المحامي زكي كمال
وموعد لقاء المصوّتين مع صناديق الاقتراع، تتويجًا لحملة انتخابيّة متعادلة بشكل لم تعهده الانتخابات في هذه الدولة العظمى والتي كانت كلها حامية الوطيس. انتظر الجميع نتائجها على أحرّ من الجمر، لكنها لم تشهد قط، ما شهدته هذه الحملة من مواقف عنصريّة وغير ديمقراطيّة وعبارات عنصريّة ونابية، خاصّة ما رشح عن الاجتماع الانتخابيّ الأخير للجمهوريّ دونالد ترامب في ساحة ماديسون سكوير غاردن في نيويورك، قبل أقلّ من أسبوع على يوم الانتخابات من عبارات يندى لها الجبين من دعوات لقتل من لا يصوّت للجمهوريّين، ووصفه لمئات آلاف الأمربكيّين القاطنين في بورتو ريكو، بأنهم قمامة، ووصف المرشحة الديمقراطيّة كامالا هاريس بالشيطان .
يمكن الجزم أنها قمة جديدة، أو ربما حضيض جديد، من تدهور القيم الديمقراطيّة وثقافة النقاش السياسيّ والانتخابيّ، لم تشهدها أمريكا من قبل من حيث الحدّة والتجريح والتحريض والضرب تحت الحزام، بلغة الملاكمين والمصارعين، لكنها بالمجمل تعبير عن حالة ليست أمريكيّة حصرًا، بل إنها أوروبيّة، بل عالميّة ، ملخّصها فقدان الأحزاب التي كانت تسمّى وفق معجم المصطلحات السياسيّة" أحزاب اليمين الرسميّة أو المعتدلة"، ومنها الحزب الجمهوريّ في الولايات المتحدة قبل 2015، وأحزاب اليمين في أوروبا حتى اندلاع مآسي وويلات الربيع العربيّ والحرب الأهليّة في سوريا وأمواج الهجرة الكبيرة من دول آسيويّة وشرق أوسطيّة، وكلها إسلاميّة إلى دول أوروبا وخاصّة ألمانيا وفرنسا وبلجيكا ، وانتقالها من مرحلة الأحزاب الأيديولوجيّة اليمينيّة إلى مرحلة الأحزاب الشعبويّة اليمينيّة المتطرّفة، التي استبدلت شعاراتها الأيديولوجيّة، التي أمكن قبولها، أو رفضها او مناقشتها، بمواقف شعبويّة تستهدف المشاعر والعواطف، وتعزف على أوتار المخاوف، تفتقر إلى الماهية وتتخذ الكراهية شعارًا، وترفض مقارعة المختلف وتسارع إلى إقصائه، أو المطالبة بقتله وطرده وسجنه، أو حتى تطالب الجيش بملاحقته، كما كان ترامب نفسه قد ألمح خلال حملته الانتخابيّة، وتستند إلى منطلقات العرق واللون والدين والتفوّق العرقيّ متناسية أن الديمقراطيّة، بما في ذلك تلك التي في أمريكا، وهي عرش الديمقراطيّة كما يدَّعون، تعني مساواة الجميع وخاصّة الأقليّات. وتدعو إلى المسّ بالحريّات خاصّة للمهاجرين بداعي كونهم غير مخلصين يجب لجمهم، ناسية أن الديمقراطيّة ومركّباتها الأساسيّة خاصّة حريّة التعبير تتطلّب أن تأخذ الأغلبيّة على عاتقها مسؤوليّة ضمان حريّة الأقليّة، وربما المخاطرة بسماع مواقف لا ترضيها، وبالتالي يصحّ وفقًا لما شهدته انتخابات الرئاسة الأمريكيّة تسميتها معركة انتخابيّة، تم فيها تجاوز كافّة الخطوط الحمراء ، وليس حملة انتخابيّة لها قوانينها.
وموعد لقاء المصوّتين مع صناديق الاقتراع، تتويجًا لحملة انتخابيّة متعادلة بشكل لم تعهده الانتخابات في هذه الدولة العظمى والتي كانت كلها حامية الوطيس. انتظر الجميع نتائجها على أحرّ من الجمر، لكنها لم تشهد قط، ما شهدته هذه الحملة من مواقف عنصريّة وغير ديمقراطيّة وعبارات عنصريّة ونابية، خاصّة ما رشح عن الاجتماع الانتخابيّ الأخير للجمهوريّ دونالد ترامب في ساحة ماديسون سكوير غاردن في نيويورك، قبل أقلّ من أسبوع على يوم الانتخابات من عبارات يندى لها الجبين من دعوات لقتل من لا يصوّت للجمهوريّين، ووصفه لمئات آلاف الأمربكيّين القاطنين في بورتو ريكو، بأنهم قمامة، ووصف المرشحة الديمقراطيّة كامالا هاريس بالشيطان .
