الذي يُعدّ مرجعًا شاملاً يقدّم صورة تفصيلية عن الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والتعليمية لهذه الشريحة الحيوية من المجتمع.

الكتاب يُبرز أهم المؤشرات الإحصائية التي تعكس التحديات والفرص التي يواجهها المجتمع البدوي، ما يجعله أداة مهمة للباحثين وصناع القرار لتوجيه الجهود نحو تحسين الخدمات والبنية التحتية وتعزيز التنمية المستدامة. وجاء إصدار الكتاب ضمن مؤتمر عُقد في القصر الثقافي في رهط حضره نخبة من رؤساء السلطات المحلية بالشراكة مع بلدية رهط، إلى جانب باحثين ومهتمين بقضايا المجتمع البدوي.

للحديث أكثر حول هذا الموضوع ، استضافت قناة هلا في بث حي ومباشر د. منال حريب مديرة مركز الأبحاث "نقبية". وقالت د. منال حريب في حديثها لقناة هلا : " لاصدار الكتاب أهمية كبيرة في المجتمع العربي بشكل عام وللمجتمع العربي البدوي في جنوب البلاد بشكل خاص ، حيث أن المجتمع العربي البدوي يعاني من نقص حاد في المعطيات لأن دائرة الاحصاء المركزية في استطلاعاتها وأبحاثها لا تغطي جميع المجتمع البدوي، حيث أن عينات لجنة الإحصاء المركزية لا تمثل المجتمع البدوي وهذا الامر تصرح به دائرة الإحصاء المركزية ، الأمر الذي يعيق تطوير برامج فعالة للمجتمع البدوي ويعيق أيضا عمل السلطات المحلية ، لانه ينقص هذه السلطات برامج تدخل من أجل المجتمع البدوي ، إضافة الى نقص معطيات وبيانات ممكن أن تساعد في أن تكون التخطيطات والبرامج مستندة على الواقع الحقيقي للمجتمع البدوي، وليس على فجوات معيقة في المعطيات " .

وأضافت د. منال حريب : " الكتاب يسلط الضوء على الكثير من المعطيات الإحصائية ، خاصة ان اخر كتاب إحصاء سنوي أصدر للمجتمع البدوي كان في عام 2010 وبهذا فنحن نتحدث عن فترة طويلة جدا لم توثق في المجتمع البدوي . ومن ناحية التعداد السكاني فنحن نتحدث عن 304513 مواطنا ، 28 % منهم يعيشون في القرى غير المعترف بها ، أي ما يقارب 87 ألف مواطن . أيضا هناك 63% يعيشون في 7 بلدات بدوية و 9% يعيشون في مجلسين اقليميين وهما واحة الصحراء والقسوم . كما أن المجتمع البدوي بين 2012 و2022 ضعاف نفسه تقريبا ، حيث أن نسبة الزيادة السنوية للمجتمع البدوي هي 3.8% ومعدل الولادات للمرأة في المجتمع البدوي هو 4.6% وهي النسبة الثانية في البلاد بعد المجتمع اليهودي المتدين . نحو 51% من المجتمع البدوي هم من الأطفال تحت جيل 18 عاما ، وهو ما يعني أن 54% من المجتمع البدوي متعلقين بأشخاص اخرين لإعالتهم ، كما يعتبر المجتمع البدوي صغير السن كون الأغلبية من الأطفال وهذا يؤثر على القوة العاملة فيه التي تمثل نحو 46% " .

"معدل البطالة في المجتمع البدوي أعلى بنحو خمسة أضعاف مقارنة بالمجتمع اليهودي"

وتابعت د. منال حريب : " نحو 23% من المجتمع البدوي هم أصحاب دخل ويعيلون المجتمع البدوي كافة ، لكن اذا نظرنا الى أجور هؤلاء فإننا نجد أن نحو 60% منهم تحت الحد الأدنى للأجور . وبالنسبة للبطالة فان كل البلدات البدوية موجودة في اعلى سلم البطالة". ومضت قائلة: "معدل البطالة في المجتمع البدوي أعلى بنحو خمسة أضعاف مقارنة بالمجتمع اليهودي، وبثلاثة أضعاف مقارنة بالمجتمع العربي بشكل عام. بين عامي 2014 و2018، لاحظنا ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة الأجيرين أو الموظفين الذين تقل أجورهم عن الحد الأدنى. هذا الارتفاع كان مؤشرًا على أن الأزمة الاقتصادية في المجتمع البدوي في النقب تتفاقم منذ سنوات. وعند مقارنة وضع سوق العمل قبل جائحة كورونا وبعدها، بالإضافة إلى تأثير الحرب الأخيرة، وجدنا أن نحو 8.6% من الأجيرين والموظفين غادروا سوق العمل. هذا مؤشر خطير، حيث إن جائحة كورونا ضاعفت الأزمة الاقتصادية، والحرب الأخيرة بدأت في وقت كان فيه المجتمع البدوي يواجه ظروفًا اقتصادية شديدة الصعوبة."

