logo

صراعات دول البلقان المريرة تطغى على بطولة أوروبا من جديد

رويترز
26-06-2024 15:17:39 اخر تحديث: 26-06-2024 15:18:08

(تقرير رويترز) - قاد لاعب ألباني الجماهير لترديد هتافات عدائية ضد مقدونيا الشمالية، وتوحد جمهور منتخبين متنافسين في الهتاف "اقتلوا الصرب"، وتلقى صحفي من كوسوفو

منتخب صربيا - (Photo by MIGUEL MEDINA/AFP via Getty Images)

 تهديدات بالقتل بسبب إشارة النسر.

وامتد الصراع المرير والمحير في الكثير من الأحيان بين دول البلقان، والذي تعود جذوره إلى تفكك يوغوسلافيا والحرب العالمية الثانية وقرون قبل ذلك، مرة أخرى إلى المهرجان الكروي المبهج المتمثل في بطولة أوروبا لكرة القدم 2024.

وحرصا منه على احتواء انتشار تلك الأحداث القبيحة، فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) عددا كبيرا من العقوبات، بينما دعت اتحادات كرة القدم في دول البلقان إلى السلام واللياقة في التعامل خلال البطولة.

وقال المعلق إيجور ملادينوفيتش (58 عاما) والذي يعمل لصالح شبكة (سبورت كلوب) في العاصمة الصربية بلجراد "الناس لا يمكنهم نسيان الأشياء التي حدثت في الحروب.

"ثم عندما يحضرون مباراة لكرة القدم، تكون المشاعر أعلى ويمكن أن تنفجر في ثانية واحدة.

"أتمنى أن تنتهي هذه الحوادث، لكن على الأقل انحصر الأمر حتى الآن في مجرد أغاني ورسائل متبادلة، لم يكن هناك قتال بين المشجعين".

وعلى الرغم من عدم تأهلها للبطولة، إلا أن كوسوفو، الدولة الصغيرة التي ينحدر غالبية شعبها من أصول ألبانية، تثير معظم المشاعر لأن صربيا لا تزال لا تعترف باستقلالها بعد واحدة من أكثر حروب البلقان دموية في فترة ما بعد تفكك يوغوسلافيا في التسعينيات من القرن الماضي.

وخلال مباراة صربيا ضد إنجلترا، قام الصحفي أرليند صديقو من كوسوفو بتوجيه إشارة النسر ذي الرأسين، مقلدا الشعار الموجود على علم ألبانيا أمام جمهور صربيا خلال بث مباشر.

وسرعان ما ألغى اليويفا أوراق اعتماد الصحفي.

وقال صديقو لرويترز، مؤكدا أنه تلقى تهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب ما فعله "الناس لا يعرفون شعوري في تلك اللحظة لأنني أعاني من صدمة بسبب الحرب".

وتغلبت مشاعر ميرليند داكو مهاجم ألبانيا عليه بعد نهاية المباراة التي تعادل فيها فريقه 2-2 مع كرواتيا، واستخدم مكبر صوت لقيادة المشجعين في ترديد هتافات مسيئة ضد مقدونيا الشمالية المجاورة.

واعتذر داكو عن فعلته التي أرجعها إلى المشاعر الجياشة التي انتابته بعد المباراة، لكنه تلقى عقوبة بالإيقاف لمباراتين في كل الأحوال.

وفي المباراة التي أقيمت في هامبورج، اشتركت جماهير كرواتيا وألبانيا في انسجام تام في ترديد عبارة "اقتلوا الصرب"، وهو هتاف ظهر لأول مرة خلال أهوال حروب التسعينيات.

وهددت صربيا بالانسحاب من البطولة وفرض اليويفا غرامة على الاتحاد الألباني للعبة الذي ناشد المشجعين بشكل جدير بالثناء أن يتصرفوا بشكل جيد وألا يفسدوا الظهور الثاني لفريقهم في بطولة كبرى.

