صورة للتوضيح فقط ، تصوير : PeopleImages.com - Yuri A-shutterstock
الثقب في طبقة الأوزون كان واحدًا من التهديدات البيئية الشهيرة في النصف الثاني من القرن الماضي. وبعد حوالي أربعة عقود، ونتيجة لاتفاقية مونتريال وبافتراض أن الفعاليات العالمية لمنع انبعاثات مركبات الكلوروفلوروكربون ستستمر، فمن المتوقع أن يُغلق هذا الثقف. على الرغم من اسمه، فإن الأمر لا يتعلق بثقب بالمعنى الحرفي، بل بتآكل طبقة الغلاف الجوي المكونة من غاز الأوزون (O₃). وهو الأوزون الستراتوسفيري، الموجود في الطبقة الوسطى من الغلاف الجوي (على ارتفاع 15-50 كم فوق سطح الأرض)، وهو يمرر الأشعة فوق البنفسجية (UV) من الشمس ويساعد بذلك على تبريد كوكبنا.
ومقارنة بخصائصه الجيدة في مكان ما فوق السحاب، فإن للأوزون الموجود على مستوى الأرض آثار سلبية على صحة الإنسان ويضر بالجهاز التنفسي وجهاز القلب والأوعية الدموية، وبين النساء الحوامل، لذا فهو مقترن بزيادة المخاطر للإصابة بسكري الحمل. وقد تناول أحد الأبحاث الذي قُدّم في المؤتمر السنوي الثاني والخمسين للعلوم والبيئة العلاقة بين الأوزون والوضع الاجتماعي والاقتصادي وبين الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
عنصر جديد
ضم فريق الباحثين من خريجي برنامج ممشاك ود.غال هاجيت كراسو- رومانو من الكلية الأكاديمية تل حاي، د. زوهر برانت يتسحاقي، رئيس مجموعة البحوث للاستدامة البيئية والاجتماعية في مركز روبين الأكاديمي، ود. عدي ليفي، رئيس برنامج الماجستير في الاستدامة في المناطق المدنية والريفية في كلية أحفا وعضو اللجنة التنفيذية للجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة والإيكولوجيا. في البحث فحصوا متوسط تركيزات الأوزون على مستوى الأرض في 81 بلدة في إسرائيل، يبلغ عدد سكان كل منها 20 ألف نسمة أو أكثر، كما تم فحص معطيات عن الإصابة بمرض السكري من النوع 2 والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في نفس المستوطنات بين عامي 2016 و2019. ويوضح ليفي أنه "على الرغم من أنه فحصت العلاقة بين الوضع الاقتصادي والوضع الصحي في عدة مجالات في الماضي إلا أن الأوزون هو العنصر الجديد هنا".
عند مستوى سطح الأرض، الأوزون هو أحد الأمور التي تنتج عن لتلوث الهواء، ويتكون نتيجة تفاعل فوتوكيميائي (تفاعل يتم بواسطة الضوء) بين إشعاع الشمس وأكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة (VOCs). أكاسيد النيتروجين وVOCs هي ملوثات تنبعث من الصناعات والمركبات، وتتركز بشكل خاص في مراكز المدن الكبرى. كما أن للعوامل الجغرافية أهمية؛ فبحسب ليفي، على الرغم من أن الأوزون يتكون في مراكز المدن الكبيرة، فإنه يتواجد بتركيزات عالية أيضًا في مناطق بعيدة مثل السهول والجبال، حيث يصل الهواء الملوث الذي مر برحلة طويلة من السهل الساحلي. خلال هذه الرحلة، يتعرض الهواء الملوث لإشعاع الشمس، مما يزيد من تركيز الأوزون فيه. وقد وجد الباحثون علاقة ارتباط بين التعرض المزمن للأوزون عند مستوى سطح الأرض وبين الإصابة بمرض السكري من النوع 2، مما يشير إلى احتمال أن الأوزون هو عامل مسبب لهذا النوع من الأمراض.
ليس كل شيء سكّر
تُظهر نتائج البحث أن العمر والوضع الاجتماعي - الاقتصادي يؤثران، كما هو متوقع، على معدل الإصابة بمرض السكري، فقد وُجدت معدلات أعلى للإصابة بالسكري من نوع 2 بين كبار السن وفي البلدات التي تحتل مراتب منخفضة في المؤشر الاجتماعي-الاقتصادي بحسب دائرة الإحصاء المركزية. التفسير المحتمل لذلك هو أن الفئات الضعيفة اقتصاديًا تتعرض لتغذية سيئة وغير متوازنة لأنها تواجه صعوبة في شراء الفواكه والخضروات التي تكون أسعارها مرتفعة نسبيًا مقارنةً بالأطعمة المصنعة. عوامل أخرى للإصابة ترتبط بمستوى النشاط البدني، والعوامل الوراثية، والتعرض لمواد كيميائية مختلفة في منتجات استهلاكية تؤثر على النشاط الهرموني في جسم الإنسان.
يعتقد ليفي أن الحكومة تمتلك آليات للتدخل يمكنها توجيه وتشجيع الجمهور على استهلاك طعام صحي أكثر، مثل فرض الضرائب وتقديم الدعم المالي للمنتجات الغذائية الصحية بدلاً من الخبز الأبيض والزبدة. ويوضح بأنه "غالبًا ما يكون هناك استهلاك مرتفع للمشروبات المحلاة لدى الفئات الضعيفة"، ولهذا السبب يرى ليفي أن إلغاء ضريبة السكر العام الماضي كان بمثابة خطوة أضرت بشكل خاص بهذه الفئات الضعيفة التي كان من المفترض أن تحمي الضرائب صحتها.
