من قطط إلى كلاب ثم عصافير الزينة وأخرها ببغاء اللوري الذي سُرق من البيت وكان ذلك أخر عهدي بالحيوانات والطيور الأليفة، ورغم ذلك ما زال في قلبي محبة خاصة للقطط، فهي المدافع والأمين عن صاحبها ولها مواقف في طرد وقتل الزواحف في البيت أو الساحة.
كبرنا وعرفنا أن الناس تربي أنواعا كثيرة من الطيور والحيوانات والقوارض، من الايجوانا إلى نمر أو أسد ولكن ما حيَّرني هم أولئك الذين يربون الأفاعي كحيوان مدلل، بعضها عندما تراه يجمد الدم في عروقك لحجمها ولخطورتها، وعندما تسأل عن السر يبدأ صاحبها بسرد روايات طويلة حول كيف وجدها صغيرة أو أنها غير مضرة وكيف وكيف وفي العادة يدعوك للمس جلد الأفعى، ولمن لا يعرف جلدها في الصغر له ملمس ناعم جدًا، ولا يشرح لك صاحبنا أن الأفعى تغير جلدها بين الحين والآخر ولا يزيد كيف يصبح جلدها خشنًا ومخيفًا في نظري عندما تتأهب للهجوم أو الدفاع.
في الحقيقة عندما يربي أحدهم أفعى إنما يُقْدِمُ على شيء كان بداخله مثل أي صاحب هواية تختلف عن بقية الناس، الغالبية العظمى من البشر لديها شعور أقله عدم الراحة عند رؤية الأفعى وأعلاه الهروب من الموقع إن لم يكن الهجوم وقتل الأفعى، فعامل الخوف كبير جدًا وليس مهمًا الآن أسباب الخوف أو الكراهية.
الغريب أن المجتمع قد يربى أفعى بشرية، بل أفاعٍ كثيرة ناعمة الملمس، جميلة الملامح حينًا، مخيفة كبيرة وصغيرة تهاجم بسرعة وتنقض على فريستها عند الجوع دون مقدمات، تغير جلودها دائمًا فتجد من يقسم بالله أنه أنظف جلد وأنعم ملمس، ولا يدري أن هذا مؤقت لأن الأفعى الطبيعية تكبر أما أفاعي البشر فتزداد نفوذًا وإصرارًا حتى تصبح أناكوندا.
أنواع الافاعي التي يربيها مجتمعنا كثيرة، ولكنها كلها تتشابه، خطرة ممنوعة من الخروج من القفص، هل رأيتم يومًا أحدًا يتنزه مع أفعاه في حديقة عامة؟ سيحدث أحد أمرين أما هروب الناس أو الأفعى، ولكن هناك من قرر إخراجها من القفص الزجاجي وتربيتها حتى صارت مستقلة ولها معجبون يحلفون بحياتها ويقسمون بالله أنها خير حيوان، ولها جمهور مشجع ومؤيد وينادي بها لتصبح في كل موقع.
الأفاعي تتكاثر ولا تلد إلا أفاعٍ مثلها وهكذا ودون أن نشعر بدأنا نعرف بعضها عندما نطلق على أحدٍ لقب " فلان حيه" هكذا وبدون تردد أصبح لدى البعض حيوان طليق كالكلاب الضالة داخل مدننا وبيوتنا دون منازع.
الأفاعي البشرية اشكالها الحقيقية يعلمها الله ومن مرَّ بتجربة معها كالذي لسعته أفعى أو استعملت معه الخنق، أو في أقل الحالات الرعب الذي يصاحبك فقط بمجرد المرور من جانب الأفعى، فهي لا تتكلم ولا تعلم أنت ماذا تريد ولكنها تصيطر على كل مقدراتك دون أن تراها، فمجرد وجود أفعى في المنطقة يعلمك الحذر والخوف في نفس الوقت.
الأفاعي المجتمعية كثيرة جدًا نحن من ربيناها صغيرة وأطلقناها تعوث فسادًا في المجتمع، من أقل الأمور إلى أعلاها، أنظروا حولكم لتتعرفوا عليها، أفعى سياسية، اقتصادية، اجتماعية، دينية، علمانية وهكذا في جميع المواقع وأشهرها على الإطلاق تلك التي تغير جلدها بوتيرة عالية نظرًا لامتلاء البطن بالفرائس، هذه في نظري الأخطر على الإطلاق.
وحتى نلتقي، الأفاعي كثيرة حولنا وأصبحت ناعمة الملمس ولكن لها أنياب فتاكة، من ينتظر منها أن تعيش بدون افراغ سمها في اجسادنا فهو ساذج بلا أدنى شك، سُم الأفاعي قاتل للمجتمع ولا يغرنكم ملمسها الناعم ابحثوا عنها في تفاصيل الصغيرة فقد استطاعت مع الزمن أن تكبر وتصبح جزءً من المشهد العام، على الأقل نشاهد بعضها يوميًا فالحذر الحذر إذا أردنا النجاة لا بد من القضاء على اعشاشها وعلى كل من يؤيد تربيتها، بئس أولئك الذين يريدون أفعىً كبيرة لأنهم أفاعٍ صغيرة.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]