د. سهيل دياب - تصوير: موقع بانيت وقناة هلا
لكن 3 أمور لا يمكن أخذها من جبهة الناصرة بادارتها للبلدية:
الاولى - نظافة اليد- فخلال اربعة عقود لم يتم فتح اي ملف ضد احد منتخبي البلدية أو موظفيها الكبار بتهمة سوء ادارة او نظافة يد، ولم يتم تقديم اي تقرير للمراقبة المركزية للداخلية او الدولة يشير الى قرارات بلدية مشوبة بفساد او تضارب مصالح. وهذا لم يكن صدفة.
الثانية- صون الوجه الوطني للمدينة - لم تساوم الجبهة ابدا حول وجه المدينة الوطني والسياسي، وكانت الناصرة ورئيسها توفيق زياد ورفاقه، صانعة يوم الارض الخالد في أذار 1976، فقط بعد ثلاثة أشهر من الانتصار الاول، ورغم الهجمة الشرسة وسياسة المقاطعة ومنع الميزانيات. فالوجه الوطني للمدينو موضوع غير قابل للمساومة والنقاش. بلدية كرامة أولا، وعندما تحضر الكرامة، تصل الخدمات.
الثالثة- تعزيز مكانة الناصرة، محليا ودوليا- فمخيمات العمل التطوعي الجبارة، ومشاريع التطوير من "الناصرة الفين" الى مؤتمرات الناصرة التاريخية، الى ترسيخ العلاقات مع المجتمع النقدمي الاسرائيلي والقوى التقدمية العالمية، اضاف تثبيتا للمواطن النصراوي، وجعل المدينة عاصمة للعرب، ومركزا لكل الديمقراطيبن، وبوصلة لقوى التحرر والسلام في العالم.
كثير من هذه الانجازات ارتبطت بقيادات موثوقة كسبت شعبيتها ليس من الموقع التمثيلي، وانما مما كافحت من اجله سنوات طويلة قبل ذلك.
توفيق زياد نموذجا
لم يكتسب توفيق زياد شعبيته عندما انتخب للكنيست عام 1973، ولم يكتسب شهرته عندما انتخب لرئاسة البلدية عام 1975 وانما اكتسب ذلك مع بداية الخمسينات عندما قاد مظاهرات العاطلين عن العمل في العام 1951، وعندما سجن في معتقل طبريا وواجه التعذيب والصلب مقلوبا في العام 1954 ، إثر مظاهرات "ضريبة الرأس" سيئة الصيت، وعندما ناضل لاسقاط الحكم العسكري وسياسة النفي والاقامات الجبرية.
لكي تصبح قائدا ثوريا حقيقيا، لا يكفي أن تكون مالكا للمعلومات فقط، أو محللا سياسيا ناجحا، فالاكاديميون كثر، والاعلاميون اكثر.
برأيي أن المقياس للقائد الثوري والحزب الثوري، هو بمدى استطاعته أن "يصنع" الاحداث السياسية لصالح الناس ويعود بالفائدة لكل الشعب. فتوفيق زياد ورفاقه صنعوا الاحداث السياسية، عندما كانت كلمة "فلسطيني" تعني أن تضع دمك على كفك، وعندما كانت كلمة" شيوعي" ، مرادفة للنفي والسجن والفصل من العمل والاقامات الجبرية.
فهل يمكن فهم حدث يوم الارض الاول 1976 أو الغاء الحكم العسكري عام 1966، دون فهم دور الشيوعيين وكل الوطنيين في ذلك الوقت، وتوفيق زياد أحد أبرز هؤلاء؟؟
لقد اتهم أعداء توفيق زياد وحزبه من اليمين الاسرائيلي "بالقومية الزائدة"، واتهمه أعداؤه من اليمين العربي " بالطبقية والاممية الزائدة"، وكلاهما يمين ووجهين لنفس العمله الزائفة.
القيادة تعني الثقة، القيادة تعني عدم التلاعب بالمواقف حسب المزاج، القيادة تحتاج لداله مستمرة صاعدة، في الاوقات المريحة، وفي الازمات، القيادة تحتاج لنور الشمس التي لا يمكن حجبها، القياده الحقيقية تكره اللون الرمادي والنفاق والعيش في " الظل" بعيدا عن نور شمس المستقبل.
كاتب المقال : د. سهيل دياب - الناصرة - استاذ في العلوم السياسية
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]
