logo

‎⁨طرق تعليم الأطفال الانضباط الذاتي من دون استخدام العقاب البدني

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
17-11-2024 16:07:14 اخر تحديث: 19-11-2024 15:58:54

مثلما تهتم الأم بتوفير الرعاية الصحية لطفلها والحرص على تغذيته؛ لكي ينمو ويكبر بجسم سليم، فعليها أن تعلمه طرق الانخراط في المجتمع المحيط به، بحيث يكون قادراً على التأقلم مع الآخرين

صورة للتوضيح فقط - تصوير: fast-stock-shutterstock

والتعامل والتواصل معهم، وفي نفس الوقت فهو يتعلم النظام والترتيب في حياته من البيت أولاً، ثم يذهب إلى المدرسة؛ لكي يقف في الطابور الصباحي وينتظر دوره في تصحيح كراساته؛ لأنه تعلم الانضباط في البيت؛ مثل انتظار دوره في سكب الطعام في طبقه.

تعد مهارات الانضباط الذاتي من المهارات المهمة التي يتم تعزيزها من خلال الأسرة في سن مبكرة للطفل، والتي تحتاج لبعض المجهود من أجل أن يصل إليها لتحقيق النجاح في حياته، ومن الضروري أن تكون الأم هي القدوة لذلك في كل حالة، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، وفي حديث خاص بها، بالمرشد التربوي عارف عبد الله، حيث أشار إلى طرق تعليم الأطفال الانضباط الذاتي من دون استخدام العقاب البدني؛ مثل أن يتحكم الطفل بمشاعره، ويحترم القوانين من حوله، وغيرهما في الآتي:

تعريف مهارة الانضباط الذاتي عند الأطفال

تعرف مهارة الانضباط الذاتي بأنها قدرة الطفل على تنظيم سلوكه وتحكمه في نفسه بشكل فعال؛ عن طريق قيامه بالتصرفات المطلوبة منه في الوقت والظرف المناسبيْن، وتتضمن القدرة على التحكم في نفسه، القدرة على تنظيم انفعالاته، واتخاذه القرارات الصحيحة والسليمة، وكذلك التحكم في ردود الأفعال والاندفاعات العاطفية، مما يمكّنه من التكيف مع محيطه العائلي والمدرسي، ثم المحيط الأوسع من ذلك، ويعزز نموه الخاص والاجتماعي.

يفيد امتلاك الطفل لمهارة الانضباط الذاتي في تطوير شخصية الطفل وتحقيق النمو التام بكل جوانبه، كما يسهم الانضباط الذاتي عند الطفل في بناء اللبنة الأولى لأسس قوية ومتينة لتحقيق وإحراز النجاح في شتى مجالات الحياة، بدءاً بمرحلة الطفولة وما يليها من مراحل عمرية، ولذلك يعد تعليم الانضباط الذاتي للأطفال هو من أولى الخطوات التي تربي الطفل على تحمّل المسؤولية والاستقلالية ومواجهة تحديات الحياة بكل كفاءة مع امتلاكه للقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في موضعها.

متى يتعلم الطفل مهارة الانضباط الذاتي حسب مرحلته العمرية؟

في سن المهد

لاحظي أن طفلك الصغير ومنذ الولادة يكتسب من ناحية غريزية القدرة على التعرف إلى احتياجات جسمه ونفسه الأساسية؛ مثل الحاجة إلى الرضاعة لكي يشعر بالشبع، والحاجة لتغيير ملابسه ليشعر بالجفاف والنظافة، ويستطيع أن يعبّر عن هذه الحاجات والرغبات، مما يمثل لديه نوعاً من التحكم الذاتي بانفعالاته حسب الضرورة، ومع استجابة الأم لرغبات الطفل؛ فهو بذلك يبدأ في تطوير مهاراته بشكل أفضل، مثل أن يفتح فمه حين يرى الطعام حين يكبر قليلاً، وهكذا.

في سن الطفولة المبكرة

توقعي أن يبدأ الطفل في تطوير قدراته في التنظيم والتحكم في بعض تصرفاته، حيث يتعلم الطفل في سن ما قبل المدرسة، وبعد عمر العامين، مفاهيم الانضباط الذاتي؛ وذلك من خلال تجاربه اليومية، فمثلاً سوف يتعلم كيفية انتظار دوره في الطابور، وكيفية الاشتراك في الألعاب مع الأطفال الآخرين، مع أهمية التوجيه من قبل الوالدين لتعزيز هذه المهارات، مع التوضيح للطفل أن التزامه بهذه القوانين يعني أنه يتحمل مسؤولية نجاح المجتمع، كما أن له حقوقاً وواجبات في المجتمع، وعليه أن يتعلم كيف يحصل عليها ويحترمها ويتقبل النقد والتوجيه، ويتعلم كيف يواجه الإحباطات ويتفاداها.

في مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية المراهقة

لاحظي أن طفلك حين يصبح في المدرسة؛ أي سن الطفولة المتأخرة، فهو سوف يستطيع تطوير مهارة الانضباط الذاتي لديه بشكل أكبر، حيث سيكتسب الطفل القدرة على التفكير على مدى أبعد من تفكير طفل في الثانية من عمره مثلاً، ويستطيع تنظيم وقته والتحكم في ردود فعله، حيث إن مهارة الانضباط الذاتي هي مهارة تراكمية تتطور وتتحسن بالتزامن مع تقدم عمر الطفل.

