هل يجب تدريس الكتابة اليدوية في المدارس؟ وما رأي الأمهات؟
هل يجب أن تشعري بالقلق إزاء موجة الغضب الحالية بشأن استعمال لوحات المفاتيح بدلاً عن أقلام التلوين وأقلام الرصاص والورق في رياض الأطفال؟ هل تشعرين بالقلق إذا كان طفلكِ
صورة للتوضيح فقط تصوير:Wor Jun- shutterstock
في الصف الثالث لا يستطيع كتابة أو قراءة اسمه بخط اليد؟
ماذا عن عاداتك الشخصية؟ هل تكتبين الرسائل بشكل متكرر، أم أنكِ تكتفين بالكتابة على البريد الإلكتروني؟ هل تدوّنين قائمة المشتريات على هاتفكِ أم تكتبينها بخط اليد على قطعة من الورق؟ بالنسبة للمقالات الأطول- تقرير وظيفة، أو مذكرة، أو خطاب إلى المحرر، أو مقال في مجلة، أو مراجعة لمطعم- هل تكون المقالة أكثر إبداعاً وتستدعي تفكيراً أعمق لو كتبتِها أولاً بخط اليد بدلاً عن إملائها عبْر الهاتف أو طباعتها على الكمبيوتر؟
قد تتفاجأين بالإجابات. إليكِ بعض الاكتشافات من علم الأعصاب، للأطفال والكبار على حدٍ سواء، حول فوائد الكتابة باليد، بالإضافة إلى علامات تحذيرية لما قد يحدث إذا تخلصنا من الورق والقلم تماماً.
فوائد الكتابة باليد
بالنسبة لمرحلة ما قبل المدرسة ومرحلة الروضة ومرحلة الصف الأول؛ فإن التعقيد والوقت الذي يقضونه في تعلُّم كيفية إمساك القلم ووضع الورقة وكتابة أسمائهم يدوياً ومطابقة الحروف المكتوبة مع الأصوات للتهجئة، يستحق الوقت والجهد الإضافيين؛ وفقاً لأحدث النتائج في علم الأعصاب والإدراك. تُظهر أبحاث الدماغ أن تعليم الكتابة اليدوية له تأثيرات إيجابية على تعلُّم الحروف وقراءة الكلمات والتهجئة والتأليف.
قد لا تكون هذه النتائج جذابة للعديد من المعلمين الذين يؤيدون الآن التعلُّم الرقمي ولوحات المفاتيح الكهربائية. ومن المدهش أن فوائد الكتابة اليدوية لا تنطبق فقط على الأطفال الذين يطوّرون أسس معرفة القراءة والكتابة في سنوات ما قبل المدرسة والصفوف المبكرة؛ بل وأيضاً في جميع المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وما بعدها. تنطبق فوائد الكتابة اليدوية أيضاً على أيّة كتابة تقومين بها كشخص بالغ. وفيما يلي بعض هذه الفوائد:
تنشيط وتعزيز الدوائر العصبية في الدماغ
إن كتابة الأسماء في مرحلة ما قبل المدرسة، تعمل على تنشيط وتعزيز الدوائر العصبية في دماغ الطفل، المستخدمة في تطوير القراءة والتهجئة، وتساعد في بناء المعرفة الأساسية للقراءة والكتابة. الطفل الذي يكتب بخط يده ولكنه غير قادر على كتابة اسمه الأول عند دخوله مرحلة الروضة، من المرجّح أن يكون متأخراً بالفعل.
هناك العديد من الفوائد لكتابة الأسماء في مرحلة ما قبل المدرسة. إذ يتعلّم الطفل مفهوم أن الكلمة المكتوبة هي تمثيل مرئي لكلمة منطوقة، في هذه الحالة، تمثيل مرئي لاسمه. إن تعلُّم كتابة اسم المرء ليس مجرد إنجاز مهم فحسب؛ بل إنه أيضاً حافز لتعلُّم القراءة والكتابة. يتعلم المبتدئون أن الحروف العربية تمثّل الأصوات، وفي اللغة العربية، هناك الحروف التي تحتوي على اسم وصوت، إنهم يتصورون أن الكتابة العربية تنتقل من اليمين إلى اليسار.
