يوسف أبو جعفر - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت
كل منا يريد أن يعيش في مملكة هو فيها الأمر الناهي، مدير المدرسة، المعلم في الصف، الأب في البيت، المسؤول في العمل، مدير القسم، مسؤول أي موضوع، مفتش تربية، مفتش عمل باختصار من أعلى السلسلة إلى أسفلها من الكل يحب النظام الملكي ويشيد به ويصفق له ولكن في تصرفاته وأعماله، ولكن عندما يبدأ الحديث عن نظام الإدارة ونظم الحياة الحديثة تستمع إلى الأب والمعلم والمدير والأم ومعلمة رياض الأطفال ومسؤول البلدية والمفتش كلهم جمهوريون يشاركون الناس في كل شي، يشاركون طواقمهم في كل عمل ويستشيرون الزملاء، للحظة تعتقد أنك في تحدٍ هل أنت في بلد عربي أم في إحدى مدن النرويج!
شاهدوا بهدوء ما يحدث، أنظروا حولكم ستستطيعون بهدوء التفرقة بين الملكي والجمهوري في مجتمعنا العربي، قلة هم الجمهوريون والغالبية العظمى ترى في المؤسسة أو الصلاحيات حكمًا ملكيًا صرفًا، حتى ولو حاول البعض رسم المشاركة مع غيره إلا أن القرار يصدر في البداية ويستمر وينتهي بقول الملك.
ولا غرابة، فالناس لا تطالب بالحكم الجمهوري، ولذلك حتى الرعية تتقبل النظام الملك والمساعد يؤيد النظام الملكي والشعب لا حيلة له ولا قوة يصفق للنظام الملكي.
النظام الملكي انقطع من العالم ولم يبق إلا في الشرق، بحجج سياسية صرفةً لا علاقة لها بالنظام السليم وورثناها في كل شيء حتى عادت حياتنا جزء من الصراع بين الملكية والجمهورية.
النظام العالمي اليوم جمهوري بحت في الغالب، وهو النظام المهيمن والمسيطر، حتى الأنظمة الملكية الغربية اصبح الملك فيها دستوريًا أو دون صلاحيات تأثير وقرار، بل للبروتوكول فقط، أما نحن فتجذر فينا الحكم الملكي وفي الحقيقة البعض منا ديكتاتور وليس ملك في صلاحياته.
" نظام الحكم في المؤسسات "
يمكنكم أن تعرفوا نظام الحكم في المؤسسات حسب النتائج، ما ترونه واقعًا، فجمعية الرجل الواحد، ومدرسة المدير الأوحد، ومدير القسم الأمر الناهي، ومسؤول التعيين الذي يحدد حياتك، وأمام المسجد الذي ليس سواه، والقائمة تطول هذه ممالك، عقليات ممالك، نظام ملكي بحت، حتى في البيت والديوان هناك ملك وله مساعدون وهناك الرعية.
لذلك لا تستغرب عندما يقف أحدهم ولا يرى خللًا في كثير من مؤسساتنا التي يمكنها أن تحل مشاكلنا التي يرفض المسؤولون عنها تحويلها إلى جمهورية بحجج كثيرة أولها الحفاظ على النظام (والمقصود هنا النظام الملكي) قد يكون مغلفًا بكلمات جميله كالصالح العام، أو تخريب الممتلكات العامة وغيرها ولكن الحقيقة هي العقلية ملكية.
ويبقى السؤال أيهما أفضل وكيف نمتلك القوة ولماذا ننتقل بين طرفي النقيض؟ الممالك لا تتطور، تورث الحكم ولا ترقى بالعلم، تمنع حرية الفكر، ويبقى الخوف سيد الموقف والاحتكار هو القرار ولا يحاول أحد أن يرى نفسه عمر بن عبد العزيز أو هارون الرشيد، فهل نساوي الثرى بالثريا.
والجمهورية تقوي الثقة بالنفس تمارس التغيير، قد تتخبط وقد تقوم ولكن في النهاية الجمهورية للجميع، الغني للفقير، السيد والمسود، الرجال والنساء، لا أحد يمتلك القرار للجميع.
وحتى نلتقي، التحدي الحقيقي هو الانتقال من الممالك للجمهوريات، وهذا منوط بالأفراد في المرحلة الأولى، ولنتذكر أن غياب القرار والرغبة الحقيقية أدى إلى ثورات على مستوى الدول، ولنتذكر أيضًا أن اللعب بالمسميات وتحويل أسم المملكة لجمهورية لا يجدي نفعًا.
ولذلك يحتاج الأمر إلى شجاعة فريدة بحيث تصدق الرؤيا والتطبيق. أنا شخصياً أومن أن الجمهوري الحقيقي هو الذي يرى الحق العام أقوى من الحق الخاص وأن المستقبل لا يتحمل الممالك الحقيقية والمزيفة.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]