يمكن الجزم أنها قمة جديدة، أو ربما حضيض جديد، من تدهور القيم الديمقراطيّة وثقافة النقاش السياسيّ والانتخابيّ، لم تشهدها أمريكا من قبل من حيث الحدّة والتجريح والتحريض والضرب تحت الحزام، بلغة الملاكمين والمصارعين، لكنها بالمجمل تعبير عن حالة ليست أمريكيّة حصرًا، بل إنها أوروبيّة، بل عالميّة ، ملخّصها فقدان الأحزاب التي كانت تسمّى وفق معجم المصطلحات السياسيّة" أحزاب اليمين الرسميّة أو المعتدلة"، ومنها الحزب الجمهوريّ في الولايات المتحدة قبل 2015، وأحزاب اليمين في أوروبا حتى اندلاع مآسي وويلات الربيع العربيّ والحرب الأهليّة في سوريا وأمواج الهجرة الكبيرة من دول آسيويّة وشرق أوسطيّة، وكلها إسلاميّة إلى دول أوروبا وخاصّة ألمانيا وفرنسا وبلجيكا ، وانتقالها من مرحلة الأحزاب الأيديولوجيّة اليمينيّة إلى مرحلة الأحزاب الشعبويّة اليمينيّة المتطرّفة، التي استبدلت شعاراتها الأيديولوجيّة، التي أمكن قبولها، أو رفضها او مناقشتها، بمواقف شعبويّة تستهدف المشاعر والعواطف، وتعزف على أوتار المخاوف، تفتقر إلى الماهية وتتخذ الكراهية شعارًا، وترفض مقارعة المختلف وتسارع إلى إقصائه، أو المطالبة بقتله وطرده وسجنه، أو حتى تطالب الجيش بملاحقته، كما كان ترامب نفسه قد ألمح خلال حملته الانتخابيّة، وتستند إلى منطلقات العرق واللون والدين والتفوّق العرقيّ متناسية أن الديمقراطيّة، بما في ذلك تلك التي في أمريكا، وهي عرش الديمقراطيّة كما يدَّعون، تعني مساواة الجميع وخاصّة الأقليّات. وتدعو إلى المسّ بالحريّات خاصّة للمهاجرين بداعي كونهم غير مخلصين يجب لجمهم، ناسية أن الديمقراطيّة ومركّباتها الأساسيّة خاصّة حريّة التعبير تتطلّب أن تأخذ الأغلبيّة على عاتقها مسؤوليّة ضمان حريّة الأقليّة، وربما المخاطرة بسماع مواقف لا ترضيها، وبالتالي يصحّ وفقًا لما شهدته انتخابات الرئاسة الأمريكيّة تسميتها معركة انتخابيّة، تم فيها تجاوز كافّة الخطوط الحمراء ، وليس حملة انتخابيّة لها قوانينها.
هذا ما أثبتته المعارك، أو الحملات الانتخابيّة الأخيرة في دول عديدة في العالم تدّعي الديمقراطيّة والليبراليّة، لكن ما حدث في الولايات المتحدة كان الأسرع والأقسى وربما الأخطر، خاصّة وأن بداية ظهور هذه التوجّهات على أرض الواقع، تزامن مع ترشح دونالد ترامب للرئاسة ومنذ عام 2015، لكنها في الحقيقة كانت موجودة على شكل "تيّارات تحت أرضيّة" ، قوامها ومؤشّراتها ازدياد مظاهر العنصريّة والإقصاء تجاه الأفارقة والملوّنين، وهي شعارات رفعتها في السابق فئات متطرّفة وهامشيّة منها الحركة النازيّة المعروفة "كو كلوس كلان" ، اتّسعت رقعتها، على الصعيد الجماهيريّ، دون أن تتصدّر الحملات الانتخابيّة بين الحزبين الديمقراطيّ والجمهوريّ، اللذين حافظا حتى دخول ترامب الساحة السياسيّة والرئاسيّة على نقاء الحملة الانتخابيّة بمستواها، أو جزئها الظاهر والعلنيّ، لكن ترامب جعل من هذه التوجّهات شعارات رسميّة وعلنيّة لحملته الانتخابيّة عبر علاقات واضحة ومباشرة بحركات يمينيّة سياسيّة ودينيّة متزمّتة ومتطرّفة، تنادي بإقصاء الغير خاصّة المهاجرين من أمريكا اللاتينية، وهو ما انعكس في خطابات ترامب وسياساته حول بناء جدار يمنع دخول اللاجئين من المكسيك، باعتبارهم مجموعات خطيرة وجنائيّة تنفّذ أعمالًا إجراميّة، ناهيك عن أن استمرار تدفّق اللاجئين والمهاجرين سواء كانوا من أمريكا الجنوبيّة، أو أفريقيا، أو الشرق الأوسط وخاصّة الدول الإسلاميّة، يشكّل خطرًا على نقاء أمريكا وبقائها وقوتها، ويمنعها من أن تبقى "عظيمة وقويّة".
ومن هنا جاء الشعار الانتخابيّ " نعيد أمريكا إلى عظَمَتِها" وبالإنجليزيّة" Make America Great Again واختصارها MAGA، الذي رفعه ترامب الذي تحالف مع الحركات الإفنجيليّة المتديّنة المتزمّتة، وشركات صناعة الأسلحة ومنظّمة المسلّحين الأمريكيّين NRA) National Rifle Association) الذين يعتبرون القوانين التي تتيح لكل أمريكيّ اقتناء السلاح متى وكما شاء، وغيرهم من الفئات اليمينيّة والدينيّة المتطرّفة، التي تستهويها فكرة النقاء العرقيّ الأبيضّ والكراهية العنصريّة للأقليّات، وتشمل المسلمين واليهود واللاتينيّين والسود ، الذين يتهمهم دونالد ترامب ومعاونوه ومؤيّدوه بأنهم يشكّلون عبئًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا على الولايات المتحدة البيضاء، ويعيقون تقدّمها ويمنعونها من العظمة المطلقة، إضافة إلى محاولات لزرع بذور الشقاق والخلاف بين هذه الأقليّات، عبر اتهام ترامب للمهاجرين اللاتينيّين والمسلمين بسرقة الوظائف من الأمريكيّين من أصول إفريقيّة، وإعلانه أن اليهودي الذي يصوّت للديمقراطيّين إنما ينكر يهوديّته، وينفي علاقته بدولة إسرائيل، لكن الانتخابات الحاليّة شهدت تطوّرات أخطر في هذا المجال، سببها تغيّر ميزان القوى، ليس الحزبيّ أو الشعبيّ، بل ميزان القوى داخل عائلة دونالد ترامب المصغّرة، وتضاؤل قوة ابنته ايفانكا التي كانت الوجه البارز في حملته الانتخابيّة السابقة مع زوجها جاريد كوشنير، يهوديّ الأصل، واللذين رغم مواقفهما اليمينيّة سياسيًّا واقتصاديًّا، رفضا أفكار التخوين والإقصاء والتحريض ضد الأقليّات، ومن هنا دعما تحالف ترامب مع الحركات المسيحيّة الخلاصيّة ومنها الافنجيليّين، وقابل تعاظم قوة نجله البكر دونالد جونيور ترامب ، الذي أصبح الشخص القويّ والأقرب والأكثر تأثيرًا على دونالد ترامب، وبالتالي يحاول زيادة قوة حركة "أعيدوا أمريكا إلى عظمتها" على حساب العلاقة مع الإفنجيليّين، وهو تأثير دفع ترامب إلى تعيين دي.جي فانس نائبًا له، علمًا أنه أحد الناشطين والمقرّبين لهذه الحركة التي تشمل أقصى اليمين وفئات مثيرة للشغب والمشاكل، تؤكّد صحّة قول الفيلسوف البريطانيّ برتراند راسيل:" مشكلة العالم أن الأغبياء يتمتّعون بثقة عالية بالنفس، أما الأذكياء فتراودهم الشكوك"، وهكذا تتصرف فعلًا حركة" ماغا" التي أصبحت عمليًّا منظّمة سياسيّة تؤيّد دونالد ترامب. ظهرت في أثناء حملته للانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة عام 2016، ويصفها الديمقراطيّون بأنها حركة متطرّفة، ويتبنى أفرادها عقيدة شبه فاشية، تعتقد أن الولايات المتحدة كانت من قبل دولة عظيمة، ولكنها فقدت هذه المكانة بسبب تنامي النفوذ الأجنبيّ فيها، وبسبب الهجرة والتعدّديّة الثقافيّة والعرقيّة والعولمة، كما يؤيّدون سياسات منع المسلمين من دخول البلاد.
