحكومة الجديدة، العمل المشترك بيننا يجب ان يكون باحترام متبادل، وليس ان يفرض علينا شرطة في هذا العمل المشترك واتوقع تدريجيا ان نرى نشاطات احتجاجية في الشارع العربي وأيضا في الشارع اليهودي".

 - ان نائب سابق وتسمع ما وصلت اليه المناكفات بين نواب من الموحدة ونواب من المشتركة وأنصارهما – ماذا تقول ؟
" الانتخابات أصبحت من ورائنا اما المخاطر التي نتحدث عنها نواجهها على ارض الواقع منذ اليوم الأول لهذه الحكومة، لذلك واجب الساعة هو العمل المشترك والوحدة الوطنية بين الأحزاب الممثلة في الكنيست وايضاً بين كل الحركات السياسية والأحزاب داخل شعبنا. واجب الساعة عمل وحدوي وتغليب القاسم المشترك على أي نقاشات داخلية لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بنا. وانا على ثقة ان الروح الوطنية ستتغلب عاجلا ام اجلا لأننا بحاجة ذلك وهذا من مصلحتنا".

- سؤالي الأخير – قريبا هنالك مؤتمر للجبهة – وهذا يقودني الى السؤال هل ستعود وتتنافس على موقع متقدم في قائمة الجبهة للانتخابات القادمة، لا وانا اعلم ان الامر لا زال بعيدا كما هي الأمور السائدة الان !
نرى بهذا المؤتمر محطة هامة لاستنهاض الهمم وتقوية الجبهة ولتقييم وضعنا من الفترة السابقة وللتقويم أي تصحيح ما يمكن ان نراه من أخطاء واشكاليات وايضاً الانطلاق من جديد. شعبنا بحاجة ان تكون الجبهة والحزب الشيوعي تنظيمان قويان في قيادة المعارك القادمة وليست المعارك البسيطة".

[email protected]استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