logo

قصة بعنوان ‘حلوين باختلافنا ‘ - بقلم : الكاتبة اسماء الياس من البعنة

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
07-05-2023 18:47:03 اخر تحديث: 13-05-2023 05:12:18

قصة اليوم عن شاب وصبية، الشاب ولد مريضا بمرض يسمى البهاق، وهذا المرض يكون بالأغلب وراثي. بقع بيضاء تظهر على الجلد، تجعل من الوجه والجسم فيه بقع مختلفة عن لون الجلد الأصلي.


اسماء الياس - صورة شخصية

هذا المرض جعله سخرية لأبناء جلدته الذين تنمروا عليه وجعلوه محط سخريتهم، رغم انه طفل جميل خجول وكل الذي كان يتمناه هو أن يعيش حياته بسلام بعيداً عن أي ازعاج.

وهكذا عاش مرت السنوات وكبر خالد وأصبح شاباً مكتمل الرجولة، ذكياً متفوقاً بدراسته. أكمل دراسته وتخرج من الجامعة من كلية الحقوق بدرجة امتياز.

أما الصبية فقد تعرضت لحادث طرق بعمر صغير أفقدتها القدرة على السير، في البداية لم تتقبل أصابتها، بكت اعترضت.

لكنها في نهاية الأمر سلمت "بنصيبها" كما يقال، استسلمت للأمر الواقع.

فقد تكلمت معها والدتها السيدة سيرين وقالت لها:

- بنيتي ان الإنسان يستطيع أن يعيش حياته حتى لو كان فاقدا للقدرة على السير أو حتى كان اعمى، الإرادة القوية تجعلنا نتغلب على كل المصاعب التي تواجهنا، لذلك وجب عليكِ يا ابنتي أن تكوني قوية ولا تدعِ الاعاقة مهما كانت أن توقف مسيرة حياتك.

لماذا أنا بالذات؟ تساءلت فريال.

 قالت الام: -أنظري لحالتك من الناحية الإيجابية. مثلاُ أنت واعية، لديك فكراً وعقلاً واعياً، لم تفقدي حاسة النظر، يديك لم يتضررا. وجهك حسن، فقط الذي تضرر قدرتك على السير، وهذا حلها بسيط، كرسي متحرك يساعدك واليوم يوجد كراسي كهربائية تستطيعين التحرك من خلالها براحتك دون مجهود زائد.

-لكن يا والدتي أكره نظرات الناس عندما يشاهدونني خاصةً عندما أرى الشفقة في عيونهم، وهذا الشيء يزعجني جداً. 

-لا تهتمي لكلامهم، لأنهم سوف يتعودون عليك، خاصةً عندما يجدونك قوية. لا تعيري همساتهم اي اهتمام ولا حتى نظراتهم، لأنهم في النهاية هم بشر، والبشر يضجرون بسرعة، ويبحثون بعد ذلك عن قصة أخرى يملؤون بها فراغات حياتهم. لذلك يا ابنتي كوني أنت القوية التي لا تهاب أي شيء مهما كان.

فكرت فريال بان كلام والدتها فيه وجهة نظر، وفيه الصدق بأن الإنسان لا يستطيع أن يحمي نفسه من ضربات قد تأتيه من أشخاص دخلوا حياته بطريق الخطأ، لكن حصل ما حصل، لذلك وجب عليَّ أن اتقبله حتى لو واجهت عواصف قد تقتلعني من مكاني، لكنني قوية وقادرة أن أتحدى الكثير من الصعوبات. 

مع علمي بأن كل بداية فيها شيء من الصعوبة، لكن عندما يمتلك الإنسان الإرادة القوية والعزم والتصميم على تحدي الصعوبات. يستطيع التغلب عليها رغم درجة صعوبتها، بإصراره وحبه لنفسه وللحياة. 

 من ناحيةٍ أخرى الأهل لهم الدور الكبير في حث أبنائهم ان يقبلوا اعاقتهم. بالحب والاحتواء.

وهكذا تقبلت فريال وضعها، لأنها قررت المضي قدما نحو المستقبل

رغم أن الحادث ما زال ماثلاً أمام عينيها. تتذكره في الساعات التي تكون فيها وحدها، وتلك الساعات اغلبيتها عندما تذهب للنوم ويسكت كل شيء حولها، ولا يبقى معها سوى خيالات الماضي التي انطبعت في ذاكرتها، كأنها بصمة لا تمحى ابدًا. خاصةً عندما تسيطر الأفكار على العقل وتحجز لها مكانة لا تزول مهما حاولنا جاهدين منعها ان لا تسيطر على عقولنا، لكن عنادها يجعلك مشتت الأفكار، لا تستطيع التخلص منها. لكن بلحظة كونية يأتي من يرحمك منها بسؤال بنظرة باحتواء بكلمة ربما تكون الدواء الشافي لحالة استعصت على الأطباء.

سائق مخمور اصطدم بسيارة عائلتها بينما كانوا برحلة بأنحاء الوطن، لكن الكل خرج من الحادث بسلامة إلا فريال فقد جاء اصابتها بالعامود الفقري الذي أفقدها القدرة على السير.

وهكذا قرروا الأطباء بأن اصابتها بالغة الخطورة. فقد أصيبت بالحبل الشوكي الذي هو المسؤول على الأطراف. 

عندما افاقت فريال بعد الحادث بأسبوع وجدت نفسها بأنها غير قادرة على السير. لكن وقوف عائلتها معها بأصعب الظروف خففت عليها مصابها.

بعد مضي سنة على الحادث قررت فريال أن تبحث عن مكان يكون مكان عمل وتسلية بنفس الوقت، رغم أن عائلتها والدتها ووالدها وجميع أخوتها دائمًا تحت الطلب لا يتأخرون عن مساعدتها بكل ما تريد. لكنها قررت أن تكون مستقلة تريد أن تخرج أن ترى الناس تتحدث معهم، غير ذلك أرادت ان تكون مستقلة وألا تكون مجرد عبء على عائلتها الذين من حبهم لها نذروا أنفسهم لخدمتها.

في إحدى الأيام بينما كانت فريال كالعادة تعمل في حانوت للملابس دخل شاب لمحها تجلس على كرسي عجلات. نظر نحوها نظرة فيها اعجاب. فريال رغم اعاقتها لكنها فتاة جميلة تجذب الانتباه. لذلك وجد خالد نفسه منجذبًا نحوها بطريقة خارجة عن ارادته. 

توجه نحو صاحبة المحل سألها عن الفتاة: هل بالإمكان التعرف عليها بطريقة ما. مثلاً الحصول على رقم هاتفها، أو أن أتعرف عليها بطريقة لا تجعلها تشعر بأني أقصدها هي بالذات حتى لا يحرجها ذلك.

وهكذا تم التعارف بينهم وبعد ذلك أصبحت لقاءاتهم عادية يأتي للمحل يجلسا سويًا يتحدثا بالساعات حتى بالنهاية اتفقا أن يأتي ويطلب يدها من والديها.

تم النصيب وتمت الخطوبة بمباركة الأهل والأصحاب. لكن المفاجأة الكبرى عندما تقدمت إحدى محطات التلفزيون بعمل مقابلة معهم مما شدتني حكايتهم وحبهم الجميل، مما حفزني ان اكتب قصتهم حتى أخاطب كل من أصابته إعاقة جسدية بأن لا يفقد الأمل. لأن الحياة مهما قست علينا يبقى الأمل مفتاح الرجاء.