(Photo by KARIM SAHIB/AFP via Getty Images)
حزب الله يخرج من الحرب جريحاً ومتألماً، بعد أن ضحى بنصر الله وقيادته العليا على المذبح الذي بناه السنوار، ومن دون الإمكانيات والأصول العملياتية التي استثمر الكثير من الجهود في إنشائها على مر السنين. لقد انتزعت منه سيطرته الكاملة على الشريط الحدودي في جنوب لبنان (مؤقتا على الأقل) وفوق كل شيء, إنه فقد مكانته وهيبته.
الصورة التي وضعها حزب الله لنفسه كبلطجي الحي الذي يملأ قواعد اللعبة ويهدد كل من حوله تلقت ضربة قاسية. وفي أوساط الجمهور اللبناني، فإن محاولته تصوير نفسه على أنه "حامي لبنان" تقابل الآن بالسخرية. وفي إيران – لم يعد بإمكانهم أن يعلقوا عل حزب الله الآمال بأنه سيتمكن من شل وردع إسرائيل عن اتخاذ إجراءات استباقية ضدها، وحتى حماس ستجد صعوبة في الوثوق بوعوده، بعد أن نكث التزامه بمواصلة القتال طالما استمر القتال في غزة.
الفجوة بين التصريحات النارية التي أطلقها نصر الله وشركاؤه وأداء التنظيم خلال القتال تحرج قياداته. وحتى لو لم يعطوا ذلك تعبيراً علنياً، فإنهم يدركون الثمن الفادح الذي جلبته هذه الحرب للتنظيم وكيف يتم تصويره حالياً في عيون اللاعبين في المنطقة.
لم يكتب هذا الوصف للإشادة بإنجازات الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية (التي تستحق ذلك بالتأكيد) ولا لتشديد إحراج العدو، بل للإشارة إلى المشاعر الموجودة في حزب الله، والتي ستغذي دوافع وطاقات قيادة حزب الله من الآن فصاعدا.
وبقدر ما يكون الضرر والإحراج لحزب الله كبيرا، هكذا سيكون قدر إرادته في إعادة التموضع في المناطق التي فر عناصره منها، وإعادة تأهيل هيكليته والرد على إسرائيل واسترجاع كرامته الضائعة.
إن التعامل مع الجهود التي سيبذلها حزب الله لتسليح نفسه وتعزيز مكانته يشكل تحدياً حقيقياً لإسرائيل. من السهل أن نعلن أن "ما كان لن يكون"، ولكن عندما لا يكون الجيش الإسرائيلي موجوداً على الأرض، فإن أي "انتهاك" من جانب حزب الله سيثير الشكوك حول ما إذا كان سيتم الرد وكيف سيتم الرد عليه.
حزب الله سيضع إسرائيل أمام اختبارات قاسية. إنه سيمارس أنشطته تحت غطاء مدني, تحت رعاية السكان وفي ظل الجهود الإنسانية. تدريجيا, وبدون استفزاز وفي الأوقات التي ستكون فيها لإسرائيل مصلحة خاصة في الحفاظ على التهدئة (مثل افتتاح الموسم السياحي، والعام الدراسي، واتفاقيات تطبيع أو التركيز على إيران، إلخ). باستخدام أسلوب "الضفدع المغلي" سيحاول أن يجعل إسرائيل تعتاد على قبول أفعاله.
فالخشية من تجدد القتال بسبب تكاليفه السياسية والأمنية والاقتصادية، مع الضغوط والإغراءات والاعتبارات المتعلقة بترتيب الأولويات الوطنية، قد يدفع صناع القرار في إسرائيل إلى تفضيل التهدئة على المصلحة في منع إعادة تسلح حزب الله.
ولذلك فمن الصواب وضع قواعد صارمة تلزم رؤساء المنظومات السياسية والعسكرية الإسرائيلية. يجب وضع آلية لمراقبة ذلك، وتكليف الجهاز الأمني بتقديم تقرير أسبوعي عن تحركات العدو والإجراءات المتخذة ضده، ومراقبته من قبل لجنة فرعية من لجنة الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وفوق كل شيء، يجب تحديد موارد لجمع المعلومات الاستخبارية سيتم تخصيصها بشكل منتظم لهذه المهمة.
يجب على المستوى السياسي والعسكري أن يفترض أن حزب الله، في إطار مساعيه لاستعادة هيبته، سيلجأ إلى الحيل ويحاول مفاجأة إسرائيل. وينبغي أن يشكل هذا الافتراض أساسا لخطط الدفاع والهجوم للجيش الإسرائيلي. إن استيعاب هذا الافتراض والتصرف بموجبه, حتى في فترات التهدئة, يمثل تحديًا قياديًا وقياديًا ودرسًا ضروريًا.
كاتب المقال : رئيس معهد " مسغاف " لبحوث الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي الاسرائيلي سابقا
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]