مقال | الوريث الوحيد لجبل لبنان الفنان ‘ رفعت اسدي ‘
" بين حنايا صوته قوة وعتاد وعسكر، عندما يُذكر اسمه سرعان ما تترنم في الذاكرة نغمات اليرغول والمجوز وتنادي بقاع الوطن بكلمات اغنيته الشهيرة "جايين ياتراب الوطن جايين"..
صور من الاعلامي عمري حسنين وهي بمسؤوليته
هو الانسان ابن الوطن وصاحب الأرض، هو من قدَّ بَراثِن الفقر ليزهر الحنون بين شفتيه، هو ابن الحاكورة وايقونة الزجل والطرب والفن الشعبي الفلسطيني على وجه الخصوص، الفنان العملاق "رفعت الأسدي"
ولد في تاريخ 21/11/1968 في قرية دير الأسد قضاء مدينة عكا، ونشأ بين أحضان اسرة فقيرة كان استثمارها الوحيد هو أبناؤها، فحباه الله بصوت عذب جميل اكتشفته العائلة عندما كان يرتل القرآن الكريم في سن مبكرة عندما كان يشارك في المناسبات الدينية والاحتفالات العامة والخاصة، حيث كان يجيد احكام التلاوة والتجويد ما اخذ به فيما بعد الى حفظ القرآن الكريم كاملا عن ظهر قلب.
كانت انطلاقته نحو مجال الفن عندما كان طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره 8 سنوات، وذلك عندما تغنى في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في احدى حفلات المدرسة، وأظهر موهبته ورخامة صوته في انشودة "طلع البدر علينا" و اردفها بالأذان مُعليا صوته مكبرا موحدا.. فدب الحماس والخشوع في قلبوب الحاضرين منبهرين به مشجعين له، وطلبوا من مربية صفه المعلمة "سهام نعمة" التي كانت مسؤولة الجوقة حينها بإعادة الاغنية مرة أخرى، فعاد الفنان رفعت أسدي الغناء وتعالت معه صفقات الحضور مشجعين له على اداءه المميز.
كان الغناء بالنسبة له موهبة وشغف بينما من يسمعه كان يشعر بالحب والشغف؛ شغفا من نوع اخر! كان يدفعهم لطلب المزيد والمزيد من هذا الصوت الجميل، صوت لا يمل وحضور فريد.
عندما كان في 13 من عمره حصد المركز الأول في مهرجان الاغنية الشبابية ومهرجان الشيخ زكي في طمرة، واحترف الغناء الشعبي في جيل 16 عندما شارك ونافس كبار الحدائين الذين تربعوا على ساحة الغناء الشعبي حينها منهم الفنان المرحوم ابو سعود اﻷسدي وابو غازي مرورا بالمرحوم ابو اﻻمين وابو عاطف الريناوي وابو صنع الله وابو عصام وابو هاني العيلوطي وسعيد عابد وعلي السخنيني وابو زيد عاصله وابو صالح ابو الليل وابو عدنان الكفرذاني، ليسطع نجمه الى جوارهم وينافسهم على ساحة الغناء ويتربع على عرش الاغنية الشعبية، ثم بدأ في اقتحام ساحة الغناء الطربي ليمزج بين اللونين معا ويقدم فنا عريقا يرضي جميع الاذواق، ليضيء سماء الفن على الساحة العربية ويحقق انتشارا كبيرا في الجليل والمثلث والضفة الغربية وغزة ومخيمات الشتات الفلسطيني في كل من لبنان سوريا والأردن.
أسس الفنان العملاق رفعت أسدي فرقة النجوم للفن الشعبي والطربي والتي تعد الأولى من نوعها في البلاد حيث تضم مجموعة من أمهر العازفين الشعبيين، ويعود له الفضل الكبير في تطعيم الفن الشعبي بالايقاع والموسيقى مما ساهم في اتساع رقعة جمهوره في البلاد خاصة من فئة الشباب، وهذا ماجعل للفن الشعبي حضورا كبيرا في زمن يفتقر للفن الأصيل ويعتمد على الإيقاع في الغناء.
