صورة للتوضيح فقط - iStock-T-Turovska
كان يحتال دومًا على المسافرين ليعطوه ممتلكاتهم أثناء مرورهم (من هناك)، ثم كان يحتفظ بممتلكاتهم في كوخه. أحبَّ منيرٌ الأشياء الجميلة. وكلما زاد عدد ضحاياه، زادت الأغراض الجميلة التي يحتفظ بها.
ذات يوم وبينما كان واقفًا على جانب الطريق، مرَّ به رجلٌ برداٍ طويلٍ وفضفاض، اسمه عادل. لم يكن منير يعلم بأن عادلًا كان ساحرًا.
سار منيرٌ حتى وقف أمام عادلٍ ولوَّحَ له بيده ورسم ابتسامة على وجهه. “مرحبًا يا سيد. هل تمانع إن رافقتك في نزهة صباحية؟” أنا ماضٍ بافعل في نزهتي الصباحية “حقًّا؟ لكنك لم تشتري واحدة منّي.
هل سرقتها أم أنك نسيت أن تدفع؟” لقد مرّت على عادلٍ حيَلٌ مشابهةٌ بهذه وكان ستعدًّا للرد على منير. ففرد ذراعيه وكانت أكمامه الواسعة تتأرجح للأسفل أمام ناظري منير وقال بهدوء: “أيها الشاب. هل تدرك عدد الأشخاص الذين تأذّوا بسبب سرقاتك الصغيرة هذه؟ نظر منيرٌ إلى الساحر باسمًا، “سرقات صغيرة؟ سيدي أنت مخطئ.
أنا أقنعهم بأن يدفعوا ما يدينون به لي فقط. لم أسرق من أحدٍ من قبل”. رفع الساحر حاجبيه حتى كادا يصيران جزءًا من قبعته: “أنت بحاجة لدرسٍ يعلمك آثار أفعالك على الأشخاص الآخرين”، صرخ الساحر. ثم لوّح بذراعيه وأكمامه الفضفاضة فظهر مشهدٌ أمام منير.
في بيت مكوّنٍ من غرفة واحدة، كان هناك مسافران منهكين. كانت الزوجة تتكئ برأسها على كتف زوجها بينما تتقاطر دموعها من وجهها على قميصه. وبين كل تنهيدةٍ وأخرى تحدّث زوجها “أه يا تامر، لو أن ذلك اللص لم يسرق المال الذي كسبته من المزرعة، لكُنّا اليوم قادرين على دفع الضرائب والبقاء في المنزل”. نظر منيرٌ باستياءٍ وغضبٍ إلى الساحر “عليَّ أن أقتات أنا أيضًا. ليس خطئي أنه لا يملك ما يكفي من المال، كان عليه العمل بجدٍّ أكثر”.
تحولت عينا الساحر إلى السوادِ الحالك. كانتا أكثر سوادًا من غيمة عاصفة. “لقد صرت مطّلعًا على عواقب أفعالك ولاتزال غير نادمٍ على شيء؟ بعد هذا الفعل اللّصوصي الوقح، سألقي عليك لعنة تجعلك تعيش عامًا كاملا كحصان مزرعة. ستعرف بعدها معى أن تعمل بِجدّ” .
صُدم منيرٌ، لم يعرف ما عليه فعله. تابع الساحر وقال: “سنرى نتائج كل عملية احتيالٍ صغيرة قمت بها على كل ضحية، وسأقررُ العقاب المناسب على كل عملية” رفع الساحر أكمامه ثانية ليعرض مشهدًا آخر. ظهر رجل يجلس خارج متجر. يتكئ على كفيه دون أي حركة. بينما كان المارّة يتجاهلونه أو يرمون إليه بالقطع النقدية الصغيرة. اتضح لمنيرٍ بأنه رجلٌ كان قد احتال عليه وأخذ منه كيسًا من الحبوب قبل مدة ليست بطويلة.
“لقد سرقتَ حبوب هذا رجل بينما كان في طريقه إلى السوق. لم يتمكّن من بيعها وقد تدنى مستواه حتى صار يتسوّل ليطعم عائلته” “إن الناس يعطونه المال، ما يزال يجني المال من التسوّل، أصبحت أحواله جيدة” ومرة أخرى تحولت عينا الساحر للأسود: “أنت ما تزال غير مدركٍ لنتائج أفعالك. حالما تنتهي السنة التي ستعمل فيها كحصانٍ، ستُلعن لتقضي سنة أخرى كنسر. ستتعلم كيف تكون الحياة صعبة عندما تضطرُّ للتّوسُّلِ إلى الآخرين من أجل الفتات لتبقى على قيد الحياة”.
أخفض منيرٌ رأسه، ووعد نفسه بأنه في المرة القادمة عندما يريه الساحر مشهدًا آخر سيتظاهر بالندم. وتأمل أن يخدع الساحر فيقرر عدم إلقاء تعويذات أخرى عليه. رُفع الكمُّ فنظر منيرٌ بكل تركيزٍ. فظهر مشهدٌ آخر واضحًا وضوح الشمس. كانت فتاة ترقد على فراشٍ من القش ووجهها للأسفل. جاءها والدها يكادُ ينفجر غضبًا كعاصفة رعدية. وبدأ يصرخ عليها بأعلى صوته لدرجة يمكن أن توقظ مدينة بأكملها. “ماذا تعنين بأنك أضعتِ كل أدويتنا؟ دون تلك الأدوية لن نتحسّنَ أبدًا، قد نموت جميعًا” “أنا آسفة يا والدي”، بكت الفتاة، “لقد احتال علي لصٌّ وأخذها مني. أخبرني إنه سيدفع 3 دنانير ذهبيةٍ مقابل الأدوية. كنت أعلم بأنها تساوي دينارًا ذهبيا واحدا، لذلك كنت أنوي أن أشتري المزيد وأن أشتري الطعام بالباقي. وعندما ذهبت لشراء الدواء أخبرني البائع بأن الدنانير مزورة فهي من الحجارة المطلية بالذهب”.
أخفض منيرٌ رأسه بعد رؤية المشهد، ولم يشعر بأي ندمٍ أو شفقة على تلك الفتاة، لكنه حاول أن يخدع الساحر ليخرج من المأزق مع الساحر. “أنا آسفٍ جدًا على ما فعلتُه. سوف أزور العائلة وأعيد كل الأدوية إليهم”. تحولت عينا الساحر للأسود للمرة الثالثة، رفع ذراعيه للسماء فتجمعت الغيوم فوق رأسه: “هل تظنُّ أن حِيَلكَ ستنطلي عليّ؟ سوف تعيد كل ما سرقته لكل الضحايا، لكن الندم لن ينقذك من مشكلتك معي. بعد أن تقضي السنة كالحصان، وبعدها كالنسر، ستقضي سنة أخرى ملعونًا في صورة كلبِ الراعي.