قصة بعنوان ‘الحنين للجذور يعيدنا ‘ - بقلم : الكاتبة اسماء الياس
كنت اجلس على الاريكة وتتلاعب بي الأفكار ويتردد في نفسي سؤال لهذا العالم الذي اصيب بمسٍ من الجنون. واود أن اسأل العالم.
أسماء الياس - صورة شخصية
فهل لي بسؤال؟؟؟
استشف من وراءه. لماذا يحصل كل هذا؟ ولماذا نعيش في دوائر متداخلة بعضها ببعض؟ كأننا نريد سحق بعضنا البعض، أو التخلص من الفئات الفقيرة التي تستجدي الصدقة؟
أعتقد بل أجزم بأن كل الذي يحدث من انتهاكات للبشرية هو نتاج الطمع والسيطرة من قوة عليا، همها التأثير على المجريات السياسية لحياة البشر بالمجمل.
فأنا الإنسان الذي طاف العالم من مشرقه حتى مغربه. تعلمت عدة لغات وتعرفت على الكثير من الثقافات. لكن الذي لم أتعلمه كيف للإنسان أن ينشئ علاقة عاطفية. هذه كانت غائبة عن بالي سنوات طوال. هل السبب عدم توفر الوقت ولا البيئة المناسبة لإنشاء اسرة؟
لكن عندما قررت العودة للوطن والاستقرار به بعد سنوات من السفر، لم يخطر ببالي بأني سألتقي بمن ستكون شريكة حياتي.
في ذلك اليوم استوقفتني سيدة تبلغ من العمر ثلاثين عامًا. شدني جمالها الأخاذ الذي ينضح من بين عينيها، جمالها وأناقتها مختلفان فهي تأخذك لعالم ساحر. قد تستولي على أفكارك على كيانك. لكن رغم كل هذا الجمال الصارخ صممت البدء بالحديث معها ربما استطعت الولوج لعالمها الجميل، في البداية عرفتها على نفسي:
- نضال عامر درست الحقوق في اهم الجامعات الأمريكية "هارفارد" وهي جامعة عريقة. وعينت بعد عدة سنوات من العمل والدراسة قاضيًا بأهم المحاكم العالمية.
اليوم بعد أن استنفذت كل طاقاتي بالسفر والتنقل بين بلدان العالم، قررت العودة للوطن حتى أستقر وأبني لنفسي عائلة. هذا الشيء كان ينقصني بالغربة.
أما فاتن عرفت على نفسها كالآتي:
-فاتن فريد درست علاج النطق وهو تخصص للأطفال الذين يعانون من صعوبة النطق واللغة والتواصل. لكن عشقي للسفر جاء منذ نعومة أظافري كنت أشاهد والدي دائم السفر. مجال عمله كان يحتم عليه التنقل بين بلدان العالم. فهو سفيرٌ للنوايا الحسنة. عدا كونه يمتلك شركة حواسيب. احيانًا كان يأخذني معه عندما أكون بإجازة من المدرسة. لهذا عندما كبرت تعمق في داخلي حب السفر والتنقل بين بلدان العالم.
بعد هذه المحادثة القصيرة بين نضال وفاتن. أخبرها نضال بأنه على موعد مع صديق عمره صابر العلي. ابتسمت فاتن وقالت له.
-هذا ابن خالتي.
-عظيم غدًا لنا لقاء وسنذهب سويًا إلى أمسية ثقافية. ويسعدني جدا أن تكوني برفقتنا.
-نعم لما لا انا أحب مثل تلك الفعاليات التي تغني الفكر وتجعلنا مندمجين مع ثقافتنا ولغتنا العربية.
صديقي صابر العلي من اعز الأصدقاء على قلبي. عندما التقيته بعد عودتي من السفر. وبعد الحديث المطول والسؤال عن الأحوال، وهل اقامتي ستطول هذه المرة، أو أنها رحلة قصيرة؟
وعندما أخبرته بأني باقٍ على طول ابتسم وقال أهلا بعودتك يا أخي الغالي لقد اشتقنا لك، صدقني عودتك وبقاءَك في أرض الآباء والأجداد هذا أفضل شيء فعلته. لذلك أول شيء وترحيبًا بعودتك سوف أدعوك لأمسية ثقافية التي يقيمها النادي الثقافي، وحتى يا صديقي تنسجم بكل الأمور الحياتية يجب أن تبدأ بالتعرف على اشخاص ومجتمع جديد يكون لك النواة لحياة اجتماعية مثمرة.
على فكرة لن تصدق بأن أبني هاني كبر وأصبح شابًا، إذا شاهدته لن تعرفه، لقد أصبح رجلاً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. وأنت الذي تعرفه طفلاً صغيرًا لم يكن يتعدى عمره الخمسة سنوات.
