logo

يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - ناقوس

11-10-2024 06:05:55 اخر تحديث: 11-10-2024 09:36:57

من الغريب جدًا أن الغريق رغم تعلمه أنواع السباحة لكن عند بداية الغرق يتصرف كأنه لم يتعلم يومًا السباحة، ومن الغريب أيضًا أن التجارب الشخصية لا تنتقل إلى الآخرين بسهولة بل ربما رغم معرفتنا بالأخطاء الواردة نستمر في ارتكابها

يوسف أبو جعفر - صورة شخصية

 وقد نزيد على ذلك الكثير من الحماقات. النفس البشرية ليست جاهزة للعمل في ظروف مختبر، لذلك تجد الصعوبة والأمر أخطر عندما يتعلق الأمر بالمجموعة الكبيرة التي تتكون من اعداد هائلة ونفوس كبيرة كثيرة.
لماذا هذه المقدمة نوعًا ما المبهمة؟ لأن الضباب الذي يلف الموضوع الذي سنتحدث عنه يقطن كل زاوية، لماذا نحن كمجتمع عربي هنا من أقصى البلاد شمالًا إلى جنوبها ندرك ونمتلك الطاقات والقدرات والمعرفة ورغم ذلك لم نستطع النهوض المرجو منا، رغم توفر غالبية الظروف الان قياسًا بالماضي! لماذا لا نرى تجارب الاخرين؟ لماذا لا ندرك أن من يتحكم في رقابنا في المقام الأول هم نحن ربما بتأثير من الدولة أو انعدامها والسلطة ولكنهم من أبناء جلدتنا وليسوا من الطرف الاخر، ربما يكون رسولًا ظاهرًا أو مخفيًا.
لو سلمنا جدلًا بغياب الدولة كقوة رادعة وحتى أكبر من ذلك لو سلمنا أن الدولة لا تريد لنا الخير ويهمها أن نبقى في القاع كمجتمع وننجح كأفراد أو مجموعات صغيرة لماذا نسير نحن برضىً في هذا المساق الغريب؟

" نقاط ضوء "
لست هنا لأجيب ولكن لأضع بعض نقاط الضوء على تجارب وأفكار اعتبرها موجودة وقائمة حتى يومنا هذا، فالأقلية الأفريقية الأمريكية تعاني ما نعانيه تمامًا، عالم الاجرام، عالم الدونية، النجاحات الفردية، الاهتمام بالمواضيع الثانوية، الفقر والعوز، مشاكل المسكن وكل أنواع المصائب تجدها هناك، قد تتعرف على نجاحات فردية كاطباء ومحاضرين ومحامين وهكذا دواليك، إلا أن هذه المجموعة الكبيرة تبقى بعيدة ومهمشة رغم وصول أحد أفرادها كرئيس للولايات المتحدة أوباما، لا أريد اقحام الاخرين في الموضوع ولكن كي نشاهد أن هذا النوع بغض النظر عن البلد والموطن.
وعودٌ على بدء، لدينا كل ما ذكر أعلاه دون ريب يقطن داخلنا، حتى لو تمعن كل دارس لواقعنا لشاهد الشبه العجيب، فأعداد السجناء، وأصحاب الجنح القانونية وفوق ذلك كله النظرة الفوقية للسلطة ممثلة برجل القانون الأبيض مقارنة بالأفريقي الأمريكي، مقارنة بالشرطي في تعامله مع أبناء جلدتنا،زد على ذلك كيف نتعامل نحن في داخلنا وكيف أصبحت مظاهر العنف والقوة والفتوة والخاوة والتهديد وسيلة لتحديد  معالم الطريق القادمة والحالية.
من هنا ورغم قسوة الكلمات لا بد من القول وبشكل واضح أننا بحاجة إلى لحظة وقوف مع الذات جميعا وليس فقط النخب العلمية الاكاديمية، بل مع النخب القيادية في كل المجالات لتصحو وتأخذ مسارها الحقيقي، لأن ناقوس الخطر يقرع منذ زمن ولكننا في غيبوبة وعي نعتقد أنه موسيقى مستحدثة.
ناقوس الخطر يدق منذ زمن في سفينتنا، ونحن نتعارك رغيف الخبز والموقع والمنصب والغنيمة المنتظرة ولا نشاهد الجبل الجليدي الذي يقطن الضباب الماثل أمامنا، إن نحن لم نعد إلى مواقعنا فلن يبقى من الغنيمة شيء حتى ولو قسمناها، سنغرق اسرع من تايتانك في قعر المحيط المظلم.
وحتى نلتقي، لا أحب المتشائمين وأحب الذين يرون الحياة بحلوها ومرّها تجربة ورسالة، لذلك لن أجيب على تساؤل قد يكون هنا  أو هناك فيكفيني في هذه المرحلة على الأقل  أن تبدأ بالظهور التساؤلات حول ناقوس الخطر الذي بدأ يسمعه كل الناس إلا أولئك الذين يرقصون على أنغام الأصوات الغريبة وقد وضعوا سماعات على أذانهم كي لا يتسرب صوت الحقيقة إلى عقولهم.

 هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]