صورة من الكاتب
الطالبة تلحف في السؤال، الكاتب يتجاهل الحافها، ويواصل محاضرته معرّفًا بنفسه. أنا من مواليد مدينة الناصرة. أهلي وفدوا إليها عام النكبة من قريتهم سيرين الواقعة في منطقة بيسان آنذاك.. بعد سنوات ولدت. طفولتي كانت شقية. أحببت القصص والكتب، كما لم أحب شيئا آخر في الحياة. عندما كنت صغيرًا كنت أتخيل الجنة مكتبة. ما زلت حتى الآن أحب الكتب لكن بقوة أكبر. أمس قلت لابنتي إن حبّي للكتب، خاصة القديمة ذات الرائحة الخاصة، يكبر كلّ يوم سنة. والآن أريد أن أجيب عن سؤال هامّ هو لماذا اقرأ الكتب..
التلميذة:( تعود لإلحاحها): أستاذ أريد أن أسألك سؤالًا هامًّا..
الكاتب: فيما بعد.. فيما بعد..
الكاتب يواصل حديثه للطلاب الفرحين بوجوده بينهم، أنتم تعرفون أن الانسان عادة ما يعيش عمرًا محدودًا على هذه الارض. أنا أقرأ الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني. كلّ كِتاب جيّد أقرؤه يضيف إلى حياتي حياة جديدة.. حتى أنني أشعر بأن السنوات العادية لا تُحدّد عمري.
يرنّ جرس المدرسة. لقد انتهى اللقاء. يواصل الكاتب الضيف. أعتذر لقد انتهى اللقاء. أنتم تعرفون أن اللحظات الطيبة قصيرة مهما طالت، أعتذر لأن الوقت انتهى.. وددت لو أنه طال قليلًا لاستمع إلى أسئلتكم..
يَجمع الكاتب مؤلفاته من على الطاولة قربه.. يضعها في حقيبته اليدوية وينطلق خارج الصف. يشعر بأقدام تجري مسرعة وراءه .. يلتفت إلى الخلف. يرى التلميذة صاحبة السؤال المؤجّل. يتوقّف تلحق به.
التلميذة: أستاذ.. أردت أن أسألك عن عمرك.
الكاتب: أعرف.
التلميذة: لقد تراجعت عن السؤال، لأنني عرفت عمرك.
يبتسم الكاتب الشيخ: كم عمري؟
التلميذة: أعتقد أنه تجاوز الستين ألف سنة.. منذ فترة بعيدة..