هذه المعلومات يجب معالجتها خلال الأسبوعين الأولين من المرحلة التمهيدية، "الروضة"، أو يتم تدريس هذه الأساسيات الضرورية في المنزل. حيث تُظهر الأبحاث أن تعلُّم أسماء الحروف الساكنة وأصواتها، يكون أسهل عندما يتم إتقانها في مرحلة ما قبل المدرسة في وقت مبكر من تطوُّر اللغة الشفهية لدى الطفل.
تعلُّم الطفل فهم الإشارات
إن الورق المسطّر والأسهم المتسلسلة مفيدة جداً في تعليم الصف الأول. يجب أن يتقدّم طلاب الصف الأول إلى الكتابة على ورق مسطّر، وفي نهاية تأليف قطعة للنشر، يجب أن يكون هناك دليل على نمذجة المعلم الواضحة وممارسة الطالب للكتابة اليدوية. يتم تعليم الطلاب مكان بدء الحرف في المخطوطة باستخدام إشارات الأسهم المتسلسلة للأحرف، كما هو الحال في أسطر الدفاتر.
تعمل على تنشيط الذاكرة
هل يستطيع طفلكِ كتابة الحروف الأبجدية بسرعة وبطريقة واضحة من الذاكرة؟ من المثير للدهشة أن الدراسات أظهرت أن القدرة على كتابة الحروف الأبجدية تلقائياً بالترتيب من الألف إلى الياء بطريقة واضحة ومن الذاكرة، تتنبأ بمهارات الإملاء والتأليف حتى الصف السادس. اطلبي من طفلكِ من الصف الأول إلى السادس كتابة الحروف الأبجدية بأفضل خط يد لديه بأسرع ما يمكن.
إذا رأيتِ أحرفاً غير مقروءة أو غير متساوية من حروف الأبجدية من تلاميذ الصف الأول أو الأطفال الأكبر سناً؛ فهذه إشارة إلى أن الكتابة اليدوية لا يتم تصميمها بشكل صحيح ولا يتم تدريسها بشكل صريح. تشمل العلامات التحذيرية أن بعض الحروف غير مقروءة، أو تبدو كأنها مزيج مربك من الأحرف الكبيرة والصغيرة.
من منظور إدراكي، تكمن المشكلة في أن الطفل ربما لا يمتلك معرفة في الذاكرة طويلة المدى حول كيفية تشكيل الحروف بسبب نقص التعليمات والممارسة. إن استخدام الذاكرة قصيرة المدى للتفكير في كيفية تشكيل الحروف ومطابقتها مع الأصوات، يؤدي إلى إبطاء عملية الكتابة ويشتت انتباه الطفل لاحقاً عندما يسترجع معرفة الحروف للقراءة أو التهجئة أو التأليف. لذلك لا بد من التعليم الإملائي، وتخزين الحروف الفردية ومجموعات الحروف وأنماط المقاطع لاسترجاعها تلقائياً في الذاكرة التي تنمو، لكن لم يتم تدريب العديد من المعلمين على تعليم الكتابة اليدوية والتهجئة المتبادلة. وفي كلتا الحالتين، يحتاج المعلمون والطلاب إلى منهج دراسي لكلّ صف على حِدة، كما هو منصوص عليه في الموارد مثل: كتيبات ممارسة الكتابة اليدوية وكتب التهجئة.
الكتابة اليدوية تحسّن التفكير
تشير مجموعة من أبحاث التصوير الدماغي الحديثة إلى أن قوة الكتابة اليدوية تنبع من التعقيد النسبي للعملية، وكيف تجبر أنظمة الدماغ المختلفة على العمل معاً لإعادة إنتاج أشكال الحروف في رؤوسنا على الصفحة. وفي حين ستُنشر أبحاث أخرى في مجال التصوير الدماغي في المستقبل؛ فإن المقارنة بين ما يحدث عندما ينخرط الأطفال في الكتابة اليدوية وشبكة التعرُّف على الحروف/ قراءتها لدى البالغين، كانت مفيدة للغاية للباحثين وتبشّر بنتائج واعدة لأبحاث مستقبلية.