"المشروبات المحلاة هي كارثة على الصحة"، يقول د. زوهار برانت-يتسحاكي. "فهي تُثقِل الجسم بكميات هائلة من السكر، ولا تحتوي على أي فائدة غذائية، كما أن استهلاكها بشكل منتظم يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني". ومع ذلك، يعتقد كل من ليفي وبرانت-يتسحاكي أن الطريقة التي فُرضت بها هذا الضريبة في الماضي لم تكن مقبولة على الجميع ولم ترافقها خطوات مثل التوعية حول الأضرار الجسيمة التي يمكن أن يسببها السكري على جودة الحياة، والتي قد تصل إلى بتر الأطراف، والعمى، واستخدام الأدوية لسنوات طويلة.
بحسب رأيهم، جزء من المعارضة جاء لأن بعض الفئات لم تفهم هدف الضريبة واعتبرتها خطوة موجهة ضدهم كفئة مستضعفة. "إذا تم استخدام فرض الضريبة كأداة، فيجب أن يشمل ذلك منتجات إضافية مثل الأغذية المصنعة والأطعمة الغنية بالملح والسكر". ويشير ليفي إلى أنه حتى من منظور اقتصادي، يجب أن تتم التغييرات في نظام الضرائب بناءً على اعتبارات صحية (مما يتيح توفير موارد اقتصادية كبيرة بسبب فقدان أيام العمل، والأدوية، وأيام الاستشفاء، والوفيات المبكرة)، بدلاً من الإضرار بها، كما حدث في إلغاء ضريبة السكر والتهديد المتكرر من وزارة المالية بفرض ضريبة القيمة المضافة على الفواكه والخضروات.
معالجة العوامل البيئية للسكري
إلى جانب تأثير الوضع الاجتماعي-الاقتصادي والضرائب على استهلاك السكر، يؤكد ليفي أنه لا يمكن تجاهل دور الأوزون والملوثات الأخرى كمخاطر على الصحة العامة. بناءً على ذلك، يقترح معالجة العوامل البيئية المسببة للأمراض أيضًا، ويصف بإيجابية التوجه نحو استخدام المركبات الكهربائية الخاصة والعامة في إسرائيل. ومع ذلك، يشير إلى أن الاعتبارات الصحية لدى صناع القرار في وزارة المالية تُعتبر ثانوية، حيث إن الزيادة المستمرة في ضرائب الشراء على السيارات الكهربائية وفرض ضريبة كبيرة على استخدام هذه المركبات قد يؤديان إلى عكس هذا التوجه تمامًا. يقول "سنتراجع إلى الوراء، وسنشهد زيادة كبيرة في تلوث الهواء في كافة المدن الكبرى في إسرائيل، وستكون النتيجة المزيد من الأمراض والمزيد من الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية والرئة". (لم يتم تلقي رد من وزارة المالية في هذا الموضوع).
يشير ليفي إلى أن المعاناة البشرية المرتبطة بزيادة الأمراض مثل أمراض القلب، الأوعية الدموية، والرئة – مثل الربو لدى كبار السن، الرُضع، والأطفال – تؤدي أيضًا الى تكاليف اقتصادية مرتفعة للغاية. ويقول إن "الأمراض لا تؤثر فقط على المرضى الذين يعانون منها. إنها تشمل فقدان أيام العمل، تكاليف الاستشفاء الباهظة، الأدوية المكلفة، والوفيات المبكرة المنوطة بدفع ثمن باهظ – إنسانيًا واقتصاديًا".
على سبيل المثال، في لجنة الصحة بالكنيست عام 2021، قُدرت التكلفة السنوية لعلاج مرض السكري والسمنة (وهي واحدة من عوامل الخطر الرئيسية لمرض السكري) بـ 29 مليار شيكل، وأنه بحسب التوقعات، بحلول عام 2030 سيتضاعف عدد مرضى السكري ليصل إلى مليون شخص. وبحسب للتأمين الوطني، فإن المرضى الذين يعانون من السكري يكلفون نظام الصحة تقريبًا ضعف ما يكلفه المرضى غير المصابين بالسكري، مما يخلق ضغطًا أكبر على النظام الصحي، لذلك يمكن أن يؤدي التحول إلى وسائل نقل تعمل بالكهرباء وإزالة سيارات الديزل والبنزين الملوثة من مراكز المدن إلى توفير كبير في الأرواح والتكاليف.
يُذكّر ليفي بأن إسرائيل تحتل مرتبة مرتفعة جدًا في معدل الإصابة بمرض السكري بين دول الـOECD ومن أجل الوصول إلى مراكز أفضل وأكثر صحة في الترتيب، يجب علينا معالجة مرض السكري بطريقة تأخذ بعين الاعتبار النظام الصحي، القضايا الاجتماعية-الاقتصادية، والاعتبارات البيئية.
تم إعداد المقال بواسطة "زافيت" – وكالة الأنباء التابعة للجمعية الإسرائيلية للإيكولوجيا وعلوم البيئة