مقال: إذا لم نغير نهجنا، فإن انقطاعات التيار الكهربائي سوف تزداد
في أول يوم جمعة من شهر حزيران، عندما سادت البلاد أجواء خماسينيه شديدة الحرارة، وتم كسر الأرقام القياسية لدرجات الحرارة في عدة مناطق، وتم قياس أكثر من 43 درجة مئوية
صورة للتوضيح فقط - تصوير: shutterstock_HRFN
في "بيت-داغان"، أمضى حوالي 300,000 مواطن فترة ما بعد الظهر بدون كهرباء. كيف يمكن لمكيف الهواء والثلاجة في العام 2023، أن تصبح صناديق حديدية دون فائدة، ونبقى نحن عاجزين في مواجهة مناخ يزداد سخونة بوتيرة سريعة؟
وجدت دراسة أجريت في مركز روبين الأكاديمي أن استهلاك الكهرباء يزداد بشكل كبير خلال موجات الحر، مما يزيد أيضا من سعر إنتاج الكهرباء (بسبب استخدام وحدات إنتاج أقدم وأقل كفاءة وتلك التي تستخدم الديزل والفحم، وهي أغلى بكثير من الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية).
لسوء الحظ، فانه من المتوقع أن تصبح موجات الحر الشديد هذه أكثر شيوعا في المستقبل المنظور، حيث ترتفع درجة حرارة الشرق الأوسط بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، ووفقا لخدمة الأرصاد الجوية، فقد ارتفعت درجة حرارة إسرائيل حتى الآن بمعدل 1.4 درجة مئوية وعلى مدى السنوات ال 30 الماضية، كانت هناك زيادة بنحو 2 درجة مئوية في متوسط درجة الحرارة القصوى اليومية، ومعها زيادة في الازدحام الحراري، وهو مقياس يتكوّن من درجة الحرارة ودرجة الرطوبة النسبية، وارتفاعه يشكل عامل خطر على الصحة، خاصة بالنسبة للفئات الحساسة مثل كبار السن، النساء الحوامل، الرضع والعاملين في الهواء الطلق، والتوقعات حتى عام 2050 متشائمة، وتشير الى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين أخريين.
وفقا لتقارير وسائل الإعلام، بلغ استهلاك الكهرباء في يوم الجمعة المذكور آنفاً، 11.5 جيجا-وات - مقارنة بحوالي 13 جيجا-وات يتم استهلاكها في ذروة شهر آب، ومقارنة بقدرة مركبة، (قدرة يمكن تزويدها)، بلغت 19.9 جيجا-وات في نهاية عام 2020 (منها 2.5 جيجا-وات فقط من الطاقات المتجددة)، وإذا كان الأمر كذلك، فمن المفترض أن يكون لدى قطاع الكهرباء احتياطي كبير، وما كان ينبغي أن يحدث انقطاع للتيار الكهربائي على الإطلاق، ومع ذلك، فإن مجموعة من الظروف أعاقت القدرة على الاستجابة للطلب المتزايد. فبما انه خلال المواسم الانتقالية، عندما يكون الطقس معتدلا نسبيا ولا يكون الاستهلاك بحده الأقصى، يتم تنفيذ أعمال الصيانة على البنية التحتية لتوليد الكهرباء، فقد أدّى ذلك إلى توقف بعض وحدات الإنتاج عن العمل، بالإضافة إلى أن أعطال في بعض وحدات الإنتاج والبنية التحتية لتوصيل الكهرباء بسبب الحرائق والازدحام، تسبّبت بأحمال كبيرة على محطات توليد الكهرباء العاملة، الأمر الذي تطلب قطع التيار الكهربائي، يومها، لمنع الإضرار بها.
الألواح الشمسية على كل سطح
أحد الحلول للتنبؤ بالاستهلاك المتوقع للطاقة الكهربائية هو استخدام الذكاء الاصطناعي وبناء النماذج للتنبؤ بالاستهلاك، وتستند هذه النماذج إلى المشاهدات السابقة (كمية الكهرباء التي تم استهلاكها في أيٍ من الأيام، وكيف كانت ظروف الطقس في تلك الأيام)، وهي تمكننا من التنبؤ بالاستهلاك في المستقبل، حتى في الحالات القصوى التي لم تتم مشاهدة مثيلها في الماضي، كما حدث في الدراسة التي أجريت في روبين. إن استيعاب وتحسين النماذج التي تستخدمها شركة "نوغا"، التي تدير قطاع الكهرباء منذ عام 2021، سيمكّن قطاع الكهرباء من تقييم متطلبات الكهرباء بشكل أفضل من أي وقت مضى والاستعداد وفقا لذلك... لكن هذا لا يكفي.
بالإضافة إلى توقع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة في إسرائيل، وزيادة وتيرة موجات الحر والظواهر المتطرفة، (بما في ذلك خلال المواسم الانتقالية)، تتعرض أكبر محطات توليد الطاقة في البلاد لتهديد أمني من الصواريخ الدقيقة التي يمكن أن تعطّلها لفترة طويلة، ولذلك، يجب اتخاذ خطوة كبيرة نحو اللامركزية في قطاع الطاقة في أقرب وقت ممكن، من خلال تركيب الألواح الشمسية على كل سطح متاح في المباني العامة والصناعية والسكنية، وكذلك وضع بنى تحتية للطاقة الشمسية مرتفعةً عن الأرض في بعض المناطق الزراعية حيث يبقى ممكنا الزراعة بجانبها.