ومن هنا جاء الشعار الانتخابيّ " نعيد أمريكا إلى عظَمَتِها" وبالإنجليزيّة" Make America Great Again واختصارها MAGA، الذي رفعه ترامب الذي تحالف مع الحركات الإفنجيليّة المتديّنة المتزمّتة، وشركات صناعة الأسلحة ومنظّمة المسلّحين الأمريكيّين NRA) National Rifle Association) الذين يعتبرون القوانين التي تتيح لكل أمريكيّ اقتناء السلاح متى وكما شاء، وغيرهم من الفئات اليمينيّة والدينيّة المتطرّفة، التي تستهويها فكرة النقاء العرقيّ الأبيضّ والكراهية العنصريّة للأقليّات، وتشمل المسلمين واليهود واللاتينيّين والسود ، الذين يتهمهم دونالد ترامب ومعاونوه ومؤيّدوه بأنهم يشكّلون عبئًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا على الولايات المتحدة البيضاء، ويعيقون تقدّمها ويمنعونها من العظمة المطلقة، إضافة إلى محاولات لزرع بذور الشقاق والخلاف بين هذه الأقليّات، عبر اتهام ترامب للمهاجرين اللاتينيّين والمسلمين بسرقة الوظائف من الأمريكيّين من أصول إفريقيّة، وإعلانه أن اليهودي الذي يصوّت للديمقراطيّين إنما ينكر يهوديّته، وينفي علاقته بدولة إسرائيل، لكن الانتخابات الحاليّة شهدت تطوّرات أخطر في هذا المجال، سببها تغيّر ميزان القوى، ليس الحزبيّ أو الشعبيّ، بل ميزان القوى داخل عائلة دونالد ترامب المصغّرة، وتضاؤل قوة ابنته ايفانكا التي كانت الوجه البارز في حملته الانتخابيّة السابقة مع زوجها جاريد كوشنير، يهوديّ الأصل، واللذين رغم مواقفهما اليمينيّة سياسيًّا واقتصاديًّا، رفضا أفكار التخوين والإقصاء والتحريض ضد الأقليّات، ومن هنا دعما تحالف ترامب مع الحركات المسيحيّة الخلاصيّة ومنها الافنجيليّين، وقابل تعاظم قوة نجله البكر دونالد جونيور ترامب ، الذي أصبح الشخص القويّ والأقرب والأكثر تأثيرًا على دونالد ترامب، وبالتالي يحاول زيادة قوة حركة "أعيدوا أمريكا إلى عظمتها" على حساب العلاقة مع الإفنجيليّين، وهو تأثير دفع ترامب إلى تعيين دي.جي فانس نائبًا له، علمًا أنه أحد الناشطين والمقرّبين لهذه الحركة التي تشمل أقصى اليمين وفئات مثيرة للشغب والمشاكل، تؤكّد صحّة قول الفيلسوف البريطانيّ برتراند راسيل:" مشكلة العالم أن الأغبياء يتمتّعون بثقة عالية بالنفس، أما الأذكياء فتراودهم الشكوك"، وهكذا تتصرف فعلًا حركة" ماغا" التي أصبحت عمليًّا منظّمة سياسيّة تؤيّد دونالد ترامب. ظهرت في أثناء حملته للانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة عام 2016، ويصفها الديمقراطيّون بأنها حركة متطرّفة، ويتبنى أفرادها عقيدة شبه فاشية، تعتقد أن الولايات المتحدة كانت من قبل دولة عظيمة، ولكنها فقدت هذه المكانة بسبب تنامي النفوذ الأجنبيّ فيها، وبسبب الهجرة والتعدّديّة الثقافيّة والعرقيّة والعولمة، كما يؤيّدون سياسات منع المسلمين من دخول البلاد.
هذا التغيير لم يقتصر على المناصرين المؤيّدين، بل وصل المرشَحَيْن للرئاسة، أو أقرب المقربين، فترامب يتهم هاريس خلال حشد في ماديسون سكوير غاردن بأنها دمّرت البلاد ويضيف:" لن نتحمّل ذلك من الآن فصاعدًا، أنتِ مطرودة". بعد أن كان قد سخر من أصولها، ولون بشرتها وكونها سيّدة. أما مؤيّدوه فيصفونها بأقذع الأوصاف، بينما تتهمه هاريس بأنه يريد هدم الديمقراطيّة، وإشعال نار الفتنة وربما الحرب الأهليّة، التي يؤكّد مطّلعون أنها أصبحت أقرب من أيّ وقت مضى، ومردّ ذلك الانتقال من حزب جمهوريّ تدار حملته الانتخابيّة بقوة، ولكن عبر رسائل محافظة تعتمد أقلّ عدد ممكن من التغييرات والتعديلات، بل والحفاظ على الوضع الراهن، إلى حزب يمينيّ شعبويّ يريد استدرار العواطف واستغلال المشاعر الدفينة، وربما مشاعر العداء غير المبرّر، والعزف على أوتار الفئويّة والطائفيّة والفقر والتزمّت الدينيّ والفكريّ، فالمرشحة الديمقراطيّة هاريس بالنسبة للجمهوريين وحركة "ماغا" وترامب هي الشيطان بينما هو سيعيد بناء أعظم اقتصاد في تاريخ العالم للديمقراطيّين فهو" خطر على الديمقراطيّة" سيستخدم الجيش لملاحقة المعارضين، ما يعني أن كلا المرشحين ينهيان حملتيهما حول رسائل ترتكز على الخوف. حيث تقول هاريس ويتفق معها بعض مسؤولي إدارة ترامب السابقين بأن الرئيس السابق فاشيّ ويمثّل تهديدًا استبداديًّا للمؤسّسات الديمقراطيّة. وحقوق المرأة، أما ترامب، فيقول للناخبين إنهم ينبغي أن يخافوا من المهاجرين غير الشرعيّين الذين سيقضون على موارد البلاد، ويعرضون حياة الناس للخطر.
