مقال : الاستقامة هي الطريق إلى العدل
في مقدمة مقالي هذا علي أن أذكر نقطة هامة وهي بأنه لا يكاد يمر يوم إلا وألتقي بالناس الذين يثنون على تلفزيون هلا وموقع بانيت، تقريباً يومياً،
ويثنون على الرسائل التي تنقل والتي ترجع بالفائدة والنفع على أبناء هذا المجتمع الذي هو في أمس الحاجة لتلك المنظومة التي لا تغادر لا صغيرة ولا كبيرة، منظومة صارت الدرع الواقي والحامي.
اليوم في مقالي هذا سأتحدث عن أمر هام يجب أن يتصف به كل انسان " الاستقامة" في كل اللحظات في السر وفي العلن الاستقامة التي تؤدي إلى العدل المطلق.
الاستقامة بمفهومها البسيط هو أن تكون مستقيماً فهل هذا فعلا كافٍ ليتحقق معنى الاستقامة.
ونذكر قول ابن تيمية: (أعظم كرامة لزوم الاستقامة). وقول الإمام القشيري: واعلم أن الاستقامة توجب دوام الكرامات.
يُحكى أن الإسكندر قال لحكماء الهند: لِمَ صارت سُنن (قوانين وشرائع) بلادكم قليلة؟ قالوا: لإعطائنا الحق من أنفسنا، ولعدل ملوكنا فينا، فقال لهم: أيهما أفضل، العدل أم الشجاعة؟ قالوا: إذا استُعمل العدل أغنى عن الشجاعة.
وملامحها: من أهم ملامح الاستقامة العدل: الاستقامة، وقد وردت آيات كثيرة تأمر بالاستقامة وتحث عليها، الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها وهي الطريق إلى العدل المطلق فلزوم الاستقامة حاجة ملحة في واقعنا هذا.
قال ابن القيم : سمعت شيخ الإسلام يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.
وقال أيضاً: الاستقامة ضد الطغيان، وهو مجاوزة الحدود في كل شيء.
وأ مبدأ الاستقامة الدرع الحامية وهي الصاد في مواجهة الانحدار لأفعال غير سوية والبقاء على الامور السوية.
الوصية التي لا يُسأل فيها إلا لرسول الله
أتى النووي بحديث جاء فيه: قلتُ: يا رسول الله، قُل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك. قال: قُل آمنتُ بالله ثمَّ استقم.
فلتتصور أن الوصيَّة التي يوصيها النبي ولا يقدر أحد أن يعرفها ويوصي بها غيره هو الاستقامة التي تفعلها في حياتك متى قررت.
وأما العدل: ما إن يُذكر العدل حتى تترجم ملامحه في الأذهان على أنه قيمة من القيم العليا التي يحيا عليها الانسان، والعدل هو سنة كونية جلية واضحة ظاهرة في الخلق الإلهي وثابتة فيما بين المخلوقات حقيقة ثابتة وغاية تندفع إليها النفس الإنسانية، والعدل قانون إلهي وحقيقة ثابتة مقررة في كل الشرائع السماوية والوضعية تطلبها الإنسانية أفراد وجماعات منذ نشأتها إلى يومنا هذا، وتطلب العدالة عندما يلحق الحياة والموجودات من اختلال وفساد وظلم عند تعطيل فعل العدل والسماح لما يناقضه من أفعال لا تنصف الإنسان والتاريخ والكون, فلا تستقيم الحياة الإنسانية في صورتيها الفردية والاجتماعية إلا بالعدل الذي هو أساس الوجود البشري ذاته والذي أساسه الاستقامة.
صفة من صفات الله: وأن العدل قيمة خلقية عليا ومطلب اجتماعي يؤسس للملك العضود وصفة من صفات الله العلا ومن أسمائه الحسنى. قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب).
اذا استقام القضاء استقام العدل واستقامه المجتمع ولذلك القضاء هو اساس العدل واساس بناء الثقه بين الناس وبين السلطات.
والظلم : لا نستطيع ان نتحدث عن العدل من دون الظلم لأن وقع الظلم على انسان أي انسان يجعله لا يرى غيره، ولا يهتم لسواه، ولا ينصرف تفكيره إلا إليه، وقد حُكي أن رجلا قال في حضرة أعرابي: ما أشد وجع الضرس، فقال الأعرابي: (كل داء أشد داء)،فصاحب الداء لا يرى شيئا أشد منه، فلا يرى أنه في عافية ممن هو أشد منه مرضا، وهكذا من وقع عليه الظلم، ينسيه ما حوله من مواطن الخير، ومن ثم يفقد الثقة في مجتمعه ، فيفقد حينها انتماءه لهما، ويصير سعيه مبنيا على تحقيق منفعته الشخصية لا غير، فكيف يتوقع من مثله أن يهتم بالمصالح العامة، أو أن يكون عنصرا فعالا في بناء مجتمعه؟
وهذا لويس ملك فرنسا: يذكر التاريخ موقفَ ملك فرنسا لويس الرابع عشر عندما قال له أحد الحكماء: "جلالة الملك، هكذا تقضي الشريعة ويقضي القانون"، فأجابه: "أنا الشريعة وأنا القانون".
وهذا عمر بن عبد العزيز: وهذا عمر بن عبد العزيز وعدله وإليك هذه الصور من عدله فتورد ما رواه الآجري من أن رجلاً ذمّياً من أهل حمص قدم على عمر، فقال: يا أمير المؤمنين: أسألك كتاب الله عز وجل، قال: وما ذاك، قال العباس بن الوليد بن عبد الملك: اغتصبني أرضي ـ والعباس جالس ـ فقال له: يا عباس ما تقول؟ قال: أقطعنيها يا أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وكتب لي بها سجلاً، فقال عمر: ما تقول يا ذمي؟ قال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله عز وجل. فقال عمر: كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد بن عبد الملك، فأردد عليه يا عباس ضيعته فردها عليه.
والنبي الأكرم:ى وقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام نوه بأثر العدل في الممالك فقال: "ولدت في زمن الملك العادل"،يعني أنوشروان،ولما أراد أن يحمي أصحابه من ظلم قومه قال لهم: "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه".
فهل قرأتم بأن " العدل أساس الملك".
من هنا وهناك
-
مقال: هل أمريكا العظمى في طريق الانهيار مثل الاتحاد السوفيتيّ ؟ بقلم : المحامي زكي كمال
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - ممالك وجمهوريات
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
التعقيبات