logo

قصة وصية أم للأطفال .. اقرأوا برفقة الأطفال

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
20-09-2020 06:49:42 اخر تحديث: 18-10-2022 08:13:13

في يوم من الأيام كانت هناك أما “فانتين” قد أنهكها كثرة العمل والدوام عليه لدرجة أنها قد اعتادت على العمل وتعبه، فقد كان كل همها توفير النقود الكافية لترسلها إلى أناس


صورة للتوضيح فقط - iStock-vgajic

يرعون ابنتها الصغيرة والوحيدة والتي تبلغ من العمر ثمانية عاما؛ كانت تلك السيدة تعمل لدى رجل صالح يدعى “مادلين” يمتلك مصنعين كبيرين يعتمد كل من بالبلدة على العمل عنده وبالرغم من كل أمواله وثروته وفتحه لكل بيوت البلدة إلا أنه لم يكن إلا رجلا متواضعا، كان يعطف على الصغير ويوقر الكبير، كان ينفق على المساكين والفقراء، يخصص من وقته وجهده لمساعدتهم.
 
وبيوم من الأيام كان يسير على الطريق فرأى رجلا فقيرا ينظر إلى الخبز المعروض بحسرة ولذة، فتذكر على الفور ماضيه وذكرياته الأليمة…

لقد كان في ذات يوم في مقتبل عمره فقيرا معدما دفعه الفقر وشدته إلى سرقة قطعة خبز من شدة جوعه فمان مصيره أن قبض عليه رجال الشرطة، والأدهى من ذلك عوقب بقلوب قاسية فقد دفع تسعة عشرة عاما من عمره في السجن لقاء أخذه لقطعة خبز من أجل أن يشبع جوعه.

تقدم تجاه ذلك الرجل وأعطاه مالا وفيرا، فرح الرجل مما فعله “مادلين” ودخل على الفور إلى المتجر واشترى الخبز الذي اشتهاه.

بذلك اليوم وقعت “فانتين” على الأرض طريحة من شدة ما ألم بها من إعياء؛ كل من معها بالعمل حزن كثيرا عليها واستدعوا لها صاحب العمل “مادلين” الذي أخذها إلى منزله واستدعى من أجلها أشهر الأطباء والذين رأوا أنه لا يوجد أي أمل من شفائها، شعرت “فانتين” بقرب أجلها لذلك أوصت “مادلين” بابنتها الوحيدة التي لم ترها منذ خمس سنوات منذ أن كان عمرها ثلاثة أعوام، فاضت عيناها بالدموع الغزيرة إذ كانت تتوق إلى رؤية صغيرتها ولكنها وافتها المنية.
 
بكاها “مادلين” بحرقة ووجع وأقسم أن يهتم لأمر ابنتها طالما مازال على قيد الحياة؛ أخذ معه من المال ما يكفيه ويكفي رحلته إلى “مونتفيرين” وهي بلدة صغيرة تبعد أميال عن باريس…

 
بتلك البلدة الصغيرة كان هناك فندقا صغيرا لمالكه السيد “شنايدر” وزوجته وابنتيه اللتان تقريبا بعمر “كوزيت” ابنة “فانتين” الأم الراحلة، والتي كانت ترسل للسيد “شنايدر” وزوجته كل شهر 100 فرانك بعدما بعثت إليهما كل ما تملك لقاء توفير الحياة الرغدة لابنتها “كوزيت” بتعليمها وملبسها ومأكلها ومشربها.

ولكن هؤلاء الناس لم يكونا من ضمن البشر بل كانا وحشين كاسرين، لم تهنأ “كوزيت” بالعيش ولو للحظة واحدة، كا كل العمل بالفندق يقتصر على تلك الطفلة الصغيرة ذات الثمانية أعوام حيث كان السيد “شنايدر” عليه الكثير من الديون التي تبلغ 1500 فرانك، كانا لا يحسنان إليها صنعا في حين يوفران كل شيء لابنتيهما من المال الذي ترسله إليهما “فانتين” من أجل العناية بصغيرتها طيلة الخمس سنوات.

وبإحدى الليالي وكانت ليلة العيد نفدت المياه من الفندق فأرغمت زوجة السيد “شنايدر” كوزيت على الرحيل في البرد القارص والثلوج المتساقطة إلى ينبوع الماء حيث يوجد بالغابة المظلمة، خافت الصغيرة من أن تذهب إليه ولكنها لم تستطع الرفض، فذهبت الصغيرة وملأت الدلو الثقيل لدرجة أنها لم تستطع حمله، في هذه اللحظة جاء “مادلين” وحمل عنها الدلو، لقد كان شخصا طيب القلب، وتكلم مع الطفلة الجميلة وأثناء حديثهما عرف بأنها ابنة كوزيت.

وأثناء عودتهما إلى الفندق جرت الطفلة إلى متجر ألعاب لتتكلم مع دمية معروضة به: “لقد عدت يا أميرتي، ألم أخبركِ بأنني لن أتأخر بالغابة المظلمة وأنه لن يحدث معي سوء”.

تعجب “مادلين” من أمرها ولكنها أخبرته بأنها صديقتها الوحيدة التي تتحدث إليها، وأنها دمية باهظة الثمن لذلك لم يستطع أحد من البلدة أن يشتريها.

ساوم “مادلين” السيد “شنايدر” الجشع وزوجته الظالمة على أخذ “كوزيت” والاعتناء بها، فطلبوا منه 1500 فرنكا ليعطوه كوزيت، فوافق على الفور ودفع لهما.

عاش “مادلين” وكوزيت مع بعضهما حياة سعيدة للأبد، فكلاهما مر بنفس الصعاب والمآسي.