وأمريكا ليست وحيدةً في هذا السياق، فحملات الانتخاب المبنيّة على الكراهية والتحريض أصبحت العُرف السائد في أوساط الأحزاب اليمينيّة عامّة، وفي كافّة الدول الأوروبيّة والديمقراطيّة، كما أشارت مجريات انتخابات البرلمان الأوروبيّ الأخيرة، وقبلها دون شك قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبيّ عبر الخطوة المعروفة باسم البريكست، والتي كانت في الحقيقة، ورغم محاولات تجميلها وتغليفها باعتبارات وادّعاءات مبدئيّة واقتصاديّة وسياسيّة، احتجاجًا على قرارات حوَّلت بريطانيا، وهي المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، وصاحبة الميراث الديمقراطيّ والليبراليّ، والعملة الخاصّة والقويّة، إلى دولة عادية يحقّ لبلجيكا وفنلندا والدول الأوروبيّة حديثة العهد، بالضبط كما يحقّ لها، ما اعتبره البريطانيّون في الواقع استيلاءً للغير على مقدراتهم وعملتهم وأماكن عملهم وقرارهم المستقلّ، وخاصّة وأن الأحزاب اليمينيّة تنازلت عن ليبراليتها مفضّلة على ذلك حسابات الربح والخسارة السياسيّة، عبر شعارات شعبويّة وانتهاك للحقوق الفرديّة. وعودة إلى "نقاش النقاء العرقيّ والدينيّ" الذي اعتقدت أوروبا أنها ارتاحت منه ، ليتحوّل قول كارل ماركس حول الطبقيّة والطبقات قبل 170 عامًا :" إن العالم كلّه مقسَّم إلى طبقات من المستَغِلّين والمُستَغَلّين، وبالتالي فالتاريخ كلّه صراع ونزاع بين هذه الطبقات" إلى قول يمكن صياغته في "أن العالم كلّه عاد، ليصبح مجموعة تؤمن بالفوقيّة العرقيّة، ومنها تشتق حقّها في حرمان الغير من حقوقه، وربما حريته، بل حياته وتقصيه دون حساب أو رقيب"، ومن هنا فإن السؤال الكبير الذي تطرحه الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبيّ، وارتفاع قوة أحزاب اليمين الشعبويّة والمتطرّفة هو ماذا سيكون بعد هذه الانتخابات، وهل ستكون هذه التوجّهات سحابة صيف أم أنها، وبعد نحو قرنين من كتابات كارل ماركس ، دليل على صحّة حديث ماركس عن الطبقيّة، وخطأه الكبير في وصفها فهي اليوم طبقيّة عرقيّة ودينيّة وسياسيّة وليست اقتصاديّة، ودليل على فشل مناداة مارتن لوثر كينغ للأمريكييّن، قبل ستّة عقود بأن يتجاهلوا ألوان البشرة.