الكتابة اليدوية مفيدة لكِ أنت كأم
تُعلمنا الكتابةُ اليدوية التباطُؤ والصبر، في الفهم واستيعاب ما يقال، مع تحليله. ومن الفوائد الملموسة للكتابة بخط اليد من قِبل شخص بالغ، أنها تُضفي طابعاً شخصياً على القطعة وتجعلها أكثر حميمية. يمكنكِ مقارنة الوصفة المكتوبة بخط اليد من قِبل جدة كبيرة في العمر، بأخرى مطبوعة ببساطة، أو ملاحظة لإحياء ذكرى مناسبة خاصة، مقابل نسخة رقمية يتم إرسالها بنقرة واحدة.
هل القلم والورقة يعيقان أطفالنا؟
يختلف الأهالي على ضرورة أن يتخلص الأطفال من الورقة والقلم، من عدمه، وتُدلي مجموعة من الأمهات برأيهن في هذه المشكلة:
تقول إحدى الأمهات: "يبدو لي أن هذا مجرد حيلة تسويقية. والفكرة هي أنه بما أننا سمحنا لوقت الشاشة بالاستيلاء على حياة أطفالنا في المنزل؛ فيتعين علينا أن نسمح بحدوث ذلك في المدرسة أيضاً. ورغم أنني أتفق على أن نظام التعليم العام يحتاج إلى الكثير من التحسين؛ فإن شركة مايكروسوفت التي أجريت معها المقابلة لم تقدّم أيّة بيانات فعلية تدعم فكرتها، بأن استخدام الأجهزة اللوحية بدلاً عن الأقلام والورق، من شأنه أن يحسّن تعليم أطفالنا بالفعل".
رأي أم: "أعتقد أن هناك طرقاً لجعل التدريس أكثر تشويقاً وإثارة للاهتمام باستخدام التكنولوجيا. لكن الأطفال مازالوا بحاجة إلى تعلُّم الكتابة والرسم باستخدام أقلام الرصاص. لست متأكدةً من سبب ضرورة اختيار أحدهما أو الآخر، لكنني أعتقد أنه من السخافة أن نتصوّر أنه ينبغي لنا أن نسمح لأطفالنا بالجلوس أمام الشاشات طوال الوقت. فهو أمرٌ سيّئ بالفعل! ومع ذلك، فالرياضيات عبْر الشاشات مفيدة أكثر".
رأي أم: "أعتقد أنه يمكننا الجمع بين الورق والقلم مع أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية، وبالتالي توفير بيئة تعليمية ناجحة للغاية. لا أستطيع أن أتخيّل أن نحرم الطفل من جميع أدوات الكتابة ونمنحه جهازاً فقط، نحن نحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدام الأجهزة الإلكترونية. هل سمعت يوماً عن شخص يحد من استخدام الورق والقلم؟ لكنني لا أعتقد أن الأمر بأكمله التسويق؛ فعندما غابت ابنتي لمدة أسبوع، مع ابنتي تمكنت من مواكبة فصلها أثناء حصولهم على المهام ونشرها على Google Drive".
رأي أم: "يحتاج الأطفال إلى تعلُّم الكتابة على الكمبيوتر بقدر ما يحتاجون إلى تعلُّم الكتابة اليدوية (لأنه مَن منا يرغب في العودة إلى توقيعات إكس). كما يحتاج الأطفال إلى تعلُّم مهارات البرمجة والتفكير النقدي. ويحتاجون إلى تعلُّمها في مجالات مختلفة. يشبه الأمر إلى حدٍ ما، إدخال جرو جديد إلى العديد من البيئات المختلفة حتى لا يصاب بالذعر عند اصطحابه إلى المنزل. هناك حاجة إلى الأجهزة الإلكترونية في الفصل، وحاجة أكيدة لقضاء بعض الوقت من دونها. لكن لا يوجد شيء يثبت أن الطالب + التكنولوجيا = تعلُّم أفضل. كل هذا يتوقف على ما يتم فعله بالتكنولوجيا. لا يمكن أن تكون التكنولوجيا جهازاً بديلاً. يجب أن تعمل على تحويل التدريس والتعلُّم (الذي يعتمد على العديد من أساليب التدريس) من أجل الحصول على أبحاث تُثبت أنها حققت تحسناً".
