‘ سلامٌ على ذاكَ الوحيد ‘ - بقلم : فراس حج محمد
أصحو باكراً جدّاً .. رأيت أبي يضحك في وجهي يصافحني .. أقبّل رأسه وأسأله عن حاله:
صورة للتوضيح فقط- تصوير: simpson istock
يمرّ أمامي مثل نور بهيٍّ
يخطو كأنْ لم يفقد الكلام والمشيَ مذُ ثلاثِ سنينْ
2
أصحو باكراً جدّاً
تدقّ الساعة في رأسي
في العتمة التي تحيط بي، تأخذني إلى ملاذي الأخير
زوجتي عن يساري
وطفلتي الصغيرة غافية بسلام كبير
هادئتان تماماً مثل ظلّ القمر
أتفقّد الوجهين في العتمة السائلةْ
أقبّل الوجوه الثلاثةَ باضطرابٍ غريبْ
أسمع صوت الله ينادي للصلاةِ
أرى أبي ثانية يساندني لأقفْ
3
أصحو باكراً جدّاً
الوقت بعد الثانية صباحاً بقليلْ
يبادلني الحزنُ أطرافهُ
ويقيم فيّ حفلتهُ
نبكي معاً على ذاك الجدار الذي ظلّ يسندني خمسين عاماً
ثم غاب في ظلال الأمكنةْ
الصورة الآن واضحة يا أبي:
وحيداً صرتَ
ومثلكَ صرتُ وحيداً دون أبٍ صديقْ
دون نهر وغناءٍ
دون وقتٍ وحكاياتٍ ودليلٍ وطريقْ
الصورة الآن واضحة يا أبي:
كأنّك حيٌّ
بل إنّك حيّ وحيّ وحيّ
4
أصحو باكراً جدّاً
أرتّب الوقت كما يحلو لحزينٍ جرّه الموتُ لأطياف الحنينْ
كأنْ لم يغب عن المشهد الكليّ أيّ أبٍ منذ آدمَ حتى آخر لحظةٍ من عمر هذا الكونْ
أحدّث الزملاء عن "أبتي"
فينشرح الوجهُ تارةً
وتارة يغلبني الطينُ والقدر الإلهيُّ وأنفاسُ قلبي المثقّب بالأنينْ
ينحدر الكلام على شفتيّ
نسقط في الصمتِ
وحدها العينان تأخذ بالحديث الشجيِّ
عن الذكرياتِ والوجعِ الشقيِّ
5
أصحو باكراً جدّاً
يأخذني الوقت والتاريخ والذاكرةْ
مرّ شهر يا أبي
عاد الجميع إلى عاداتهم
أفراحهم
أعمالهم
لكنّ- وحدك- قد بقيت هناك تحت الشجْرة الخضراءَ
تنبت في أعالي الشجرةْ
غصناً فتيّاً ونديّاً وجديدَ الورقةْ
مثقل الأغصان- يا أبتي الرضيِّ- بشهدِ الثمرةْ
6
أصحو باكراً جدّاً
يأخذني المكانُ الطاهر المبتلّ برائحة الجسد المسجّى كالعقيقْ
تحدّثني يا أبي عن:
كيف أعدتَ ترتيب المكانِ في الحفرة الطيّبة
وكيف صادقت جيرانك الطيبين في المقبرةْ
وكيف صرت تبني الحكاياتِ لهم فقرةً، فقرةْ
كي لا تشعرَ –مثلي- بالوحدة الجارحةْ
7
أصحو باكراً جدّاً
لا أعرف غير وجهك الضوئيّ في هذا الظلام المخيفْ
سلام عليكَ أباً لا مثيل لهُ
في الفرح
والحزنِ
والراحلينْ
سلام عليك- أبي- إلى يوم أن يلتقي الطيبين بالطيبينْ
طبتَ حياً خالداً في الخالدينْ
من هنا وهناك
-
‘شهيدة التخلف ‘ - بقلم : رانية فؤاد مرجية
-
‘أبو إسلام يحترف صنعة الدهان‘ - قصة قصيرة بقلم : محمد سليم انقر من الطيبة
-
الجيّد.. السيّء.. الأسوأ.. - بقلم : زياد شليوط من شفاعمرو
-
قراءة في ديوان ‘على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت‘: الجرأة والجمال - بقلم : د. أحمد رفيق عوض
-
زجل للزَّيتون - بقلم : أسماء طنوس من المكر
-
قراءة في الديوان الرابع عشر للشاعر سامر خير بعنوان ‘لا بُدّ للصّخر أن ينهَزِم‘
-
قصيدة ‘كُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَاب‘ - بقلم : الدكتور حاتم جوعية من المغار
-
‘وذرفت العاصفة دمعة‘ - بقلم: رانية فؤاد مرجية
-
‘ الاستيقاظ مبكراً صحة ‘ - بقلم : د. غزال ابوريا
-
قصة كفاح - بقلم : رانية فؤاد مرجية
أرسل خبرا