تصوير المنظمين
 
والتي تم تقديمها في فضاءات مختلفة في جنين وطولكرم ورام الله والقدس، بدعم من مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية، بمشاركة مجموعة من الفنانات والفنانين في فلسطين والعالم.
وكان مسرح الحرية قد أعلن عن انطلاق المهرجان المسرح النسوي من خلال لجنة المهرجان والمؤلفة من الممثلات الفلسطينيات؛ رنين عودة، فداء زيدان، ومريم الباشا الى جانب المخرجة البريطانية زوي لافيرتي والفنانة الامريكية نويل غصيني، حيث أشار المسرح الى ان المهرجان يعتبر حدثا فنيا فلسطينيا يتكون من سلسلة من المسرحيات التي تقدم في إطار نسوي يتضمن تعليقاً وتحليلاً لواقع المرأة الفلسطينية مترافقاً مع الدعوة للاستمرار بالنضال من أجل المساواة بين الجنسين، من خلال تعميم مفهوم النسوية في المجتمع الفلسطيني، مع الاطلاع على دور المرأة في بيان الاختلافات الثقافية والعدالة الثقافية واللامركزية وربطها بالسياق الثقافي والاجتماعي والسياسي لفلسطين.
وفي هذا المنحى، قال رنين عودة: "انه ومن خلال الإنتاج الفني فإننا نتحدى المفاهيم الخاطئة حول النسوية الفلسطينية ونعيد تركيز حول جوهر أن النضال من أجل تحرير المرأة هو جزء لا يتجزأ من حركة التحرير الوطني الفلسطيني، فمن الأهمية بمكان أن نحول المسرح إلى منفذ إبداعي للمرأة الفلسطينية للتعبير عن نفسها فنيا وفكريا في مساحة تواصل حرة ومتعددة " .
وقد اختتم مسرح الحرية فعاليات مهرجان المسرح النسوي، بعرض ستاند اب كوميدي "No Cheri" للممثلة التلحمية شريهان الحذوة في دار قنديل للثقافة والفنون بمدينة طولكرم، وهذا العرض الكوميدي إنتاج مسرح الحارة، قدمته فنانة كفيفة تتمتع بحس فني فكاهي يتحدث عن الإعاقة كإحدى المعيقات التي يضعها الإنسان لنفسه وتمنعه من تحقيق أحلامه.
وكان سبق هذا العرض سلسلة من الفعاليات الثقافية كان في مقدمتها العرض المسرحي العربي "هناء" للفنان العراقي السويدي ضياء حجازي شاهر والذي تم تقديمه على خشبة مسرح الحرية في مخيم جنين، وهو عرض مونودراما مسرحية يتحدث عن حكاية امرأة عاشت معاناة التعرض لفعل شنيع هو "الختان"، وهي ما زالت يافعة، وتزداد معاناتها بعد قرار الأهل تزويجها من رجل غريب، وهي مازالت صغيرة السن، وقد تم تقديم العرض الى جانب جنين في القدس بالمسرح الحكواتي ورام الله بالمسرح البلدي.
وأوضح الفنان ضياء حجازي أن عرض "هناء" بوح لامرأة حرمت الحق في الحياة، والذي يتناول حياة امرأة كانت تحلم ككل الفتيات بالحب وبحياة عاطفية وجنسية طبيعية، لكن العنف النفسي والجسدي المباشر الذي يشكله تشويه جزء من جهازها التناسلي وحرمانها من حق أساسي من حقوق المرأة، ومن ثم زجها في بيت زوجية موحش يمارس فيه الرجل كل أشكال العنف ضدها، يحطم كل أمل لديها في أن تعيش حياة طبيعية، خاصة بعد هجر الزوج لها، بعد سنوات من الاهانة والاذلال.
وقد توالت الفعاليات في جنين ومخيمها بالتعاون مع مسرح شظايا ومتجر كافكا التجاري والملتقى الثقافي الفلسطيني "وطن"، حيث تمت استضافة الفنانة والمؤدية البريطانية شريفة انرجي لادارة ورشة في الكتابة الإبداعية بالتركيز على الشعر والكلمة المنطوقة بهدف تشجيع المواهب الفلسطينية لتغطية المواضيع المتعلقة بالصحة العقلية وتحسين احترام الذات، الى جانب تقديمها قراءتها وادائها للشعر في جنين ومركز خليل السكاكيني في رام الله، تكريماً لأصوات النساء الملونات عبر استخدام المحكيات وروايتها كوسيلة لتعريف العالم بنضالات النساء الفردية وأحلامهن وقصصهن المخفية بعيدًا عن العالم، واختتمت شريفة نشاطها المكثف بتقديم هدية شعرية موسيقية بعنوان "اسود جنين الـ٦ ".
كما شاركتنا الفنانة التشيلية أليخاندرا سايز أرايا تجربتها الابداعية ضمن المسرح التجريبي للاجابة على سؤال عن ماهية أنماط الحياة، حيث عمدت أليخاندرا من خلال إقامتها الفنية في مسرح الحرية ضمن المهرجان المسرحي النسوي الى مقابلة مجموعة أفراد متنوعين من المجتمع الفلسطيني الذين يسكنون جنين ومخيمها، بهدف دراسة العلاقة بين الفنون الأدائية والمنطقة، بالبحث المقارن في طرق الحياة المختلفة بين مواقع متنوعة حول العالم، خاصة في فلسطين على أرض يسعى الاحتلال لمحوها عن خريطة العالم.