رد إحدى الأمهات: "هناك أشخاص أفضل من المعلمين الذين يقومون بالتدريس؛ لتحديد أفضل طريقة لتعلُّم الأطفال؟ وليس أحد مسؤولي مايكروسوفت الذين يحاولون الترويج لمنتج. أستطيع أن أتصور تماماً كيف أن قضاء وقت طويل أمام الشاشة، قد يكون له نتائج عكسية عندما يكون كلُّ ما يفعله الأطفال هو ملاحقة فيسبوك".
رد إحدى المعلمات: "أنا ممتنة حقاً لامتلاكنا لهذه الأجهزة. لقد تمكّنت من تقديم العديد من الدروس الممتعة والمتنوّعة باستخدامها، ولكنني لا أرتاح لبعض السياسات المعمول بها؛ حيث لا يمكنني استخدام أيّ شيء آخر غير الرقمي. على سبيل المثال: جميع كتبنا رقمية، ومثل العديد من البالغين الذين لا يستطيعون استخدام Kindles، لا يستطيع طلابي التركيز أثناء القراءة من شاشاتهم مقاس 11 بوصة. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الطلاب بخبرة أكبر في استخدام التكنولوجيا مقارنةً بنصف البالغين. كما تحدث حالات التوكيل والغش وما إلى ذلك بشكل متكرر للغاية. حيث يستطيع الطالب نسخ أيّ نص من الإنترنت، وإدخاله في موقع ويب لتحريف المقالات، وسوف يقوم الموقع بتعديل النص بما يكفي؛ بحيث لا يمكن اكتشافه من خلال أدواتنا لمكافحة الانتحال بجدية. ويعاني المعلمون الذين لا يديرون الفصول الدراسية بشكل جيد، من وجود طلاب يقضون معظم وقتهم على موقع يوتيوب أو يلعبون ألعاب الفيديو".
رد إحدى الأمهات: "لا أعتقد، على الأقل مع التكنولوجيا الحديثة، أن هناك بديلاً للتعلُّم بالقلم والورقة. لنفترض أنكِ تعملين على حل مسألة رياضية وتحتاجين إلى رسم مخطط لها- ربما تحتاجين إلى التبديل بين تطبيقين مختلفين، والاستمرار في التنقُّل بينهما بدلاً عن رؤية المعادلة والرسم على نفس الصفحة. بالإضافة إلى ذلك، هناك إغراء لاستخدام الآلة الحاسبة لأبسط العمليات الحسابية- ولكن عدم القدرة على إجراء العمليات الحسابية الأساسية في ذهنكِ، سيضعكِ في العديد من العيوب في الحياة. بالإضافة إلى ذلك، هناك فرصة أقل للتشتت بسبب تصفُّح الويب، إذا كنت لا أدوّن ملاحظات على جهاز. أشعر بالتوتر قليلاً بشأن عواقب تعامُل الأطفال مع الأجهزة الإلكترونية منذ سن مبكر للغاية، قبل أن تتاح لهم الفرصة حقاً للانخراط في أشياء لا تحدث على الشاشة".
من هنا وهناك
-
طرق تعزيز النشاط البدني للأطفال بطريقة ممتعة وفعالة حسب عمرهم
-
أهمية الاسترخاء والتأمل لصحة الحامل والجنين الجسدية والنفسية
-
أهمية اللعب في تعزيز الصحة النفسية للأطفال
-
تجربتي مع المذاكرة لطفلي سبب لتعليمي اللغة الفرنسية: و7 حدود للمساعدة
-
أعراض وأسباب الحساسية الغذائية عند الأطفال.. وأفضل طرق التعامل معها
-
لماذا يكون الأطفال في أغلب الأحيان أكثر إبداعاً من البالغين؟
-
لماذا يؤذي الطفل نفسه؟.. إليك الأسباب والحل
-
تأثير الكافيين السلبي على المراهقين.. وكيف يمكن التخلص منه؟
-
كيف يؤثر صراخك المستمر في وجه طفلك على مستوى الهرمونات في جسمه؟
-
تجارب الأمهات في تعزيز الصبر والتحمل لدى الأطفال
أرسل خبرا