logo

‘ الحياة اختيار وانا اخترت ان أعيش ‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس من البعنة

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
29-06-2023 14:19:35 اخر تحديث: 01-07-2023 17:38:22

أبنائي الأحبة أقول لكم وبصدق أنتم أجمل شيء خرجت به من هذه الحياة. يوم زوجوني كنت طفلة لا أفهم شيئًا من أمور الزواج، ولم يحدث ولا مرة أن تكلمت مع والدتي بهذا الأمر، كل ما أعرف


الكاتبة أسماء الياس - صورة شخصية

 عن الزواج بأن المرأة تكون لوحدها وبعد ذلك يصبح لديها الكثير من الأولاد. في ذلك اليوم أخبرتني والدتي بأن ابن الجيران طلب يدك للزواج والدك وافق عليه، لأنك أصبحت صبية ويجب أن تتزوجي.

-لكن يا والدتي أريد اكمال دراستي حتى أصبح معلمة تعلم الأجيال.

لكن كلامي ذهب مع الريح لم يسمعوني لم ينتبهوا لعذاباتي، تركوني الاقي مصيري لوحدي مع شخص لم يصدف ورأيته. 

كأني ذبيحة ويريدون أن يضحوا بها. لم يكترث أحد لنداء قلبي الذي كان يتألم ويعاني وهم سعداء لأنهم تخلصوا من هم إحدى البنات.

ما دمنا هم لأهالينا. لماذا تنجبونا من الأساس؟ 

سؤال سألته لوالدتي: لكنها أسكتتني حتى لا يسمعني والدي ويصرخ عليَّ ربما يصل الأمر للضرب المبرح.

أتذكر الخوف الذي كان يعتري والدتي كلما عاد والدي من العمل وهي لم تكن بعد قد جهزت له الطعام. كأن جاء البلاء الأعظم. لم تكن تسلم من الشتائم والضرب والاهانة، كأنها عبدة وليست شريكة حياته. كنت أسمعها تبكي في غرفتها وتمسح دموعها بكمها. عذابها كان يشقيني يعذبني. لهذا كرهت شيء اسمه رجل. قررت بيني وبين نفسي بأني لن أتزوج. وإذا حصل واجبرت على الزواج سوف انتحر. 

لكن والدتي كانت دائما تخبرني بأن زواج البنت سترة. سألتها ما هذا الكلام هل الفتاة فضيحة حتى يأتي أي رجل ليستر عليها؟ لكن في كل مرة أفتح معها هذا الموضوع كانت تزجرني بنظراتها التي تجعلني أصمت ولا أعيد عليها مثل هذا السؤال.

 والدتي كانت من النساء المجاهدات يكفي بأنها تحملت والدي وصبرت على ظلمه.

لكن رغم كل هذا الظلم ربتنا واحسنت تربيتنا. ربتنا على الحب وتقبل الآخر، عندما كنت أعود من المدرسة باكية شاكية ظلم الحياة، كانت تجلس معي تحدثني بأنه يجب عليَّ ألا أستسلم وأكون أقوى من كل الظروف. 

كنت أستمع لها وأنا شاكرة الحياة لأن لديَّ أم رغم معاناتها والظلم الذي 


لحقها من مجتمع لا يقدر قيمة المرأة وهي الذي قال عنها نابليون "تستطيع المرأة أن تهز المهد بيمينها والعالم بيسارها" ونحن نريد من المرأة أن تبقى حبيسة جدران المنزل وألا تخرج حتى لا تجلب الفضيحة لأهلها.

لكن رغم كل هذا كانت تعطيني القوة تحفز في ألا أستسلم. لكن عندما يكون لك أب لا يشعر معك، ولا يتفهم مشاعرك، ويكون هو الآمر الناهي والسُلطَةَ بينَ يديه، يكون من الصعب أن تكوني حرة باختيارك لشريك حياتك، وخاصةً ونحن نعيش في مجتمع منغلق يحرم على المرأة أن تعبر عن رأيها. وتكون دائمًا تابعة للرجل، وممنوعٌ لها أن تعترض. 

 حاولت بكل استطاعتي ألا أخضع لإملاءاتهم. لكن في النهاية استسلمت لقدري. تزوجت أباكم. لكن أي زواج هذا. لأن الزواج إذا لم يكن مبني على الحب يكون الجحيم بذاته. وأنا بالفعل كنت أعيش بجحيم.

لكني صبرت وتحملت بعد ولادتي لأول الأبناء. حبيب ابني البكر الغالي. شعرت بعد ولادتك بأن للحياة طعم غير. وعيني التي لم تكن ترى غير السواد، أصبحت اليوم ترى كل شيء جميل. والحياة لا بد أن تنعم عليَّ بعد كل هذا الشقاء شيء من الفرح التي كنت بحاجة إليه. وخاصةً لأني ولدت أول بطن ولد.

كنت بحاجة لنظرة حب للمسة تشعرني بأني إنسانة تستحق أن يقال بحقها كلمة حب، لأنها أولاً وأخيرًا من لحم ودم ومشاعر.

حقيقي لأول مرة لمست الحب من والدكم بعد أن أنجبت أول الأبناء. دللني جلب لي ما أشتهيه من مأكل ومشرب ولباس وأخذني رحلة خارج البلاد. 

لكن عندما أنجبت اختكم سهيلة عاد إلى عادته يعبس في وجهي. أوامره لا تنتهي، كأني جلبت له مصيبة. هل يا ترى أنا المسؤولة عن نوع الجنين. هكذا كان الرجل العربي يعتقد. لكن من الناحية العلمية المسؤول عن نوع الجنين هو الرجل.

باختصار الحياة مرت بحلوها ومرها. لكن الذي صبرني وجودكم في حياتي. ربيتكم حتى كبرتم وكل واحد منكم شق طريقه.

اليوم أستطيع أن أقول لكم نجاحي الوحيد بالحياة عندما أنظر إليكم وأرى بأن تعبي لم يذهب سدى.