‘ وقعُ الكلمات في تفسير الذاتِ ‘ - بقلم : حنين أمارة
تتساءل الكلمات في كينونة حروفها ، أهي مخلوق بروح أم مجرد أجزاء عِبرٍ تناقلها أجدادنا عبر الزمان ليرثها كلّ البشر؟ فكلّ يوم تترنم أسماعنا بجمل وتعابير شهد عليها الدهر
حنين امارة - صورة شخصية
وخطّت في دفاترٍ وكتب ليصوغ منها المؤلفون مواضيع ومواضيع ... فتنتج المجلدات التي تزداد قيمتها كلما زاد عددها وعظم فحواها . ويبرز الشعراء الذين يتلفظون بأجمل الكلمات لتبدو كعقد لؤلئي لامع يتوافد اليه الكثيرين ليروا جماله الأخاذ .
وفي بعض الأحيان نلتفت الى نسوة يتبادلن أطراف الحديث لتُحكى قصص وروايات عن الآنسة الهام أو السيدة عنايات أو عن ابن الجيران الذي أزعج جاراته بصراخه الذي يتعالى في أرجاء الحارة ليتسلل الى البيوت دون استئذان ...
هناك في احدى الزوايا يجلس ذلك الرجل العجوز الذي فقد صوته ليكمل مشوار حياته أخرسًا لا يحكي الحكايات ولا يقول الشعر أو يتبادل الكلمات فهو جالس في ركنٍ بعيد ينظر الى المارّة بابتسام تجده أحيانا يتناول الطعام او يحتسي كاسا من الشاي فكم أغبطه لأنّي أرى في عينيه ذلك الرضا الذي يجعله يتمتع بكل ما يقوم به فهو لا يملك القدرة على التحدث بالكلمات ولكنه أسعد بكثير من أولئك الذين يملكون قدرة التفوّه بالكلمات ليتاجرون بها ، فابتسامته الوادعة ونظراته البريئة تحمل أجمل الكلمات المغلّفة بغلاف الصمت الشائق الجذّاب ، ما أجمله من صمت وما أجمل أجواءه حين يكون في مناخ النّقاء ذو النوايا الحسنة حيث تُصدر أصوات يعمّها الخير والعطاء دون ازعاج أو ضرر لأي شخص كان .
فتلك المفارقة ما بين من يملك نعمة الكلام والتعبير فيجعلها نقمة لا نعمةً تبث خبثا ، مغيبةً ونميمةً لتكون سهاما سامّة تطعن في أجساد الآخرين لتوصل مركبا جديدا حزينا في مياه عكرة سامّة لا يصلح العيش فيها ، فتغدو تلك الكلمات ، سيئات خبيثات يأكلن من لحوم البشر حتى يبطشن بكل ما أوتين من قوة ,فنسيان النعمة وتجاهلها أدى الى أن يسيئوا استخدامها وتداولها لتمسي جيفة متروكة في أرض يابسة مهجورة .
ويفوح عطرٌ جميلٌ من كلمات طيّبات ليس لها مثيل ، للتشجيع ما لها بديل وبالحب تهدى لكل حبيب وقرين ، سماعها يشنّف الآذان وأنغامها تطرب كل انسان فالكلمة الطيبة صدقة تقال لتسعد الآخرين وترسم البسمة في وجوههم ليكونوا في حياتهم سعيدين ، فرحين ومرتاحين . نرى صداها في وجوه التلاميذ عند تشجيع معلميهم لهم بكلمات خفيفة على اللّسان ولكنّها ثقيلة بالميزان وكلما ردّدت لأولئك الطلاب رفعتهم الى حيث التميّز والتاّلق في سماء النّجاح والفلاح ، وما أجمل ابتسامة الرفيق أو الصديق عند سماعه لتعبير ثناءٍ أو جملة اطراءٍ على عمل قام به فكيف بالبشر أن لا يسعدوا ويحبوا خير الكلام وكان الله من فوق سبع سماوات قد حثّ على الشكر فقال في كتابه العزيز " لئن شكرتم لأزيدنّكم " كما أوصى رسولنا الكريم بضرورة الكلمة الطيبة وقال " الكلمة الطيّبة صدقة " و" من لا يشكر الناس لا يشكر الله " .
كم للكلمة من وقع عظيم على النّفس , حيث ترفعها الى عنان السماء حينًا وتنزلها الى القاع في أحيان أخرى , وفي حديثٍ آخر لرسولنا الكريم قال فيه : "إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله - لا يُلْقِي لها بالاً، يرفعه الله بها في الجنة. وإنّ العبد ليتكلم بالكلمة -من سَخَط الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يهوي بها في جهنم". تلك هي الكلمات التي تسكن عالمنا لتكون نبراسًا يضيءُ لنا الطريق الظلماء أو عتمة تحتلّ سبيلنا لتودي بنا الى برّ الهلاك .
من هنا وهناك
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
-
د. جمال زحالقة يكتب : زيارة بلينكن لإسرائيل - بين العمليات العسكرية والانتخابات الأمريكية
-
مقال: بين أروقة المدارس ( المخفي أعظم ) - بقلم : د. محمود علي
أرسل خبرا