‘ ليلة غرام مع الكاتب الإنجليزي سمرست موم ‘ - بقلم : ناجي ظاهر
تُعتبر رواية "ليلة غرام" للكاتب الانجليزي البارز سمرست موم، رواية تاريخية.. تستقي أحداثها من وقائع التاريخ الاوروبي المكتوب، وتبرز قدرة صاحبها على التخييل فيها جلية واضحة،
صورة من الكاتب
سواء كان من ناحية الحَبكة الروائية أم من ناحية تصوير الشخصيات وتقديم الاحداث بأسلوب مشوق.
يقصّ موم في روايته هذه باسلوبه المبهر الساحر قصة السياسي العجيب مكيافلي، مع الامير الرهيب سيزار بورجيا، ويُمحور أحداث روايته حول مطامع هذا الامير وأهدافه متوسلًا قاعدة مركزية آمن بها وعمل وفقها.. هي الغاية تبرّر الوسيلة، ويحكي موم في روايته كيف أعجب مكيافلي بهذا الامير الداهية الذي أوحي إليه بتأليف كتابه الخالد "الامير" الذي ضمّنه هذا المبدأ السياسي وغيره من المبادي الملتوية التي تبرّر كلّ شيء في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود.
تتخلل هذا كله قصة إعجاب مكيافلي بزوجة شابة تصغر زوجها التاجر المعروف بسنوات عديدة، وهي الثالثة التي يتزوّجها رغبة منه في أن تنجب له ابنا يرثه ويخلّد اسمه، وهو ما لم يتحقّق له بسبب عُقمه. مكيافلي يبدأ بحبك الحيلة تلو الحيلة ليصل إلى تلك الزوجة، ويبدع موم هنا في عملية التخييل الروائي فبطله مكيافلي، يبدأ من الراهب تيموتو فيحتال عليه ويقنعه بأن يسهّل الطريق عليه للوصول إلى تلك الزوجة التي يشدّد عليها زوجها الحصار، بعدها يقنع أمها. بأن تمهّد له طريق الوصول إلى ابنتها.. بعدها يقنع زوجها الغيور بالسفر ليلة واحدة لطلب من أحد القديسين أن تحمل زوجته، رغبة منه في أن يخلو له الجو.. فينال مأربه.. وعندما تُهيأ له كلّ الظروف ليعيش ليلة الغرام المنشودة، يُفاجأ بالأمير سيزار بورجيا يبعث من يطلب منه أن يحضر اليه لأمر خطير ولا يحتمل التأجيل، وفي هذه الاثناء يرسل مكيافلي تابعه الشاب المرافق له.. ليهئ له اللقاء بتلك الزوجة الشابة وقضاء ليلة غرامه معها. مكيافلي يعتقد أنه بإمكانه أن يتخلّص من اللقاء بالأمير خلال وقت قصير، إلا أن الأمير يجتذبه إليه. . باطلاعه على تفاصيل خطة تمنى طوال الوقت أن يطلع عليها. هكذا تنتهي ليلة الغرام دون أن ينال مكيافلي وطره من تلك المرأة الفاتنة، وتتطور أحداث الرواية ليعرف مكيافلي من صديقه التاجر زوج تلك المرأة، أن زوجته قد حملت أخيرًا وأن الله استجاب لدعوات ذاك القديس الذي طلب شفاعته.. الرواية تنتهي ليتبيّن لنا أن تلك الزوجة حملت من تابع مكيافلي الشاب، وهو ما يعني أن ليلة الغرام كانت من نصيبه وليس من نصيب مَن خطّط لها ودبّر أمرها، أما فيما يتعلّق بسيزار بورجيا فإن الرواية تحكي قصة صعود نجمه وأفوله.. فموته.
رواية جميلة تتعمّق في أغوار التخييل الروائي. وتستحق القراءة رغم مضي العشرات من السنين على صدورها.
يذكر أن الكاتب الانجليزي سمرست موم من أشهر كتّاب الرواية في القرن العشرين. ولد عام 1874 درس الطب والقانون، إلا أن الأدب جذبه إليه، فأبدع فيه أكثر من ستين عملًا روائيًا وقصصيًا، تحوّل العديد منه إلى أفلام سينمائية شاهدها وأعجب بها الملايين من الناس في شتى ربوع العالم. عاش موم ستة وتسعين عامًا وبقي يبدع وينتج حتى أيامه الاخيرة في الحياة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ.
"ليلة غرام" .. ترجمة حسين القباني. صدرت ضمن سلسلة روايات الهلال عام 1961
من هنا وهناك
-
‘شهيدة التخلف ‘ - بقلم : رانية فؤاد مرجية
-
‘أبو إسلام يحترف صنعة الدهان‘ - قصة قصيرة بقلم : محمد سليم انقر من الطيبة
-
الجيّد.. السيّء.. الأسوأ.. - بقلم : زياد شليوط من شفاعمرو
-
قراءة في ديوان ‘على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت‘: الجرأة والجمال - بقلم : د. أحمد رفيق عوض
-
زجل للزَّيتون - بقلم : أسماء طنوس من المكر
-
قراءة في الديوان الرابع عشر للشاعر سامر خير بعنوان ‘لا بُدّ للصّخر أن ينهَزِم‘
-
قصيدة ‘كُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَاب‘ - بقلم : الدكتور حاتم جوعية من المغار
-
‘وذرفت العاصفة دمعة‘ - بقلم: رانية فؤاد مرجية
-
‘ الاستيقاظ مبكراً صحة ‘ - بقلم : د. غزال ابوريا
-
قصة كفاح - بقلم : رانية فؤاد مرجية
أرسل خبرا