لكن اليوم كبر وأصبح لديه معجبين ومعجبات ومنصة ينشر فيها فيديوهات يسجلها بنفسه.
هل تريد بأن اسمعك اغنية بصوته؟
-نعم لما لا.
عندما سمعته يغني بصوته الرخيم الذي يأسر القلوب. تمنيت لو كان لديَّ ابنًا مثله أتباهى به. لكن مع الأسف ضاعت حياتي بالسفر متنقلاً من مكان لمكان، بعيدًا كل البعد عن الاستقرار.
اليوم أنا نادم جدًا لأني لم أؤسس أسرة مثله. وهو الذي دائمًا كان يسألني سؤاله المعتاد كلما تحدثنا. هل تزوجت؟ وعندما أخبره لا. كان يقول لي أنت ترتكب بحق نفسك أكبر خطأ. اليوم انتَ شابًا لكن عندما تتقدم بالعمر سوف تقول لو أني تزوجت وانجبت أولادًا يكونوا السند والفرح لقلبي.
اليوم أنا نادم اشد الندم لأني أضعت الفرصة بأن أكون أبًا.
صديقي صابر الجار الطيب، والقريب والصديق الذي لم يخذلني أبدًا، فيه ميزات لا يمتلكها أحد غيره، على الأقل مما عرفتهم بكل فترات حياتي.
صابر من الأشخاص الذين لا يكذبون ولا يتملقون لأحد من أجل الوصول لهدف أو غاية. فهو مثال للاستقامة، وتلك الصفة أصبحت نادرة إذا لم تكن شحيحة.
لذلك صداقتنا كانت وما زالت عميقة وقوية. وبقينا على تواصل بكل الفترة التي غبت فيها عن أرض الوطن، إذا كان من أجل طلب العلم، أو التجول بأنحاء العالم الذي أصبح من هوايتي المفضلة. أن اتنقل من مكانٍ لمكان. فأنا أعشق السفر والتعرف على أمكنة وبلدان جديدة. فقد زرت أغلب دول العالم، من مشرقها لمغربها.
في ذلك اليوم الذي زرت فيه صديقي صابر عرفني على نفس الفتاة الذي كان بيننا حديث وتعارف قصير.
قال لي هذه قريبتي وتكون ابنة خالتي وهي تتكلم عدة لغات. ومنها العربية. ضحك..
وهي مثلك تحب السفر. والأهم من كل ذلك تسافر حتى تكتب عن كل بلدة تزورها. والاستفادة من كل مكان تزوره، من حيث المعلومات التي تجمعها حتى تضمها كلها بكتاب واحد. تريد تسميته فاتن في بلاد العجائب.
وإلى اليوم لم تتزوج لأنها تريد من الذي سوف تختاره زوجًا أن يكون مثلها، يعني يحمل نفس صفاتها وشغفها للسفر والتنقل.
وهكذا التقيا على حب السفر وأصبحا بعد ذلك رفيقان لا يفترقان. وبعد ذلك تزوجا بعد أن علم كل واحد منهم بأنهم لا يستطيعان العيش دون أن يكون الواحد بقلب الآخر.
لكل قصة نهاية. لكن هذه القصة لا يوجد لها نهاية.
لأن النهايات حزينة. وأنا أحب أن أكون بغاية الفرح.
دائمًا ابحث عن الشيء الذي يجعلك دائًمًا تصبو للأمام.
من هنا وهناك
-
‘شهيدة التخلف ‘ - بقلم : رانية فؤاد مرجية
-
‘أبو إسلام يحترف صنعة الدهان‘ - قصة قصيرة بقلم : محمد سليم انقر من الطيبة
-
الجيّد.. السيّء.. الأسوأ.. - بقلم : زياد شليوط من شفاعمرو
-
قراءة في ديوان ‘على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت‘: الجرأة والجمال - بقلم : د. أحمد رفيق عوض
-
زجل للزَّيتون - بقلم : أسماء طنوس من المكر
-
قراءة في الديوان الرابع عشر للشاعر سامر خير بعنوان ‘لا بُدّ للصّخر أن ينهَزِم‘
-
قصيدة ‘كُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَاب‘ - بقلم : الدكتور حاتم جوعية من المغار
-
‘وذرفت العاصفة دمعة‘ - بقلم: رانية فؤاد مرجية
-
‘ الاستيقاظ مبكراً صحة ‘ - بقلم : د. غزال ابوريا
-
قصة كفاح - بقلم : رانية فؤاد مرجية
التعقيبات