طرق تعليم الطفل الانضباط الذاتي

ضعي توقعات مناسبة لعمر طفلك

اهتمي بأن يكون لديك توقعات وأهداف مناسبة لكل مرحلة من مراحل تطور طفلك، حيث يمكنك من خلال وضع هذه التوقعات والأهداف تكوين توقعات فعلية وواقعية لاستمرارية تعليمه على هذا النمط، ويجب أن تهتمي بالبحث والمعرفة، ومن خلال بعض الكتب المختصة بتربية الطفل؛ لكي تعرفي احتياجات الطفل في كل مرحلة عمرية يمرّ بها، بحيث تقارنين بين توقعاتك بالنسبة لطفلك وما تصلين إليه من خلال بحثك فيما يخص مهارة الانضباط الذاتي للطفل في تلك المرحلة.

كوني قدوة لطفلك

احرصي على أن تكوني لطفلك القدوة التي يحتذي بها؛ لأن الطفل ليس آلة تكرر ما تسمعه، بل هو يقلد ما يراه فعلاً من أقرب الناس إليه، ومن مجتمعه الضيق الذي يتسع بالتدريج، ولذلك يجب أن تكون أفعالك وتصرفاتك نموذجاً حقيقياً وجيداً لطفلك؛ وذلك من خلال انضباطك الذاتي الذي يجب أن تحرصي على أن يكون نموذجياً، ومن خلال التزامك بالقيام بالأعمال وردات الفعل في وقتها المناسب، فطفلك يتعلم بالتقليد أكثر من التلقين.

ضعي نظاماً وروتيناً ثابتاً لحياة أسرتك

اهتمي بتنظيم روتين ثابت لحياة أسرتك، وذلك عن طريق وضع جداول قصيرة زمنية وبسيطة لأنشطة أطفالك اليومية؛ مثل جدول الطعام وآخر للنوم وترتيب الغرف والألعاب، مما يساعدهم على تنظيم نهارهم وعدم إهدار الوقت بلا فعالية، والالتزام بروتين ومواعيد ثابتة في الأمور والقوانين الأساسية في البيت؛ مثل تخصيص واحترام وقت تناول الوجبات، ووقت النوم يحفز مهارة الانضباط الذاتي لدى الطفل بصورة فعالة وواقعية.

علّميه ضبط انفعالاته والتعامل معها

احرصي على أن تعلمي طفلك أن يتحكم في أعصابه وردود أفعاله ومشاعره، بحيث يعطي كل موقف ما يناسبه من ردة فعل، فهذه الطريقة في ضبط الانفعالات تساعد الطفل على تطوير مهارة الانضباط الذاتي لديه، كما يجب أن تعلّمي طفلك كيفية التعامل مع المشاعر والعواطف السلبية بشكل متزن وصحيح والتعبير عنها بشكل مناسب من دون مبالغة وتفريغها بصورة تقلل منها؛ مثل التعبير عنها بالكلمات أو الرسوم، أو تجهيز وتحضير ما يعرف بركن الهدوء في المنزل لطفلك.

قدّري طفلك وشجعيه

اهتمي بتشجيع طفلك والثناء عليه وتقدير جهوده، وحيث يعتبر الثناء والتقدير لجهود الطفل في تطوير مهاراته من أجل الحصول على مهارة الانضباط الذاتي وتعزيز وتثبيت إيجابيات سلوكه؛ يزيد من قدرته على تطوير تلك المهارة؛ لأن تشجيع الطفل هو الأداة السحرية في التربية والقضاء على كل المشاعر السلبية التي قد تقلل من مهارات الطفل وفرص تحقيقه للنجاح.

علّميه أن يتحمل نتائج تصرفاته

علّمي طفلك أن عليه أن يتحمل نتائج تصرفاته، حيث إن شرح العواقب والنتائج المتوقعة والمحتملة لسلوك ما قام به الطفل يساعده على فهم تأثير أفعاله وتعزيز مهارة الانضباط الذاتي لديه، بالإضافة إلى أهمية التعامل معه برفق ولين في حال وقوعه في الخطأ، وذلك من خلال تقديم الإرشادات والتوجيهات اللازمة بدلاً من إيقاع العقاب؛ من أجل المساهمة في تعزيز تعلم طفلك.

امنحي طفلك الفرصة ليتخذ القرارات

امنحي طفلك الفرصة لكي يتخذ القرارات من دون إشرافك، ولا تجعليه منقاداً وإمعة لكِ؛ فينشأ ضعيف الشخصية ومهزوز الثقة بنفسه، فمن الضروري أن تعرفي كيف تبنين ثقة طفلك بنفسه وتعززين تعاونه وتحمّله للمسؤولية من عمر سنتين؟ كما أن دعم طفلك في اتخاذ القرارات يسهم بشكل جدّي وفعال في تطوير وتثبيت وتعزيز مهارة الانضباط الذاتي لديه، كما أن تشجيعك لطفلك على القيام ببعض المهارات بشكل فردي ومستقل يسهم كثيراً في تحقيق انضباطه الذاتي بشكل كبير.