وقال الاتحاد الألباني "يدعو الاتحاد الجماهير ومحبي كرة القدم إلى دعم المنتخب الوطني الألباني حتى نهاية هذه الرحلة الساحرة والتاريخية في بطولة أوروبا 2024 وإظهار المواطنة والمسؤولية عبر القيام بالتصرفات الصحيحة واحترام القوانين والمنافسين".

* هتافات صربيا

أما بالنسبة لصربيا، فقد أساء بعض مشجعيها التصرف أيضا، وهتفوا "كوسوفو قلب صربيا"، ورفعوا علما يتضمن كوسوفو داخل حدود صربيا.

وفي مقابلات مع رويترز، نأى مشجعو دول البلقان التي تتنافس في البطولة المقامة في ألمانيا عن خطاب الكراهية قائلين إنه يأتي من أقلية من المشجعين المتعصبين المرتبطين في كثير من الأحيان بجماعات إجرامية أو أحزاب سياسية في بلدانهم.

وقال المشجع الكرواتي نيكولا كوفاتشيتش (47 عاما) الموجود في البطولة مع أطفاله "هذا إحراج لنا في عام 2024 عندما نريد أن نظهر أفضل وجه لنا للعالم، وأننا مجتمعات حديثة تشكل جزءا من الأسرة الدولية.

"العديد من لاعبينا لم يكونوا قد ولدوا حتى خلال كل تلك الاضطرابات. أشعر بالخجل عندما أسمع بعض الأغاني التي يرددونها. أغطي آذان أطفالي. نحن أفضل من هذا".

وقال المشجع الألباني آدي ماتي إنه لا مكان للسياسة والعنصرية في الرياضة "نحن هنا لنقضي وقتا جيدا ولتشجيع بلدنا".

وكانت النزاعات العرقية في البلقان سائدة من فترة طويلة في كرة القدم منذ أعمال الشغب السيئة بين مشجعي دينامو زغرب الكرواتي ورد ستار الصربي في عام 1990 والتي أدت إلى إصابة العشرات، وفي بعض الروايات، كانت أحد أسباب اندلاع الحرب.

وقاتل أعضاء روابط المشجعين لاحقا كجنود.

ومن بين حوادث أخرى لا حصر لها، ألغيت مباراة في تصفيات بطولة أوروبا 2016 بين صربيا وألبانيا بعدما حلقت طائرة مسيرة فوق الملعب وهي تحمل علما كبيرا يُظهر خريطة "ألبانيا الكبرى"، مما أدى لشجار بين اللاعبين.

وفي كأس العالم 2018، تم تغريم ثنائي منتخب سويسرا جرانيت تشاكا وشيردان شاكيري، الذي ينحدر من أصول من ألبانيا وكوسوفو، بسبب الاحتفال بإشارة النسر ذي الرأسين بعد تسجيل الأهداف.

كما تم ايقاف ماركو أرناوتوفيتش مهاجم النمسا، وهو من جذور صربية، لمباراة واحدة في بطولة أوروبا 2020 بعد احتفال استفزازي بهدفه في مرمى مقدونيا الشمالية.

وقال المعلق الرياضي ملادينوفيتش إنه إلى جانب الغليان الطبيعي للمشاعر في الأجواء المشحونة لمباريات كرة القدم، تتحمل حكومات دول البلقان مسؤولية إثارة الاحتكاكات لتحقيق مكاسب سياسية.

وقال "الكثير من الناس لديهم تاريخ مأساوي مع الحروب، لكنهم يريدون مواصلة حياتهم الآن".

وقال ملادينوفيتش إن منظمي بطولة أوروبا 2024 أحسنوا صنعا في تجنيب البطولة أي قتال حتى الآن، على الرغم من حقيقة عدم وقوع صربيا في مواجهة كرواتيا أو ألبانيا ساعدهم في ذلك.

ولحسن حظ الشرطة الألمانية واليويفا، فإنه لا توجد الآن أي فرصة لحدوث ذلك فيما تبقى من البطولة.