صورة للتوضيح فقط - تصوير: MelkiNimages - istock
منقاً نُثرا فأحمدوا الصباحا واستيقنوا النجاحا فأسرعوا إليه وأقبلوا عليه حتى إذا ما اصطفوا حِذاءه أسفوا فصاح منهم حازم لنصحهم ملازم مهلا فكم من عجلة أدنت لحي أجله تمهلوا لا تقعوا وأنصتوا لي واسمعوا آليتكم بالرب ما نثر هذا الحب ؟
في هذه الفلات إلا لخطب عاتي إني أرى حبالاً قد ضمنت وبالا وهذه الشباك في ضمنها هلاك فكابدوا المجاعة وأنتظروني ساعة حتى أرى واختبر و الفوز حق المصطبر فأعرضوا عن قوله واستضحكوا من حوله قالوا وقد خط القدر للسمع منهم والبصر ليس على الحق مرا حب معدٌ للقرا ألقي في التراب للأجر والثواب ما فيه من محذور لجائع مضرور أغدوا على الغذاء فالجوع شر داء فسقطوا جميعا للقطه سريعا وما دروا أن الردى أكمن في ذاك الغدا فوقعوا في الشبكة وأيقنوا بالهلكة وندموا وما الندم مجد وقد زلّ القدم فأخذوا في الخبط لحل ذاك الربط فالتوت الشباك والتفت الأشراك فصاح ذاك الناصح ما كل سعي ناجح هذا جزاء من عصى نصيحه وانتقصا للحرص طعم مر وشره شمِّر وكم غدت أمّنية جالبة منية فقالت الجماعة دع الملام الساعة إن أقبل القناص فما لنا مناص والفكر في الفكاك من ورطة الهلاك أولى من الملام وكثرة الكلام وما يفيد اللاحي في القدر المتاح فاحتل على الخلاص كحيلة إبن العاص فقام ذاك الحازم طوع النصوح لازم فإن أطعتم نصحي ظفرتم بالنجح وإن عصيتم أمري خاطرتم بالعمر فقال كل هات فكرك بالنجاة جميعنا مطيع وكلنا سميع وليس كل وقت يزول عقل الثبت فقال لا تحركوا فتستمر الشبكوا واتفقوا في الهمة لهذه الملمة حتى تطيروا بالشبك وتأمنوا من الدرك ثم الخلاص بعد لكم علي وعد فقبلوا مقاله وامتثلوا ما قاله واجتمعوا في الحركة وارتفعوا بالشبكة فقال سيروا عجلا سيراً يفوت الأجلا ولا تملوا فالملل يعوق فالخطب جلل فأمهم وراحوا كأنهم رياح واقبل الحبّال في مشيه يختال يحسب أن البّركة قد وقعت في الشبكة فأبصر الحماما قد حلقت أمامه وقلّت الحبالة وأوقعت خباله فعض غيضاً كفه على ذهاب الكفه فراح يعدو خلفها يرجو اللحاق سفها حتى إذا ما أيسا عاد وهو مبتئسا وأقبل الحمام كأنه غمام على فلاة قفر من الأنام صفر فقالت الحمامة بشراكم السلامة هذا مقام الأمن من كل خوف يعني فإن أردتم فقعوا لا يعتريكم فزع فهذه المومات لنا بها النجات ولي بها خليل إحسانه جميل ينعم بالفكاك من ربقة الشباك فلجأوا اليها ووقعوا عليها فنادت الحمامة أقبل أبا أمامة فأقبلت فويرة كأنها نويرة تقول: من ينادي أبي بهذا الوادي قال لها المطوق أنا الخليل الشيق قولي له فليخرج وآذنيه بالمجي فرجعت وأقبلا فأرٌ يهد الجبلا فأبصر المطوقا فضمه واعتنقا وقال أهلا بالفتى ومرحباً بمن أتى قدمت خير مقدم على الصديق الأقدم فادخل بيمن داري وشرفن مقداري وانزل برحب ودعة وجفنة مدعدعة فقال كيف أنعم أم كيف يهني المنعم ؟ وأسرتي في الأسر يشكون كل عسر فقال مرني ائتمر عداك نحس مستمر قال أقرض الحبالا قرضا بلا ملاله وحل قيد أسرهم وفكهم من أسرهم قال أمرت طائعا وخادماً مطاوعا فقرض الشباكا وقطع الأشراكا وخلص الحماما وقد رأى الحّماما فأعلنوا بحمده واعترفوا بمجده فقال قروا عينا ولا شكوتم أينا وقدم الحبوبا للأكل والمشروبا وقام بالضيافة بالبشر واللطافة أضافهم ثلاثا من بعد ما اغاثا فقال ذاك الخل: الخير لا يمل فقت أبا أمامه جوداً على ابن مامة وجئت بالصداقة بالصدق فوق الطاقة ألبستنا نطاقه وزدتنا أطواقا من فعلك الجميل و فضلك الجزيل مثلك من يدخر لريب دهر يحذر وترتجيه الصحب إن عمّ يوماً خطب فأذن بالإنصراف لنا بلا تجافي دام لك الإنعام ما غرد الحمام ودمت مشكور النعم ماراً شاد بنغم فقال ذاك الفأر جفا الصديق عار ولست أرضى بعدكم لا ذقت يوماً فقدكم ولا أرى خلافكم إن رمتم انصرافكم عمتكم السلامة في الظعن والإقامة فودعوا وانصرفوا والدمع منهم يذرف فاعجب لهذا المثل المغرب المؤثل أوردته ليحتذى إذا عرى الخل أذى.