logo

‘ استشاطة غرامية ‘ - قصة بقلم : ناجي ظاهر

29-04-2024 14:12:02 اخر تحديث: 01-05-2024 04:32:40

عُرف زميلُنا الصحفي مشهور حبيب بحبه الطاغي للنساء، وبقدرته الفائقة في الاستحواذ على اهتمامهن، بل ومواعدتهن والخروج معهن، ولم يكن يميز بين فتاة ما زالت


صورة شخصية - ناجي ظاهر 

في بداية طريقها وبين امرأة متزوجة او مطلقة او ارملة، فكلهن لديه سواء، الامر الذي كان يثير حفيظتنا نحن زملاءه الصحفيين السبعة العاملين في الصحيفة، ويدفعنا الى حب المراقبة والاستطلاع، صحيح اننا كنا غير راضين عن فعائله تلك، الا اننا كنا في نفس الوقت نتساءل عما يفعله ليستحوذ عليهن منتقلا من واحدة الى اخرى، وحدث اننا سهرنا ليلة العيد الكبير، نحن العاملين في الصحيفة، حتى ساعة متأخرة من الليل، وامتدت بنا احاديث الغوى والهوى ، فاغتنمت الجو وسألته عما يفعله للنساء كي يكسب ثقتهن بتلك السهولة الواضحة، فهو ما ان تنتهي علاقته بإحداهن، بهذه الطريقة او تلك، حتى يشرع بأخرى. فابتسم وقال: شوف لكل امرأة يوجد مفتاح، انهن مثل الاقفال المغلقة، فاذا ما عثرت على مفتاح احداهن فإنها لن تلبث الا ان تستسلم لك.. ان عاجلا وان اجلا، وذكر عددا من الطرق الأخرى منها انه يحاول في المقابلة الاولى مع من يقع عليها الاختيار، يحاول بكل جهده ان يعرف مما تعاني، فيعرض عليها خدماته وينفذ وعوده لها غير عابئ بأية خسارة مالية.. فالمال غاد ورائح، اما كيف يقترب منها جسديا فقد ذكر انه في البداية يحاول ان يدفعها للضحك ليكسر جدار الخجل، فاذا ما امّنت له وضحكت.. او ظهر سنّها، فانك تكون قد اقتربت خطوة نحوها، اما الخطوة الاخيرة فهي ان تباغتها على حين غرة باقتطافك قبلة سريعة من عنقود خدها. وعندما اعربت عن استغرابي قال: لا تستغرب. الحكي احيانا لا ينفع، اضف الى هذا ان معظم فتياتنا ونسائنا، اذا لم يكن كلهن يخشين ان يبحن بأي اقتراب جسدي منهن، ثم ماذا ستقول الواحدة منهن لولي امرها.. ان فلانًا باسني؟ عندها ستعاقب اكثر وهو ما يجعلها تلجا الى الصمت.

تصرفات حبيب.. نا.. هذه، دفعتنا نحن زملاءه الصحفيين السبعة، لأن نفكر في تلقينه درسا واذا تطلب الامر اكثر، في حسن الاخلاق والابتعاد عن الاضرار ببنات الناس، فأخذنا ننتظر الفرصة المناسبة لتلقينه مثل هذا الدرس.. او الدروس، وكان ان انضم ذات يوم مستخدم بسيط وربما ساذج الى طاقم العاملين في الصحيفة، فوجدناها فرصة سانحة لمعرفة ما غمض او غاب من اخبار حبيب، وسألناه عما يطلبه مقابل خدمة بسيطة يقدّمها للجمع، فسارع الى القول رغيف فلافل من المحل في الطابق الاول، تحت مكاتب الصحيفة، ضحكنا يومها وسألناه عما اذا كان لا يهمه ان يعرف ما هي تلك الخدمة المطلوبة ام لا..، فرد علينا من طرفي شفتيه: بالأول رغيف الفلافل بعدها كل شيء يهون. عندها ايقنا اننا وجدنا الثغرة للحد من غي حبيب وتماديه على بنات العالم، فقدّمنا اول رغيف فلافل لزميلنا الساذج، ونحن نقول له: كل ما نطلبه منك هو ان تضع الزميل مشهور حبيب تحت المراقبة وان توافينا بأخباره اولا بأول. ابتسم ساذج الصحيفة وهو يرسل النا من طرف عينه نظرة الفاهم. قال هذه مقدور عليها.. وابتدأ المراقبة.

لم يمض سوى يوم واحد حتى جاءنا بالخبر المتوقع، ان حبيب يقف قبالة بيت قريب من مكاتب الصحيفة، صبيحة كل يوم، ينتظر ان يخرج رجل من بيته، وفور خروجه من هناك يدخل هو، وهل رأيت ماذا يفعل هناك؟ سألنا ساذج.. نا، فرد بأنفة عربية نعرفها اكثر من الجميع، ولوّ وشو بده يعمل.. وقال بخفر.. بعمل اللي بعمله الزلمة مع المرة. عندها ابتسمنا ونحن نشعر بمفاجأة حقيقية.. رغم اننا توقعنا مثل تلك الخبرية، قدمنا الى ساذج.. نا.. رغيف فلافل ساخنا يرتفع منها البخار، واجتمعنا لنفكر في ماذا بامكننا ان نفعل ازاء مثل ذاك الإدّ العظيم، وتوصلنا الى اننا يجب ان نضع حدا لتلك المهزلة والا نُمكّنها من التفاقم، منعا لمضاعفات قد لا تحمد عقباها. وكان ان اتفقنا على ان نطلب من ساذج.. نا.. ان يترقب خروج حبيب من بيت تلك المرأة وان يدخل اليها ويحذرها قائلا.. ان زوجها طلب منه ان يقوم بمراقبتها، وان ضميره لم يطاوعه فيتسبب في خراب بيتها.

