logo

مقال: ‘سهيل النجم الى مصطفى نجم‘

بقلم : مفلح طبعوني
07-06-2023 14:33:11 اخر تحديث: 09-06-2023 04:55:17

أربكني الصديق أبو خالد الشاعر عبد الناصر صالح عندما بلّغني أنّك فارقتنا إلى الأخرى وأربك أيضًا نقّالي الذي صمت من قوة الصدمة والفراق المرير. لم تكن عمّان على ما يرام ولم يبقَ متّسع للكلام،


 صورة للتوضيح فقط - تصوير: shutterstock_Peshkova

انقلب الهواء إلى غبار وتوقّف السير احترامًا للوفاء، لإنسان لا يعرف العطاء.

اشتبك الحزن مع نبضات الخافق وتصارع التابوت مع الإبعاد،

قرفص الوطن يا عزيزي أمام النكبة منذ أكثر من سبعين عامًا وتساقطت أوراق الأشجار في الربيع، والرضيع الذي نسيته أمّه منذ سبعين عامًا ونيّف صار لوحة منسية بين الكتب المسروقة من المعابد والمكتبات العامة والخاصة.

ولم يدرك تراب المرج أهمية العودة ولا بالحفاظ على الجواد، وصارت شمسنا تغيب قبل الغروب، نسينا شوارعنا وأسماء قرانا امتصّها الرصيف!

صيفنا صار بلا ظلال وشتاؤنا بدون أمطار صار، خريفنا أكل طعام الحصان وزيتوننا كان بلا بريق.

لم نشرب قهوة أمهاتنا، لم نلبس أحذيتنا في طريقنا إلى لبنان ولم نحمِ أطفالنا في طريقنا إلى بلاد الشام.

وظلّ الحاكم العسكريّ يسأل عن البيض ومساعده يسأل عن خبز الطابون!

تأرجحنا بحبال الذكريات وانفصلت عن حواسّنا الأحزان.

كانت عمّان تتلوّى وكنّا ننزف من لوعتها، سألناها عن نائل سلامة، قالت: "غادر ولم يعد!

بحثنا عن أماكن معارفه فلم نتعرّف إلّا على صيدلية رفيقة دربه "مريم العزّة"، انكمش عبد الناصر بعد أن نبش ذكرياته، رجعت من ذاتي إلى الذات الجمعيّة وقلت: "ما زالت الدنيا بخير ما دامت صيدلية مريم تسكّن الأوجاع".

همس النجم دعونا نذهب إلى مكتبة "البس" قد نلتقي مع الإبداع وأصحابه. قال عبد الناصر منشدًا:

"صوب الجنود المنهكين وحقدهم طفل تمترس

رفع الحاجز في الطريق وأشعل النيران

أطلق ما تبقّى في يديْهِ من الحجارة واختفى

بين الزحام وهالة الجيش المكرّس

طفل تمرّد واحتفى بحجارة الوطن المقدس".

قلت:

"خان كنعان وكنعان مناضل يفهم التاريخ حربًا

بين مظلوم وظالم خان كنعان المقاصل

خان كنعان وكنعان علامة للكرامة

خان كنعان الخيانة".

قال مصطفى النجم:

"توفيق زياد غاب بدون سبب، فهمست مريم: "توقّفوا عن الحزن المجروح". استحضرنا إبراهيم طوقان يعانق أبا الطيّب العنبتاوي مع عودته من الشجرة إلى الناصرة، بحثنا عن القصيدة التي لم يكتبها محمود درويش.

 الوطن على حافّة الضياع منذ أن حلّق يعانق الأساطير ويعانق الفراشات، ونحن لا نذرف شيئًا، ترى هل الوطن، وطننا مبحر في الفناء؟

الوطن يحاصَر في زنازين القمع، ونحن لا نعرف إلّا ما تيسّر من النوم!

الوطن روضة أطفال هزمها الزلزال!

الوطن مأوى الفقراء!

الوطن قصيدة لم يكتبها الشعراء!

الوطن قصيدة ما زالت في الفضاء!

الوطن قصيدة معلّقة قد تكون الثامنة لكن لم ينظمها أحد!

نحن لم نترك الحصان وحيدًا، ونحن كأهل الغبيراء آمنّا بالظنّ

ولم نره! لم نره! لم نره!

ستطلّ عليك شمس أريحا يا عزيزي مصطفى صباحَ مساءَ!

ستطلّ عليك التعابير وراء الأوجاع!

ستطلّ عليك القدس تعانق التابوت الذي لم يسقط!

سيطلّ عليك المصلوب من ثقوب دمه!

ستطلّ عليك غابات بوليفيا!

سيطل عليك من جبال رام الله حبيبنا أبو العلاء – احمد نجم- يعاتبك على عدم التروي في الفراق وسيحاول استحضار اللقاء المستقبلي بيننا جميعا ولو بالخيال والاحلام

سيطلّ عليك أبو ذرّ شاهرًا قنديله هذه المرّة!

ستعود إليك الوردة التي رحلت والطيور التي هاجرت! سيعود نسيم الحزينات في وادي الغضا يعانق مالك بن الريب، يطلّ عليك يقول:

"تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا