‘ ارقام تتكلم...! ‘ - بقلم: د. احمد فياض محاميد
بدايةً اريد ان التمس عذراً من القارئ على المعطيات المخيفة التي يُشير اليها مقالي هذا، لذلك تركت مساحة واسعة للأرقام لكي تفصح عما في جُعبتها. وبعد ما اقمت هذا الجدار الواقي من حوالي
د. احمد فياض محاميد - صورة شخصية
في امكاني ان أتوجه الى صلب الموضوع.
لو نظرنا نظرة سريعة على قائمة أفضل 400 جامعة في العالم- وهي من أهم المؤشرات على تقدم الدول علمياً- يتضح لنا مدى تخلفنا العلمي بالمقارنة بغيرنا من الأمم، حيث لن تجد سوى جامعة الملك عبدالعزيز في هذه القائمة متربعة على أواخرها في المرتبة ما بين 301-350!.بينما نجد في اسرائيل ست جامعات منها خمس تدرجت في اول مئة جامعة في العالم ، وأكثر من 167 جامعة أمريكية في أعلى القائمة من ضمنها 15 جامعة تتصدر المراتب العشرين الأولى. ورغم وجود جامعات في دول إسلامية في متوسط القائمة مثل جامعة بلكنت في أنقرة، وجامعة كتش في إستنبول إلا أنها لا تكاد تذكر في بحر من الجامعات الراقية في أوروبا وأمريكا ونيوزيلاندا وأستراليا وجنوب إفريقيا وإسرائيل. والسؤول الذي يطرح فقط لا أغراض الاستفسار فقط: لماذا هذا التدني في مستوى تعليمنا العالي، بينما اول جامعة انتشاءه في العالم في فاس ؟ والسؤول الاخر على اثر هذا التدني على البحث العلمي والتقدم الحضاري في مجتمعاتنا العربية ؟
على مستوى الجامعات العربية نجد أن السعودية ولبنان والإمارات ومصر تتصدر جامعاتها قائمة أفضل الجامعات العربية، ولكن ماذا قدمت هذه الجامعات للمواطن العربي من بحوث واختراعات؟ هل الهدف من التعليم الاكاديمي هو تحصيل شهادة علمية وبروزها و وضعها على الحائط كزينة من ديكور المنزل؟
التاريخ والمستشرقين الغربين يتكلموا عن عظمة إنتاجنا العلمي منذ القرن الأول من ظهور الإسلام حتى القرن الحادي عشر الهجري في مجالات الرياضيات والفلك والطب وغيره، يعترفوا بان شمس العرب سطعت اوروبا، ولماذا كيف تقهقرنا من قادة للعالم إلى رماد الشعوب؟ وهل للرماد أي اعتبار!
الانفاق على البحث العلمي والعسكري من قبيل قيادتنا
لو نظرنا الى نسبة الدخل لقومي الذي يخصص من عالمنا العربي للبحث العلمي مقارنتا مع العالم، نجد معدل الإنفاق القومي على البحث العلمي في الدول العربية مجتمعاتنا لا يتجاوز 0.2% أما في إسرائيل فهو أكثر من 4.7% أي إنفاق اسرائيل وحدة يفوق حجم الانفاق العلمي للعالم العربي ب-23.5 ضعف، هل يوجد مكان للمقارنة؟! وفي أمريكا 2.68% وفي فيلندا 3.51%. بينما الإنفاق العسكري في الدول العربية يفوق ال94 مليار دولار مقابل ملياري دولار لبحث العلمي. مقارنة مع اسرائيل تنفق على بحوثها العلمية الغير عسكرية أكثر من 9 مليارات دولار، وهذا الرقم يمثل ثلث إنفاقها على التعليم بشكل عام. والسؤول الاستنكاري والاستفزازي سويا الذي اطرحه على قيادة العالم العربي ما هي الانتصارات العسكرية التي حققتها الدول العربية على "العدو الصهيوني البغيض"، رغم انفقاها مبالغ طائلة على تسلح ورغم ذلك 60% من لاجئي العالم هم عرب ؟ اما يطرى هذا الانفاق على التسلح من اجل محاربة بعضها البعض؟! وليس هذا فحسب بل الدول العربية تقوم باستيراد 90% من حاجياتها ومعظمها منتجات يمكن تصنيعها محلياً الا يُشير هذا المعطى بان الدول العربية مستهلكة فقط؟ وماهي قيمة الشعوب التي تفتقر الى ابسط الاحتياجات لكي تبقى على قيد الحياة ؟!
