logo

‎‘الالتهاب من النوع 2‘ هو استجابة تحسّسية لا تُحفّز بالضرورة بسبب عامل خارجي

12-11-2024 08:58:51 اخر تحديث: 13-11-2024 14:02:46

التهاب الجلد التأتبي (أتوبيك درماتيتيس) والربو لدى الأطفال، وهما من الأمراض التي تنتمي إلى فئة "الالتهاب من النوع 2"، معروفان كأمراض تعكّر الروتين وجودة الحياة لدى الأطفال. حول الابتكار في العلاجات والأخبار السارة والتفاؤلية.

يبدو أن المصطلح الطبي "الالتهاب من النوع 2" غير معروف بما فيه الكفاية بين الأهالي والأطفال، إلا أن أعراضه معروفة تمامًا عندما تظهر وتؤثّر على الروتين وجودة الحياة للأطفال.

الالتهاب هو طريقة الجسم للدفاع عن نفسه ضد المواد الغريبة مثل البكتيريا والفيروسات. "الالتهاب من النوع 2" يتميز بأنه يظهر كاستجابة تحسّسية، وأحيانًا حتى كاستجابة التهابية لا تُحفَّز بواسطة مهيّج خارجي. في الواقع، يقوم الجهاز المناعي بتنشيط نفسه لسبب غير مفهوم تمامًا ويهاجم الجسم.

من بين الأمراض المعروفة التي يسبّبها هذا النوع من الالتهاب: الربو، التهاب الجلد التأتبي، التهاب الأنف التحسّسي، البوليب الأنفي وغيرها. سنركز على التهاب الجلد التأتبي والربو لدى الأطفال، وهما مرضان شائعان بين الأطفال.

التهاب الجلد التأتّبي (أتوبيك درماتيتس) هو مرض جلدي يتمثّل بأعراض رئيسية هي الحكة والجفاف والطفح الجلدي. يُشخَّص واحد من كل خمسة أطفال في إسرائيل بالمرض، وثلثهم يعانون من درجة متوسطة إلى شديدة. كما ذُكر، الخلل في الجهاز المناعي يجعل الجسم يهاجم نفسه، وعلى الرغم من الانتشار الواسع، فإن الوعي بمعاناة المرضى منخفض جدًا.

"في الماضي القريب، لم يكن لدى الطب الكثير ليقدّمه، وكان الأطفال المرضى يعانون بالفعل. لهذا المعاناة تكلفة، وقد تكون مرتفعة جدًا"، تقول البروفيسورة شوشي غرينبرغر، مديرة وحدة طب جلد الأطفال في المركز الطبي "شيبا تل هشومير".

"كان الناس يقولون 'لا بأس، الطفل الذي يعاني من التهاب الجلد التأتّبي سيحكّ، وعندما يكبر ستختفي المشكلة'. اليوم نعرف أن عدم العلاج يؤدّي إلى حالات مثل نقص النوم، وعدم تحقيق إمكانيات النمو للطول والوزن، وحتى عدم تحقيق الإمكانيات الذهنية، لأن قلة النوم تؤدّي إلى ضعف الأداء في المجالات المختلفة".

تُشير البروفيسورة غرينبرغر إلى أن الأطفال الذين يعانون من هذا المرض يميلون أيضًا إلى المعاناة من الأمراض النفسية والقلق، والعائلة بأكملها تعاني معهم.

المرض يتميّز بثلاث درجات: خفيفة، متوسّطة وشديدة، حسب مظهر الطفح الجلدي والمساحة المتأثرة من الجسم، وكذلك حسب الأعراض ومدى تأثيرها على جودة الحياة، على الأنشطة اليومية، وعلى جودة النوم. تعتمد العلاجات على شدة المرض، ففي الدرجة الخفيفة يمكن العلاج باستخدام مراهم ستيرويدية وغير ستيرويدية. في الدرجتين المتوسطة والشديدة، عادةً ما يكون هناك حاجة إلى علاجات شمولية، مثل العلاج بالضوء، العلاج باستخدام مصابيح الشمس أو الأدوية التي تثبّط الجهاز المناعي. هذه الأدوية تعمل على تثبيط خلايا الـ T، التي تلعب دورًا رئيسيًا في التسبب بالالتهاب، وتتطلب مراقبة وظائف الكبد والكلى. في الآونة الأخيرة، حصل تقدم حقيقي في التعامل مع المرض من خلال العلاجات البيولوجية التي تثبّط البروتينات المشاركة في الاستجابة الالتهابية. الخبر السار لهذه العلاجات هو أنها لا تثبط الجهاز المناعي.

كيف تعمل العلاجات الجديدة؟

"الأدوية البيولوجية تستند إلى أبحاث أظهرت المشكلة الرئيسية في الجهاز المناعي في هذه الأمراض، التي تُعرف باسم "الالتهاب من النوع "'، وهي أجسام مضادة تستهدف المواد الرئيسية التي تفرزها خلايا الالتهاب في الجلد، وتسبب أعراض الحكة والطفح الجلدي"، توضح البروفيسورة غرينبرغر.

ما هي الروتينات الموصى بها لمنع تفاقم المرض لدى الأطفال الذين يعانون منه؟

"يجب أن تتضمن روتينات النظافة الاستحمام القصير، ليس ساخنًا جدًا ولا طويلًا جدًا، ومن ثم التجفيف بلطف، واستخدام زيت حمّام أو كريم مطهر لطيف، ولكن ليس الصابون. يُنصح بوضع كريم ترطيب غير معطّر مرّتين في اليوم، مرة بعد الاستحمام ومرة أخرى لاحقًا. يُفضّل تجنب وضع السجاد والستائر في غرفة النوم، تنظيف الغبار بانتظام، استخدام مسحوق غسيل للأطفال، وتجنّب مطرّي الغسيل. بالإضافة إلى ذلك، أوصي بارتداء الملابس المصنوعة من 100% قطن".

