logo

قصة قصيرة بعنوان ‘بحث جريء‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس من البعنة

25-02-2024 15:59:18 اخر تحديث: 25-02-2024 16:13:13

توقفت عند تغريدة لشاب ما زال في طور شبابه. لقد كتب لو كنت حاكما لإحدى الدول الكبيرة لكنت صنعت أولا السلام، وأطعمت العباد، وجعلت كل إنسان يشعر بالأمن والأمان،


اسماء الياس - صورة شخصية

كنت أقفلت مصانع السلاح، وجعلت الحياة فيها ما يستطيب.

لن أخفي عليكم سرا أعزائي القراء. لقد شدني هذا الكلام كثيرا، حتى بت أفكر بهذا الشاب بشكل جدي. كيف لو كان ما يتمناه يدركه؟ وكيف لو كان مثله كثر؟

بتلك اللحظة فكرت أن أقوم ببحث وقد أطلقت عليه. "مبادرة نحو عالم خال من السلاح".

وحتى يكون بحثي شامل قررت الاستعانة بأستاذي دكتور كميل فالح. شرحت له بإسهاب عما يشغل بالي فقد كنت متأكدة بأني وصلت لمن لديه الخبرة الواسعة بهذا المجال.

دكتور كميل فالح أستاذ قانون دولي وله الكثير من الأبحاث التي ترجمت لعدة لغات، حتى أنها وصلت لمؤسسات علمية عالمية. وباعتباره معلمي السابق وجاري "والجار أحق بالشفعة" لذلك كان هو الأقرب للموضوع الذي قررت العمل عليه، وإخراجه بالشكل الذي يتيح لعالمنا أن يعود له توازنه. وحتى يكون بحثي له دلائل علمية، لذلك وجب الاستعانة بشخصية لها مكانة علمية مرموقة.

قدمت فكرتي. باختصار.

كيف نصل لعالم خال من أسلحة الموت والدمار؟

سألته:

- لماذا زعماء العالم متفقون جميعا بأن من يمتلك الأسلحة الأكثر دمارا يهاب جانبه؟

هل القوة أصبحت اليوم باغتيال الحياة؟ ومحو ضحكة طفل ما زال في بداية حياته.

أريد أن أفهم شيئا واحدا: لماذا الموت أصبح يتصدر أكبر العناوين ونشرات الأخبار.

شاب يقتل زميله أو جاره أو ابن بلدته ودينه وجلدته.

لماذا أصبح الموت على لائحة الانتظار؟ بدل أن تكون السعادة والحب هما من ننتظرهما.

اليوم وكل يوم أشاهد نشرات الأخبار. لا أرى سوى صور الموت البشع. اشتقت أن أشاهد خبر يسر القلب الحزين. لكن لا شيء مما أتمناه أدركه.

لقد جئت عندك أستاذي حتى تعطيني ولو تفسيرا لكل ما يحدث من معارك جعلتنا نقف عندها مستغربين.

هل كل ما يحدث حقيقي أو أنه حلم سوف ننهض منه على واقع أجمل؟

تلميذتي النجيبة سناء. أنت بلا شك درست على مدى التاريخ كم من الحروب نشبت مما تسببت في موت ملايين البشر، وإلى اليوم لا يعرف السبب الحقيقي وراء كل تلك الحروب، إلا إذا كان السبب الرئيسي أطماع الزعماء وتجربة الأسلحة التي صنعوها على البشر.

صدقيني لولا وجود أناس يسعون نحو السلام لكان كوكبنا اليوم يعاني الأمرين، وكنا انقرضنا مثل الديناصورات.

لقد قدمت بحثي للدكتوراة "كيفية الوصول لعالم خال من الأسلحة". رغم أن بحثي من وجهة نظر الكثيرين مستحيلا. لكن كما تعلمين أنا أتجاوز المستحيل، ولا أدع شيئا يقف أمام طموحي.

الفكرة جاءت عندما قتل لي قريب بهجمات فئات مسلحة قتلوه في دكانه لأنه رفض أن يدفع لهم "خاوة" هذا الشيء حفزني أن أقوم بالشيء الذي كان علينا كلنا التفكير به قبل أن يستفحل الأمر ويصبح من الصعب احتواءه.

وقفت عند هذا الأمر وبدأت بالبحث عن جذوره. هل الإنسان يولد مجرما؟ أو أن التربية والبيئة هي السبب في بلورة شخصيته؟

كثيرا ما كنت أفكر بذلك منذ مرحلة طفولتي إلى شبابي وحتى إلى يومنا هذا وأنا أرى العنف بازدياد كأننا نعيش فوق بركان ثائر. وهذا الشيء حفزني حتى أكتب عنه، بشرح كاف، وقدمته للدكتوراة وأخذت عليه علامة كاملة.

لم أقف عند هذا الحد فقد جربت أن أصل للمعادلة الوحيدة.

كيف الوصول لعالم خال من الأسلحة المميتة؟

عندما تمتد أيادينا نحو السلام. عندما نلغي كلمة الأنا من قاموسنا، عندما نحترم حياتنا، ونقدسها ولا نجعل شيئا يفسدها. الحياة جميلة بكل ما فيها. لو أننا تعلمنا من أجدادنا بأن المحبة هي الأبقى لكنا وصلنا لمجتمع وعالم خال من أسلحة الدمار الشامل.

وفي النهاية وجب على كل محبي الحياة الوقوف بوجه عجلة الموت.

لأن الحياة جميلة ويجب علينا احترامها..