logo

قصة قصيرة بعنوان ‘ واخيرا استجاب القدر‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس من البعنة

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
29-04-2024 16:44:42 اخر تحديث: 02-05-2024 05:46:19

عيني تبحث عن مسار جديد حتى أحط عليه رحالي. فكل الأماكن التي اعتدت عليها أصبحت مملة، الروتين قد غلب على تقاسيم الحياة، الألم أصبح يقاسمنا أغلب ساعات يومنا.


اسماء الياس - صورة شخصية

 الازعاج والأخبار السيئة أصبحت من أهم نشرات الأخبار التي نستمع إليها.

غلب عليَّ النعاس وأنا وسط النهار. رغم صوت زقزقة الطيور التي تغرد فرحة بقدوم فصل الربيع، وَجَّوَه الدافئ الذي يجعل الجسم يشعر بالانطلاق نحو غدٍ أفضل، وحياة أجمل. 

نهضت من مكاني فقد كنت متعبة نفسيًا وجسديًا. الوجع والألم يحيط بنا من كل جانب، أخبار الحرب تتصدر العناوين. العنف بازدياد لا تهدأ وتيرته. كل يوم خبر عن حالة قتل، كل سنة تكون أعداد القتلى أعلى نسبتها عن السنوات التي قبلها.

ذهبت لفراشي حتى آخذ قيلولة، ربما أرتاح ولو قليلاً. فراحة العقل من راحة الجسد. فكيف يرتاح الجسد والعقل دائم الانشغال والتفكير بكل أمور الحياة، حياتنا بعيدة كل البعد بأن تكون مستقرة. الوضع مأساوي لدرجة تمنيت لو أني أعيش على كوكب لا يوجد عليه بشر. لأن البشر أينما تواجدوا وجدَ الخراب والدمار.

لماذا ومن أجل أي شيء يحصل كل هذا، مع أننا نستطيع العيش سويًا على هذه الأرض. فالإنسان مخلوق اجتماعي، لكن لماذا يتصرف عكس ذلك.

ولماذا أرى كل هذا الكره والبغض وعدم تقبل أحدنا للآخر، حتى لو كان يختلف عنا دينًا وعرقًا ولونًا ولغة؟

أريد أن أفهم لماذا؟

وحتى أفهم ما يدور حولي كان لا بد بأن أتوجه للشخص المناسب الذي لديه لكل سؤال جواب. 

من يكون هذا الشخص غير والدي الذي أعتبره المثل الأعلى.

وجدته جالسًا مثل عادته في الغرفة وبين يديه كتابًا. فهو الذي حببني بالقراءة، أما موهبة الكتابة فقد أخذتها منه " فهو الكاتب والشاعر والروائي والقاص. كتب الكثير من المقالات وله صولات وجولات بعالم الأدب، ولديه عدة إصدارات شعرية وروائية وسيرة ذاتية".

عندما دخلت الغرفة وجدته غارقًا حتى أذنيه في الكتاب الذي كان يقرأه. نظرت نحوه بحيرة. هل أقطع عليه استرساله بالقراءة أو أخرج تاركة إياه حتى يتفرغ لي لوحده. لكن عندما شعر بأنفاسي تعلو وتهبط مترددة بالكلام. قال لي:

-هل تريدين شيئًا؟

-الصحيح يا والدي كنت أريد منك استفسارًا واحدًا.

-ما الذي تريدين معرفته؟

-لماذا عالمنا اختلف عما كان بالماضي؟ لماذا كلما شعرنا بأن الأزمات بدأت تخبو يحدث شيئًا يجعلنا نشعر بأننا على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار. لماذا كل هذا العنف؟ لماذا لا يهدأ ولا يستكين الإنسان ويبحث له عن شيء يبعده عن دائرة العنف؟

 إلى متى سنبقى هكذا لا حل بالأفق ولا مساعي للصلح؟

 - لا شيء يتغير إذا الشعوب لم تقم بهذا التغيير. 

 الإنسان يا ابنتي زينب هو صانع التغيير، وهو الوحيد القادر على أن يبدل السالب إلى موجب. 

-لكن كيف وانا أرى كل حركات التحرر والتي تنادي بالحرية والمساواة والعيش الكريم لكل الشعوب، لا تؤثر في المشهد السياسي، لأن قوة السلاح ومن يدعم الحروب أقوى من صوت الحق. 

- هذا لأن الشعوب "إذا أرادت الحياة فلا بد أن يستجيب القدر لها".

-لكن الظاهر الشعوب إلى اليوم لم تصل لتلك المعادلة. 

- الشعوب خائفة لأن الظلم والاستبداد هما اللذان يسيطران على عقولهم. وإلى اليوم رغم أننا في زمن المعلوماتية، وكل شيء بكبسة زر، لكن الشعوب الظاهر لم تصل بعد لمرحلة الفكاك من الأسر الذي يكبل عقولهم، وارادتهم التي ما تزال في مرحلة الحضانة.

-لكن لماذا الخوف وهم الأكثرية. ويستطيعوا بقوة النضال والاتحاد أن يعزلوا زعيمًا أراد الهلاك للشعب. وأكبر مثال الحراك الذي يشهده اليوم عالمنا مظاهرات واعتصامات وصوت الحق بدأ يعلو.

هل سيبقى الخوف سيد الموقف؟ والحكومات ماذا تريد من الشعوب؟ أن تبقى تحت جناحيها تؤمر فتطاع، ذلك الزمن ولى، من الطبيعي أن تقرر الشعوب مصيرها.

 حسب رؤيتي للأمور أتكهن بأن الحل لا بد أن يأتي بالقريب العاجل.

هناك شيء آخر يزعجني ويؤرق منامي، ويجعلني قلقة لمستقبل الأجيال القادمة.

 لماذا عالمنا فيه كل هذا الظلم وازدواجية المعايير؟ لماذا كل ما تأملت خيرًا وقلت أخيرًا سوف يحل السلام وتكف الحروب، يأتي من يشعلها من جديد. كأننا نعيش في زمن انعدمت فيه الرحمة؟

-الحقيقة العدالة ماتت. لأن من يتحكم بالعدل قضاة منزوعة من قلوبهم الرحمة. يشاهدون ما يحصل لكنهم لا يفعلون شيئًا. ومن يقول لك بأن هناك جمعيات حقوقية، ومحاكم دولية تحكم بالعدل، وأمم متحدة ومجلس أمن. لا تصدقي بأن عدالتهم سوف تشملك إن لم يكن لك ظهر يحميكِ وقوة تدافع عنكِ.

لأن القضايا الكبيرة والتي يكون فيها الجاني شخصية مشمولة بالعطف من أكبر دول العالم من حيت الترسانة والعتاد الحربي. لهذا لوحدك يجب أن تعلم بأن قضيتك خسرانة.  

وفي النهاية حتى نحصل على حياة أفضل، وسلم عالمي، يجب على الشعوب أن تتكاتف لأنه بالوحدة فقط نستطيع ان تغلب قوة الشر.

وهكذا تضبط المعادلة ومساعينا نحو السلام ستكون موفقة..