صورة من زهير دعيم
والآباء والأمهات العبلينيين في الفترة العثمانية حتى 1918 )
نعم ؛ معرِضٌ يأخذك بعيدًا الى الذّكريات الرائعة والى الطِّيبة والبساطة والسّروال والقمباز والحطّة والعقال والمنديل وستّي الختيارة وكروم العنب والحكايات، فأنّا تلفتَّ وجدْتَ الصُّور المُعلّقة على جُدران المعرض تقطرُ ذكرياتٍ حلوة ، وتعبق بشذا الماضي الجميل ، فهذا ابونا المرحوم الخوري إبراهيم سليم ينظر بعين المحبّة الى شيخ البلدة المرحوم علي الخطيب ، وتلك المرأة المتوّشحة بمنديل أسود تبتسم وتغازل بهمس جارتها القابعة في الجهة المقابلة .
... وأروح اتنقّل من لوحة الى لوحة وكلّها مُضمّخة بعطر الجمال والتّاريخ الباقي ، وإذا بيدٍ لطيفة تُربّت على كتفي ، فالتفتُ فإذا به القيّم على المعرض الفنّان الهادئ والمبدع نبهان توفيق زهران ، فيأخذني الى ركنٍ بديع ، فكادت الدمعة هناك تفِرُّ من عينيّ، فوالدي الغالي المرحوم عزيز إبراهيم دعيم يرنو بعين هائمة نحو زوجته ( والدتي) نايفة ميرم دعيم ، فأعود بالخيال الى تلك الأيام الحُبلى بالطيبة والطمأنينة والبساطة والفقر الممزوج بالقناعة والايمان.
ما أُحيلاهُ من معرض ، وما أروعه من كتاب للتاريخ يحكي ويحاكي القصائد الجميلة المُطرّزة على الجُدران ، والتي تقول كلّ شيء ؛ تقول : عبلّين البلدة العروس القابعة على خدّ روابي الجليل كانت وما زالت نبعًا للمحبة وشلّالًا للأُخوة والانسانيّة .
هذا وافتتح الحديث والذكريات والترحيب عضو نادي المحبّة الدكتور سليم حبيب حاج والذي بدوره دعا الدكتور سهيل حاج ، الذي لم يُقصّر، فشكر الحضور أيضًا باسم نادي المحبّة - هذا النادي والذي خدم ويخدم منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ، فيزرع في ربوعنا ونفوسنا الفنّ والأدب والتراث والتآخي -
فراح استاذنا د.سهيل الحاج يحكي ويسرد قصصًا جميلةً وواقعيةً ربطت الخوري بالشيخ وربطت علي خطيب بحبيب ميرم وبيع العنب والبدوي الجميل رجا أبو ضعوف بالعبالنة الذين مرّوا عَبْرَ الضميدة هاربين من وجه الجيش الإسرائيلي عام 1948 ؛ هاربين الى لبنان ، ففتح بيوت عائلته وآبارها ومخازن قمحها وحبوبها امامهم واستضافهم الى ان هدأت الأمور، فعادوا سالمين وفي افواههم الف باقة شكر ..
حقًّا فإني أذكر ايضًا والدتي أمّ سمعان دعيم تشارك جارتنا أمّ حمادي حيدر وأمّ الطيّب والمرحومة نايفة خليفة؛ تشاركهنَّ " الخبيز " في الطّابون .
أذكر ولا أنسى ..
بورك عطاؤكم اخوتنا الرائعين في هذا النادي الجميل ؛ نادي المحبّة .
ودمتم تزرعون الفنّ في تربة الأمل وتُلوّنون التُّراث بألوان قوس قزح ، وتنثرون الأحلام فوق " زعيطة " و " الشّمالي " و" أمّ الشتوية" و" رأس نعمة و" جبل النّور " وحتى في " الضميدة " ...
بوركتم ألف مرّة .. ولنا لقاء.