"الشخوص وليس المواقف"
ومن باب الإنصاف السياسيّ والتاريخيّ، لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه التوجّهات، وتحديدًا انتهاء عصر الأيديولوجيّات تصيب كافّة الدول الليبراليّة والديمقراطيّة وإسرائيل ليست بمعزل عنها ، فالانتخابات الخمس الأخيرة خاصّة كانت شخصيّة وشعبويّة، دارت حول الشخوص وليس المواقف، تخلّلتها حملات تحريض وإقصاء متبادلة داخل المجتمع اليهوديّ وضد الأقليّة العربيّة وصلت حدّ اعتبارهم الخطر الأكبر، وربما أكثر من إيران، على أمن وكيان دولة اليهود، وبالتالي يجب سنّ القوانين التي تمنع العرب من حقّهم في المسكن والعمل والتعليم، وبناء بلدات جديدة لهم، وتخفض مكانة لغتهم إلى مرتبة متدنّية بعد أن كانت لغة رسميّة، ومحاولات لمنع ترشّحهم للبرلمان وحرمانهم من حقّ التصويت، ليس لأسباب أمنيّة أو غيرها، بل لأسباب تتعلق بالطبقية العرقية والدينية وسياسات الإقصاء ومحاولة تكريسها عبر منع الجهاز القضائي من التدخل والدفاع عن حقوق الأقليّات عبر انقلاب قضائيّ. وهو ما أدّى إلى نزوح المستثمرين خاصّة من مجال الهايتك، وانتقادات شديدة اللهجة من الدول الأوروبيّة وأمريكا، لبعض نشاطات إسرائيل في غزة والمتعلّقة بالمساعدات الإنسانيّة، وفي الضفة الغربيّة خاصّة في العام الأخير والتحريض على حرق حوارة، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية خاصة في منطقة الخليل وتصرفات المستوطنين المتطرّفين وشبيبة التلال، وهي التي دفعت دولًا أوروبيّة إلى فرض عقوبات على بعض المستوطنين، وبعض حركاتهم الاستيطانيّة، وكلها أمور تعاظمت وتزايدت بعد الانتخابات المتكرّرة في إسرائيل، والتي تعاظمت فيها التوجّهات اليمينيّة الشعبويّة ووصلت ذروتها بضم حزب "القوّة اليهوديّة" برئاسة إيتمار بن غفير إلى الائتلاف والحكومة، ومنحه منصب وزير الأمن القوميّ، وقرارات تشريعيّة أخرى كان آخرها القانون الذي يحظر نشاطات منظّمة إغاثة اللاجئين " الأونروا" في إسرائيل، ومشروع قانون تتم صياغته يحظر إقامة قنصليّات للدول في شرقي القدس، لتقديم الخدمات للمواطنين الفلسطينيّين باعتبار السلطة في نظر اليمين الإسرائيليّ المتطرّف والشعبويّ كيانًا معاديًا .
إليها يضاف ما يجري في لبنان منذ أسبوعين، وكلّها أمور أساءت إلى مكانتها الدوليّة وعلاقاتها مع الدول الأوروبيّة. وهو أمر تتضح حدّته اليوم، حيث تدخل إسرائيل العام الثاني من الحرب في غزة، وعلاقاتها مع الدول الأوروبيّة ليست على أحسن حال، بل إنها تتّسم بالتعقيد والسوء النسبيّ، وربما كان المتوقّع أسوأ، فالحديث اليوم عن دعم أوروبيّ يتضاءل، وليس من الواضح إلى متى سيتواصل ، خاصّة وأن الدول الأوروبيّة تفهم اليوم، ما يرفض نصف مواطني إسرائيل فهمه، من أن الحكومة الحاليّة قرّرت استبدال" الحروب المؤقّتة" أي الحملات العسكريّة ضد "حماس " والجهاد الإسلاميّ في غزة، بحرب مفتوحة وغير محدودة المدى مع سبق الإصرار والترصّد، ولعل الدليل القاطع كان إصرار الحكومة وخاصّة رئيسها بنيامين نتنياهو على أن تشمل اتفاقيّة تبادل الرهائن بين إسرائيل وحركة "حماس" والتي جرت قبل أحد عشر شهرًا، وتحديدًا تلك التي تمّت أواخر تشرين الثاني 2023، بندًا صريحًا يؤكّد كما ورد في بيان للحكومة وقرار رسميّ لها، أنه سيتم استئناف الحرب فور انتهاء أيام الهدنة ضمن الصفقة، وهو ما استبعده البعض، لكنّه حدث فعلًا، وكان هذا أول نقطة تحوّل وصدام، أو "كسر للقواعد" اضطرّت معه الدول الأوروبيّة إلى اتخاذ قرارات والحسم بين استمرار دعم إسرائيل، رغم مواصلتها الحرب وفظائعها، أو ربما العودة إلى المواقف التقليديّة للدول الأوروبيّة واتخاذ خطوات عقابيّة بحق إسرائيل، بما فيها حظر بيع الأسلحة من بعض الدول، ما يعني أن كل دولة أوروبيّة تتخذ سياساتها