"باختصار، من المهم جدًا أن نفهم أن لدينا اليوم الكثير لنقدّمه للأطفال الذين يعانون من التهاب الجلد التأتبي، وليس هناك سبب لمواصلة المعاناة. على عكس البالغين، نحن متفائلون جدًا فيما يتعلق بتحسّن الأعراض لدى الأطفال، حتى في الحالات الأكثر تعقيدًا"، تقول البروفيسورة غرينبرغر بتفاؤل.

الربو لدى الأطفال، ليست مرضًا واحدًا بل مجموعة من الأمراض التي تتجلّى في ضيق التنفس والصفير. النوع الأكثر شيوعًا من المرض، خاصة بين الأطفال، هو "الربو من النوع 2"، الذي يُشتق اسمه من "الالتهاب من النوع 2"، حيث تبدأ الأعراض بسعال مزعج ومستمر لفترة طويلة، يظهر بشكل خاص في الليل، حتى يظهر الصفير. بالإضافة إلى ذلك، يُلاحظ صعوبة في القيام بالجهود. سيظهر الأطفال الصغار عدم الرغبة في اللعب، والتعب المفرط، وسوف يصفون آلامًا في الصدر ليست حقيقية، بل يفسرونها على أنها ضيق في التنفس.

المشكلة الرئيسية تكمن بين الرّضع والأطفال الصغار الذين لا يستطيعون الشكوى بعد، حيث يمكن أن تظهر لديهم النوبة في عمر عدة أشهر. الربو في مرحلة الطفولة شائع جدًا، حيث سيعاني حوالي 40% من الأطفال دون سن 6 سنوات من نوبة ربو واحدة، نصفهم سيعانون من نوبات متكرّرة.

"من المهم جدًا الانتباه إلى مسألة السعال لدى الرضع والأطفال الذين لا يشتكون"، يقول الدكتور موشيه أشكنازي، نائب مدير مستشفى "سفرا" للأطفال، وأخصائي بارز في وحدة رئة الأطفال في المركز الطبي "شيبا". "يجب ألّا يسعل الطفل لأكثر من بضعة أيام متتالية، وبالتأكيد ليس لمدة 2-3 أسابيع. لذلك، إذا لاحظ الأهل سعالًا مستمرًا لمدة أسبوعين، يجب التوجه إلى مختص لتشخيص الأمر".

بحسب الدكتور أشكنازي، على الرغم من أن "الربو من النوع 2" هو مرض شائع مع وعي كبير، فإنه لا يزال تحت التشخيص.

"يمكن تحقيق السيطرة الكاملة على المرض لدى معظم المرضى باستخدام بخّاخات الستيرويدات أو موسّعات القصبات الهوائية"، ومع ذلك، فإن أكثر من 50% منهم لا يصلون إلى التوازن. يعود ذلك إلى مجموعة متنوعة من الأسباب مثل الجرعات غير الصحيحة، العلاج غير المناسب، أو عدم الالتزام بالعلاج، الذي يكون سببه لدى الأطفال هو الآباء. ولكن حتى لو التزم الآباء بنسبة 100% بجميع التعليمات، فإن البخّاخات لن تفيد حوالي 10% من المرضى، ولهؤلاء لدينا اليوم علاجات بيولوجية جديدة".

كيف تساعد العلاجات البيولوجية في علاج الربو لدى الأطفال؟

"عندما درست الطب، علّمونا أن علاج الربو الشديد يتم باستخدام أملاح الذهب والعلاج الكيميائي، مما يترتب عليه بالطبع آثار جانبية خطيرة. اليوم لدي في "الترسانة" 6 أدوية بيولوجية محددة لهذا المرض، مما يتيح لي إمكانية تخصيص العلاجات الفردية".

يوضح الدكتور أشكنازي أن الدواء البيولوجي يشبه الصاروخ الذكي الذي يعرف كيفية ضرب الهدف بدقّة دون تدمير ما حوله. بحسب قوله، تفتح الأدوية البيولوجية أمام الأطباء مجموعة رائعة من الخيارات وتحسّن الأعراض بشكل كبير. تُعطى الأدوية في الغالب عن طريق الحقن تحت الجلد، مرة كل أسبوعين إلى مرة كل شهرين، حسب الدواء وشدة المرض.

"مؤشّر نجاح العلاجات الجديدة لدينا هو تقليل التفاقمات والحاجة إلى الستيرويدات الفموية، والتي يسبب استخدامها الطويل آثارًا جانبية خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم، جلاوكوما، والسكري، وهشاشة العظام، وجعل الجلد هشًا وحساسًا"، يقول الدكتور أشكنازي ويؤكّد: "اليوم الربو هو مرض مزمن لا ينبغي أن يكون عائقًا. إذا لم ينجح علاج واحد، سنحاول علاجًا ثانيًا وثالثًا، ويمكنني العد هكذا حتى ستة. في نهاية المطاف، يعود معظم الأطفال لممارسة حياة طبيعية تمامًا، دون دخول متكرر إلى المستشفى أو زيارات إلى الطوارئ، وعلى عكس الماضي، نحن نشجعهم حتى على المشاركة في الأنشطة الرياضية".

لمزيد من المعلومات أو الأسئلة، يُرجى التواصل مع الطبيب المعالج.