بشكل كبير على حياته، ويمتد تأثيره لسنوات طويلة وأحيانًا طيلة العمر. وللحديث عن أهمية التدخل المبكر للأطفال، خصوصًا لهذه الفئة، استضافت قناة هلا، جيانا ناصر، مديرة وصاحبة مركز "جيانا" لتطور الطفل في الطيرة.
في مستهل حديثها لموقع "بانيت" وقناة "هلا"، قالت جيانا ناصر حول مركزها: "مركزنا في الطيرة قائم منذ خمس سنوات، ونحن وحدة تطورية تابعة لوزارة الصحة. نقدم جميع الخدمات التشخيصية والعلاجية للأطفال من عمر الولادة حتى عمر تسع سنوات في مجال تطور الطفل".
ومضت قائلة: "مصطلح التدخل المبكر هو مصطلح في غاية الأهمية في حياة الطفل. المقصود بالتدخل المبكر هو العمل مع الأطفال ضمن الفئة العمرية من الولادة حتى ست سنوات، حيث يجب على الطفل في كل مرحلة عمرية اكتساب مهارات معينة، سواء كانت لغوية، حركية، أو عاطفية. في حال وصل الطفل إلى عمر معين ولم يكتسب المهارات المتوقعة بشكل طبيعي وسليم، تبرز هنا أهمية التدخل المبكر والتوجه للحصول على العلاجات اللازمة. الهدف الأساسي من التدخل هو تقليص الفجوات في التطور ومساعدة الطفل على تحقيق تقدم في مختلف المجالات."
* كيف يمكن للأهل تشخيص وجود معضلة أو مشكلة عند الطفل، بالذات في الأسابيع الأولى والأشهر الأولى، ونتحدث عن مرحلة مبكرة جدًا، خاصة إذا كان هو الطفل الأول في العائلة؟
"طبعًا، هذه حالات كثيرة نحن نواجهها في الحياة اليومية. كثيرًا ما نرى أن الطفل الأول في العائلة، أو الولد البكر، هو التجربة الأولى، وهو ولد الذي يصل إلى التشخيصات في وقت متأخر قليلاً لأنه لا يوجد إخوة يمكن مقارنته بهم. دائمًا، مع الولد الثاني أو الثالث، تكون لدى الأهل تجربة مسبقة. رأى الأهل تلك التطورات أو شاهدوا سلم التطور وتعرفوا على المراحل التطورية السليمة عند إخوته، مما يكسبهم خبرة معينة. ولكن الطفل الأول دائمًا يصل إلينا للتشخيص والعلاج متأخرًا قليلاً لأن الأهل يكونون أقل خبرة وأقل تجربة في هذه المرحلة".
* كيف يمكن للأم أن تشخّص وجود مشكلة في التطور المبكر لدى طفلها؟
"هناك عدة عوامل تساعد في التشخيص المبكر. أولًا، الطفل من جيل صفر يكون تحت الرعاية المنتظمة في عيادات الأم والطفل، حيث تُجرى له متابعة دورية من قِبَل الممرضات. خلال هذه المتابعات، يمكن للأم الحصول على معلومات وطرح أسئلة تتعلق بتطور طفلها في المجالات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يلعب طبيب العائلة أو طبيب الأطفال دورًا مهمًا، حيث يمكنه ملاحظة أي صعوبات أو تأخر في التطور عند الطفل. إذا رصد الطبيب أي مشكلة، فإنه يوجه الأهل إلى مراكز تطور الطفل، حيث يتم تقديم التشخيص والمتابعة المناسبة، وحينها يصل الطفل إلى هذه المراكز لاستكمال الفحص والعلاج".
وأضافت: " اليوم، نحن نعيش في عالم مليء بالمصادر المتاحة مثل جوجل ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تحتوي على كم هائل من المعلومات التي يمكن أن توجهنا كأهل. ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين ونعتمد على المصادر الموثوقة فقط. الوالدية هنا تلعب دورًا كبيرًا ومسؤولية معينة تقع على عاتق الأهل. فإذا كنت كأم ألاحظ أن ابني في عمر معين لا يكتسب المهارات كما ينبغي، يمكنني البدء بالبحث والاطلاع على المعلومات. لكن، بدلاً من الاعتماد فقط على المعلومات العامة، يُفضل التوجه مباشرة إلى طبيب العائلة. الطبيب هو الشخص المؤهل لتقديم التوجيه اللازم. يمكنه أن يقيّم الوضع ويوجه الأهل إلى مراكز تطور الطفل للحصول على التشخيص المناسب والمتابعة".
* لماذا تؤكدين دائمًا على أهمية التدخل المبكر، خاصة في فترة زمنية كلما كانت أبكر كان أفضل، في مثل هذه الحالات؟
"طبعًا، هناك أهمية كبيرة جدًا للزمن الذي نتدخل فيه ونقدم فيه العلاجات للطفل. لكل جيل مهارات يجب أن يكتسبها الطفل، وإذا لم يكتسب هذه المهارات، تتكون فجوة. ما نقوم به في العلاجات هو العمل على سد هذه الفجوات. نحن نعمل على إغلاقها من خلال التدخل بالعلاجات، وبناء استراتيجيات محددة وخطط علاجية تعتمد على الفجوة التي نشأت بسبب التأخر اللغوي أو الحركي، ونبدأ في سدها. كلما كانت الفجوة أصغر، كان الزمن المطلوب لسدها أسرع. وهناك عامل آخر مهم، وهو مرونة الدماغ. كلما كان الطفل أصغر عمرًا، كان الاكتساب وسرعة التطور لديه أعلى، لأن الدماغ يكون أكثر مرونة. كلما كبر الطفل، تقل مرونة الدماغ، وبالتالي تكون الفترة الزمنية المطلوبة لاكتساب مهارات جديدة أطول. على سبيل المثال، الزمن المطلوب لسد فجوة عند طفل عمره 10 سنوات يكون أطول بكثير مقارنة بطفل عمره سنتين".