روسيا تسعى للاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في سوريا
02-03-2025 11:23:18
اخر تحديث: 02-03-2025 13:30:00
(رويترز) - لسنوات كان جنود من قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا يتجولون بحرية في المدن الساحلية وكانت المقاتلات تنطلق منها لقصف جماعات من المعارضة

المسلحة المناهضة لبشار الأسد ونظامه القمعي.
لكن الوضع لم يعد على تلك الحال بعد سقوط الأسد، إذ تحرس مجموعات صغيرة من هيئة تحرير الشام وجماعات معارضة مسلحة أخرى، باتت الآن تسيطر على البلاد، مداخل حميميم وقاعدة طرطوس البحرية الروسية، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، على بعد نحو 60 كيلومترا إلى الجنوب.
وقال أفراد الحراسة لمراسلين من رويترز زاروا المنطقة الأسبوع الماضي إنهم يرافقون أي قوافل روسية تغامر بالخروج.
وأضاف أحدهم بعد أن طلب عدم ذكر اسمه "يجب عليهم إخطارنا قبل المغادرة".
ومصير القاعدتين، وهما عنصر رئيسي في نفوذ روسيا العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا، في يد رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع.
يريد الشرع إعادة التفاوض على تأجير قاعدة طرطوس لمدة 49 عاما الذي تم في عهد الأسد، وعقد إيجار غير محدد المدة لقاعدة حميميم من أجل التوصل لاتفاق أفضل، لكنه لا يريد إقصاء موسكو كليا فيما يبدو.
وبدلا من ذلك، قد تبقى القاعدتان مقابل دعم دبلوماسي وتعويض مالي من روسيا التي لعبت دورا كبيرا في قطاعي الاقتصاد والدفاع في سوريا على مدى سبعة عقود قبل أن تتدخل في الحرب الأهلية في 2015 وتشارك في الدمار الذي ساعد على إبقاء الأسد في السلطة لسنوات.
في ديسمبر كانون الأول سقط الأسد وفر إلى روسيا من قاعدة حميميم. أما القيادة السورية الجديدة، التي تتشكل من جماعات إسلامية كانت يوما هدفا لضربات جوية روسية مكثفة، فتتفاوض الآن مع موسكو.
وتحدثت رويترز من أجل هذه القصة إلى ثمانية مصادر سورية وروسية ودبلوماسية أبلغوها بتفاصيل لم تنشر من قبل عن أول اجتماع رفيع المستوى بين الشرع ومبعوث للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما في ذلك مطالبات تتعلق بديون تصل قيمتها لمليارات الدولارات ومستقبل الأسد وإعادة أموال سورية يقال إنها في روسيا.
وطلبت المصادر عدم ذكر أسمائها ليتسنى لها التحدث عن مسائل حساسة.
ومن شأن وضع العداوة جانبا أن يفيد الطرفين. فعلى الرغم من تخفيف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لبعض العقوبات المفروضة على سوريا، تصعب القيود المتبقية القيام بأعمال تجارية مع البلد الذي مزقته وأفقرته الحرب وعدد سكانه نحو 23 مليون نسمة.
إن استعادة الإمدادات الروسية التقليدية من الأسلحة والوقود والقمح قد تكون بمثابة شريان حياة للبلاد. وقال دبلوماسي مقيم في دمشق لرويترز إن ذلك يجعل قادة البلاد على استعداد "لمد أيديهم بالسلام حتى لأعدائهم السابقين".
ترى آنا بورشفسكايا من معهد واشنطن أن "موسكو لا يزال لديها ما تقدمه لسوريا" وهي قوية ومتجذرة بصورة لا يمكن تجاهلها.
وقالت "روسيا تحتاج ببساطة حكومة في دمشق تضمن مصالحها وستكون مستعدة لعقد اتفاق مع تلك الحكومة".
وقال مصدر في وكالة إغاثة تابعة للأمم المتحدة إن روسيا لم تصدر أي حبوب إلى سوريا في عهد الإدارة الجديدة.