"نسبة التسرب من المدارس أكبر بكثير من النسبة التي تعلنها وزارة التربية"

وأشارت منال حريب الى "أنه في مجال التربية، كشفت المعطيات عن أمر لم يُتداول بشكل كافٍ: هناك فرق بنسبة 16.8% بين عدد الطلاب المسجلين رسميًا في وزارة التربية وعدد الطلاب الفعليين في هذه الفئة العمرية. هذا مؤشر عميق يشير إلى أن نسبة التسرب من المدارس أكبر بكثير من النسبة التي تعلنها وزارة التربية".

وحول المؤتمر الذي عقد في رهط، قالت منال حريب: "شهدنا حضورًا كبيرًا في مؤتمر إطلاق الكتاب، حيث شارك رؤساء سلطات محلية، وباحثون، ومديرون ومديرات برامج، بالإضافة إلى صناع قرار. بالنسبة لهم، يمثل هذا الكتاب مرجعية مهمة توفر لهم آليات للتخطيط والتنفيذ والتعامل مع المؤسسات الحكومية. ما يميز الكتاب هو تقديمه معطيات جديدة ومحدثة تم جمعها من مصادر متنوعة، وهو مشروع تطلب جهدًا كبيرًا، لكنه أضاف قيمة من خلال تحليلات سلطت الضوء على قضايا محورية مثل التسرب من المدارس والتوظيف. ويسلط الكتاب الضوء على قضايا حارقة تمس المجتمع البدوي والمجتمع العربي بشكل عام، مما يتيح لصناع القرار أدوات فعالة لفهم هذه الظواهر والتعامل معها بشكل أفضل".

"المجتمع العربي البدوي يعاني من صعوبات جمة"

وحول أبرز التحديات التي يواجهها المجتمع العربي في النقب، قالت منال حريب: "أولًا، من ناحية الفرص، فإن أول طريق أو خطوة لتخطيط سليم هو مسح الاحتياجات ورصد الواقع. فهذا الأمر الذي توفره المعطيات في كتاب الإحصاء السنوي يمثل أداة لصناع القرار. أما بالنسبة للتحديات التي يواجهها المجتمع العربي، فهي عديدة وتشمل كل المجالات التي تطرق لها الكتاب. فالمجتمع العربي البدوي يعاني من صعوبات جمة، مثل موضوع التشغيل والأجور والتسرب، وأيضًا قضايا المواصلات، اذ أن نحو 55% من السكان في المجتمع البدوي يسكنون في أماكن يكون فيها الاستثمار في المواصلات العامة أقل من 8% من المعدل في البلاد للمواطن، مما يشير إلى واقع صعب للغاية. أيضًا، تظهر صعوبة في المواصلات التي تعتمد على السيارات الخاصة، إذ إنه في المجتمع البدوي، لكل ألف مواطن، يبلغ عدد السيارات حوالي 42% فقط من المعدل العام في البلاد".

"تصاعد بهدم البيوت"

وتابعت قائلة: "فيما يتعلق بموضوع المسكن، كلنا نسمع عن قضية هدم البيوت في النقب، فالأبناء والبنات في المجتمع البدوي يعانون من تصعيد حاد جدًا في هدم المباني. ففي سنة 2023، تم هدم أكثر من 3200 مبنى، وبالمقابل، نجد نقصًا في الوحدات السكنية للبناء. حتى في هذا المجال، تظهر المعطيات أن الوحدات السكنية التي تم المصادقة عليها في جميع البلدات البدوية خلال عامي 2022 و2023 حوالي 3200 وحدة سكنية، وهو عدد يساوي تقريبًا المباني التي تم هدمها خلال العام الماضي. أما بالنسبة للكثافة السكانية داخل البلدات، فقد تبين أن هذا الموضوع في المجتمع البدوي يبلغ تقريبًا ثلاثة أضعاف الكثافة السكانية في المجتمع اليهودي".

[email protected]استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