فيما قدمت الفنانة الالمانية داون باتريشيا روبنسون عرضها الفني "المتاعب" والذي يتحدث عن المشكلة والصراع ضمن إقامتها الفنية في مَسرح الحرية، وهو العرض الذي يستعرض رواية نسوية عن أسطورة يونانية تجمعنا بـ "ميديا" سيئة الصيت والسمعة في بداية تشكل أسطورتها، حيث يأتي عرض في طرح مجموعة من التساؤلات عن المحيط الاجتماعي والتركيبات المشكلة للمجتمع وعن الحقيقة والصور النمطية في محاولة تقريب للوصول للاجابات.
ومن حيفا قدمت الفنانة لنا زريق عرضها الكوميدي "أم لحقة" من انتاج مسرح سرد، وهو يستعرض بشكل كوميدي الحياة التي تعيشها كل أم، من العمل الى متاعب البيت والتحضيرات المستمرة للحصول على برنامج الكمال اليومي كاشفة عن صراع واقعي بين كيانها كأمراة ومهماتها متعددة الوظائف والألقاب.
يشار إلى أن مهرجان النسوية تضمن مجموعة من فعاليات الفنون البصرية كالعرض المسرحي المصور  " احنا كمان هون … نساء فلسطين " وهو عمل فني انتاج مسرح الحرية ٢٠١٩، يعبر عن احتجاج النساء العاجل للمطالبة بمستقبل متساوي في فلسطين، مستوحى من مسرحية "النساء المتضرعات" أحد الأساطير الإغريقية الأدبية لـِ اسخيليوس (روائي مسرحي تراجيدي يوناني) مع تجاوز للنص الأصلي ومحاكاته بما يرتبط بالقصص الشخصية ذات الحضور القوي بالتعبير عن الفتاة الفلسطينية، كموضوعات تتناول التحرش، والتعليم، وحرية اختيار شريك الحياة وأحلام المستقبل للفلسطينيات، كما تم عرض فيلم "أرض ميتة" للمخرجة امجاد هب الريح ومن إنتاج شاشات سينما المرأة، الى جانب افتتاح معرض لوحات فنية بعنوان "جنينيات"، وذلك بهدف اظهار طاقات الفتيات في جنين بمجال الفنون البصرية المعبرة عن القضية الفلسطينية بعيون النساء.
فيما تعذر تقديم عرض مسرحية "فنتولين العودة" للفنانة بيان شبيب وإنتاج مسرح عشتار، والنقاش النسوي والذي كان من المقرر اجراءه في مسرح وسينماتك القصبة بمدينة رام الله، بسبب الاقتحامات العسكرية للاحتلال المستمرة في جنين، والتي سببت استشهاد واعتقال العديد من الشبان، مما شكل عائقاً كبيراً امام امكانية استمرار بعض الانشطة التي كانت مقرة ضمن فعاليات مهرجان المسرح النسوي في دورته التجريبية.
احمد طوباسي المدير الفني لمسرح الحرية يعلق على مبادرة المهرجان في دورته الحالية: أن هذا الحدث يأتي ليسلط الضوء على مفهوم النسوية في الوقت الذي تلعب فيه النساء الفلسطينيات أدوارًا حاسمة في تشكيل وتنفيذ الرؤية السياسية والاستراتيجيات والتكتيكات وصنع القرار، إلا أن المعايير الثقافية المحافظة وعدم وجود فرص مجدية للمرأة للانخراط على مستوى المجتمع تؤدي إلى تهميش المرأة الفلسطينية، حيث انه غالبًا ما يتم استبعاد النساء من غير النخبة والشابات على وجه الخصوص من العملية السياسية، ويتم حرمانهن من الوصول إلى المعرفة الأساسية بحقوقهن المدنية، مما يحد من قدرتهن على التعبير عن آرائهن المجتمعية.
فيما عبر المدير العام لمسرح الحرية مصطفى شتا عن فخره بإطلاق المسرح لهذه الدورة التجريبية من المهرجان المسرحي النسوي في تظاهرة فنية تسلط الضوء على الفكر النسوي كمنصة يتم النظر منها للقضايا المجتمعية من خلال عيون النساء، باستعراض إبداع المرأة في إطار نسوي من خلال المسرح كمحطة لبناء جسور ثقافية تشبيكية بين الناشطات/الناشطين في النسوية مع تحقيق أكبر قدر من التنوع والعدالة، على قاعدة تركز على وجود اصيل للنسوية الثقافية والتقييم الايجابي للتجربة بالنظر إلى تطور الحيز الزمكاني للنساء عموماً وللمرأة الفلسطينية خصوصاً، بما يوفر قواعد الوحدة والتضامن والهوية المشتركة على المستوى المجتمعي ككل، ويسهم في بناء ثقافة نسوية مشتركة تنتقد السلوكيات التقليدية الذكورية القائمة على العدوانية ذات القدرة التنافسية والهيمنة خاصة في مجالات الاقتصاد والسياسة، شاكراً المكتب الإقليمي لمؤسسة روزا لوكسمبورغ في فلسطين والأردن على مشاركتهم هذه المغامرة ودعم التجربة.

[email protected]استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