تدني تأْهيل علماء في الدول العربية
حسب تقرير يونسكو ومنظمة الدول العربية أشار إلى أهمية دور الجامعات في هذا المجال، فعلى الرغم من وجود جامعات مرموقة في المنطقة العربية إلا أن الدول العربية تأْهل فقط 136 عالماً لكل مليون نسمة وهؤلاء العلماء لا يقدمون للعالم إلا ما قدره 0.3% من إجمالي المنشورات العلمية العالمية، علماً بأن المتوسط العالمي يبلغ الى 1081 باحثاً لكل مليون نسمة. بينما أكدت اليونسكو أن إسرائيل تأهل 1395 باحثا لكل مليون نسمة. إضافة إلى مشاكل عدم جودة الجامعات العربية، فمثلاً إجمالي مراكز البحث العلمي في العالم العربي لا تتجاوز 600 مركز لخدمة أمة يتعدى عدد سكانها حاجز ال422 مليون نسمة. أي أن كل مركز من هذه المراكز يخدم اكثر من 700 ألف نسمة. لو قارنا هذا بفرنسا نجد أنها تمتلك أكثر من 1500 مركز بحوث علمية.
هجرة الادمغة العربية خيرها لغيرها
كشفت دراسة صادرة عن مركز "الخليج للدراسات الاستراتيجية" أن حوالي 70 ألف من خريجي الجامعات العرب يهاجرون سنوياً للبحث عن فرص عمل في الخارج، وأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى أوطانهم بعد انتهاء سنوات دراستهم. وفقاً للإحصاءات فإن الوطن العربي يسهم بـ 31% من هجرة الكفاءات من الدول النامية، حيث يهاجر 50% من الأطباء و23 من المهندسين و15% من العلماء من مجموع الكفاءات العربية متوجهين إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا بوجه خاص.
ثقافة شعوب الدول العربية مقارنة مع العالم
إحصائية أجريت على معدل قراءة الفرد العربي، تفيد انه يقرا ربع صفحة سنوياً، بينما في إسرائيل يبلغ هذا الرقم 40 كتاباً سنوياً، وفي أمريكا 11 كتاباً وفي أوروبا 35 كتاباً للفرد الواحد سنوياً. والسؤول الذي يطرح في منتهى القوة على ماذا اعتمدوا زعماء الدول العربية حينما فكروا في التغلب على اسرائيل؟ هل يوجد مكان للمقارنة بين شعب يقرا ربع صفحة سنويا مع شعب اخر يقرا 40 كتاب سنويا ؟! هذه المعطيات تُشير الى مدى الفارق الثقافي بينهما، هو في جودة!. وهل توجد قيمة للشعوب عديمة الجودة؟!
والسؤول الذي يُطرح على قيادتنا "المتنورة" "الافاضل" الم يكن من الافضل لو اُستثمرت هذه المبالغ الطائلة في سبيل تعزيز ثقافة شعوبها ووضعهم على الخارطة الهيكلية للعالم، بدلا من انفق هذه المبالغ في لا أغراض التسُلح التي لم يحقق الاهداف المرجوة؟!
من هنا وهناك
-
مقال: هل أمريكا العظمى في طريق الانهيار مثل الاتحاد السوفيتيّ ؟ بقلم : المحامي زكي كمال
-
هدنة الشمال : هل ستكون لغزة ‘ نافذة النجاة ‘ ؟ بقلم : علاء كنعان
-
التّراث الفكريّ في رواية ‘حيوات سحيقة‘ للرّوائي الأردنيّ يحيى القيّسي - بقلم : صباح بشير
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - ممالك وجمهوريات
-
علاء كنعان يكتب : حماس بعد السنوار - هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
أرسل خبرا