بالإضافة إلى لامركزية شبكة الكهرباء، من الممكن توفير قدر أكبر من الأمان والمرونة في تشغيلها عن طريق إضافة وسائل تخزين، مثل مرافق التخزين بالضّخ، بمعنى أن في هذه المنشآت، يتم استخدام خزانين للمياه، علوي وسفلي، وفي الأوقات التي يمكن فيها إنتاج الكهرباء من مصادر رخيصة نسبيا، (مثل مصادر الطاقة الشمسية)، أو عندما يكون الطلب على الكهرباء منخفضا، (في الليل مثلا)، يتم رفع المياه من الخزان السفلي إلى العلوي، أما في الأوقات التي يكون فيها الطلب مرتفعا، فيتم ضخ المياه إلى الخزان السفلي، عن طريق توربينا، وبذلك يتم إنتاج الكهرباء.
في "بني براك"، وضمن الخطة الوطنية لتخزين الطاقة في المناطق المأهولة، من المقرر إنشاء نوع مختلف من مشاريع التخزين، يسمى "كهرباء كاشير" "חשמל כשר"، المرتكز على مزارع البطاريات، وسوف يستبدِل هذا المشروع إنتاج الكهرباء من الديزل باستخدام مولدات صغيرة وصاخبة وملوِّثة، وسيعمل كاحتياطي لقطاع الكهرباء في أيام بحر الأسبوع، وفي حال نجح المشروع، فسيكون من الممكن الترويج له في العديد من المدن الأخرى، ومنح مسؤولي قطاع الكهرباء مرونة أكبر.
إن الميزة الكبيرة لوسائل التخزين هذه، هي القدرة على تشغيلها في غضون ثوان قليلة من لحظة الحاجة إلى كهرباء إضافية للشبكة، على عكس تشغيل وحدة توليد إضافية تعمل بالفحم، والتي تتطلّب التحضير والتشغيل الأولي لمدة 24 ساعة أو أكثر.
إن تشغيل الوحدات الكبيرة لتوليد الطاقة، التي تحرق الفحم أو المازوت أو الديزل، ليس مرهقا وبطيئا فحسب، بل إنه أيضا أكثر تكلفة بكثير من توليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي والطاقات المتجددة، وعلاوة على ذلك، فإن الكهرباء المنتجة بهذه الطريقة تسبب تلوثا شديدا للجو وتضّر بالصحة العامة، فأثناء إنتاج الكهرباء من الفحم أو المازوت أو الديزل، تنبعث كميات كبيرة من الجسيمات التي يمكن استنشاقها، وأكاسيد النيتروجين والكبريت، حيث ثبت أن تعرض الجمهور لتركيز عالٍ من ملوثات الهواء يضر بالصحة، ويؤدي إلى أمراض القلب والرئة والدورة الدموية، بل ويؤدي إلى الوفاة المبكرة. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تلوث الهواء الناتج عن تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم إلى زيادة الضباب، ما يؤدّي، في نهاية المطاف، أيضا الى المسّ بالقدرة على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية.
لنقتصد بالكهرباء – وبانقطاع الكهرباء
في الحالات المناخية المتطرّفة، عندما تسود حرارة أو برودة استثنائية، والطلب على الكهرباء يقترب من قدرة الإنتاج القصوى، من المهم إدارة قطاع الكهرباء بكفاءة والحفاظ على احتياطي لحالات العطل.
ولكن في المقابل، لدى كل منا امكانية المساعدة في منع انقطاعات التيار الكهربائي من خلال الاستهلاك الحكيم للكهرباء، فتقليص استهلاك الكهرباء، عن طريق تأجيل تشغيل المنتجات التي تستهلك الكثير من الكهرباء، مثل الغسالات والجلّايات الى وقت متأخر من المساء ، تحديد درجة حرارة مكيف الهواء إلى 25 درجة مئوية، تجنب شحن السيارات الكهربائية خلال ساعات الذروة، شراء الأجهزة الكهربائية ذات تصنيف الطاقة العالي (أي الموفّرة للكهرباء)، وعدم تشغيل نشّافة الغسيل عندما يمكنك ببساطة تجفيف الغسيل بالخارج ، هي أيضا أشياء من شأنها أن توفر علينا جميعا نفقات الكهرباء غير الضرورية، وإمكانية الوقوع في انقطاعات للتيار الكهربائي في المستقبل.
د. زوهر برنط-يتسحاك، محاضر كبير في قسم الهندسة في المركز الأكاديمي روبين، ود. عدي ليفي، رئيسة برنامج اللقب الثاني في موضوع الاستدامة في المناطق المدنية والريفية بالكلية الأكاديمية أحفا، كليهما باحثان في مجموعة البحوث للاستدامة البيئية والاجتماعية في المركز الأكاديمي روبين.
من هنا وهناك
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - ممالك وجمهوريات
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
-
د. جمال زحالقة يكتب : زيارة بلينكن لإسرائيل - بين العمليات العسكرية والانتخابات الأمريكية
التعقيبات