قصة الأمير صاحب العين الواحدة
في إحدى الممالك العظمى والتي تقع خلف البحار، كان يقع احتفالا عظيما للانتصار على العدو والذي أنهك قوى البلاد لمدة خمسة عشرة أعوام،
الصورة للتوضيح فقط-تصوير: iStock-evgenyatamanenko
حتى جاء الأمير “نور الزمان” وقام بتجهيز جيش عظيم بالخفاء، وانطلق مدافعا عن أرضه، ودارت بينهما معركة شرسة للغاية فقد إثرها الأمير عينه وقدمه والكثير من رجاله المخلصين وأبناء أرضه، ولكنه في النهاية حصد ثمار جهاده وكفاحه بأن انتصر على العدو اللعين.
ذهب الكل لتهنئة الأمير بالفوز، ولكن أشفق على حالته كل من رآه، استاء الأمير “نور الزمان” من حالته التي وصل إليها وخاصة عندما رأى رد فعل الناس عند رؤيته؛ في هذه الأثناء كانت هناك طفلة صغيرة لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها، كانت تحثها والدتها على الإسراع حتى تحصلا على مكان قريب من الأمير لتهنئاه على انتصاره وفوزه العظيم، وإسعاد شعبه من جديد بعد ألم دام بقلوبهم لسنوات، فقد كان العدو يفعل بهم أشنع الأفعال، لقد كانوا يسفكون الدماء ويذبحون الأطفال وينتهكون كل عرض النساء، لقد سعوا في الأرض الفساد.
كانت حينها الفتاة الصغيرة ترسم بالفرشاة وألوانها لوحة فنية ما أجملها، لقد رسمت وردة جميلة ولكن تغطيها الأشواك من كل اتجاه، نعتت والدتها لوحتها بالعبث وأنى لها ترسم أشواكا وتدعي بأنها لوحة جميلة، لم ترى جانب اللوحة الفني والذي رسمت لأجله، استاءت الفتاة على الرغم من صغر سنها ولكنها لم تتجادل مع والدتها، ارتدت ملابسها وذهبت معها لقصر الأمير لتهنئته.
وهناك أول ما رأتا الأمير حزنتا لحاله كثيرا، كان كل من يراه لا يستطيع إخفاء نظرة الحزن في عيونه، استاء حال الأمير أكثر فأكثر وخاصة أنه كان يفكر في كيف له أن يضع صورته على حائط البطولات، حتى يخلدها كذكرى سامية وبطولية للأجيال من بعده.
كان كلما نظر لحائط البطولات استاءت حالته وأعياه الحزن، فكر في طريقة للتخلص من شعوره، أعلن عن مكافئة مالية ضخمة للرسام الذي بإمكانه رسم صورة جميلة تبين إنجاز الانتصار بالمعركة ضد العدو، وجاءوه الفنانون من كل مكان يبتغون رضاه، وكل منهم قد رسم لوحته وما إن بدأ يظهرها للأمير تسوء حالة الأمير أكثر فأكثر، حتى أن الأمير من كثرة الأحزان التي ألمت بقلبه بات طريح الفراش.
وبدلا من دخول الرسامون عليه أصبح الأطباء هم من يتبادلون عليه الأدوار، وكل منه يسعى جاهدا في الوصول للدواء المناسب لشفاء الأمير وإزاحة كل فم حل به؛ وبعد مرور ثلاثة أسابيع طلبت الفتاة الصغيرة من والدتها أن تذهب معها للأمير…
الفتاة الصغيرة: “أمي إن معي الدواء الذي سيشفي بإذن الله الأمير من كل أوجاعه وأسقامه”.
تعجبت والدتها: “وأنتِ أيتها الصغيرة ستتمكنين من فعل ما عجز عنه كل الأطباء؟!”
الفتاة الصغيرة: “اذهبِ معي وسترين بنفسكِ يا أمي العزيزة الغالية”.
وبالفعل ذهبتا للأمير، وما إن وصلت الفتاة الصغيرة حتى أخرجت اللوحة الفنية التي معها وأظهرتها للعلن، لقد رسمت الأمير وقد كان يمتطي جواده، وأظهرته بجانب واحد والذي به العين السليمة، أما عن رجله الذي قطعت في المعركة، فكانت تظهر نصف جسده وهو على حصانه الأبيض الجميل، اندهش الأمير من التفكير الإيجابي لطفلة صغيرة مثلها، تفكيرها عجز كثير من أصحاب الأعمار الطويلة والخبرات الواسعة عن نهجه.
استطاعت أن ترسم البسمة على شفاه الأمير الذي سر كثيرا بفعلتها…
الأمير: “كيف فكرتِ بهذه الطريقة الجميلة؟!”
الفتاة الصغيرة: “يا مولاي إنك جميل ووسيم للغاية، علاوة على كونك بطلا خلصتنا من بلاء عظيم، كيف ننسى كل هذه الأمور الجيدة ونركز على السلبي فقط؟!”.
أمر الأمير بجعلها ترسم نفس لوحتها على حائط البطولات، شفي الأمير تماما من أٍقامه على الرغم من تأكيد جميع الأطباء بدنو أجله، ولكنه فاق كل التوقعات واستطاع مواصلة إنجازاته ببلاده وبمملكته العظيمة، وتم بنائها من جديد بأيدي أبنائها بعضهم لبعض، والأمير حقق بهم الانتصار في النهوض بهم من جديد للرفعة والعزة والشرف.
المغزى:
لابد لنا أن نركز على النقاط الإيجابية حتى تحلو الحياة في نظرنا، والكلمة الطيبة صدقة وأثرها سحري على القلوب.
أرسل خبرا