ومواقفها تجاه إسرائيل في العام الأخير انطلاقًا من مصالحها الخاصّة، ورغم ذلك يمكن الإشارة إلى ثلاثة أحداث ، أثّرت على علاقات الدول الأوروبيّة مع إسرائيل في ظلّ حكومتها اليمينيّة ومواقف وتصرّفات أحزابها قبل الحرب وخلالها، وجعلتها تسوء رغم تصاعد قوة اليمين الشعبويّ في دول أوروبيّة صغيرة، ليست ذات أهمية في تحديد السياسات، أوّلها عودة حزب العمال البريطانيّ برئاسة كير ستيرمر، إلى سدّة الحكم مستعيدًا عافيته بعد هزيمته النكراء في الفترة التي قاده فيه جيرمي كوربين المعروف بمواقفه المؤيّدة للفلسطينيّين والمناوئة لإسرائيل، خاّصة وأن إسرائيل تأهّبت فور صدور نتائج الانتخابات البريطانيّة لأسوأ السيناريوهات السياسيّة، وقد تحقّق بعضها عبر وقف لصفقات الأسلحة، وفرض عقوبات على حركات وشخصيّات استيطانيّة، وثانيها مواقف الحكومة الفرنسيّة والرئيس ماكرون خاصّة بعد الانتخابات الأخيرة والتي انتهت بعكس التوقّعات إلى هزيمة اليمين المتطرّف الذي رفع راية التفوّق العرقيّ للفرنسيّين، ومعاداة اللاجئين والمسلمين، وبضمن هذه الخسارة حتى فقدان أحد أكبر مؤيّدي نتنياهو في البرلمان الفرنسيّ، وهم مئير حبيب مكانه ومقعده، وازدياد قوة اليسار الفرنسيّ بعكس كافّة التوقّعات، وثالثها التغير في مواقف رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، وذلك انطلاقًا من مصالحها الخاصّة داخل الاتحاد الأوروبيّ، وكلّها تطورات تحاول إسرائيل مواجهتها عبر توجّه "نصف الكأس الملآنة"، أي اعتبارها أهون الشرّين، وأقل قدر ممكن من العقوبات سواء كان ذلك إعلان الرئيس الفرنسيّ حول الأسلحة، أو مطالبته باحترام القانون الدوليّ، وقرارات الأمم المتحدة التي أقيمت إسرائيل وفقها، أو ترتجع بريطانيا عن التماسها ضدّ أوامر الاعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدوليّة بحقّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، واعتبار ذلك مجرّد تصريحات للاستهلاك الداخليّ في كلّ من لندن وباريس، وخاصّة روما التي تحاول رئيسة وزرائها مغازلة المركز والتقرّب منه ما يلزمها بالتراجع ولو تكتيكيًّا عن دعمها المطلق لبنيامين نتنياهو، مع الإشارة هنا إلى أن كلًا من هذه الدول الثلاث تعتبر نفسها دولة كبيرة صاحبة تأثير على القضايا العالميّة والشرق أوسطيّة، ومن هنا أهميّتها.
إليها يضاف ما يجري في لبنان منذ أسبوعين، وكلّها أمور أساءت إلى مكانتها الدوليّة وعلاقاتها مع الدول الأوروبيّة. وهو أمر تتضح حدّته اليوم، حيث تدخل إسرائيل العام الثاني من الحرب في غزة، وعلاقاتها مع الدول الأوروبيّة ليست على أحسن حال، بل إنها تتّسم بالتعقيد والسوء النسبيّ، وربما كان المتوقّع أسوأ، فالحديث اليوم عن دعم أوروبيّ يتضاءل، وليس من الواضح إلى متى سيتواصل ، خاصّة وأن الدول الأوروبيّة تفهم اليوم، ما يرفض نصف مواطني إسرائيل فهمه، من أن الحكومة الحاليّة قرّرت استبدال" الحروب المؤقّتة" أي الحملات العسكريّة ضد "حماس " والجهاد الإسلاميّ في غزة، بحرب مفتوحة وغير محدودة المدى مع سبق الإصرار والترصّد، ولعل الدليل القاطع كان إصرار الحكومة وخاصّة رئيسها بنيامين نتنياهو على أن تشمل اتفاقيّة تبادل الرهائن بين إسرائيل وحركة "حماس" والتي جرت قبل أحد عشر شهرًا، وتحديدًا تلك التي تمّت أواخر تشرين الثاني 2023، بندًا صريحًا يؤكّد كما ورد في بيان للحكومة وقرار رسميّ لها، أنه سيتم استئناف الحرب فور انتهاء أيام الهدنة ضمن الصفقة، وهو ما استبعده البعض، لكنّه حدث فعلًا، وكان هذا أول نقطة تحوّل وصدام، أو "كسر للقواعد" اضطرّت معه الدول الأوروبيّة إلى اتخاذ قرارات والحسم بين استمرار دعم إسرائيل، رغم مواصلتها الحرب وفظائعها، أو ربما العودة إلى المواقف التقليديّة للدول الأوروبيّة واتخاذ خطوات عقابيّة بحق إسرائيل، بما فيها حظر بيع الأسلحة من بعض الدول، ما يعني أن كل دولة أوروبيّة تتخذ سياساتها ومواقفها تجاه إسرائيل في العام الأخير انطلاقًا من مصالحها الخاصّة، ورغم ذلك يمكن الإشارة إلى ثلاثة أحداث ، أثّرت على علاقات الدول الأوروبيّة مع إسرائيل في ظلّ حكومتها اليمينيّة ومواقف وتصرّفات أحزابها قبل الحرب وخلالها، وجعلتها تسوء رغم تصاعد قوة اليمين الشعبويّ في دول أوروبيّة صغيرة، ليست ذات أهمية في تحديد السياسات، أوّلها عودة حزب العمال البريطانيّ برئاسة كير ستيرمر، إلى سدّة الحكم مستعيدًا عافيته بعد هزيمته النكراء في الفترة التي قاده فيه جيرمي كوربين المعروف بمواقفه المؤيّدة للفلسطينيّين والمناوئة لإسرائيل، خاّصة وأن إسرائيل تأهّبت فور صدور نتائج الانتخابات البريطانيّة لأسوأ السيناريوهات السياسيّة، وقد تحقّق بعضها عبر وقف لصفقات الأسلحة، وفرض عقوبات على حركات وشخصيّات استيطانيّة، وثانيها مواقف الحكومة الفرنسيّة والرئيس ماكرون خاصّة بعد الانتخابات الأخيرة والتي انتهت بعكس التوقّعات إلى هزيمة اليمين المتطرّف الذي رفع راية التفوّق العرقيّ للفرنسيّين، ومعاداة اللاجئين والمسلمين، وبضمن هذه الخسارة حتى فقدان أحد أكبر مؤيّدي نتنياهو في البرلمان الفرنسيّ، وهم مئير حبيب مكانه ومقعده، وازدياد قوة اليسار الفرنسيّ بعكس كافّة التوقّعات، وثالثها التغير في مواقف رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، وذلك انطلاقًا من مصالحها الخاصّة داخل الاتحاد الأوروبيّ، وكلّها تطورات تحاول إسرائيل مواجهتها عبر توجّه "نصف الكأس الملآنة"، أي اعتبارها أهون الشرّين، وأقل قدر ممكن من العقوبات سواء كان ذلك إعلان الرئيس الفرنسيّ حول الأسلحة، أو مطالبته باحترام القانون الدوليّ، وقرارات الأمم المتحدة التي أقيمت إسرائيل وفقها، أو ترتجع بريطانيا عن التماسها ضدّ أوامر الاعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدوليّة بحقّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، واعتبار ذلك مجرّد تصريحات للاستهلاك الداخليّ في كلّ من لندن وباريس، وخاصّة روما التي تحاول رئيسة وزرائها مغازلة المركز والتقرّب منه ما يلزمها بالتراجع ولو تكتيكيًّا عن دعمها المطلق لبنيامين نتنياهو، مع الإشارة هنا إلى أن كلًا من هذه الدول الثلاث تعتبر نفسها دولة كبيرة صاحبة تأثير على القضايا العالميّة والشرق أوسطيّة، ومن هنا أهميّتها.
هذه التوجّهات والتي تشرعن كلّ شيء بهدف تحقيق الإنجازات، أو الانتصارات السياسيّة، أو العسكريّة، حتى لو كان ذلك يعني نزع الشرعيّة عن الآخرين واعتبارهم شياطين وتقليل آدميّتهم، هو ما يشهده العالم وملخّصه انعدام للأيديولوجيّات والاعتبارات القضائيّة والحقوقيّة والقانونيّة، واعتبار الحقّ المطلق حكرًا على طرف دون غيره، وبالتالي يحقّ لهذا الطرف ممارسة كلّ ما يريد من تحريض وإقصاء واعتداءات وقتل وانتهاك لحقوق المدنييّن الذين لا علاقة لهم بالحروب والنزاعات، وأحداث السابع من أكتوبر والردّ الإسرائيليّ عليها، وإطلاق الصواريخ من إيران هو خير دليل، فكلها أمور وإن اختلفت تفاصيلها تؤكّد أننا في خضم عالم طبقيّ من حيث العرق والدين واللون والأنكى من ذلك طبقيّ من حيث القوة السياسيّة والعسكريّة، فالضعيف ضحيّة دائمة لا تجد من يقف عمليًّا وفعليًّا إلى جانبه، والقوي سياسيًّا وخاصّة عسكريًّا لا يجد من يوقفه، أو يكبح جماحه، فهل هذا هو العالم الذي نريده، وماذا سيكون تأثير نتائج الانتخابات الأمريكيّة على هذه التوجّهات الخطيرة، وهل يدرك الناس ذلك، أم أن الغاية وهي النصر الانتخابيّ تبرر الوسيلة وتتجاهل النتيجة النهائيّة؟؟ سؤال ينتظر الجواب، ويبقى السؤال إلى متى تبقى الدول العظمى عظمى !!!.