ملامح العالم الجديد بعد غزة - قراءة استشرافية ! بقلم : د. سهيل دياب
عندما خرجت عشرات الملايين - بشكل غير مسبوق منذ انتفاضة الحجارة عام 1987 -في جميع انحاء العالم دعما للقضية الفلسطينية ووقف العدوان على غزة،
د. سهيل دياب - تصوير موقع بانيت وصحيفة بانوراما
من يراقب عميقا ما يجري منذ الحرب الاطلسية في اوكرانيا ، خاصة بعد العدوان الاطلسي بأياد اسرائيلية على غزة، يرى بدايات لملامح جديدة للعالم الحالي الذي ملته غالبية شعوب العالم، وارتفعت الحاجة الانسانية لتشكيل ملامح جديدة لعالم جديد.
ما هي أهم هذه الملامح ؟
1. هبوط وزن " التناقض الايدلوجي " المهيمن منذ الحرب العالمية الثانية، وبالمقابل، ارتفاع وزن التناقض المتعلق بمعركة " الهويات "، سواء كانت اثنية او دينية او لون البشرة او الحالة المدنية. العدوان على غزة كشف قوة هذا التغيير، فغابت النقاشات بين يسار ويمين، بين الاشتراكية والرأسمالية، وارتفعت بالمقابل الطاقة الكامنة بالشرائح المستضعفة مثل السكان الاصلانيين، وذوي البشرة السوداء، وشرائح المهاجرين المتزايدة، واكتشفت هذه الشرائح الغبن التاريخي الكبير الذي تكبدته هذه الشرائح ليس فقط في عالم الجنوب والشرق، وانما ايضا داخل المجتمعات الغربية، في اوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا. والغيير الاكبر وزنا جاء من الشرائح الشبابية والطلاب الجامعيبن، والذين بدأوا الكفر بكل قيم العالم الذي نعيش، وباتت تفتش عن قيم جديدة اكثر انسانية واكثر آمنة واكثر عداله.
2. هبوط دور " الدولة القومية " وصعود دور المجموعات المسلحة، والشرائح المتضررة. خاصة بعد فشل الدولة القومية بتأمين حاجات الافراد والمجموعات امام الاخطار المحدقة، مثل؛ الامن الشخصي، ومواجهة الفقر والزلازل واخطار البيئة.
ان ظاهرة وجود مجموعات مسلحة داخل الدولة القومية آخذ بالازدياد، وظاهرة حزب الله في لبنان بدأت تنتشر الى الكثير من الاماكن، في العراق واليمن والسودان وايرلندا ودول يوغسلافيا سابقا ومناطق عديدة في افغانستان وباكستان والهند واكرانيا واذربيجان. وفي الكثير من الحالات يتم بناء معادلة تعايش جديدة بين الدولة الوطنية واامجموعات المسلحة، وتوزيع ادوار بينهما، ليس دائما يتم النجاح بتنفيذها. هذا الملمح سيتعمق مستقبلت وسبصل الى الدول الاكثر تأثيرا في العالم وخاصة امريكا وبريطانيا وفرنسا.
3. تغليب " الجغرافي " على " المقدرات " في التأثير على السياسي .
ولعل ابرز تعبير عن هذا الملمح هو ما قام به الحوثيون في البحر الاحمر ، مستفيدين من الجغرافيا السياسية وتأثير أهمية باب المندب على التجارة العالمية. فالجغرافية في عالمنا القادم من شأنها ان تجلب المقدرات، وتقلب الطاولة على ما هو قائم الآن والذي يعتمد على القوة والمقدرات لفرض الهيمنة على الجغرافيا السياسية.
عندما اتحدث عن الجغرافيا، اقصد التجارة البحرية، والممرات المائية، والتي بغالبيتها محاذية لدول فقيرة في الجنوب والشرق، واهم ثلاثة من هذه الممرات بسيطرة عربية؛ قناة السويس، باب المندب، ومضيق جبل طارق.
والجغرافيا ايضا استعمال الفضاء الخارجي، وليس فقط اليابسة والمياة، ويشهد عالمنا القادم تنافسا كبيرا على الجغرافيا بمفهومها الواسع وليس الضيق.
واضح لي انه ستتشكل ملامح اضافية ما دمنا في خضم مخاض لن يكون قصيرا لحينما يتم تشكيله نهائيا.
ان انتشار الميديا الاجتماعية والذكاء الاصطناعي، قد ساهما كثيرا بابراز هذه الملامح، وشكلت عاملا موضوعيا مهما بهذا التغيير.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]
من هنا وهناك
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - ممالك وجمهوريات
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
-
د. جمال زحالقة يكتب : زيارة بلينكن لإسرائيل - بين العمليات العسكرية والانتخابات الأمريكية
أرسل خبرا