logo

زعيم المعارضة السورية يتوعد ‘بملاحقة كل من عذب المعتقلين أو قتلهم‘ ورئيس الوزراء الانتقالي الجديد يسعى لإعادة ملايين اللاجئين

تقرير رويترز
11-12-2024 17:35:39 اخر تحديث: 11-12-2024 17:41:12

دمشق (تقرير رويترز) - قال القائد الرئيسي لمقاتلي المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس السوري بشار الأسد يوم الأربعاء إن أي شخص متورط في تعذيب المعتقلين أو قتلهم خلال حكم الرئيس المخلوع سيُلاحق ولن يُعفى عنه.

وأضاف أبو محمد الجولاني في بيان منشور على قناة التلفزيون السوري الرسمي على تطبيق تيليجرام "لن نتوانى عن محاسبة المجرمين والقتلة وضباط الأمن والجيش المتورطين في تعذيب الشعب السوري". وتابع "سوف نلاحق مجرمي الحرب ونطلبهم من الدول التي فروا إليها حتى ينالوا جزاءهم العادل".

ويراقب العالم عن كثب ليرى ما إذا كان بوسع حكام سوريا الجدد تحقيق الاستقرار في بلد قد تسعى فيه فصائل مختلفة للانتقام بعد حرب أهلية ضروس شهدت انقسامات طائفية وعرقية.

وقال محمد البشير رئيس الوزراء الانتقالي الجديد في سوريا إنه "يسعى لإعادة ملايين اللاجئين السوريين وحماية جميع المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية، لكن إعادة الإعمار ستكون مهمة شاقة" . وأضاف لصحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية أن " خزائن الدولة لا تحوي إلا نقودا بالعملة السورية لا تساوي شيئا يذكر بالدولار"، مشيرا إلى أن "سعر صرفه يعادل نحو 35 ألف ليرة سورية" .

وأضاف البشير أن "سوريا ليس لديها حاليا سيولة بالعملات الأجنبية"، وأشار إلى أن " الحكومة مازالت تجمع بيانات عن القروض والسندات وقال إن وضع البلاد المالي بالغ السوء" . وقاد البشير من قبل حكومة إنقاذ في جيب صغير في شمال غرب سوريا قبل أن تصل قوات من المعارضة المسلحة إلى دمشق في هجوم خاطف لم يستغرق سوى 12 يوما انتهى بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وستكون إعادة إعمار سوريا مهمة ضخمة بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما وأودت بحياة مئات الألوف وتعرضت خلالها مدن للقصف حتى أصبحت كومة من الركام، وهجر السكان مساحات شاسعة من المناطق الريفية، وتضرر الاقتصاد بسبب العقوبات الدولية. وما زال ملايين اللاجئين يعيشون في المخيمات بعد واحدة من أكبر عمليات النزوح في العصر الحديث.

ويتواصل مسؤولون أمريكيون مع جماعات من المعارضة المسلحة رغم أن الجماعة التي تقودها هي هيئة تحرير الشام التي كانت مرتبطة يوما بتنظيم القاعدة. وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان إن الحكومة الجديدة يجب أن "تتقيد بالتزامات واضحة باحترام حقوق الأقليات بشكل كامل، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين، ومنع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب أو تشكيل تهديد لجيرانها".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "من واجبنا أن نفعل كل شيء لدعم مختلف القادة السوريين من أجل التأكد من أنهم سيتحدون وأنهم قادرون على ضمان انتقال سلس". وأضاف "(الخيار) البديل لا معنى له".
ولا تزال سوريا خاضعة لعقوبات أمريكية وأوروبية وعقوبات مالية أخرى فرضت عليها في عهد الأسد، بالإضافة إلى تصنيف هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية. وولدت هيئة تحرير الشام من رحم فرع لتنظيم القاعدة شارك في محاربة الأسد، وسعت الجماعة في الآونة الأخيرة إلى تهدئة المخاوف بشأن ماضيها، لكن الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا ودولا أخرى لا تزال تصنفها جماعة إرهابية.

لكن دولا تأمل في أن تؤدي أفعال السلطات الجديدة إلى تخفيف العقوبات التي فرضت وقت الحرب الأهلية على دمشق في عهد الأسد إضافة إلى رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة بعد أن قادت المعارضة المسلحة التي أطاحت به.

وكتب نائبان أحدهما ديمقراطي والآخر جمهوري رسالة تدعو واشنطن لتعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا. ويحين وقت تجديد العقوبات هذا الشهر، وقالت جماعات من المعارضة لرويترز إنها على تواصل مع واشنطن بشأن احتمال تخفيف العقوبات.

وقال باسل الحموي رئيس غرف تجارة دمشق لرويترز إن الحكومة الجديدة قالت لقادة الأعمال إنها ستتبنى نموذج السوق الحرة وستسعى لدمج سوريا في النظام المالي العالمي بعد سيطرة الدولة على الاقتصاد لعقود.

إحراق ضريح حافظ الأسد

سيراقب العالم عن كثب ليرى ما إذا كان حكام سوريا الجدد سيتمكنون من تجنب الهجمات الانتقامية عقب حرب أهلية وعقود من القمع الذي كان في أكثر الأوقات على أسس طائفية وعرقية.

وفي كلمة قصيرة بثها التلفزيون الرسمي يوم الثلاثاء، قال البشير إنه سيقود حكومة انتقالية حتى الأول من مارس آذار. وتحدث البشير ومن خلفه ظهر علم المعارضة المسلحة في فترة الحرب الأهلية بألوانه الثلاثة، الأخضر والأبيض والأسود، وراية بيضاء مكتوب عليها الشهادتان باللون الأسود وترفعها عادة جماعات إسلامية سنية مسلحة في سوريا.

وقال أحد السكان في القرداحة، وهي من المناطق التي تتركز فيها الأقلية العلوية التي تنتمي لها أسرة الأسد، إن مسلحين سنة أحرقوا ضريح حافظ الأسد ودمروه على مدى اليومين الماضيين مما أثار الخوف بين السكان الذين تعهدوا بالتعاون مع الحكام الجدد. وبالنسبة للاجئين، أثار إمكان عودتهم لبلادهم مزيجا من الفرح والحزن على ما شهدوه في الخارج من مصاعب.

ووقف السوريون في طوابير عند الحدود التركية يوم الأربعاء للعودة إلى الديار وتحدثوا عن توقعاتهم بحياة أفضل عقب ما كان بالنسبة لكثيرين عقدا زمنيا مليئا بالمشاق والصعاب في تركيا. وقال مصطفى وهو يستعد لدخول سوريا مع زوجته وأبنائه الثلاثة عند معبر جيلوه غوزو جنوب تركيا "ليس لنا أحد هنا. سنعود إلى اللاذقية حيث توجد عائلتنا".

وقال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي لرويترز إن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على تحديد سبل التعامل مع جماعات المعارضة السابقة. لكن واشنطن ما زالت تتوخى الحذر. وأضاف أن القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا، ويقدر قوامها بنحو 900 جندي، التي تعمل في إطار مهمة لمكافحة الإرهاب ستبقى هناك. وزار القائد الأعلى الأمريكي المسؤول عن الشرق الأوسط هذه القوات يوم الثلاثاء.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر "لقد رأينا على مر السنين عددا كبيرا من الجماعات المتشددة التي استولت على السلطة، وتعهدت باحترام الأقليات، وتعهدت باحترام الحرية الدينية، وتعهدت بالحكم بطريقة شاملة، ثم رأيناها تنقض هذه الوعود".

احمد الشرع -  (Photo by AREF TAMMAWI/AFP via Getty Images)