logo

رسالة إلى ماجد كيالي، عبده اسدي وسميرة المسالمة - بقلم : بروفيسور اسعد غانم - حيفا

بقلم : بروفيسور اسعد غانم - حيفا
08-12-2024 08:22:05 اخر تحديث: 10-12-2024 17:19:37

الاعزاء، ماجد وعبده وسميرة، التقيتكم بعد خروجكم الاضطراري من سوريا، ومن قيود النظام القاتل، التقيتكم في بلدان اللجوء. ماجد كيالي وعبده الاسدي


 وسميرة المسالمة من المثقفين المرموقين، الأول فلسطيني-سوري، والثاني فلسطيني-سوري، والثالثة كاتبة سورية ورئيسة تحرير جريدة "تشرين" قبل اقالتها وخروجها الاضطراري من بلدها نتيجة موقفها الشجاع والجريء. 

الثلاثة دفعوا اثمانا شخصية واثمانا عائلية واثمانا مست حياتهم. أهلهم وابناؤهم وكل من جاورهم دفع اثمانا كبيرة. اعرف انكم حلمتم بيوم كهذا، اردتم يوم تغيير بغير عنف، لكن إرادة الأسد وزمرته اقصتكم ودفعتكم الى الحلم بمثل هذا اليوم.

عزيزي ماجد، اعرف بأنك لا زلت تأمل بان يكون شقيقك الذي اختطفته قوات امن النظام موجود في السجون حي ولم يقتل في زنازين النظام، اعرف انك تشتاق لبيتك ولمكتبتك في الشام، اعرف حجم المعاناة التي تعيشها عائلتك يوميا بفعل التشتت، وانك تتحسر على أيام دمشق. 

الصديق عبده الاسدي، حدثتني عن عملك بالتلفزيون السوري وعن نشاطك وجهودك هناك لكي تغير المعادلة، لكي تعيش فكرة أنسنة النظام وتخفيف مطاردته وقمعه، ولو قليلا، ولكنك فشلت. أتذكر يوم حدثتني عن هروبك وعائلتك من الشام عبر قارب الموت، يوم شعرت بقشعريرة لم اصادفها قبلا في حياتي. اعرف انك حدثتني عن احلامك هناك وعن عملك وعن عائلتك وعن معاناة الهروب، وعن هموم إيجاد الملجأ والعمل وإعادة حياتك، انت وعائلتك الصغيرة.

العزيزة سميرة، اعرف انك دفعت اثمانا كبيرة وزوجك وشريكك الذي اختار ان يبقى بجانبك عانى من ترك بلده ووطنه ومات في الشتات وهو يتلمس طريق العودة ويتحسر على أيام دمشق. اعرف انك بكيت بصمت يوم تركت وطنك، يوم أجبرت على ترك عملك لوقوفك مع الثورة والثوار، اليوم وانت تعيشين حياة اللاجئ تسمعين اخبار تحرير دمشق وتهمين بالعودة فورا الى حيث كنت، الى حيث كنت تنوين ان تساهمي في بناء سوريا الحديثة والمدنية والديمقراطية. الوقت قد ازف، انه سقوط الطاغية، انه يوم الفتح الثاني الذي يرمز الى البداية من جديد، الى بداية النصر وبداية التاريخ.

أيها الأصدقاء، أيها المناضلون في المهجر السوري القسري، لكم الف تحية في يوم النصر على الطاغية، في يوم اسقاط اصنام الاسدين، الاب والابن، وكل مخلفاتهم القبيحة. يوم النصر هو يوم الفتح الثاني، يوم تنحية الزمر الفاسدة وبداية الطريق نحو الحرية والديمقراطية. اعرف انه ليس وقت التفكير في المستقبل، بل يوم الاحتفاء بسقوط الطاغية، يوم الاحتفاء بالبدايات العظيمة والمفرحة. لكنني اعرف ان قلوبكم في دمشق وان عقولكم حائرة وتفكر في المستقبل. 

أتمنى عليكم العودة السريعة الى وطنكم، الى حيث كبرتم مع حلم يوم سقوط النظام، يوم بداية البدايات، يوم تكونون في مكانكم الطبيعي، في مواقعكم هناك، في حيثيات التغيير نحو المجتمع والدولة المدنيين والديمقراطيين. في مثل هذا اليوم ولأجل هذا اليوم حملتم احلامكم وافكاركم في المهجر القسري.

ادعوكم أيها الأصدقاء ان تستمروا في حمل شعلة التغيير، سوريا بحاجة اليكم ومجتمعات العالم العربي بحاجة لسوريا ديمقراطية ومدنية، فلسطين بحاجة لكم من خلال سوريا الديمقراطية. عودوا أيها الأصدقاء لتساهموا في بناء سوريا ديمقراطية وتتعامل بمساواة كاملة بين كل المواطنين. اعرف ان التحديات كبيرة، وان الطامعين خارجيا وداخليا هم كثر، وان مواجهة الحالمين بدكتاتورية جديدة هي مهمة كل السوريين، لكنها مهمتكم تحديدا، أتمنى ان تعودوا انتم وكل المهجرين السوريين الى الشام وحلب وادلب واللاذقية ودير الزور واريافهم، لان هناك هو وطنكم الحقيقي وليس القسري، ولان بناء سوريا الديمقراطية التي ستشكل منارة لعموم الشعوب العربية في انتظار دوركم وعطائكم.

أيها الأصدقاء، تعرفون انني عارضت زيارات الحج من أراضي الـ 48 للقاء الاسدين قبل عقدين واكثر، لم اقبل ان أكون أداة لتعظيم الاصنام ولا ازلامهم، الان اود زيارتكم ولقاءكم، هناك في حلب والشام، اريد ان آتي لأنام في بيوتكم واعيش أيام الثورة والثوار، أيام بناء سوريا الديمقراطية. الهم كبير، لكنني اعرف انكم قادرين، تستطيعون مع باقي النشطاء والقوى والمجموعات والتيارات وكل السوريين بناء سوريا ديمقراطية وملهمة لكل المظلومين. عودوا أيها السوريين... وعقبال الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم.

* الكاتب هو محاضر بالعلوم السياسية في جامعة حيفا