حاز على مئات الجوائز وشهادات التقدير من مؤسسات وجمعيات ومدارس وجامعات ومهرجانات، فمنحته جامعة النجاح وسام التقدير الاول، وفي عام 2013 نال من غبطة البطريرك وسام القبر المقدس ثناء على جهوده باثراء المكتبة التراثية المسيحية بأغاني السيد المسيح والعذراء مريم البتول عليهما السلام وذلك من خلال CD خاص، كما شارك في عشرات المهرجانات الدوليه ممثلاً عن التراث والغناء الشعبي الفلسطيني؛ منها مهرجان اﻻنطلاقه ومهرجان قرطاج في تونس ومهرجان ترقوميا، وفي عام 2017 تم تكريمه من قبل سيادة الرئيس محمود عباس الذي استقبله في مقر الرئاسة بحضور أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ونائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، ومسؤول الاعلام الرسمي أحمد عساف، ومنح سيادته الفنان الأسدي ميدالية الاستحقاق والتميز "الذهبية " من الدرجة الأولى ( وهي أعلى وسام فلسطيني يمنحه سيادته لفنان) تقديراً لإسهاماته الفنية والثقافية وإبداعاته الوطنية في مجال فن الفلكلور الشعبي والزجل، وفي عام 2022 حاز على اوسكار الفن الفلسطيني الذي توج به في قصر المؤتمرات في مدينة بيت لحم.
يعتبر الفنان رفعت الاسدي اشهر مطرب شعبي فلسطيني على الاطلاق على مستوى الوطن والشتات، ومازالت اغنية التي كتب كلماتها وغناها (جايين ياتراب الوطن جايين) من الأغنيات الوطنية الأولى والتي لازالت تبث بشكل يومي على شاشة تلفزيون فلسطين وحاضرة بشكل أساسي في المناسبات الوطنية، هذا الى جانب عدد من الأغنيات والكليبات التراثية التي توثق تراثنا الوطني الفلسطيني العريق، لذلك يعتمد تلفزيون فلسطين على العملاق رفعت أسدي في احياء المناسبات الوطنية والتراثية نظرا لكونه ايقونة الفن الشعبي والطربي الفلسطيني ولكونه يمتلك خامة صوت فريدة من نوعها.
على الصعيد الشخصي للفنان رفعت أسدي فهو شخصية مثيرة للجدل بسبب تصريحاته النارية الصريحة النابعة من جرأته ووضوحه مايجعله ضيف ثقيل على المحطات الاذاعية والتلفزيونية، ومن الجانب الإنساني فهو معروف بتعاطفه الشديد مع ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمه المستمر لهم، ومن الجانب الديني فهو شخص مثقف دينيا وحافظا للقرآن الكريم ومعروف بأخلاقه النبيلة، كما يتميز بالتسامح الديني حيث تربطه علاقة اخوة مع الطائفتين المسيحية والدرزية، حيث اعتبره المرحوم فضيلة الشيخ امين الطريف واحدا من افراد الطائفة العربية الدرزية ومنحه وسام التقدير لذلك عام 1990 (عزيز الطائفة المعروفية)، هذا الى جانب حب الفنانين المحليين له واحترامهم وتقديرهم له كفنان عملاق! كيف لا وهو من اكتسب لقب العملاق من الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش الذي اطلق عليه لقب (عملاق الطرب الفلسطيني)بعدما سمعه في احدى المهرجانات وهو يغني جايين ياتراب الوطن جايين، كما غنى مع الفنان الكبير الراحل وديع الصافي عام 2002 في مصر، وهناك صرح المطرب الكبير بجملة مؤثرة قائلا: (لو رفعت موجود بالعالم العربي لكان وريثي الوحيد) واردف تصريحه هذا بدون مجاملة بتاتا، هذا التصريح المؤثر سيبقى عنوانا للأجيال القادمة ولكل من يتسائل من هو الفنان العملاق رفعت أسدي.
فنان بهذا الثِقَل الفني والاجتماعي لا يمكن لاقلامنا ان يجف حبرها على كتابه، فهو عطاء مستمر وصوت من العيار الثقيل وفن فريد من نوعه وكاريزما طاغية الحضور، الفنان رفعت أسدي منارة الفن الشعبي والطربي بلا منازع" .
مقال بقلم : الاعلامي عمري حسنين
من هنا وهناك
-
مقال: هل أمريكا العظمى في طريق الانهيار مثل الاتحاد السوفيتيّ ؟ بقلم : المحامي زكي كمال
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - ممالك وجمهوريات
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
التعقيبات