لم يقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكثير عن سوريا منذ أن تولى منصبه لكنه يسعى لإصلاح العلاقات مع موسكو. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه مع رحيل الأسد هناك فرصة سانحة أمام سوريا "كي لا تخضع بعد الآن لهيمنة إيرانية أو روسية تزعزع استقرارها".
لكن إسرائيل حليفة الولايات المتحدة تريد من روسيا البقاء كحائط صد للنفوذ التركي وفقا لما أوردته رويترز يوم الجمعة.
وقال اثنان من المصادر لرويترز إن الشرع سعى في الاجتماع الذي عقد في 29 يناير كانون الثاني في دمشق إلى إسقاط ديون روسية من عهد الأسد.
وقال محمد أبازيد وزير المالية السوري الشهر الماضي إن سوريا، التي لم تكن مثقلة بأي ديون أجنبية تقريبا قبل الحرب، مدينة حاليا بما بين 20 و23 مليار دولار من الديون الخارجية دون أن يحدد كم منها مستحق لروسيا.
وقال أحد المصادر إن مسؤولين سوريين أثاروا خلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات مع ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي مسألة أخرى مهمة، وهي عودة الأسد لسوريا لكن الحديث في الأمر كان فقط بصورة عامة مما يشير إلى أنها لن تمثل عقبة رئيسية في طريق إعادة بناء العلاقات.
وقال مصدر روسي كبير إن بلاده لن توافق على تسليم الأسد ولم يطلب منها ذلك.
وذكر دبلوماسي مقيم في سوريا مطلع على المحادثات في سوريا أن الشرع حث أيضا بوجدانوف على إعادة أموال سورية تعتقد حكومته أن الأسد أودعها في موسكو لكن الوفد الروسي نفى وجود مثل تلك الأموال.
ولم يرد مكتب الشرع ولا مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض على طلبات من رويترز للحصول على تعليق.
وفي بيان صدر بعد الاجتماع، قالت الحكومة السورية إن الشرع شدد على أن العلاقات الجديدة تتطلب معالجة الأخطاء السابقة وطالب بتعويضات عن التدمير الذي تسببت فيه روسيا. وقالت كل المصادر إن الاجتماع سار بشكل سلس نسبيا. ووصف الكرملين مكالمة هاتفية جرت بين الشرع وبوتين قبل أسبوعين بأنها بناءة.
ولدى سؤاله من رويترز يوم الثلاثاء عما إذا كانت المحادثات بين موسكو ودمشق عن مصير القاعدتين العسكريتين تحرز تقدما، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "مستمرون في تواصلنا مع السلطات السورية... لذلك دعونا نقول إن العملية جارية".
ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب للحصول على تعقيب.
وقال سيرجي ماركوف، وهو مستشار سابق للكرملين، هذا الشهر إن الأمور تبدو جيدة بالنسبة لموسكو.
وكتب على تيليجرام "السلطات السورية الجديدة لا ترى روسيا دولة معادية. لكن على روسيا أن تفعل شيئا للحكومة السورية مقابل القاعدتين".
معضلة سوريا
في مقابلة مع قناة العربية الإخبارية السعودية في أواخر ديسمبر كانون الأول، أقر الشرع بأن "هناك مصالح استراتيجية عميقة" بين سوريا وروسيا، التي زودت على مدى عقود الجيش السوري المنحل حاليا بالأسلحة ووفرت التمويل لمحطات طاقة وسدود وبنية تحتية رئيسية أخرى.
ومن جانبها، فإن موسكو عازمة على الحفاظ على قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر المتوسط في ظل وجود قوات أمريكية في شمال شرق سوريا وقوات تركية في الشمال وقوات إسرائيلية في جنوب البلاد.
ومن شأن ذلك مساعدة موسكو على الاحتفاظ بتأثير سياسي وسط صراع دبلوماسي يهدف إلى كسب نفوذ في دمشق بعد سقوط الأسد.
والتقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره التركي في أنقرة يوم الاثنين. وقال مصدر تركي إن محادثاتهما شملت سوريا. ولم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب للتعليق.
وتريد دمشق تعويضات عن الدمار الذي خلفته الحرب. ووفقا للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، من المتوقع أن تبلغ تكاليف إعادة الإعمار 400 مليار دولار.
وقال مصدر مطلع على وجهة نظر روسيا في هذا الشأن إن من غير المرجح أن تقبل موسكو المسؤولية ولكنها ربما تقدم بدلا من ذلك مساعدات إنسانية.
وفي ديسمبر كانون الأول، عرض بوتين استخدام القاعدتين مركزين لتوصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وقال سفير موسكو لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن تحالف روسيا مع سوريا "ليس مرتبطا بأي نظام". وقال المصدر من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إنه لا علم لهم بأي مساعدات جرى نقلها من خلال القاعدتين.
ومصير الأسد وشركائه الذين فروا إلى موسكو مسألة حساسة. وقالت المصادر الروسية والدبلوماسية إن روسيا لا تزال تمانع في تسليم الأسد، وتصر في نفس الوقت على الاستمرار في تحالفاتها.
وقال المصدر الروسي الكبير "لا تتخلى روسيا عن الناس ببساطة لأن الرياح تغير اتجاهها".
دمار
اندلعت الحرب الأهلية في سوريا قبل ما يقرب من 14 عاما بعد احتجاجات على حكم الأسد الاستبدادي، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص ونزوح نحو 13 مليون نسمة وتدمير مناطق كبيرة من البلاد.
وخلال السفر برا من دمشق إلى القاعدتين الروسيتن تقف مناطق بأكملها شاهدا كئيبا على الغارات الجوية السورية والروسية. فقد تهدمت مبانيها أو تحولت إلى أنقاض.
وعلى الجانب الآخر من الطريق من قاعدة حميميم الجوية، جلس أصحاب المتاجر في أكشاك الطعام الخاوية وهم يندبون ظروفهم المزرية في المدينة المتهدمة.
وفي أسواق البلدة، تضع متاجر لافتات باللغة الروسية، لكن كما قال سكان، لم يعد الجنود يزورون المقاهي أو يترددون عليها.
وقال صاحب محل لبيع الشطائر مقابل القاعدة "كان الجنود الروس يأتون إلى هنا لشراء البيرة والويسكي والمشروبات الأخرى، لكن هذا توقف الآن. الآن، يغادرون فقط في قوافل إلى قاعدتهم البحرية. لم يعودوا يتوقفون أو يغامرون بالخروج بعد الآن".
(شارك في التغطية آندرو أوزبورن وجاي فالكونبريدج من موسكو ومايا الجبيلي من دمشق وجون سبايسر من إسطنبول وحميرة باموق ومات سبيتالنك من واشنطن -إعداد سلمى نجم ومحمود رضا مراد للنشرة العربية - تحرير سها جادو)
من هنا وهناك
-
أوكرانيا: إسقاط 57 من أصل 99 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا ليلا
-
ألمانيا تندد بالمستوطنات الجديدة في الضفة الغربية
-
لأول مرة منذ 22 عاماً : الحرم المكي من دون رافعات بعد اكتمال التوسعة
-
انطلاق محادثات أمريكية روسية في السعودية تتطلع لوقف لإطلاق النار بالبحر الأسود
-
مسؤول أوكراني: غارة جوية روسية على منطقة كييف تصيب شخصا وتلحق أضرارا بمنازل
-
حزب معارض في تركيا يجري تصويتا لدعم ترشح أكرم إمام أوغلو للرئاسة
-
رئيس وزراء بريطانيا: ترامب محق بشأن الالتزام الدفاعي الأوروبي
-
مطار هيثرو يأمر بالتحقيق في سبب الإغلاق وتأخيرات لأيام تنتظر المسافرين
-
مصر تدعو لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة
-
الجيش الأوغندي يقول إنه قتل 242 متمردا في شرق الكونجو الأسبوع الماضي
أرسل خبرا