كان مشهدا مهيبا، مفعما بالانتماء والكرامة. إحياء لافت للانتباه ، شارك فيه أبناء بلدنا في كفر قاسم من كل الشرائح والأجيال، نساء ورجالا ، إلى جانب حضور واسع لقيادات الوسط العربي، وأعضاء لجنة المتابعة ورئيسها، وشخصيات سياسية واجتماعية من مختلف التيارات والتوجهات . كان المشهد - في هذا اليوم - شاهدا حيا على أن الذاكرة لا تموت ، وأن كفر قاسم ما زالت العنوان للوحدة والصمود .
إن ما ميّز هذا العام أكثر من أية سنة مضت هو *روح الوحدة السياسية* التي سادت بين القيادات العربية أثناء وبعد مراسيم احياء الذكرى . روح المسؤولية التي تجاوزت الاختلافات الحزبية والفكرية ، لتؤكد أن وحدة الصفّ نحو الهدف ممكنة حين يكون الهدف وطنيا وجامعا ، نعم وحدة الصف في تحقيق الهدف...
إذا كانت كفر قاسم قد استطاعت أن توحّد القلوب في يوم الذكرى والوفاء لشهدائها الابرار ، فالأجدر أن تُترجم هذه الروح الوحدوية إلى *حنكة سياسية نحو صناديق الاقتراع مستقبلا ،* من خلال قائمتين قويتين — الأولى بقيادة الحركة الإسلامية (الموحّدة)، والثانية تضم سائر التيارات الوطنية — على أن يجمعهما *اتفاق فائض أصوات* يُكرّس *وحدة الهدف بدل وحدة الشكل.*
هذه الصيغة ليست انقساما، بل *تنظيم للقوى والقوة من أجل توسيع قاعدة التمثيل العربي* في وجه المدّ الفاشي المتصاعد داخل السياسة الإسرائيلية ، ومن أجل المحاولة لإعادة *العقلانية والاعتدال* إلى الحالة السياسية في البلاد — تجاه المواطنين العرب أولا، وتجاه القضايا الإقليمية ثانيا.
كفر قاسم، في ذكراها التاسعة والستين، لم تذكّرنا فقط بالمجزرة، بل بعُمق الرسالة
أنّ الدم العربي لا يوحّدنا فقط في ذكرى مأساة ما ، بل يجب أن يوحّدنا أيضًا في *القرار والمصير والمستقبل.*

Stock-Asso - shutterstock