ابتسم الساذج ومضى وهو يقول هذه تحتاج الى رغيفي فلافل، فوعدناه بثلاثة ارغفة، اذا ما نجح في مهمته تلك. دخل الساذج في اليوم التالي متهلّل الاسارير، وهو يقول انه ما ان حذر تلك المرأة.. كما اتفقنا معه، حتى امتقع وجهها، واغلقت باب بيتها مُقسمة انه لن يفتح الا لزوجها. للحق نقول اننا شككنا فيما قاله ذلك الساذج، غير اننا ما لبثنا ان صرفنا ذلك الشك مستبدلين اياه بالقين، اما كيف حصل ذلك، فقد رأينا زميلنا حبيب يدخل مكاتب الجريدة مبكرا على غير عادته في الفترة الاخيرة، وعلى وجهه علامات غضب وانكسار، وكان ان ادنيت فمي من اذنه لأساله عمّا به، فأرسل نظرة غاضبة نحوي، ولم يجب. عندها ايقنت ان علاقته بتلك المرأة قد انتهت.. وان عهد عبثه بها وببيتها.. قد ولى.

في الايام التالية تواصل ظهور الغضب على وجه حبيب، الا انه ما لبث بعد فترة، ان استعاد فرحه الهارب، فسألته عن السبب من منطلق المحبة والطمأنينة، فأرسل نحوي نظرة انتصار وتمتم قائلا: لقد غمزت الصنارة مجددا. واعترف انني حاولت ان اعرف منه المزيد، الا انه اصرّ على صمته، الأمر الذي دفعني إلى عقد اجتماع حضره الزملاء الموظفون السبعة.. زائد ساذج الجريدة، وكان ان جدّدنا فترة توكيل الساذج بتشديد المراقبة، غاب الساذج يومين وفي الثالث عاد ليقول لنا انه رأى حبيب.. نا.. برفقة صبية من جيل بناته، في الحرش القريب. وعندما طلبنا منه ان يُفصّل في القول.. رد قائلا: بستحي. عندها قدمنا اليه رغيف الفلافل المطلوب، وصرفناه للتداول في الحل، وكان اول ما اتفقنا عليه هو ان يقوم الساذج بمراقبة تلك الفتاة ووضعها تحت المجهر، وكما حصل في المرة السابقة، غاب الساذج يوما ونصف اليوم وجاب لنا الاخبار: الفتاة/ ضحية مشهور حبيب.. هذه المرة من عائلة محافظة، وعدد اخوتها ثلاثة، وهم معروفون بالشراسة وعدم التسامح مع من يقع بين ايديهم. بعد التشاور فيما بيننا، توصلنا هذه المرة الى انني سأقوم برقن مكتوب تحذيري نلتهب ومجهول التوقيع، اعلم فيه حبيبا بما علمنا به عن تلك الفتاة، وان اطلب من الساذج، ان يدزّه اليه بطريقة متقنة. فوعدني الساذج خيرا. بعد يومين دخل حبيب وهو يزفر مثل افعى زارطة، فأيقنت ان سهمَنا قد اصاب هذه المرة ايضا، وسالت حبيبا عما به، فنفر بي قائلا: عفّ عني.

دخل حبيب مجددا في حالة من الحزن، الا انه ما لبث ان خرج منها فرحا، وبالغ في فرحه فعزم كل موظفي الجريدة على اكلة فلافل مفتخرة، اكلنا الفلافل هذه المرة جماعة، وما ان انتهى العرض حتى غمزنا الساذج موحين اليه ان يجدد مراقبته، ولم يطُل انتظارُنا هذه المرة، فسرعان ما عاد الينا الساذج وعلى لسانه قصة مثيرة مفادها: ان حبيبنا يتردد على بيت امرأة مطلقة وام لسبعة شباب!! ما ان سمعنا هذا حتى انتابتنا حالة من القلق، وقبل ان نطلب من الساذج ان يقوم بأية مهمة تحذيرية، جاءنا يقول.. ان ابن تلك المطلقة قد داهم غرفة امه بعد دخول حبيب اليها، وانه قد صوّب نحو راسه مسدسه، قائلا له اما ان تقتل واما ان تعقد قرنك على امي، فاختار حبيب اهون الشرين.. وعقد قرانه على تلك المطلقة، تحت التهديد بالمسدس. ولم يكن امام حبيب من مفرّ، فدعانا الى عقد حفل عقد قرانه على تلك المطلقة، فاستجبنا لدعوته ورقصنا.. ورقص ساذج.. نا.. كما لم يرقص من قبل.. في حين توقف حبيب حائرا وغير مصدق ما حدث معه.