تفسير قول الله تعالى: فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا
السؤال: هل معنى قوله -تعالى- في سورة المؤمنون: فكسونا العظام لحما. أن اللحم كان كسوة للعظم، ولا يلزم بقاؤها حينا غير مكسوة. فقد قرأت هذا في تفسير ابن عاشور.
صورة للتوضيح فقط - تصوير:urbazon - istock
فهل يصح هذا القول؟
وهل إذا وجدت شبهة، أرد علمها إلى الله تعالى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى قول الله تعالى: فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا {المؤمنون:14}، -كما قال أهل التفسير-: فألبسنا العظام لحما، وأنبتناه عليها؛ ليكون ساتراً لها كاللباس، أو جعلنا اللحم كسوة للعظام، كما جعلنا العظام عمادا للحم.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وَخَلْقُ الْمُضْغَةِ عِظَامًا هُوَ تَكْوِينُ الْعِظَامِ فِي دَاخِلِ تِلْكَ الْمُضْغَةِ، وَذَلِكَ ابْتِدَاءُ تَكْوِينِ الْهَيْكَلِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً، بِفَاءِ التَّفْرِيعِ..
فَمَعْنَى فَكَسَوْنَا: أَنَّ اللَّحْمَ كَانَ كَالْكِسْوَةِ لِلْعِظَامِ، وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الْعِظَامَ بَقِيَتْ حِينًا غَيْرَ مَكْسُوَّةٍ. اهـ.
وأما قولك: فهل يصح هذا القول؟ تعني به قول ابن عاشور: أن ذلك -يعني كسوة العظام لحما- لا يقتضي أن العظام بقيت حينا غير مكسوة لحما؛ فإن الأطباء يقولون إن العظام تتكون داخل الغشاء وداخل الغضروف ما بين الأسبوعين السادس والسابع، وتستمر في ذلك حتى الأسبوع الخامس والعشرين، مع وجود بعض التفاوت فيما بين الأفراد. وانظر الفتوى: 30257. وما أحيل عليه فيها.
وأما ردُّ العلم إلى الله -تعالى- في كل شيء، وفيما يشتبه أو لا يُعلم. فهذا دأب السلف الصالح وأدبهم، ولذلك كان من أدب العلماء والمفتين أن يقولوا في أجوبتهم وختام فتاويهم: والله أعلم.
قال النووي في المجموع: فَمِنْ عِلْمِ الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ فِيمَا لَا يَعْلَمُ: لَا أَعْلَمُ، أَوْ اللَّهُ أَعْلَمُ: فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ: اللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وهذا الأثر رواه البخاري في صحيحه.
والله أعلم.
من هنا وهناك
-
حكم التصوير الفوتوغرافي والرقمي والاحتفاظ بالصور المطبوعة والرقمية
-
تأويل طلوع الشمس من مغربها بتعظيم الحضارة الغربية واتباعها
-
الصلاة في بنطال شفاف فوقه ثوب
-
حكم الطلاق المعلق حال الغضب الشديد
-
حكم قراءة القرآن جماعة قبل خطبة الجمعة
-
بيع المصوغات الذهبية بالآجل بين منع الجمهور، وإباحة بعض الحنابلة
-
هل الأولى بناء مسجد أم بناء بيت للأولاد ؟
-
حكم تصرف المخطوبة في شبكتها
-
مسؤولية الطبيب الشرعية إذا أغفل إجراء طبيا
-
التقلل من الدنيا أفضل من الاستكثار منها
أرسل خبرا